أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم سبتي - كان اسمها ورقة التوت / قصة قصيرة














المزيد.....

كان اسمها ورقة التوت / قصة قصيرة


ابراهيم سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 1650 - 2006 / 8 / 22 - 10:01
المحور: الادب والفن
    


كأنه ترنح فوق ماء ساكن فبدا كنائم متعب في جوف الصمت.. آلامه محرقة كجحيم يداهمه، لم يذرف دمعة واحدة وقد تكون الصدفة قد جففت مآقي عينيه الضامرتين..

صفحة (1) قبل بدء التحقيق
عصر يوم الحادث رآه المارة حليق الذقن تبدو البشاشة على وجهه الأسمر وقد احتضنه بعض الرجال وحملوه فوق أكتافهم وهم يغنون فرحين بينما ينظر هو إلى البيت المقابل بخجل.
أحد الشهود لم يستطع إثبات ما إذا كان الشاب قد خرج من بيته مسروراً، واكتفى بالقول إنه رآه يسير نحو النهر ولم تسنح لـه فرصة رؤيته ثانية..
-غريب.. في ليلة زفافه يذهب إلى الشط؟
-يبدو أنني آخر من تكلم معه قبل اختفائه.
كان متأبطاً هماً رابضاً على صدره، يقف متأملاً جدران الظلام في الزقاق الموحش..
-تذكر بالضبط ماذا قال لك؟
-بصعوبة بالغة التقطت كلماته التي قالها مهموماً.. خيط الشك والرعب تسلل إلى صدري.. لم أدع أحد يقترب منها.. أو هكذا توهمت.. صنعت لها جداراً حصيناً، لكنهم قد اخترقوا ذلك الحاجز. نعم.. اخترقوه وبددوا ساعات ليلتي في مياه ضحلة مطوقة بالنتانة..
-وبماذا يفيدنا هذا الكلام؟
-..................
-ومن هؤلاء الذين اخترقوا الحواجز؟
-...................
صفحة أخرى/ لم يثبت أن الشاب قد انتحر.. لا جثة.. لا دلائل على موته.. يمكن القول بأنه مفقود حتى إشعار آخر..
(2)
ظلت تطالع الناس من نافذتها الصغيرة وهم ينظرون إلى البيت الغارق في فيضان من الألغاز، تراقب إيماءات النسوة وأسراب العيون المحدقة بذهول.. باغتها المحق بسؤال مفاجئ:
-ما تفسيرك لما سمعته من الشاهد الوحيد؟
-كله هراء.. لقد كنت آخر ما تكلم معي ولا أحد سواي.. لقد قصّ علي حلماً رآه قبل ليلة من ليلتنا تلك..قال لي: قبل ليلتين، وتحديداً قبل ليلة من ليلتنا هذه، رأيت حلماً.. صوت راكض يصيح.. الفيضان.. الفيضان وكانت قرقعة المطر المخيفة قد أخلت الشوارع فما عاد أحد يسمع صرخات ذلك الراكض.. سيول المطر المنهمر بضراوة دغدغت الأرض اليابسة فنبشت القبور وطافت الجثث والعظام المتراقصة.. صعد الناس فوق السطوح.. السماء تصب شلالاتها ناشرة الموت والخراب بينما اندفعت السيول العارمة خلف الناس المفزوعين.. كانت هناك فتاة تقف فوق المياه المتدفقة تمسك بهيكل عظمي سابح تطلق ضحكاتها المدوية وسط حشود الهاريبن حيث غرقت السطوح والأشجار واندفع الماء الجارف نحو الأفق.. نحو السراب.. نصبت الفتاة خيمتها فوق الماء وسكنت ضحكاتها.. أما أنا فكنت ممسكاً بخيط ناعم نازل من السماء، امشي فوق خراب البيوت، فوق الجثث المنتشرة وقد اختفت الشوارع المشمسة والأرصفة المزدحمة، وصار الماء يبطش بكل شيء وكأن في تلك الليلة أمطرت السماء سبع سنين متتالية.. لم أر غير خيمة الفتاة وسط الماء ومنعني تياره العارم من الاقتراب منها، فبقيت معلقاً بذلك الخيط الواهن أنتظر مصيري..
في الصفحة المليئة بالملاحظات والهوامش كتب المحقق..
لا يمكن اعتبار الأحلام دافعاً مباشراً للانتحار.. إن الحلم الذي روته الفتاة عن زوجها مليء بالخيال والغموض لم نتوصل بعد إلى تفسيره.. وحسب رأي بعض الشهود فإنه قد يوصلنا إلى الحقيقة، لكني سأوصي بعرض الحلم رسمياً على ثلة من خبراء ومفسري الأحلام الذين ربما يتوصلون إلى حقيقة دوافع وأسباب اختفاء الرجل أو موته..
س/ لماذا غادر زوجك تلك الليلة؟ أقصد ليلة زفافه.. ولنقل ليلة اختفائه وربما موته؟
ج/ بعد منتصف تلك الليلة بساعة وبعد أن قص عليّ حلمه، صمت قليلاً وقال بحزن: لقد غاصت قدماي في بركة مياه ضحلة.. حسبت أني سأبحر في حدائق الطيب والعفة.. لقد سقطت ورقة التوت وتهشمت جدران البيت الزجاجية.. لم تعد هناك فائدة.. أنت تعلمين أن ورقة التوت إن سقطت تأخذ معها كل شيء.. لقد خدعت.. وضاعت سني انتظاري في هوة سحيقة.. يا لخيبتي.. ثم لطم وجهه بعنف وبصق على الأرض وخرج.
-كم دامت حياتكما الزوجية؟
-ساعة واحدة فقط.. ربما نصفها.. أعتقد أنها استمرت لدقائق.. بعد إجراء المعاينة الموقعية على ضفاف الشط لم نعثر على قطعة من ملابسه لكننا وجدنا آثار أقدام غائرة في الطين.. ماذا يعني ذلك؟
لم يثبت بالدليل القاطع أن الشاب قد انتحر أو مات غرقاً.. لقد خرج من بيته في ليلته الموعودة بعد أن صعقته الصدمة التي لم يتحمل عنفها..

الصفحة الأخيرة من ملف القضية:
اتفق المحقق والشهود على أن الزوجة هي الوحيدة التي تعرف سر اختفاء أو موت الزوج.. وبعد أن نستطيع تفسير حلم الرجل يمكن أن نتوصل إلى شيء يفيد سير التحقيق.. تغلق القضية لحين ظهور أدلة تفسر ما حدث.



#ابراهيم_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة الرمل / قصة قصيرة
- قصة قصيرة - ما قاله الرقيم
- المُدَوّنة / قصة قصيرة
- الكثرة تغلب القراءة
- المواطن الناصري الابدي
- ايقاع الالم وسحر الكتابة
- الحرية والدموع في رواية ممر الى الضفة الاخرى
- الطائر / قصة قصيرة
- جنون النار/ قصة قصيرة
- اعترافات تاجر اللحوم : رواية المنافي والانكسارات المتلاحقة
- ليل راكض / قصة قصيرة
- برج النعام / قصة قصيرة
- كمال سبتي يؤرخ لاربعينيته
- كل الطرق / قصة قصيرة
- عشر قصص قصيرة جدا
- ارض منزوعة الظلال / قصة قصيرة
- ليلة بكاء الكلب / قصة قصيرة
- امنية موتي / قصة قصيرة
- الاحتفاء بعذابات القصة
- عوني كرومي : مسافر ليل يرحل مبكرا ايضا


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم سبتي - كان اسمها ورقة التوت / قصة قصيرة