|
الدولة التقليدية والدولة المُوازية: ترتيبات وتنظيمات المرحلة الإنتقالية
عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 7030 - 2021 / 9 / 26 - 13:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل لدينا في العراق دولة ؟ نعم .. لدينا في العراق دولة. هل تسود العراق الفوضى ؟ هناك شيءٌ من الفوضى ، ولكنّ العراق لا تسودهُ الفوضى التامّة والشاملة. هل يوجد توازن بين الدولة ، وبين "تنظيمات" ما قبل الدولة ، أو التنظيمات "الموازية" للدولة في العراق؟ نعم .. يوجد توازنٌ كهذا . هل هناك "ضابط إيقاع"(خارجي في الغالب)، يقوم بتوزيع الأدوار بين الدولة و"أأشباهها" في العراق ، بحيث لا تنهار هذه الدولة تماماً ، و يبقى "إيقاع" الفوضى في حدود دوره الرئيس لحفظ "التوازنات" الأساسية في ادارة السلطة ، واستخدام القوة ، و توزيع مصادر النفوذ ، وعدم السماح بـ "التقسيم" على اساس جغرافي ، أو إثني ؟ نعم .. يوجد "ضابط إيقاع" كهذا. كان هذا هو الموجز .. وإليكم التفاصيل: - الدولة في الكثير من الكيانات السياسية القائمة ، وفي أكثر من بلد تتعدّد فيه السلطات ، وتتوزّع فيه مصادر القوة وأدوات استخدامها ، يجب أن تكون موجودة وفاعلة وقادرة على "تسريب" أو "تمرير" ، او إعادة توزيع الفائض الإقتصادي . ويتم ذلك عن طريق قانون الموازنة العامة للدولة ، والقوانين الأخرى الضرورية لضبط الإيقاع العام للأداء السياسي والإقتصادي، إضافةً لقدرتها على انتزاع الإعتراف الدولي بها ، كدولة ذات سيادة. - محدودية دور الدولة على الأرض ، لا يعني غياب دورها "الفوقي" .. السياسي والإقتصادي(والإجتماعي أيضاً). - إنّ وجود الدولة"التقليديّة"، هو شرطٌ ضروريّ لإدامة وجود دولة ظل موازية لها. - إنهيار هذه "الدولة" ، ليس من مصلحة "التنظيمات" الموازية لها ، لأنّ هذه التنظيمات تتغذى، أو "تتطفّل" على الدولة، ومواردها الإقتصادية السيادية ، و تنتفِع من تعدّد علاقاتها الإقتصادية والسياسية الدولية. لذا إذا شارفت الدولة على الإنهيار فعلاً ، سارعت التنظيمات الموازية لها لحمايتها بكل الوسائل المتاحة. - وجود دولة"تقليدية" وتعايشها مع تنظيمات موازية لها ، هو"نموذج"، أو نمط قائم (وأحياناً "ناجح") في بعض البلدان التي ما تزال عاجزة عن تجاوز الصعوبات والتحديّات المرتبطة بالمراحل الإنتقاليّة(أي الإنتقال من أنماط إنتاجية واجتماعية متخلّفة، إلى أنماط أخرى أكثر تطورّا). - إنّ دولاً "كبرى" (ومنها الولايات المتّحدة الأمريكية ، والصين ، و روسيا ، وألمانيا ، وبريطانيا ، وفرنسا) تقوم بدعم هذا النموذج "الدولتي" (بشكلٍ مباشر، أو غير مباشر)، أو تغضّ الطرف عن سياسته الخارجية "التوسعيّة" ، وعن ممارساته الداخليّة(المناقِضة لحقوق الإنسان الأساسية) .. أو أنّها تتظاهر بتجاهلهِ ، طالما أن أداءهُ لا يُهدّد (أو يتعارض على نحوٍ خطير) مع مصالحها (الآنية والإستراتيجيّة) ، ولا يُعرقل على نحوٍ جاد سعيها للإستحواذ على حصّة أكبر من الإقتصاد العالمي، والنفوذ الدولي. - لن تسمح هذه الدول "الكبرى" بالإخلال بهذه المعادلة في الوقت الراهن(ولكلّ منها أسبابها الخاصة التي تدفعها لفعل ذلك) .. أي: وجود ضروري لدولة "تقليديّة" ، تتعايش مع دولة ظلّ ، ويقوم بينهما توازن يمنع التفكّك التام للكيانات السياسية والجغرافية القائمة حاليّاً. - يمكن لهذه "التجربة -النموذج"، أو يُسمَح لها بأن تتكرّر في بلدان أخرى، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: السودان ولبنان واليمن وأفغانستان وسوريا ، ودول الخليج العربية كلّها دون استثناء. - لن يُسمَح لهذه "النماذج" بالتشكّل في دول مثل مصر والأردن ، لأنها دول "ضامنة " لأمن اسرائيل ، أو لأنّها تعمل ضمن المنظومة "الإقليميّة" الداعمة لأمنها .. ولا في دول المغرب العربي ، لأنها من دول الجوار الجغرافي لأوروبا. - لا يبدو أنّ هناك بديلٌ الآن عن هذه "الكيانات" القائمة على مثل هذه"الترتيبات" .. وكُلُّ ما يجري في "حاضر" الكثير من بلدان الشرق الأوسط"الكبير" حاليّاً ، يُشير إلى كونه جزءاً رئيساً من "تمهيد" فاعل ، وإعداد مُتقن ، لكي يصبح هذا "النمط" الدولتي"المُركّب" و "المُتعايِش"، هو الشكل الجديد للنظام السياسي الحاكم فيها.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التنمية والنمو والناتج بين زعماء المافيا وزعماء العصابات
-
يعرفني في بغدادَ الليلُ فقط
-
ليس لهذا تحدثُ الأشياءُ لي
-
الفيسبوك و أبو جهل .. و حبلٌ من مسَد
-
قبلَ مُنتصفِ الليلِ بدقيقة
-
يافطات و برلمان و مونيكا
-
ننتَخِبُ مَنْ ، وكيف ، ولماذا ؟
-
لا ضوءَ في هذه الليلة
-
النفطُ يُخفي العيوب
-
الأكاذيب العظيمة .. في العراق العظيم
-
قاموسُ الكلماتِ المُريبة
-
عن التجنيد الإلزامي القديم في العراق الجديد (2)
-
كائناتُ الوقتِ السابقِ، في آخرِ العُمْرِ هذا
-
أنا و طالبان والولايات المتّحدة الأمريكيّة
-
الحياةُ حياة .. ولا شيء آخر
-
إشكاليّات تقديم الحلول للإقتصاد المأزوم في العراق المأزوم
-
الإقتصاد العجيب والأسباب العجيبة في العراق العجيب
-
عادات القراءة بين الأطفال و الشباب في العراق
-
الهروب الأخير من فيصل الثالث
-
إنتاجيّة العلاليك في دوائر الدولة في العراق (1970 - 2021)
المزيد.....
-
غضب وحزن في مدينة صور جنوبي لبنان شبه المهجورة بسبب الغارات
...
-
الغرب في هستيريا: جورجيا تتحدى أوروبا وتدافع عن قيمها التقلي
...
-
الولايات المتحدة تفقد السيطرة على حلفائها
-
الجيش الإسرائيلي: أسقطنا 3 مسيرات هجومية فوق المتوسط ??إحداه
...
-
علماء: معدلات ارتفاع حرارة المحيطات تضاعفت منذ عام 2005
-
مكون في المنزل يهدد الأطفال باستنشاق المواد البلاستيكية الدق
...
-
علماء روس يكشفون عن آلية تشكل -سديم خروف البحر-
-
أكثر من 25 غارة إسرائيلية الليلة على الضاحية وموجة نزوح كبير
...
-
هل بدأ العد التنازلي لحرب موسعة في الشرق الأوسط؟
-
كيف ينعكس التوتر في الشرق الأوسط على الولايات المتحدة مع اقت
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|