أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - الماضوية تصادر أسئلة المستقبل السوري














المزيد.....

الماضوية تصادر أسئلة المستقبل السوري


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 7047 - 2021 / 10 / 14 - 16:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من المؤكد أنّ لا أحد يستطيع الادّعاء أنه يملك حلاً سحرياً لتعديل صورة المستقبل، أو حتى يملك الرؤية الشاملة للخروج من المأزق الذي تمر به المسألة السورية. بل أكثر من ذلك، فإنّ محاولة الإجابة الشاملة على التحديات المطروحة هي جزء من تكريس الهوة والعمل على زيادتها، خاصة أننا أصبحنا نعيش في عالم لا يحتمل الشمولية واليقين المطلق في أي من مجالاته. وفي هذا السياق، نستطيع القول: إنّ محاولة الإجابة عن أسئلة المستقبل بأدوات الماضي، هي شكل من الاستعصاء الذي لا يمكن الخروج منه، وهو ما يعيد إنتاج الهوة بيننا وبين معطيات الواقع.
إذ نحن لا نستطيع إعادة تكرار التاريخ وصنعه على طريقة سابقة، إننا نقرأ التاريخ لاستيعاب الحاضر، فالماضي مضى وانقضى، ولكنه شكّل الحاضر ويحاصره ويؤثر في المستقبل حتى يكاد يصنعه على صورته. ولأنّ قراءة الحاضر مُختلَف عليها، فإنّ قراءات الماضي أيضاً متعددة ومختلَف عليها، ولم يعد غريباً القول: إنّ لنا تواريخ وليس تاريخاً واحداً، والقراءات المتعددة للتاريخ مشروعة. لذلك، علينا الكف عن محاولة حشر أنفسنا في صياغة تاريخ واحد، لأنّ الواحدية شكل قمعي لكل أنواع التطلع الجمعي للبشر، لا بالمعنى السياسي فحسب، بل بالمعنى الفكري الأشمل.
عندما نقع أسرى الماضي، فلا شك بأننا سنأسر المستقبل معنا بمعايير الماضي، خاصة أننا أمام تاريخ سوري معاصر ثقيل، طابعه الاستبداد منذ أكثر من خمسين سنة، يفرض نفسه علينا بقوة كبيرة، وبالتالي يفرض نفسه على صورة المستقبل التي نحاول تكوينها والبناء عليها. من هنا فإنّ القراءة المتنوعة والمتعددة للتاريخ السوري تفتح خيارات متعددة ومتنوعة أمام المستقبل، الذي لم يعد هناك إمكانية لبنائه شمولياً. فهو مفتوح على الاحتمالات المتعددة، ولا يمكن التعامل مع الاحتمالي إلا بخيارات متنوعة ومتعددة، لأنّ تسارع الزمن أصبح أكبر من أية مرحلة سابقة، وهذا ما يتناقض مع الشمولية، ويحتاج إلى خيارات مرنة وقابلة للتعديل ومفتوحة على كل الاحتمالات، ما يجعل إمكانية التعاطي مع المستقبل أكثر جدوى.
ومن جهة أخرى، فإنّ شيوع فكرة المؤامرة في الثقافة السورية السائدة يعود - في الغالب - إلى أنّ العقلية السورية السائدة – التي تبلورت في ظل نظام الاستبداد - اتكالية، تراهن على الآخرين في تحقيق مصالحها،‏ وعندما تفشل هذه المراهنات يجري الحديث عن " المؤامرة والخيانة "‏.‏ الخطورة تكمن في أنّ شيوع فكرة المؤامرة يؤدي إلى استمرائنا لعب دور الضحية‏،‏ وبالتالي عدم الاعتراف بالمسؤولية والركون إلى الإحباط واليأس بدعوى أنّ الجميع يتآمرون علينا‏.‏ ويبدو أنّ سلطة آل الأسد تعمّق هذا التصور المريض في داخل ذهنية العديد من أفراد مجتمعنا، لتخفي - من خلال ذلك – خيارها الأمني الذي انتهجته منذ اليوم الأول للحراك الشعبي في آذار/مارس 2011، ونهبها لطاقات وطننا، وزيادة سيطرتها على ثرواته وموارده المادية والبشرية التي تشكل قاعدة النهوض والتطور والتنمية.
والواضح أمامنا أنّ هناك حقيقة نعايشها تتمثل في استشراء ثقافة العنف والتدمير، في مناخ الترهل والفساد والاستبداد السياسي والتخلف الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه اجتماعنا السياسي.
إنّ هذا النوع من الخطابات، الماضوية والمؤامراتية، تحاول أن تسطّح حال المسألة السورية، في التعاطي معها باعتبارها معطى طبيعياً وعادياً، في محاولة منها لحجب دور العوامل الذاتية في توطّن الأزمة وتفاقمها.
ولأنّ معطيات الواقع السوري الراهن تدفع إلى التشاؤم بالمستقبل القادم، ولأنّ الأسوأ ممكن دائماً رغم الواقع السيئ أصلاً، فإنّ إمساك المستقبل لا يكون إلا عبر إرادة تصرُّ على القبض على المستقبل والأهم على صناعته عبر رهانات على توافقات السوريين وحدهم القادرين على صناعة المستقبل، وهذه الإرادة لا بدَّ من أن تأخذ بعين الاعتبار الإرادات الفردية، خاصة أنّ المستقبل يحتاج إلى جهود متواصلة لصناعته.
لقد حان وقت مصارحة الذات السورية عمّا تفعله، عوض القعود في السفسطة الكلامية والشعاراتية وإغداق الوعود المعلقة في الهواء.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو مراجعة ونقد سرديات الثورة السورية المغدورة
- المثقف ودور المثقف السوري النقدي
- أبعاد الانخراط الروسي في سورية
- دلالات التوصيف - سورية الأسد -
- آل الأسد .. رجال دولة أم عصابة سلطة؟
- أسئلة الدولة السورية بعد التغيير
- إدوارد سعيد ونتائج الهوية المركّبة
- بنية النظام السوري وطرق تفكيكه (2 - 2)
- بنية النظام السوري وطرق تفكيكه (1 - 2)
- أهم الدروس المستخلصة من بعض نماذج التحول الديمقراطي لمستقبل ...
- نحو آليات جديدة باتجاه مشروع مستقبلي لسورية
- ممكنات وتحديات تكيّف اللاجئين السوريين في تركيا
- نحو بناء الوطنية السورية الجامعة
- حول منظومة الولاء لسلطة آل الأسد
- اللامركزية الإدارية الجغرافية الموسّعة في سورية المستقبل
- مكانة سورية في الاستراتيجية الروسية للشرق الأوسط (2 - 2)
- مكانة سورية في الاستراتيجية الروسية في الشرق الأوسط (1 - 3) ...
- مفهوم وكيفيات التربية على المواطنة المتساوية
- كيفيات بناء الوطنية السورية الجامعة
- تساؤلات الحداثة لمستقبل سورية


المزيد.....




- بايدن يعترف باستخدام كلمة -خاطئة- بشأن ترامب
- الجيش الاسرائيلي: رشقات صاروخية من لبنان اجتازت الحدود نحو ...
- ليبيا.. اكتشاف مقبرة جماعية جديدة في سرت (صور)
- صحيفة هنغارية: التقارير المتداولة حول محاولة اغتيال أوربان م ...
- نتنياهو متحدثا عن محاولة اغتيال ترامب: أخشى أن يحدث مثله في ...
- بايدن وترامب.. من القصف المتبادل للوحدة
- الجيش الروسي يدمر المدفعية البريطانية ذاتية الدفع -إيه أس 90 ...
- -اختراق شارع فيصل-.. بداية حراك شعبي في مصر أم حالة غضب فردي ...
- بعد إطلاق النار على ترامب.. بايدن يوضح ما قصده في -بؤرة الهد ...
- ترامب يختار السيناتور جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - الماضوية تصادر أسئلة المستقبل السوري