|
لا مقاومة ولا مساومة
خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 1649 - 2006 / 8 / 21 - 10:53
المحور:
القضية الفلسطينية
بم نصف وضعنا الفلسطيني بعد 5 سنوات من الانتفاضة..؟؟.. هل تحقق لنا ما يمكن أن نسميه انتصارا..؟؟ هل تعززت عوامل قوتنا وفي المقدمة منها وحدتنا..؟؟ ( هذا إذا اعتبرنا مجازا أننا ما زلنا نواصل التقدم لتحقيق ذلك النصر ).. وهل روح الجماهير الكفاحية وثقتها بقيادتها هي الآن في حال أفضل مما كان..؟؟.. إنني اتجرا لأقول بصوت عال.. لا.. هذا مع تأكيدي بان عدونا أيضا لم يحقق مبتغاه بتركيعنا وارضاخنا لإرادته ومخططاته.. ولم يستطع سحقنا باستخدامه كل ما في ترسانته الحربية من أسلحة نارية.. وبممارسته لكل الأساليب الجهنمية من إغلاق وخنق وتجويع. دخلنا الانتفاضة مختلفين.. وواصلناها مختلفين.. اختلفنا على الأهداف.. واختلفنا على الوسائل.. ولم يكن لدينا قيادة موحدة بالمعنى الحقيقي للوحدة.. فلا لجنة المتابعة بغزة ولا لجنة التنسيق برام الله كان لهما سيطرة وتأثير حاسم-- لا على حركة الجماهير ولا على أنشطة المسلحين والأجنحة العسكرية-- البعض منا نظر إلى الانتفاضة كتكتيك لتحسين شروط التفاوض.. وآخرون اعتبروها نهج إستراتيجي للمقاومة.. وللأسف عندما تأججت وحمي وطيسها.. فقد الجميع قدرتهم على السيطرة عليها.. لا أولئك ( التكتيكيون ) استطاعوا ضبطها وتوظيفها.. ولا أولئك ( الاسترتيجيون ) تمكنوا من دفعها لتجاوز حلقتها الأولى ( مرحلة الفعل ورد الفعل ).. لان الطرف الآخر في المعادلة( الاحتلال ) دخل اللعبة.. وانتقل من الدفاع الى الهجوم.. ومن رد الفعل العشوائي الى الفعل المخطط المدروس-- بكل ما لديه من إمكانيات وخبرات. إن الوصف الحقيقي لوضعنا الآن هو-- أننا نعيش مرحلة شلل وجمود سياسي.. والمقاومة المسلحة عندنا-- ليست أكثر من ردود فعل متواضعة على جرائم إسرائيلية متواصلة.. قطاع غزة محاصر-- ويتعرض لتدمير واستنزاف مبرمجين.. شهداء وجرحى في كل يوم وفي كل الأرجاء.. وما نفعله نحن هناك-- لا يتجاوز تضميد الجراح وإطفاء الحرائق.. وفي أحسن الأحوال التمكن من رشق صاروخ بدائي-- لنعلن أننا لم ولن نستسلم.. أما في الضفة-- وبعد استكمال الجدار العازل الخانق لنا-- فبتنا ننام على خبر سقوط الشهداء.. ونستيقظ على أخبار الاجتياحات والاعتقالات والتشديدات على الحواجز.. الأوضاع الاقتصادية تسوء أكثر فأكثر.. الرواتب ما زالت لم تدفع.. والفقر يتسلل ليطبق على أكثر من ثلثي الشعب.. والفلتان الأمني الداخلي يتفاقم ويصبح سيد الموقف.. السلطة غائبة وهيبتها مفقودة.. وثقة الجماهير بالقيادات منزوعة.. إما لاستمرار صراعاتها الدموية أحيانا على السلطة.. أو لانشغالها في صراع مرير على المواقع والصلاحيات والتعيينات والترقيات.. وعلى اقتسام كعكة تهتكت وفقدت الكثير الكثير من حلاوة طعمها. لقد استحوذت الحرب في لبنان على كل أحاسيس الشعب.. واستلب حزب الله عقول وقلوب الجميع.. وتحول الى نموذج ومثال للمقاومة الجدية.. وصار الناس عندنا يتطلعون لقيام فصائلنا الوطنية والإسلامية بدراسة عوامل صموده وانتصاره-- ليس لأننا اقل منه عطاء واستعدادا للتضحية.. بل لأنه نجح بذكاء في توحيد لبنان أثناء المعركة ( حكومة وشعبا وتنظيمات ).. ولأنه أحسن بناء التنظيم-- أداة المقاومة.. ولأنه حدد أهداف لم يستطع حتى خصومه الاعتراض عليها ( تحرير الأسرى واستعادة شبعا ).. وكنا كفلسطينيين نتطلع للبناء على ما تحقق من انتصار في لبنان.. ولكننا فوجئنا بان قياداتنا وكأنها لا تقرا ولا تسمع .. بل وأقول متحملا المسئولية.. يبدو أنها ( جميعها ) ليست من النوع التواق لان يسجل التاريخ اسمه في سجل الخالدين.. وبدلا من ذلك تخوض في الجزئيات وتلعب في الملاعب الثانوية.. وتتصارع على أشلاء سلطة-- هي وعدمها سيان في ميزان الفعل والتأثير-- سلطة آن الأوان لحلها.. لتعود الأمور الى نصابها.. وينكشف للقاصي والداني جوهر القضية-- كقضية شعب وارض يتعرضان للاحتلال-- ونضال وطني مشروع للتحرر والاستقلال. انه لمن المؤكد أننا نعيش مرحلة ماتت فيها العملية السياسية ( هذا ما قال عمرو موسى.. وما تؤكده كل الشواهد على الأرض ).. أما مؤيدو العملية- التواقين لاستعادتها- فإنهم ومع إدراكهم لعبثية ما يفعلون-- إلا أنهم يواصلون الجري وراء السراب واستجداء أمريكا زعيمة معسكر أعداء الشعوب-- كي تتعطف وتتلطف وتقدم لهم ما يحفظ ماء وجههم أمام شعوبهم.. لكنهم سيخسروا الرهان مرة أخرى وسيعودوا خائبين.. لان إسرائيل ليست اليوم في عجلة من أمرها.. وليس هناك من يجبرها أو يضغط عليها- لا دبلوماسيا ولا عسكريا.. وهي الآن تضمد جراحها بعد هزيمتها.. ويستعد قادتها لتقديم كشف حساب عسير لإنقاذ رقابهم من مسئولية سوء الأداء والفشل في تحقيق الأهداف .. وبجمود الوضع السياسي الذي تفرضه إسرائيل.. وبالخلاف الفلسطيني الفلسطيني الداخلي على مرجعيات العمل السياسي وآفاقه وحدوده.. يجد فرسان الزمن الغابر مفاوضي الحقبة الماضية -- يجدون أنفسهم عاجزين عن تحريك عربة السلام التي فجرت إسرائيل إطاراتها.. وبذلك يفقدون الفرصة للعودة الى الأضواء من جديد.. ومثلما يمكن القول أن العملية السياسية مجمدة .. فان الفعل المقاوم الحقيقي هو أيضا اليوم في مستوياته الدنيا.. وما يغلب عليه هو الطابع الدفاعي.. والحوادث في الغالب إما أن تكون تصد لمحاولة اجتياح-- أو اشتباك أثناء محاولة اعتقال لبعض المقاومين .. وما يكمل الصورة هو حقيقة انخراط قادة المقاومون في حوارات سرية وعلنية.. للتوصل الى صيغة تعلن تجميد العمل المسلح-- بوضعه في ثلاجة التهدئة.. نعم نحن نعيش مرحلة اللا مساومة... حيث لم تبق إسرائيل لأنصار العملية السياسية مدخلا.. كي يمارسوا فيه مهاراتهم التفاوضية-- تلك المهارات التي أكدت كل التجارب أنها لم تكن إلا مساومات عقيمة.. لم تحقق للشعب ما يعزز ثقته بها ( لأنها لم تستند الى فعل كفاحي شعبي على الأرض ).. كما أننا نعيش مرحلة اللا مقاومة.. ( هذا إذا عرّفنا المقاومة بالعمل المسلح فقط.. كما يقول بذلك بعض قادة الفصائل التي لها أجنحة عسكرية )..
خالد منصور مخيم الفارعة - فلسطين 19/8/2006
#خالد_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ولى زمن الاوغاد
-
إنها شيطانة.. فارجموها
-
آن الأوان ليقوم الفلسطينيون مجتمعون بإعلان حل السلطة وتحميل
...
-
فتح وحماس.. دمع على الحكومة ولعاب على المنظمة
-
وثيقة الاسرى الفلسطينيين.. تحليل وموقف وتوقعات
-
الحوار الحقيقي لم يبدأ.. وفتيل الانفجار لم ينزع
-
هتافات لمسيرة بمناسبة بدء الحوار الوطني الفلسطيني
-
كلمة في مهرجان مخيم الفارعة بالذكرى ال 58 للنكبة
-
هنيئا لاولمرت بيوم الأرض
-
اللعنة على السياسة
-
استحداث وزارة لشئون اللاجئين في فلسطين خطوة بالاتجاه الصحيح
-
سعدات والشوبكي ورفاقهما ضحايا التواطؤ الدولي والصمت العربي و
...
-
الخلاف مع حماس لا يبرر لأحد الانضمام لركب المنادين بإلزامها
...
-
حزب الشعب الفلسطيني - والتحدي الصعب
-
من موقع المعارضة يمكن لحزب الشعب الفلسطيني النجاح في ترميم ب
...
-
استثناء حماس لحزب الشعب من مشاورات تشكيل الحكومة
-
العمل الاهلي ....والحصاد المر
-
العمل الاهلي في فلسطين.. والحصاد المر
-
قلوبهم معك وسيوفهم مع معاوية
-
المدعي العام الفلسطيني .. ومعركة الفئران
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|