أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد مهاجر - ترياق النكوص عن الديمقراطية














المزيد.....

ترياق النكوص عن الديمقراطية


محمد مهاجر

الحوار المتمدن-العدد: 7033 - 2021 / 9 / 29 - 20:19
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


-
تمر بلادنا هذه الأيام بمناخ سياسى في غاية الهشاشة. وهو وضع يمكن قراءته في اطار عملية الانتقال الديمقراطى وهى عملية بالغة التعقيد. فمن ناحية تبدو من تصريحات الفاعلين الرئيسيين ان السواد الأعظم منهم لا يرغب في الرجوع الى الحكم الدكتاتورى. ومن ناحية أخرى أخرى أصبحت بعض الممارسات من قادة فصائل عدة من المجتمع بما فيها قادة عسكريين توحى الى بان هنالك توجهات نكوصية عن التحول الديمقراطى. فما هي مبررات وضع العراقيل في طريق التحول نحو الديمقراطية؟

ان الديمقراطية يمكن ان ينظر اليها من منظور اخلاقى في المقام الاول, ويتبدى هذا المنظور في شعارات الثورة السودانية, اى الحرية والسلام والعدالة. ومن هنا فان المتفق عليه من السواد الاعظم من الشعب هو الملزم بالنسبة للنخب القيادية في الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية. ونصوغ هنا امثلة لعدم رغبة بعض الأطراف الفاعلة في التخلي عن التحول الديمقراطى. والمثال الأول هو تصريحات وقرارت بعض الجهات العسكرية والقيادات القبلية والتي مثلت تحديا مباشرا للتحول الديمقراطى. والمثال الثانى هو تعطيل تكوين المجلس التشريعى الانتقالى.

ان احد الاحتمالات لتحليل التوجه الأول, اى التحدى المباشر, هو عدم الايمان بشعارات الثورة, او لنقل فهمها فهما قاصرا, فالديمقراطية تعنى العدالة السياسية, ومن دعاماتها التعددية وحرية الراى والتنظيم وحرية الاختيار والحوكمة. والاساس في الحرية هى انها حق طبيعى, اى ان الانسان هو حر بالميلاد, ولا يجوز ان ينتزع جزء من هذا الحق الا بالقدر الذى تتطلبه التشريعات التي تسعى الى رفع الضرر والظلم عن المجتمع وتحقيق التكافل الاجتماعى وتنظيم الحياة العامة. ومن هنا فان تهديد بعض القيادات العسكرية والقبلية بانتزاع الحريات الأساسية من المواطنين هو عمل ضد التحول الديمقراطى وضد شعارات الثورة ومبادءها.

ان الديمقراطية ليست ترفا فكريا تمارسه النخب, بل هي ضرورة أساسية للتعايش السلمى ولتوفير المناخ الصحى الذى يسمح بالتداول السلمى للسلطة وتمكين السلطات من تشريع وتطبيق القوانين اللازمة لحماية الافراد والمجتمعات والشركات والهيئات, واعانتها على العمل بحرية وسلام وفى جو خالى من الفساد. ان احد الظواهر التي تدل على تردى مستوى الديمقراطية في بلادنا, من حيث الأيمان بها ومن حيث الممارسة, هو طول الحقب العسكرية. والظاهرة الثانية هى عدم توفر الوعى الكافى بمبادئ الديقمراطية. وقد نشر موقع جامعة وورزبورغ الألمانية تقييما لجودة الديمقراطية في دول العالم المختلفة. وهو مقياس مبسط, المقاييس فيه تتراواح بين التزام جانب الديمقراطية او النظام الهجين او الاستبداد او الاستبداد الأكثر سوءا. وقد صنف السودان في عام 2020 من ضمن أسوأ عشرة دولة تعانى من الاستبداد الأكثر سوءا. وقد أحرزت دولتنا 6 بالمئة.

ان نكوث النخبة الحاكمة عن عهدها بتكوين المجلس التشريعى ليعد احد الأخطاء الفادحة التي ظلت تقع فيها النخب السياسية السودانية, وهى أخطاء كثيرة. ولا توجد مسوغات, لا قانونية ولا أخلاقية, لهذا التعطيل الذى طال امده. وما دامت الديمقراطية تعنى ان السيادة هي للشعب, فان للشعب ان يمارس سلطة التشريع والمراقبة للجهازين التنفيذي والقضائى. وفى ظل غياب المراقبة تفتح أبواب التجاوزات على مصراعيها لكل فاسد ومستبد.

تعد الديمقراطية المباشرة احد اقدم الممارسات الديمقراطية التي شهدتها البشرية. وفى بلادنا ظلت تمارس ضمن اطر محدودة. وهى مدرجة في دساتير وقوانين بعض الدول مثل سويسرا وهولندا وبريطانيا وامريكا. ولعل من الحكمة ان ننظر الى بنيات وممارسات مجتمعنا التي يمكن ان تعد شكلا من اشكال الديمقراطية المباشرة, وبالتالي نسعى الى تطويرها. وبالتوازى نسعى الى اكتساب مفاهيم وممارسات الدول المتطورة للديمقراطية المباشرة بعد معالجتها عن طريق التدبر والحوار والتثاقف.

ان المعايير الأخلاقية الأساسية للديمقراطية المباشرة تنبع من حقوق المواطن الأساسية في السيادة على ارضة وفى الحرية والمساواة والعدالة والسلام. وما دامت الديمقراطية المباشرة لا تتعارض مع شعارات الثورة فما الذى يمنع الفاعلين الرئيسيين من تبنيها وجعلها أداة من أدوات التحول الديمقراطى المرتجى. وان الذى يجرى من حوارات مباشرة عبر شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة يمكن ان يمكن يوسع قاعدة المشاركة. فقد وفرت هذه الشبكات مجالات عدة مجالات للحوار واستطلاعات الراى والتصويت المباشر حول بعض القضايا وتقديم المشورة فيها وغير ذلك.

لقد تعاونت لجان المقاومة على نطاق واسع مع المحليات والمؤسسات الحكومية والشعبية من اجل تنفيذ بعض الخطط والبرامج الناجحة. ولو ازيلت العوائق فان لجان المقاومة سيتصبح أجهزة تشريعية شعبية. ولان الثقة الشعبية التي اكتسبتها هذه اللجان كبيرة, فانها مؤهلة للقيام بهذا الدور. هذا لا يعنى غض الطرف عن معايير الالتزام بمبادئ العدالة والديمقراطية والحرية والحوكمة. ان ترياق النكوص عن الديمقراطية هو المزيد من الديمقراطية.



#محمد_مهاجر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانقلاب الفاشل ... قل واحد
- متى يتوقف تهريب الذهب؟
- عرقلة سير العدالة في جريمة فض الاعتصام
- المحاباة وعلاقتها بالفساد
- الراشى والمرتشى والرائش
- هل يصلح الرئيس حمدوك ما افسده البشير
- هل القفة تدل على التخلف
- هل اخطأ الحداد؟
- ماذا سيحدث اذا عادوا للحكم من جديد
- لماذا يفعلون ذلك؟
- هل كان غبيا
- فشل جديد للكيزان
- انقلاب الكيزان المرتقب
- ما هي العدالة الانتقالية
- ما هي العدالة الدولية
- هل تتحقق العدالة في ظل الرأسمالية؟
- العدالة من منظور ديمقراطى اجتماعى
- لكى لا نجعل السلام حافزا لمجرمى الحرب
- حول التاسيس لسلام دائم
- زهرة


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد مهاجر - ترياق النكوص عن الديمقراطية