أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - ماهي الفوضى الخلاقة؟














المزيد.....

ماهي الفوضى الخلاقة؟


ساطع هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 7032 - 2021 / 9 / 28 - 09:31
المحور: الادب والفن
    


مع بداية احتلال وتدمير العراق وتنصيب رجال الدين الدجالين والروزخونية والعملاء حكاما على بلادنا وشعبنا، انتشر بشكل واسع النطاق بالعالم مصطلح الفوضى الخلاقة، وأصل هذا المصطلح يعود الى الفنانين والى المختصين بعلم السيكولوجيا الغربيين في خلال الفترة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية (ولا يوجد اسم شخص او شخصية معينة مرتبطة بابتكار هذا المصطلح), وهي من اغزر فترات الانتاج الابداعي والفني الاوروبي كماً ونوعاً, وكان يشير الى نشاط الفنانين المجددين الذين عملوا على تجاوز (تدمير) الانماط والاساليب والتقاليد البرجوازية القديمة سعيا الى خلق فنون بأساليب جديدة ومفاهيم ولغة تتناسب وعصر الثورات والانتفاضات لتلك الفترة التي امتلات بالفوضى والحروب في كل مكان وهنا ظهر مصطلح (الفوضى الابداعية / او الفوضى الخلاقة) كنقيض لفوضى الخراب والحروب, والذي كان القصد منه تحفيز مخيلة الفنان والمشتغلين بالابداع عامة على اختراع وابتداع افكار واعمال جديدة غير معروفة او مألوفة سابقا بالفنون وذلك رفضاً للانتاج الفني القديم الاكاديمي البرجوازي والمحافظ، والذي كان واحدا من الاسباب التي ادت الى الحروب والموت كما قالت بيانات فنانين الطليعة آنذاك، لهذا لابد من تدميره.
ثم جائتنا كونداليزا رايس ورهطها مع استعمارهم للعراق بتطبيق المصطلح الفني/الجمالي على المواقف السياسية والحربية البشعة, حيث يعني هنا هذا المصطلح نظرية سياسية أمريكية تشير الى نظام حكم جديد لا ينشأ الا بعد تدمير الانظمة السياسية القائمة (القديمة) وتخريب الاقتصاد الوطني الراهن للبلدان المستعمرة بالكامل, وقد استعمل هذا التطبيق لتبرير الحروب الامريكية وغزوها للعالم وتدميرها الشامل للبلدان المنكوبة, لان هذه هي الطريقة الوحيدة المؤكدة عندهم للقضاء على حكومة(مارقة) بأكملها ومن خلال التفوق العسكري, وهي نظرية استعمارية حقيرة جديدة ونجاحها غير اكيد لحد الان حيث تدعي دعايات منظريها الى خلق جوانب (إيجابية) تدفع الى نمو جديد بعد الفوضى والدمار، وهذا ما لم يحدث ولا في اية دولة غزاها الامريكان والانگليز حديثاً.
هناك مثل قديم غالبا مايردده الفنانين بالغرب يقول: لا يمكن للمرء ان يصنع طبق بيض دون كسر بعض البيض, وفي حالة انتاج الاعمال الفنية فلا يمكن صناعة طبق البيض هذا دون كسر عشرات البيض وتكسير الصحون والملاعق وغيرها، لكن تطبيق هذا المبدأ في السياسة والحروب يعني كوارث بلا نهاية كما نرى الان منذ اكثر من عشرين سنة بالعالم وخاصة بلدان الشرق الأوسط.
والمواقف (الفنية) الصاخبة بالفن الحديث التي اوجدت هذا المصطلح وغيره الكثير انما كانت تعكس ليس موقفا سياسيا واجتماعيا رافضاً للحروب والموت المجاني فحسب بل موقفا وسلوكا اخلاقيا فنيا وابداعيا بالدرجة الاولى، حيث حدث ومازال يحدث هذا بشكل تلقائي غير مخطط له عند الفنانين عندما يتم السعي الى تدمير الانماط المعمول بها والمألوفة في هذا المجتمع او ذاك, املاً في ظهور اشياء جديدة من الفوضى الايجابية الناتجة عن (تدمير) القيم الفكرية والفنية الرجعية والمحافظة بالمجتمع, بمعنى ان هذا الفعل (المدمر) انما هو صرخة احتجاج ورفض انساني في سبيل التحرر من قيود واغلال الماضي الرجعي المقيت, وهي اقوال مجازية شاعرية فنية في جوهرها وليست بيانات وبلاغات واوامر من جنرالات عسكرية، وعند بلوغ الفنان للهدف فان ذلك سيسمى باللحظة الابداعية او الاختراق الفني, خاصة اذا كانت النتيجة جديدة وغير متوقعة ولم يسبق لاحد ان ابتكرها, وهنا ينبغي ان لا ننسى بان غالبية الناس تعرف بأن المبدعين يفضلون أجواء غير منظمة وبيئة فوضوية من حولهم عند العمل على مشاريع فنية جديدة.
فترى المراسم والاستوديوهات الفنية ومسارح التدريب ومدارس الفن ممتلئة بالفوضى وعدم النظام الظاهر, ولهذا السبب فان الكثير من الفنانين تجدهم غير صالحين للعمل كموظفين في المكاتب فهم بحاجة الى (الفوضى) لغرض الابداع وهذا يتناقض مع نظام الوظائف المكتبية، وهذه ناحية سيكلوجية متأصلة في طبيعة المبدع وهذا ايضا سببا يدفع الفنان تفضيل العمل بمفرده في استوديو او مرسم او غرفة على سطح الدار، فالقلق وسادة الفنان.
من الاقوال التي تنسب الى الفنان الاسباني بابلو بيكاسو والتي تعكس المفهوم الإبداعي (الفوضوي الخلاق) قوله: بان العمل الفني هو فعل تدمير، اما الفنان الروسي ماليفتش وهو احد اهم الرموز الرئيسية للطليعة الروسية، ولوحته الأسود على الاسود تعتبر بيان مصور لنظريته الجمالية بالفن والتي اطلق عليها اسم السوبرماتيزم / او التفوقية فقد قال مرة:
لا فن بعد التفوقية، ولهذا يجب حرق جميع اللوحات بالعالم وعرض رمادها في المتاحف.
وهذا ما طبقه الاستعمار الأمريكي بالشرق الأوسط فعلياً وليس مجازاً بفضاعة وبالضبط بواسطة جيوشه واسلحته الفتاكة وعملائه الإسلاميين ومنظماتهم الجهادية الملعونة، بتدميرهم مدننا التاريخية وآثارنا وتراثنا الثقافي برمته وعرض رمادها على شاشات التلفزيون وبالمتاحف، وماليفتش منهم بريء.
بنو الخسيسة اوباش اخسَّاءُ



#ساطع_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغرق
- الموظفة
- حروب الثقافتين
- رجال في الخفاء
- رسالة الفنان
- استعمار متجدد
- الحركة والرؤية
- الابتكار والتجديد
- ذهبي الذي ضاع
- حركة الحياة
- الواقعية والشكلية والفن الحديث
- انحطاط الثقافة البصرية العربية
- الملابس والعري
- عام الفأر
- اغتراب
- مشياً بالمطر
- اللون الابيض
- احتفالا بالوداع
- دعونا نصاب بالجنون
- الثورة وكلماتها


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - ماهي الفوضى الخلاقة؟