أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - الجوار القاتل_ ثرثرة















المزيد.....

الجوار القاتل_ ثرثرة


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1649 - 2006 / 8 / 21 - 04:32
المحور: الادب والفن
    


كي أتجنب التحليلات البسيطة أو الساذجة بالأصح, اتجهت صوب الثرثرة.
أكثر ما أسمعه وأقرأه لا يعنيني, الحياة التي أعيش في دوامتها رهيبة, ولم أنجح في توسيع حيّز خاص ملائم.
كنت لفترة أسمي الجميع أصدقاء, استبدلتهم بالخصوم, لم تعد لي قضية مركزية أو أولى, بعدها صار الجوار ومعه علاقات التجاور, أساس أول لمنظور مركب, حيث الداخل يحصر الخارج, والخارج بدوره يضغط الداخل إلى حد السحق أحيانا.
ما الحياة؟ ما الحب؟ ما العمل والصح والملائم .....
الحلم والخيال يعودان إلى أبعد من الشخص, ويبتعدان أبعد من الغاية والقصد.
البارحة رأيت حلما غريبا وجميلا.
في مصر, وفي شقة بالقاهرة, معي امرأة غريبة لا أتذكر اسمها ولا ملامحها, وفي الغرفة المجاورة صالح دياب المقيم في فرنسا, أشار لي بالدخول إلى الصالون الواسع, حيث على فراش إسفنجي يجلس نجيب محفوظ ومعه كاتب آخر( في الحلم كنت أعرفه) ويبدو أنهما سينامان في مكانيهما. بشكل فجائي حضرت فريدة السعيدة, ورجوتها أن تقوم بتصوير نجيب محفوظ وأنا بجانبه, ليصدق أصدقائي في اللاذقية أنني كنت في مصر فعلا. سألتها سنعود غدا بالطائرة؟ . لأول مرة سنركب الطائرة_ هذا ما أذكره بوضوح, وفكرت أنني لا أعرف كيف وصلت, ولا أذكر بأية وسيلة تم السفر.
استيقظت, وفي ذاكرتي ووعيي, كأنني وصلت اليوم من شقة بالقاهرة فعلا.

لا أفكر كثيرا بما يحدث معي, أفكاري انتقائية دوما. أستغرق بتفاصيل عابرة وعشوائية, وبالعكس أعيش عقدة المحطّة بالفعل. بمعنى عدم الاكتراث بالطريق والحياة الجزئية مقابل تركيز الاهتمام على الهدف. خليط محزن من الخيبة والحلم والشراهة.
*
لطالما كان للجوار أو بدقّة أكثر, للتصور الشخصي عنه, دور أساسي في مختلف الخيارات.
أخشى الجوار والجيران بأكثر العبارات لطفا. اشعر بقسوتهم وعدوانيتهم وهوسهم الدائم باختراق حياتي. كم أرغب بالعيش في مجتمع لا يعرفني فيه أحد.
يظن المتطفّل نفسه ضرورة لك, هو لا يفكر بالعموم, وينظر إلى رغبتك الدائمة بتجنبه, كمرض ومشكلة فيك. ما أجملهم وهم يغادرون.
بدوري فتحت الباب وخرجت, تجولت في اللاذقية, نقابة المعلّمين, الكورنيش الغربي, مؤسسة الكهرباء, لتنتهي الجولة في مكتبة أثينا, لا غنى عن الزعيم.
الآن حوالي منتصف ليل, والآبيات التي انتظرناها(مطر آب بالتعبير الياشوطي) على الأبواب.
كم هو جميل مطر الصيف في اللاذقية.
إنها تمطر, فوق الأرصفة والسيارات والمارّة, تمطر فوق بيوت الدعارة وبيوت الإيجار, تمطر فوق الشجر والأرصفة وفوق دور العبادة, تمطر فوق الجميع.
من الملائم كأس عرق هذا المساء. لا اعرف لماذا ألتزم أحيانا بوعود, اقطعها مع نفسي فقط , وأعاكس رغبتي وما اعتقده مناسبا. مع أنني كثيرا لا أقيم أدنى اعتبار ليس لوعودي فقط, بل حتى لآرائي وقناعتي السابقة, أعتبرها أعباء إضافية يستحسن التخلص منها.
أتذكر حادثة طريفة سنة 1998 مثل هذه الأيام, حدث مطر آب, ورغبت في شرب العرق مع نديم, فقط كنت أرغب بعدم الشرب وحيدا. دققت الباب على جاري في الطابق الثاني, ودعوته ببساطة إلى شرب كأس, جاء بسرعة, صببت كأسين وقلت كما اذكر نخب اللذين نحبهم, على اعتباره نخبا عاما يصلح للجميع, بقي الجار قلقا ومتوترا, ثم سألني ماذا أريد منه. لا شيء جاري. أجبته رغبت في مشاركة الكأس مع أحد. سألني بعدها عدة مرات وبإلحاح, ماذا كنت أريد بدعوتي تلك, لا شيء أيها الجار اللطيف, رغبت بالاحتفال بمطر آب, هذا كل ما في الأمر. صار يعاملني كشخص مجنون, حتى غادرت البناية. بعد ذلك تجنبت الجيران.
*
ماذا كان سيحصل لو أتيح لي أن أحترف الكتابة؟
_ ذلك السؤال يتردد في أذهان الكثيرين , ولا يعني أننا نتشارك بالشكل الأمثل.
ما من شيء يبقى على حاله, ثابتا بلا تغيير.
_لديّ القليل من الأشياء التي يمكنني أن أتحدث فيها بحرّية.
وأظن ذلك ما يدفعنا إلى الثرثرة.
لندرك الجمال نحتاج إلى تعلّم طويل ومهارة.
_ لم أتعلّم شيئا في بيت ياشوط سوى كيفية تخريب حياتي بالأوهام والتخبط في المشاكل.
نظن أحيانا أن الخوف أنقذنا, ذلك خطأ صريح وتام.
الخوف أسوأ من الغضب.
*
الهواء_ الماء_ الغذاء, ثلاثة عناصر تحت شخصية, وأهميتها للجميع بشكل عكسي.
نفكر بما ينقصنا, ليتنا نتعلّم كيف نفكر بما نملكه أولا.
أفكر في أهمية الهواء وضرورة التنفس في حالة الذروة العاطفية فقط, نشوة تامة أو إحباط عارم. الخوف وجه آخر للغضب.
بشكل فردي نصل إلى الندم, وبشكل فردي نختتم الإنجاز,
تولد وحيدا وتموت وحيدا....
ليس الخطأ في السعي لنيل رضا الآخرين وإعجابهم, الخطأ في الوسائل والطرق, والصواب.

_أصعب آلامي أنا سببها.
ماذا سأقول عن الفرح!؟
يوجد من الهواء ما يكفي
يوجد من الماء ما يكفي
يوجد من الغذاء ما يكفي
يندر أن رأيت من يتعامل مع الوفرة أو النقص بحكمة.
نسأل كثيرا, وفي كل البلدان والثقافات والأزمنة, لماذا الفرح قليل في هذا العالم....
كلّ الجيران مثلنا:
نراهم من بعيد
ويروننا من بعيد
ولا أحد يجد الوقت الملائم للتفكير والحب والفرح.
*
إنها تمطر في اللاذقية.
سأفتح زجاجة بيرة. وأشرب نخب اللذين أحبهم, ومعهم.
ليس للموسيقا عيون ولا آذان ولا حواس, لكنها توقظ المشاعر وتغذيها.
*

مع أنها لا تمطر اليوم في اللاذقية, ودرجة الرطوبة عالية, هذا ما انتبهت إليه للتو,
فكرة المطر غيرت مزاجي وأفكاري ومشاعري.
في المرحلة الأولى, كان الجيران موضوعا لرغباتي, وحاولت الاقتراب منهم.
في المرحلة التالية صار الجيران, الرقابة والسلطة والضمير المشترك, وحاولت تجنبهم.
الآن.. وبعدما ابيضّ شعري, وخفتت عدوانيتي وطموحاتي وخوفي, صار الجيران عناصر ومكونات أساسية في المشهد الإجمالي, والتعامل معهم كأفراد, وليس كشيء جامد.
في العام القادم سأزور مصر.
أرغب بلقاء أصدقائي حول النيل, قبل رؤية الأهرام والنيل.
العام القادم عبارة جوفاء لا تضر ولا تنفع.



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغراب الأبيض_ مسودة أولى
- خسارة كيكا وعالم الأنترنيت_ثرثرة
- حصن الدفاع الأخير_ثرثرة
- سقف التوقع_ ثرثرة
- زكام صيفي_ ثرثرة
- مجتمع الأنترنيت مرة ثانية_ثرثرة
- الانسان المهدور_ثرثرة
- اليوم الأخير_ثرثرة
- مثل بئر مهجور_ثرثرة
- زائد عن الحاجة_ثرثرة
- بين عدميين_ثرثرة
- شخصية الزعيم _ثرثرة
- ثقافة الجواب_ثرثرة
- نم واستيقظ
- الحب من طرف وحيد_ثرثرة
- يتامى سوريا_ثرثرة
- نفوس مريضة ومتهالكة_ثرثرة
- جسد يتداعى_ثرثرة
- الحاضر في دورانه
- في الحاضر المفقود


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - الجوار القاتل_ ثرثرة