الصهيونية

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)

الحوار المتمدن-العدد: 7035 - 2021 / 10 / 2 - 14:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

أركيولوجيا العدم
٩٢ - الصهيونية كآخر مرحلة للتاريخ اليهودي

3- المرحلة التنظيمية الانعزالية، وهي المرحلة الفلسطينية الثانية بين القرن السادس والاول ق.م، وهي متداخلة زمنياً مع المرحلة البابلية. تمكن الفرس من اسقاط بابل سنة 539 ق.م، بابل التي كانت آخر دولة عراقية في العصر القديم. ولقد ذكر "ابن العبري" في كتابه "مختصر تاريخ الدول" أن قورش عندما دخل بأخت "زوربابيل" حفيد (يهوياقيم) ملك يهودا الأخير ارتفعت في عينيه فقال لها "أطلبي ما شئت" فطلبت منه أن يسمح بعودة الأسرى اليهود إلى أورشليم وأن يأذن لهم بعمارتها. فأصدر الملك قورش مرسوماً بدعوة اليهود وتشجيعهم من أجل الرجوع إلى ديارهم وإعادة بناء الهيكل وأسوار أورشليم كما أعاد إليهم كنوز الهيكل في أورشليم التي نقلها نبوخذ نصر ملك بابل، لكن غالبية اليهود رفضوا العودة لكونهم قد تأقلموا مع الحياة الثقافية والدينية وكونوا جذورا لهم في بابل، ولكن فريق منهم بقيادة "زوربابيل" قبل العودة إلى فلسطين. وفي فلسطين وتحت قيادة هذه النخبة البابلبة القادمة بزعامة "ازاربيل" أولاً، ثم بعدها بقرن تحت قيادة "ناحيم وعزرا"، تحولت اليهودية الى ديانة محددة ومتمايزة عقائديا وعرقياً، من خلال فرض سيطرة رجال الدين من الحاخامات، أي الحكماء، وفرض الطقوس والاحتفالات وفرض العزلة والحرمة على الاختلاط بغير اليهود.
وإذ ذاك انبرت لمقاومته الأقوام التي كانت تسكن فلسطين في ذلك الوقت، وأجبرت الملك الإخميني "سميرد" الذي كان يحكم في سنة 523 قبل الميلاد إلى إصدار الأوامر بإيقاف أعمال البناء.
4- المرحلة العرفانية ـ العالمية اليونانية ـ المصرية، بين القرن الثالث ق.م حتى القرن الثاني ميلادي.
عام 334 ق.م تمكن الإسكندر المقدوني ( 356-323 ق.م) من القضاء على الدولة الفارسية، والسيطرة على العراق وعموم الشرق. وقد اختار (بابل) لتكون عاصمة امبراطوريته العالمية، لكن حلمه لم يتحقق حيث مات في بابل، المدينة التي كان يجلها. في هذه الحقبة اليونانية بدأت تبرز مراكز ثقافية يهودية جديدة منافسة لدور بابل، وبالذات مدينة (الاسكندرية) في مصر.
فقد نقل الاسكندر الكثير من يهود بابل وفلسطين الى مدنه الجديدة التي كوَنَّها، ومنها بالذات (مدينة الاسكندرية)، التي تحولت الى مركز أساسي للثقافة اليونانية، وتحت ظلها انتعشت كذلك الثقافة اليهودية حيث تحولت الاسكندرية الى مركز لتطوير اليهودية وانفتاحها على الفكر العرفاني الروحاني المشرقي مع الفكر اليوناني الفلسفي. كذلك ظهور الترجمة اليونانية للتوراة ـ الترجمة السبعينية ـ في القرن الميلادي الاول. وظهور الكثير من الكتابات اليهودية الروحانية المغايرة لمضامين التوراة، وقد أطلق عليها إسم الاسفار المنحولة واعتبرت غير قانونية. وفي هذه المرحلة ظهرت لأول مرة في اليهودية مفاهيم مثل خلود الروح والثواب والعقاب والجنة والنار، والتي أثرت كثيراً على الاجزاء المتأخرة من التلمود. ويبدو ان هذا التيار اليهودي الروحاني الجديد قد ساهم بالتمهيد لظهور المسيحية. في هذه الحقبة بدأت اليهودية تتحول الى ديانة توحيدية سماوية كبرى معترف بتأثيرها الحاسم على باقي العقائد السائدة في حوض البحر المتوسط والعالم القديم اليوناني ـ الروماني.
5- المرحلة العربية ـ الاسلامية، بين القرن السابع والسادس عشر الميلادي، حيث انتعشت اليهودية في بغداد والاندلس والقاهرة. وبرزت تيارات اجتهادية شبيهة بالتيارات الاسلامية، مثل مذهب (القرائين) الرافضين للتلمود، المتأثرين بالمعتزلة في بغداد. وفي هذه الحقبة تأثرت اليهودية كثيراً بالتيار الروحاني (العرفاني التصوفي) الاسلامي، حيث برزت أسماء كبرى من أمثال (ابن ميمون) في الاندلس وكذلك تكون مذهب القبالا أو الكابالا الذي أضاف لليهودية بعدها الروحاني الاشراقي.
6- المرحلة الاوربية ـ الصهيونية، وهي فترة تمتد منذ سقوط الاندلس في القرن السادس عشر وحتى الآن، حيث بدأت خلالها اليهودية تتحول بالتدريج الى حركة قومية متعصبة بتأثير التطورات القومية الحاصلة في اوربا وكذلك معاناة اليهود من حياة العزلة المفروضة عليهم "الغيتو" والعنصرية الاوربية التي بلغت ذروتها في إبادة ملايين اليهود في الحرب العالمية الثانية. وهذا الامر سهَّلَ كثيراً للحركة القومية اليهودية "الصهيونية" المتأثرة بالفكر العنصري والاستعماري الاوربي، أن تفرض سيطرتها على يهود العالم وتقودهم الى نوع من التعويض عن العنصرية والمذابح الاوربية، من خلال طرد الفلسطينيين من أراضيهم وبيوتهم وبناء دولة إستعمارية عنصرية.

يتبع

#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات