أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير المجيد - الحصى لمن حصى














المزيد.....

الحصى لمن حصى


منير المجيد
(Monir Almajid)


الحوار المتمدن-العدد: 7036 - 2021 / 10 / 3 - 06:00
المحور: الادب والفن
    


«جاهز؟». سألتني طبيبة التخدير مبتسمة ومتوقعة إجابة إيجابية. هكذا نفعل حينما يحقنوننا بعدة أنواع من المُهدّئات قبل أن ينقلوننا ممدّدين على سرير بمفاصل، مربوطين بأنابيب وأكياس فيها سوائل شفّافة، نحو جناح العمليات ذو الرهبة. نظرت من فوق كتفها إلى الممرضتين وقلت «نعم».
«هل تجرؤ على قول كلمة اخرى غير نعم؟ طبعاً لا». هذه دارت في رأسي.
كانتا (الممرضتان) تنتظران كالعقبان تخديري لتبدآ العبث بأعضائي، القسم النبيل منها. وعملهما يُشبه ما يقوم به عمّال التمديدات الكهربائية: أنبوب يُدخل من ذاك الجزء النبيل حتى يصل إلى الكلية، وفيه يُحشر أنبوب أدقّ في رأسه كاميرا وملقط لسحب، بنت العاهرة، بحصتي الجديدة.
ثمّ «أشرقت» سيدة خمسينية رشيقة جميلة برجوازيّة من الباب الموصد، يبدو أنها لا تتناول غير سلطة الخضار لوجباتها الثلاث، وقدّمت نفسها، ثم قالت «أنا التي ستجري لك العملية اليوم». رحّبت بها ترحيباً حارّاً لا يتناسب مع برودة غرفة العمليات الواسعة المليئة بأجهزة وأضواء كاشفة مثل ستادات كرة القدم. في الحقيقة لم أشعر بأي إحباط لأن الجراح الذي إعتاد أن يزيل حصاي غائب اليوم، رغم أنّه وعدني منذ شهر أن يكون حاضراَ، ثم أن الطاقم بأكمله نساء، وأنا أشعر بالإطمئنان مع النساء، حتّى لو كنّ جرّاحات ومُخَدِّرات ومُمرّضات ونساء مُخابرات وجاسوسات.
الذي أثار إستيائي قليلاً، أنني سأكون نائماً مغشياً حينما تتحلّق حولي عدة نساء ويلمسنني بحرية في كل مكان، بينما ساقاي مرفوعتان على مسندين وكأنني على وشك الولادة.
أعتقد أنني تعوّدت على جرعات مورفين التخدير، وقد أصبح مدمناً قريباً. هكذا فكّرت قبل أن يثقل جفناي وأروح في نومة لا أعرف عنها شيئاً.

خلتُ نفسي ممدد على غيمة وليس على سرير مستشفى، حينما أيقظني صوت ممرضة لم أستطع إلتقاط ملامحها.
شعرت أنني كنت مغطى بالمرض في تلك الثانية، لكن خلال لحظات بدأت الأمور تتوّضح حولي. أنا في غرفة الإنعاش، وثمّة ممرّضة تعرض عليّ شرب الماء، وتسألني عن أحوالي.
حينما أخذوني إلى غرفتي، رقم خمسة في الطابق الثاني، كان شريكي في الغرفة يتألم ويتأّوه، بينما جلست زوجته هناك ممسكة بيده. وسرعان ما لحقت بي الجرّاحة الحسناء لتطمئن عليّ وتُخبرني عن أحداث الساعتين الماضيتين التي كنت ميّتاً فيها. «مع الأسف لم نتمكّن من إزالة حصوتك هذه المرّة بسبب ضيق المجرى البولي الموصول بعنق الكلية. وضعنا لك قسطرة داخلية، وستبقى هناك لمدة أسبوعين كي تُساعد على توسيع المجرى البولي جيداً، ثم نجري لك عملية اخرى»، ساقت لي الجرّاحة النبأ غير السعيد.
حملت نفسي بتثاقل، بعد أن غادرت، إلى المرحاض وتبوّلت سائلاً أحمر اللون وكأنه مُكّونٌ من شفرات حلاقة.



#منير_المجيد (هاشتاغ)       Monir_Almajid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدّدت حبّك ليه
- أراك عصي الدمع
- ستورمي
- في قطار ياباني عابر
- في الحب
- الموت كل يوم
- مدينة الساتيلايت
- صديقي فريدريك
- االضباع
- شام-الفصل السابع والعشرون والأخير
- شام-الفصل السادس والعشرون
- شام-الفصل الخامس والعشرون
- شام-الفصل الرابع والعشرون
- شام-الفصل الثالث والعشرون
- شام-الفصل الثاني والعشرون
- شام-الفصل الحادي والعشرون
- شام-الفصل العشرون
- شام-الفصل التاسع عشر
- شام-الفصل الثامن عشر
- شام-الفصل السادس عشر


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير المجيد - الحصى لمن حصى