أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى الأمير - أغاني الحرب .. مواقف سطحية وأسئلة بدائية العرب والصمود















المزيد.....

أغاني الحرب .. مواقف سطحية وأسئلة بدائية العرب والصمود


يحيى الأمير

الحوار المتمدن-العدد: 1648 - 2006 / 8 / 20 - 11:02
المحور: الادب والفن
    


من منا لم يسمع ويشاهد جوليا بطرس وهي تربط على رأسها بعصابة ملونة، وحيدة أو مع زميلتيها الغاضبتين وهن يرددن رافعات قبضات أيديهن: (وين الملايين.. الشعب العربي وين) مع أن الشعب العربي يكون مشغولاً بالاستماع إلى هذه الأغنية والتلوي على إيقاعاتها الصاخبة إلا أنه لا أحد يملك الجواب، لماذا؟ لأن السؤال الذي تطرحه الأغنية ليس سؤلاً يستلزم الرد وإنما يأتي في سياق الخطابات التي تعرفها الثقافة العربية في مثل هذه الأزمات حيث لا تخرج في كثير من جملها عن تركيب أسئلة تستفسر عن غياب النصرة والدعم والمؤازرة، وأسئلة أخرى عن غياب العزة وإهدار الكرامة وغيرها من مرادفات التناولات العربية الجاهزة لمثل هذه الازمات.
الأغنية العربية في الحرب دخلت في مأزق كبير جداً، والسبب الأبرز والأكثر تأثيراً في صناعة ذلك المأزق أن أغنية الحرب العربية إنما جاءت كامتداد لشعر الحرب العربي بكل عيوبه وصراخه وافتقاده للمنطق وغلبة الصوت النائح عليه، وربما يكون مثل هذا عاملاً مشتركاً في ربما ساعد على قراءة الأغنية العربية بشكل عام ومآزقها التي نتجت عن ارتباطها بالشعر العربي بكل دلالاته ومجازاته ونقائصه، بل أن ارتباطها كان بالزوايا الأكثر تقليدية ومحافظة وتكراراً في الشعر العربي، ولذلك فالأغنية العربية مهما كانت حديثة ومعاصرة إلا أن خطابها مازال تقليدياً وبدائياً.

في الحروب والأزمات التي تخوضها المنطقة العربية تفتح الثقافة موروثاتها الجاهزة لمحاورة المستجدات وتمثل الأغنية العربية إحدى إبرز الوسائل التي شاعت بعد ازدهار الغناء العربي وكانت فترتها الذهبية ابتداء وانتشاراً وغنيت الأغاني الوطنية أول الأمر ضمن الثورة العربية 1952م وحصدت من القبول ما يتلاءم مع روح الثورة التي صادفت مدوناً عربياً وافراً بمثل هذه الأفكار وبمختلف مضامين العزة والفداء، وتكفي الإشارة إلى أن 1217 أغنية وطنية قد واكبت زمن الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر وغنت بها مختلف الأصوات: كارم محمود، فايزة أحمد، سعاد محمد، محمد عبدالمطلب، نجاة علي، محمد رشدي، لكن الأبرز والأكثر شهرة كانت أغاني أم كلثوم والتي لم تخرج شهرتها والحرص الواضح على تسويقها واتخاذها كعنصر دعائي وترويجي عما هو قائم من خطاب مدائحي أو ثوري تقليدي، وبخاصة أغاني مثل: والله زمان يا سلاحي، راجعين بقوة السلاح، يا جمال يا مثال الوطنية، يا سلام على الأمة، وأغاني أخرى جاءت عبارة عن تسويق واضح لا يختلف فيه دور الأغنية عن دور الشاعر العربي القديم في ترويج ما هو قيادي لقبوله شعبياً، كما حدث في أغنية: تحويل السد، وأغنية بطل السلام.

أخذت الأغاني إذن بعدها العربي بسبب مواكب ظهورها لحركات المد القومي التي استهلمت من المدونات وأنماط التفكير التراثي ما تم تطويعه لظروف ومستجدات المنطقة، وأدى هذا بكل وضوح إلى حالة من طغيان روح الشاعر العربي على الأغنية واندفاعاته ورؤاه، ونشطت كثيراً في صعود العسكر لتولي الزعامة في بعض البلدان العربية، إذ علت النبرة العسكرية في الأغنية وانحدرت إلى تناول الأفراد والغناء لهم والتغني بهم وتحويل القيمة الوطنية إلى قيمة فردية، وبخاصة في دول الطوق التي شهد تاريخها مواجهات وعدم استقرار مع إسرائيل تحولت إلى مواد معنوية كبرى للأغنية الوطنية، وظلت الحروب التي خاضتها المنطقة هي المادة العامة، وهنا خيط اتصال بين الثورة التي مثلت عنصراً تكوينياً لثقافات التيارات العروبية في المنطقة، وبين المواجهة مع إسرائيل والتي قامت على أساس بطولي ثوري، لا على أساس ديني، وفي كلتا الحالتين عاشت الأغنية الوطنية العربية ذات العيوب التي انطلقت معها، واعتمادها على خطاب لا يختلف كثيراً عن القصائد التي كتبت في فترة الحروب الصليبية، ومع أن المفترض بالجوانب الفنية والموسيقية أن تسهم في الدفع باتجاه تخلص الأغنية من عيوب مضمونية والالتفات لفنيات غنائية إلا أن ارتهانها للمعنوي تجاوز ارتهانها للفني، وحتى حين أصبحت الموسيقى التي تقوم عليها الأغنية العربية موسيقى غريبة خالصة فإن الأفكار والمضامين التي تحملها مازالت عربية تقليدية ومكررة.

لم يحدث انقسام في خطاب الأغنية العربية الوطنية إلا في مطالع التسعينات حين نشبت حرب الخليج الثانية والتي تمثل شقاقاً بيناً في الخطاب الثقافي العربي وما تتبعه من خطابات سياسية وأدبية، وهنا تحولت الأغنية من بعدها الوطني العربي العام إلى بعدها القطري، الذي كانت عرفته في فترات صعود العسكر ولكنها في تلك الفترة كانت قطرية تنطلق من البعد العروبي، أما في فترة حرب الخليج فكانت قطرية وطنية محدودة في الغالب بالحدود الجغرافية للقطر مع إلحاحها على القيم العامة التي تسوق من خلالها خطابها على أنه هو الأصيل والعميق والمتميز، وهي الفترة التي شهدت فيها الأغنية الوطنية تحولاً يسيراً تمثل في إضافة أبعاد عاطفية وعائلية حميمة تنطلق من روح الوطن والعائلة الواحدة، ومازال الجميع يتذكر أغاني الفنان محمد عبده (هبت هبوب الجنة، دارنا مثل العروس)، كثيراً من الأغاني الكويتية، وأغاني عراقية أخرى يجمع بينها أنها خارجة في المجمل من ذات الانشقاق الذي عاشته المنطقة العربية آنذاك ثقافياً وسياسياً، لكن حالة الصدق والتفاعل العاطفي تبدو أعلى في هذه الأغاني.

لكن للأزمات أغانيها الدائمة، المنطقة من خطاب واحد يصلح لكل الأزمات، ويحمل ذات الروح وذات الاندفاع، ولا يحمل في طياته أياً من أشكال الرشد أو الوعي السياسي أو الوقوف على ما هي حالة الحدث وإنما يتم التعامل مع جميع الحروب والنكبات التي تمر بالأمة بشكل واحد، وافتقار الأغاني إلى حالة الرشد السياسي يجعلها اتصالاً طبيعياً للتفكير السطحي الذاهب للانفلات والردح والهياج من خلال التغني بحالة الإحباط بعد تكثيفها، أو من خلال الإلحاح على الندب والتحسر مع ملامسات سطحية للحالة، ولعل أغاني شعبان عبدالرحيم يمكن أن تكون مثالاً للملامسة السطحية للحالة السياسية، فكل زعيم عربي ستعمل له (خلطة) والدور قادم عليه، وأمريكا مجرد (فتوة) تسرح وتمرح، و(يا عم عربي أصح..) و(بس خلاص).

حتى تلك الأغنية التي حاولت أن تقدم موقفاً عالمياً يتحدث عن الإنسان كقيمة وقعت في حالة التعاطي السطحي مع السياسة والمتغير السياسي، والأوبريت العربي الشهير (الحلم العربي) ربما كان خير مثال على ذلك.

في الغرب تكاد تنحصر الأغاني الوطنية أو القومية في عدد محدد من المغنيين تحضر في شخصياتهم وفي تاريخهم ما يؤهلهم لغناء مثل هذه الأغاني، والإلحاح على قيم ومضامين تتصل بحياتهم،

أما الأغاني الوطنية والقومية فهي جزء من الغناء العام يؤديه الجميع مهما اتسقت أو اختلفت معه تلك الأغاني، هل تعلمون أن الفنان المصري الشاب هيثم شاكر الذي غنى الأغنية الوطنية المصرية الشهيرة التي يقول فيها (أرمي حمولك عليه) هارب من الخدمة العسكرية؟!!



#يحيى_الأمير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتكاسات ثقافية في زمن الحرب .. من يتحدث عن الإصلاح الآن ؟
- حين تندلع الأزمات .. لم يتحدث المثقفون هكذا
- يا وجيهة لو سمحتي ركبيني
- بعد اغتيال الحريري ..وفي حمأة التداعيات .. أين سيقف حزب الله ...
- في المقاومة التقليدية
- أبناؤنا في الفلوجة
- أمام الخراب الديمقراطي العربي .. ملكيون .. أم ديمقراطيون خُد ...
- المجازفات الجهادية .. من رؤية الظرف والمنفعة إلى اتباع صوت ا ...
- حين يتكرر الرئيس .. هل تجازف أمريكا بعلمانيتها
- غـــــــــادتان .. نص الكمد
- في السعودية ..الحرب على الصورة .. الطريق إلى-طاش ما طاش
- خمسة عشر قنبلة بشرية كانت هديتنا للعالم في بداية قرنه الجديد ...
- مرة أخرى .. الانتخابات في السعودية بين وعي المؤسسة والوعي ال ...
- انتخابات في السعودية .. غياب الشرط المدني ووقوع في نواقض الد ...
- باعة الموت في العراق الجديد - دعاوى الجهاد وصوت المافيا المت ...
- اسألوه .. عن زبيبة والملك
- أصدقاء لا يدخلون الجنة
- الأمريكي من سجان بليد في غوانتانامو .. إلى جلاد بغيض في أبو ...


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى الأمير - أغاني الحرب .. مواقف سطحية وأسئلة بدائية العرب والصمود