|
زيادة أرباح الشركات بتحسين سلوك الموظفين
ياسين خلف الجميلي
الحوار المتمدن-العدد: 7042 - 2021 / 10 / 9 - 01:36
المحور:
الادارة و الاقتصاد
(سلسلة أدارة الذات) السلوك كما عرفه د. تشاد هلمستر مؤلف كتاب "ماذا تقول عندما تحدث نفسك" (السلوك هو ما نفعله أو ما لا نفعله). وقد يكون السلوك لفظياً مثل أي جواب أو كلام أو قد يكون عضوياً بأن يقوم عضواً من الجسم بالسلوك كهز الرأس واليدين، والسلوك هو الامتداد والمرحلة النهائية لما نتج عن التفكير والاعتقاد والشعور، ويمكن أطلاق عليه اسم (المصدر الجامد) لكونه نتيجة الحدث وليس المسبب، فالتفكير والاعتقاد والشعور حدثت قبلها تفاعلات عاطفية أو شعورية لتكوينها أما السلوك فهو انعكاس ذلك التفاعل وهو الحدث وناتج لتلك التفاعلات. ولما للسلوك من أهمية كبيرة كانت هناك دراسات وبحوث لتطوير السلوك الإنساني، وأقامت الشركات الكبرى دورات متطورة الغرض منها زيادة الربح بتحسين سلوك موظفيها مع العملاء، وبهذا الموضوع قرأت للكاتب الكبير (جيمس سي. هانتر) في كتابه (مبدأ القيادة الأكثر فعالية في العالم) قصة مشوقة مع خطوط طيران (ساوث ويست) وكيف أن سلوك المضيفات في الطائرة ارتقى بأرباح هذه الشركة لتتصدر لائحة أفضل خطوط طيران في العالم وأكثرها ربحاً، حيث أن شركة ( ساوث وست ) أسست عام (1969) وتعتبر أكبر شركة طيران منخفضة الكلفة في العالم ويبلغ عدد موظفيها (64000) موظف، وعدد رحلاتها (3400) يومياً وفي عام (2011) أصبحت أكبر خطوط طيران محلية في الولايات المتحدة الأمريكية، فما سر نجاحها ؟.. يقول (جيمس) (قمت منذ حوالي عامين برحلة عمل ولقد حالفني الحظ وحصلت على تذكرة سفر لإحدى رحلات خطوط طيران (ساوث ويست) ولقد شعرت بكثير من الغرابة اتجاه هذه الرحلة لأنني قد سمعت قصص عن سلوك مضيفات الطيران اللاتي يقمن بأشياء مجنونة. مثل الاختباء لمفاجئة المسافرين أو إلقاء النكات المضحكة عليهم... لقد كنت متشوقاً لأرى ما إذا كان أي من تلك القصص حقيقية بالفعل..... وصلت المطار واستلمت البطاقة البلاستيكي التي تتيح لي الصعود على متن الطائرة وأذكر أنني قد دهشت قليلاً لأنه لم يكن هناك رقم مقعد محدد مكتوب على البطاقة ولأنني لم أكن خبيراً بتلك الطريقة الجديدة في الصعود إلى متن الطائرات فقد تلقيت الكثير من الدفعات إلى أن انتهى بي المقام في مقعد في وسط الصف الخلفي. وقبل أن يغلق باب الطائرة استعداداً للإقلاع قفز فتى في سن المراهقة إلى داخل الطائرة وهو يحمل بين ذراعيه صناديق كبيرة من الحلوى ذلك النوع الذي يبيعه تلاميذ المدارس لجمع التبرعات، وأذكر أنه لم يكن متبقياً إلا مقعد أو مقعدين خاليين على متن الطائرة جلس الفتى في احدهما، كما أن مساحة التخزين داخل الطائرة كانت قد استنفذت عن آخرها منذ وقت طويل، ولأنني كنت أسافر كثيراً بالطائرات فقد رأيت الكثير الكثير من مضيفات الطيران النكدات سيئات الطبع غير المتعاونات وكنت واثقاً من أن هذا الفتى سيتلقى الهتاف الحاد المعتاد من المضيفات.. " يجب إخراج تلك الصناديق من هنا ألا ترى انه لا يوجد أي مكان لتلك الصناديق ". لكن هذا لم يحدث..!! وبدلاً من ذلك سألت مضيفة الطائرة الفتى ما إذا كان يرغب في المساعدة في بيع الحلوى وبالطبع كانت عيناه تبرقان وهو يجب بحماسة " بالتأكيد " تقدمت المضيفة بعد ذلك وأخذت صناديق الحلوى ووضعتها في كابينة الطيار مع الطيارين !! نعم مع الطيارين !! . ولقد دهشت لأني لم أكن قد رأيت من قبل مضيفة تضع أمتعة المسافرين في كابينة الطيار، وعندما استفقت من دهشتي كانت الطائرة قد بدأت بالإقلاع وكانت مضيفة الطائرة تعلن عبر المذياع الداخلي للطائرة أن قطع الحلوى ستباع في ممر الطائرة مقابل دولارين للقطعة الواحدة. وختمت المضيفة حديثها بقولها أنها ترغب بأن تعرف من سيكون أول شخص لا يشتري واحدة من تلك القطع حتى تخبر باقي المسافرين ليتمكنوا من حمايته من مفتول العضلات الجالس في المقعد (10ج) (الفتى الصغير) وهنا ضجت الطائرة بضحكات المسافرين، وبالطبع نفذت الحلوى قبل أن تصل الصناديق إلى منتصف الطائرة وكان على المضيفة بعد ذلك أن تتعامل مع الركاب الغاضبين الذين لم يحصلوا على فرصة لشراء الحلوى ولقد صاح احدهم عبر الممر وعرض خمسة دولارات فوق سعر البيع الأصلي للقطعة.وأعني أنه كانت هناك عمليات بيع وشراء تجري في ممر الطائرة على ارتفاع سبع وثلاثين ألف قدم. ولقد كان جميع من على الطائرة منخرطين في هذا العرض فتسمع ضحكات المسافرين ونكاتهم وهذا يزايد وذلك يرفع السعر وكأنك جالس في مزاد علني أو في سوق بورصة والتي تدير كل هذا مضيفة الطائرة ويساعد الجميع سلوكها المتزن وأخلاقها الدمثة. وقد كان هذا السلوك من مضيفة الطائرة فريداً رغم أنها لم تكن تملك أي سلطة في الشركة التي تعمل فيها مع ذلك بذلت جهداً إضافياً من أجل هذا الفتى وأثرت في جميع من كانوا على متن الطائرة. ويسترسل (جيمس) في الحديث.. ولقد كانت تجاربي مع شركة خطوط طيران (ساوث ويست) منذ ذلك اليوم على نفس الشاكلة ففي أي وقت أسافر فيه مع إحدى رحلاتها دائماً ما أجد مجموعة من الأشخاص الذين يتعاونون معاً من اجل القيام بكل ما يلزم لتحقيق رسالة الشركة على أكمل وجه بما في ذلك سلوكهم مع العملاء. إنهم بسلوكهم هذا يقومون بكل ما يلزم من أجل حمل الناس على أن يكونوا أفضل ما يمكن أن يكونوا. وبالنظر إلى سجل شركة (ساوث ويست) نجدها هي أكثر الشركات نجاحاً اليوم في أمريكا إن لم يكن في العالم. ففي مجال عمل يصعب فيه تحقيق الربح بشدة لم تواجه شركة (ساوث ويست) عاماً واحداً من الخسارة على مدى ثلاثين عاماً، وقد يحاول البعض انتقاد (ساوث ويست) باعتبارها خارجة عن المألوف وعما هو طبيعي ولكن الحقيقة إن رأس مال شركة (ساوث ويست) بسعر السوق اليوم ضعف رأس مال شركات الطيران الست الكبرى في الولايات المتحدة مجتمعة. لذا أقول انه عندما ينجح الأفراد في تحمل مسؤولياتهم وتقويم سلوكهم بما يصب في خدمة أنفسهم وخدمة الآخرين سوف نرى مشهداً رائعاً مبهراً لتقدم المجتمعات. إن المرء ليس بحاجة إلى امتلاك سلطة معينة ومركز مرموق لكي يتمكن من التأثير في الغير ايجابياً ويحقق الأهداف المطلوبة منه وان لنا جميعاً بصمة في المجتمعات التي نحن جزء منها لذا السؤال المطروح هو " ما نوع البصمة التي سنتركها"...؟
#ياسين_خلف_الجميلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التيار الدائري للنشاط الاقتصادي وتحقيق التوازن
-
الأزمة المالية في العراق- أسباب- وحلول
-
رأس المال الفكري ومتطلبات تطويره والمحافظة عليه
-
القدرة التنبؤية للمعلومات المحاسبية وأثر ذلك في ترشيد القرار
...
-
الحرب الاقتصادية واستخدام النفط كسلاح
-
أهمية المعلومات المحاسبية في ترشيد قرارات المستثمرين في سوق
...
-
سوق العراق للأوراق المالية ودوره في التنمية الاقتصادية
المزيد.....
-
عائلات بلا معيل.. السوريات في مواجهة آثار الحرب
-
اختلاف مسارات البنوك المركزية: الولايات المتحدة ثابتة وأوروب
...
-
الجزائر وموريتانيا توقعان على مذكرة تفاهم لاستكشاف وإنتاج ال
...
-
أسهم أوروبا عند ذروة قياسية بعد خفض الفائدة
-
رابطة الكُتاب الأردنيين في -يوبيلها- الذهبي.. ذاكرة موشومة ب
...
-
الليرة السورية تسجل 9900 أمام الدولار في السوق الموازية للمر
...
-
20 مليار دولار صادرات تركيا إلى أفريقيا العام الماضي
-
سعر جرام الذهب عيار 21 سعر الذهب اليوم في محلات الصاغة
-
تقارير أمريكية: الولايات المتحدة تتقهقر اقتصاديا أمام -بريكس
...
-
رئيس البرازيل: سنرد بالمثل إذا فرض ترامب رسوما جمركية
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|