|
للزوجات فقط .. نصائح للسعادة الزوجية منتهية الصلاحية
محمد فُتوح
الحوار المتمدن-العدد: 7031 - 2021 / 9 / 27 - 02:40
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
للزوجات فقط ... نصائح للسعادة الزوجية منتهية الصلاحية -------------------------------------- لا يُقاس التقدم الحضارى ، بتحقيق الإنسان للمنجزات العلمية على اختلافها وحسب ، بل يقاس بمعايير أخرى ، من أهمها نظرة المجتمع للمرأة ومكانتها. ونحن فى المجتمعات العربية ، حيث الكثرة المسلمة ، مازلنا ننظر إلى المرأة نظرة متدنية ، فهى مخلوق من الدرجة الثانية ، وتفتقد إلى العقل وتميل فى أحكامها إلى العاطفة ، رغم ادعاءات البعض أنها مساوية للرجل. هذه النظرة إلى المرأة ، هى السائدة والرائجة بين الرجال والنساء على حد سواء . والسبب يرجع فى رأيى ، إلى أسباب تاريخية واجتماعية مستمدة من العادات والتقاليد ، بالإضافة إلى ظرف نعيشه الآن ن ولا يجب إغفاله ، وهو انتشار الأفكار المستمدة من التيارات الأصولية الإسلامية ، التى ترسم صورة مريضة للمرأة . إن النظرة للمرأة على أنها أدنى من الرجل ، لهى من المسلمات التى ظلت جاسمة على العقل العربى منذ قرون. إن خطورة مثل هذه المسلمات ، تكمن فى أنها تمثل قيداً للفكر ، فتعوق انطلاقه وتحبسه وتسجنه فى أفكار انتهت صلاحيته ، ولا يسطيع الفكاك منها ، حيث أنه يعتقد اعتقاداً راسخاً فى صحتها وصوابها. إن خير مثال لما سبق ، هو ما قرأته حديثاً فى إحدى الصحف اليومية ، ففى داخل أحد مكاتب التسوية بمحكمة الأسرة ، بمقر محكمة شمال الجيزة ، علقت لافتة كبيرة كتبها أعضاء المكتب بعنوان " نصائح لكل زوجة لتحقيق السعادة الزوجية فى بيتها" . والشىء اللافت للنظر فى هذه النصائح ، أنها موجهة للمرأة دون الرجل. إن منْ وضع هذه النصائح يرى ويفترض ، أن الزوجة هى السبب الرئيسى فى إثارة المشكلات الزوجية ، فهى كائن مشاكس وعنيد . أما الزوج فهو كالحمل المسالم الوديع . لذا تعاملت معه هذه النصائح ، وكأنه طفل مدلل يجب على الزوجة تلبية كل احتياجاته متى أراد ذلك. إن هذه النصائح الموجهة للزوجة تضع الرجل فى مكانة عليا ، فهو نائب الإله على الأرض ، فطاعته واجبة ، ورغباته أوامر لا يمكن مناقشتها ، بل واجب الزوجة تنفيذ هذه الأوامر فى الحال ، بما فى ذلك رغباته وشهواته الجنسية . فالزوجة ما عليها إلا الطاعة، لكى تفوز بالجنة التى وعدت بها عند طاعتها لزوجها ، وحتى لا تصبح " ناشز " ، وملعونة حتى من الملائكة. إننا لو حاولنا تأمل مفهوم الطاعة ، نجد أنه من نتائج النظام الطبقى الأبوى الذكورى ، الذى يكرس لعلاقة السيطرة والتملك ، ففى الاقتصاد يحاول صاحب العمل السيطرة على كل منْ يعمل لديه ، وفى السياسة يسيطر الحاكم الديكتاتور الفرد على مقدرات الناس ، ويعتبرهم عبيداً يجب عليهم طاعة أوامره . أما فى العلاقات الزوجية فمفهوم الطاعة يعبر عن علاقة مريضة ، بين أعلى ، وهو الزوج ، وأدنى وهى الزوجة ، حيث يتسيد طرف على طرف أخر لمجرد أنه ينفق ، وهذا من شأنه أن يؤثر تأثيراً سلبياً على العلاقة بكاملها. ففى هذه العلاقة يفترض أن تشيع روح السكينة والرحمة ، أما فى ظل هذا المفهوم المختل ، فتتبخر هذه السكينة وتتلاشى تلك الرحمة. إن العلاقة السوية فى الحياة الزوجية ، يجب أن ينتفى فيها مفهوم الطاعة ، حتى يصبح الزوج وزوجته أنداداً . كل منهما له رأيه واستقلاليته وحريته التى تطلق العنان لذاته المتفردة. سوف أشير هنا إلى أهم النصائح التى تضمنتها اللائحة وهى : " أن تتقى الزوجة الله فى زوجها ، أى أن تؤدى واجبها بدون تقصير ، وبنفس راضية ، وألا تخرج من البيت إلا بإذنه ، ومهمتها الأساسية الاهتمام بشئون البيت والعناية به نظيفاً منظماً ، واستشعار المسئولية فى حسن تربية الأبناء ، والاستجابة للزوج إذا دعاها للفراش ". لقد اختزلت هذه النصائح الزوجة ، فى وظيفة التنظيف وولادة الأطفال وتربيتهم ، وإشباع وإطفاء رغبات الزوج وشهواته الجنسية ، وعاملت هذه النصائح الزوجة على أنها خادمة ومربية أطفال ، وموضوعً جنسي يطفىء رغبات الزوج ويشبع غرائزه . لقد كرست هذه النصائح للنظرة التقليدية ، التى سيطرت على عقولنا فى الماضى ، وأغفلت الدور الجديد للمرأة الذى كان ثمرة كفاحها ونضالها ، عبر السنين ضد الموروثات البالية. لقد أغلفت هذه اللجنة المتغيرات الثقافية، والاقتصادية والاجتماعية ، التى حدثت فى عالم دائم التغيير يطبع ملامحه على الإنسان ، رجلا كان أو امرأة. لقد تجاهلت هذه النصائح الحالة النفسية للمرأة ، فهى مغلوبة على أمرها مسلوبة الإرادة . ، حتى فى أكثر العلاقات حميمية ، فليس من حقها الاعتراض ، فهى جسد أو قطعة من اللحم ، تتلقى أوامر ورغبات الزوج ، وهى صاغرة وخاضعة . فالرغبة هى للزوج ، الذى يحدد الوقت الذى يراه ، وما عليها إلا تسليمه جسدها ، وإلا اعتبرت زوجة غير صالحة . فيكون مصيرها غصباً من الزوج ، وعقاباً من الله. لقد أثبتت الأبحاث العلمية والنفسية والاجتماعية ، أن سلوكيات كل من المرأة والرجل هى نتاج لأساليب التربية والبيئة ، أى أنها مكتسبة وليست غريزية فطرية يولد بها الإنسان. إذن لا شىء هناك بالطبيعة ، وعبارة سيمون دى بوفوار : " المرأة لا تولد أمرأة ، ولكنها تصبح أمرأة " ، تشير إلى هذا المعنى. إلست مندهشاً من وضع عضوات مكتب التسوية ، فى محكمة الأسرة ، لأسمائهن فى نهاية اللافتة التى تحتوى على هذه النصائح ، كدلالة على الفخر . فالكثير من النساء بكل أسف ، فى أحيان كثيرة ، يروجن لهذه الأفكار الذكورية البالية أكثر من الرجال أنفسهم ، فهن أكثر تعصباً للمفاهيم الذكورية من الرجال. فالمرأة هنا تقف فى صف منْ يقهرها ، إنها مخدرة بسبب الوصاية الدينية ، والمسلمات الغير انسانية . وأيضا بسبب الخوف على مصيرها . فى علم النفس ، تسمى هذه الحالة " استدماج القهر " ، حيث الانسان المقهور ، يتبنى أفكار " السيد " القاهر ، ويدافع عنها ، بحيث لا يحتاج السيد الى بذل مجهود فى الابقاء على عبوديته ، وقهره . وهذا هو الخطر الأكبر ، فى جميع قضايا التحرير ، تحرير البشر ، وتحرير الشعوب . فالعائق فى كثير من الأحيان ، أن " المسجون " ، يخاف أن يترك سجنه ، بل ويحارب منْ يحاول ايقاظ وعيه المغيب ، وكشف المؤامرة التى تٌحاك ضده . ولهذا تتعطل مسيرة الحرية . ألم يحن الوقت للتخلص من هذه الأفكار والمسلمات ، التى تفرق بين الرجال والنساء ؟؟. ألم يحن الوقت لنفيق من تلك الإغماءة الطويلة ، التى تعوق حركتنا ، وتمنعنا من اللحاق بالأفكار الجديدة فى عالم يلهث نحو التقدم بخطى سريعة ، لن ترحم منْ يتخلف عنها ؟؟؟. و إلا سيكون مصيرنا ليس أحسن حالاً من الكائنات المنقرضة. واذا افترضنا أننا سننقرض ، ما الذى ستخسره البشرية ؟؟؟. من كتاب " أمركة العالم .. أسلمة العالم .. منْ الضحية ؟ " 2007 --------------------------------------------------------
#محمد_فُتوح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تطبيق الشريعة الاسلامية فى بلاد الأمريكان
-
الشرط الأوسط .. الشرع الأوسط .. الشرخ الأوسط الجديد ؟؟!!
-
النقاب أهو معركتنا الجديدة ؟؟؟؟.
-
اختلاف الفقهاء ليس رحمة ولكن تخبط
-
تنويعات على لحن الصمت العربى
-
الفكر الوهًابى الارهابى يجتاح مدارسنا
-
- أمى - وأنا فى مجتمع ذكورى
-
لهذه الأسباب يكرهون ويقهرون
-
الكبت الجنسى وفشل مؤسسة الزواج
-
الزى الاسلامى وخطر السرطان
-
الزواج السياحى ....... نساء للبيع
-
ارهاب التيارات الاسلامية يخدر العقول
-
كيف تصنع ارهابيا ناجحا ؟
-
اطعام فقراء مصر من فضلات القمامة
-
افتراءات رجل ذكورى يدمن الجمود والتعصب
-
أقراص فياجرا أم صواريخ كاتيوشا !
-
غيبوبة لكل مواطن
-
أمركة العالم .. أسلمة العالم .. منْ الضحية ؟
-
مجمع الفقه الإسلامى و - زواج الفريند -
-
عقول ذكورية فى أثواب نسائية
المزيد.....
-
دونالد ترامب يسعى لتنفيذ مخطط تهجير سكان قطاع غزة
-
كيف يهدد قرار ترامب حياة آلاف الفتيات والنساء في العالم؟
-
مصر.. الجمارك تفرض ضوابط رقابية على واردات المنظفات من ألمان
...
-
بسبب الخاتم.. عروس تفسد مفاجأة عرض الزواج
-
خطوات التقديم في منحة المرأة الماكثة في البيت بالجزائر 2025
...
-
-شباب امرأة- و-شمس الزناتي-.. إعادة الأعمال القديمة استثمار
...
-
منظمة الإيسيسكو تعلن استعدادها لتطوير برامج لتعليم الفتيات ب
...
-
ذكاء اصطناعي توقع سرطان الثدي عند مئات النساء سنوات قبل تشخي
...
-
قوات الاحتلال تعتقل 7 فلسطينيين بينهم امرأة من بلدة طمون بال
...
-
إيمان محمد حسن: مصرية اختفت في ألمانيا منذ أكثر من شهر
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|