امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 7043 - 2021 / 10 / 10 - 14:32
المحور:
كتابات ساخرة
" .. عندما تزداد وتيرة " وكاحة " حفيدي الذي يبلغ الخامسة من عمره ، أدعوهُ أحياناً لنلعب أنا وهو . فأطلبُ منهُ أن يغمض عينيه ، فيفعَل ، ثُم أصفعهُ على خّده ، فيفتح عينيه وأنا أفرد أصابعي وأسألهُ مُبتَسِماً : هل تعرف بأي أصابع ضربتُك .. فيفكر ثم يختار أصبعين أو ثلاثة . وأنا أتظاهرُ بالإندهاش وأقول لهُ : عفارم عليك .. لقد حزَرت .. كَم أنتَ شاطِر . فيبتسم راضِياً . فأطلبُ منهُ أن يغمض عينيهِ مرةً أخرى ، فأصفعهُ .. وهكذا . إلى أن أشعرُ أنهُ نالَ كفايته من الصفعات ، عقاباً على وكاحته ! .
حفيدي المسكين ، يعيش داخل المنزل ونادراً مايخرج ، فكيف يصرف طاقته ؟ طبعاً بالقفز والركض في داخل الغرف والمطبخ والصراخ ورَمي الأشياء هنا وهناك ، شأنهُ شأن الأطفال في عمره وظروفه . وأنا بعصبيتي المتوارثة وقلة صبري نتيجة تقدُم العُمر والأمراض ، أمارِسِ عليهِ ساديتي ، من خلال لعبة الصفع على خديهِ ، وإيهامهِ بأنهُ شاطِر وأنهُ هو الفائِز ! . تصّرُفات حفيدي طبيعية تماماً وليسَ عليها غبار ، لكنني بِعُقَدي أسّميها [ وكاحة ] وأعاقبهُ على ذلك ! " .
…………
حكومتنا الرشيدة تقوم بشئٍ مُماثِل تقريباً ، تجاه الشعب : فالأحزاب الحاكمة تُعاملنا وكأننا أطفالٌ صِغار ، وتحت شعارات مفبركة ، يقولون لنا : إغمضوا عيونكم … إغلقوا أفواهكم … سدوا آذانكم … ثُم يفرضون علينا عشرات الضرائب تحت مُسميات عجيبة غريبة ، في قطاع التربية والتعليم والصحة والكهرباء والماء والمرور وكل ما يخطر على البال . يديرون فوضى السوق ويرعون شركاتهم الإحتكارية ويتلاعبون بالأسعار ويرفعونها … يستقطعون الرواتب . يملئون جيوبهم وخزائن شركاتهم بالأموال .
ثم يسألوننا مُبتسمين : هل تعرفون بأي أصابع أخذنا الأموال والثروات ؟ وهل تعلمون في أي جيوبٍ وخزائن وضعناها ؟ فَنُشير الى بعض أصابعهم والى جيوبهم وشركاتهم . فيتصنعون الدهشةَ ويقولون لنا : عفارم عليكم .. يالكم من أذكياء وشُطّار .. حسناً أنتم فائزون . ثم يعيدون الكّرة وهكذا دواليك ! .
…………
الأحزاب الحاكمة لا تدرك .. أننا على وشك تجاوز مرحلة الطفولة .. وأن هذهِ الوسائل لم تعُدْ تنفع معنا ؟
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟