أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - نايف حواتمة - مقابلة مع نايف حواتمة















المزيد.....


مقابلة مع نايف حواتمة


نايف حواتمة

الحوار المتمدن-العدد: 1648 - 2006 / 8 / 20 - 11:07
المحور: مقابلات و حوارات
    


حاوره: سليمان عبد الله
س1: كيف تقرأ العدوان الإسرائيلي على لبنان الذي دخل الآن أسبوعه الخامس ؟
وقائع العدوان الإسرائيلي الوحشي ومسار تطوره فضحت وبما لا يدع مجالاً للشك، أنه عدوان مبيت وبتواطؤ أمريكي، واتخذ من أسر حزب الله لاثنين من جنوده ذريعة وغطاء للبدء في تدمير البنية التحتية اللبنانية، وترويع السكان المدنيين العزل وفق "بنك الأهداف" المعد على مساحة ست سنوات كاملة، ولو كان الأمر غير ذلك لاختارت حكومة أولمرت وقيادة جيش الحرب والعدوان الإسرائيلي قراراً يقتصر على الصراع مع رجال المقاومة اللبنانية. وأي مراقب متبصر لا بد وأن يلاحظ عدد المرات التي أعيد بها تذخير سلة المطالب الإسرائيلية والأمريكية كشروط لفرضها ثمناً لوقف إطلاق النار، وتوقف إسرائيل عن قصف لبنان بشراً وحجراً وشجراً. ومنذ الأيام الأولى للعدوان لم يعد مطلب استرداد الجنديين الإسرائيليين يمثل أولوية في قائمة المطالب والأهداف الإسرائيلية، لأنها وعلى ضوء ما أعلن من المطالب والأهداف أصبحت أمراً تفصيلياً لا يحسب له حساب، وزيرة الخارجية الأمريكية عبرت عن ذلك بالقول إن الحرب على لبنان تندرج في إطار "مخاض ولادة شرق أوسط جديد"، وأولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي أطلق عدة تصريحات في ذات الاتجاه، بشر فيها بأن وجه الشرق الأوسط سيتغير بعد تكلل الحرب الإسرائيلية بـِ "النصر"، لذلك فإن الوصف الأدق لهذه الحرب العدوانية الإسرائيلية هو أنها ذات بعد إقليمي ودولي مقرر وحاسم بأهدافها المباشرة وغير المباشرة. وكان مخططاً لهذه الحرب أن تَعبر مباشرة إلى قطف ثمار إقليمية ودولية، متجاوزةً حدود حل إسرائيلي لبناني يستند إلى ضمانات تثبيت وقف لإطلاق النار، وتمنع تكرار عملية خطف الجنود الإسرائيلي، وإبعاد مقاتلي حزب الله إلى خارج منطقة الليطاني، تمهيداً لتنفيذ القرارين 1559 و 1680 القاضيين بسحب أسلحة كل الميليشيات بما في ذلك سلاح المقاومة اللبنانية، الذي صنف في القرارين وتفسيراتهما من قبل مجلس الأمن وتيارات لبنانية داخلية كسلاح استنفذ شرعيته بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني (أيار/ مايو 2000)، وكون مزارع شبعا قضية خلافية، من حيث ملكيتها (لبنانية أم سورية)، مع طبخة واشنطن ـ تل أبيب جاهزة منذ حكومة شارون لتسليم مزارع شبعا إلى لبنان شرط دخول الجيش اللبناني واليونفيل حينذاك إليها، وقد أطلق شارون تصريحاً علنياً بذلك، لكن كل هذه الحسابات اصطدمت بالمقاومة الباسلة لمقاتلي المقاومة اللبنانية، فارتدت الجهود الأمريكية والإسرائيلية إلى استغلال التهالك الرسمي العربي والإسلامي، وما مثله من خاصرة رخوة، منعت تشكيل مظلة داعمة ومساندة للمقاومة، يتم من خلالها تثمير الصمود اللبناني منقطع النظير بانتصار سياسي، رغم تطور المواقف الرسمية العربية بالقياس على الأيام الأولى، بفعل مجازر الأطفال، وصمود المقاومة، وبدايات نهوض الجماهير العربية، ولا أدل على ذلك من رفض وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا في بيروت توجيه مجرد تحية إلى المقاومة اللبنانية التي كسرت اتفاقات 1985 الإقليمية العربية بحصر المقاومة فقط بأمل وحزب الله، واتسعت الآن بمقاومة الأمر الواقع لتشمل من جديد الشيوعيين، والقوميين الاجتماعيين بجنوب لبنان، وصمودها وتضحياتها، وفي خذلانها للمقاومة اللبنانية كررت الرسميات العربية ما فعلته مع المقاومة الباسلة في فلسطين والعراق. وهي بذلك (أي الرسميات العربية) توجه رسالة واضحة إلى المقاومين العرب في فلسطين ولبنان والعراق، فحواها أن هذه الرسميات قد حسمت خياراتها، ولم تعد بوارد دعم ما تسميه صراحة بـ "المغامرات غير المحسوبة"، وهذا يملي على قوى المقاومة أن تأخذه بعين الاعتبار في حساباتها، وأن تعتمد أولاً وأخيراً على قواها الذاتية، وحمايتها بسياج الوحدة الوطنية الائتلافية، وهذا الدرس الكبير الأول الذي على فصائل المقاومة الفلسطينية استيعابه والعمل به من جديد الآن وليس غداً. من هنا لا يبدو مفهوماً موقف بعض القوى الفلسطينية المعطلة لتنفيذ وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني، طريق إعادة الاعتبار للعمل الفلسطيني المشترك، وبناء الوحدة الوطنية، وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية ائتلافية، ومغادرة سياسة الاحتكار والاحتكار البديل للسلطة، وتمزيق وحدة المقاومة في مواجهة الاحتلال تحت شعار "سلطة ومعارضة" بالنقيض من قوانين حركات التحرر الوطني، وآخرها الآن تجربة لبنان .
لقد كشفت هذه الحرب عن إرادة المقاومة الباسلة لدى كل الشعوب العربية، واتساع جبهة معاداة الحروب على مساحة كل شعوب الكرة الأرضية المحبة للسلام، وفي ذات الوقت كشفت عن هشاشة وعقم النظام الرسمي العربي والإسلامي، وغياب الموقف الدولي الفاعل لغياب التعددية القطبية، وسطوة الولايات المتحدة الأمريكية على الأمم المتحدة، وتعطيل دورها تحت ضغط القرارات الانفرادية، والإصرار على تمرير مشاريعها للهيمنة على مقدرات الشعوب، والمس بأمنها واستقرارها ووحدتها. وهذه المرة خاضت الولايات المتحدة الأمريكية المعركة بالأصالة عن نفسها، واحتكرت قرارها، والدور الإسرائيلي فيها أقرب إلى كونه تنفيذياً، ومندرجاً في إطار السياسة الكونية الأمريكية، التي تحفظ لإسرائيل والمصالح الإسرائيلية التوسعية مكاناً محورياً ومركزياً.
وبرأينا أن صدور القرار 1701 بعد شهر من تعطيل واشنطن للشرعية الدولية، لا يشكل مدخلاً لحلول شاملة ومتوازنة، ويقوم على تفكيك مسارات الصراع العربي ـ الإسرائيلي، والفصل بينها بحلول جزئية ثنائية، ويمثل استمراراً للسياسات الأمريكية الخرقاء الداعمة للعدوان الإسرائيلي، ومع تأييدنا لكل قرار يوقف الحرب الدموية على الشعب اللبناني الشقيق، نؤكد على حقيقة أثبتتها السنوات الستون الماضية، وهي أن الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق، إلا إذا طبقت كل قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالصراع العربي والفلسطيني ـ الإسرائيلي، والقاضية بانسحاب إسرائيل من كل الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة في عدوان الخامس من حزيران/ يونيو 1967، واستعادة الشعب الفلسطيني لكامل حقوقه المشروعة في العودة وتقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة والسيدة على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967 بما فيها القدس، لتكون خاتمة لهذه المرحلة من الصراع، لنعبر إلى الحل التاريخي لجوهر وجذور الصراع، بإقامة دولة ديمقراطية موحدة على كامل فلسطين التاريخية، تنتفي منها الصهيونية التوسعية، ويعيش فيها الجميع على أساس المساواة القومية.
س2: هل لهذا العدوان علاقة بالمشروع الأمريكي الهادف إلى إقامة شرق أوسط جديد يبدأ بلبنان، وما هي إمكانيات نجاح هذا المشروع أو فشله ؟
أشرت في إجابتي على السؤال الأول إلى أن هذه الحرب العدوانية الإسرائيلية كان مقدراً لها أن تكون القابلة القانونية لإعادة استيلاد مشروع الهيمنة الأمريكية المسمى "الشرق الأوسط الكبير".
وتحاول واشنطن إعادة الروح لمشروعها الشرق أوسطي، مستخدمةً بذلك الحرب الإسرائيلية على لبنان لتحقيق قوة الدفع المطلوبة، يجب تجنب الوقوع في محذور الاستسلام لوطأة الواقع في الوطن العربي والعالم المسلم الراهن ومخيباته، كما تجلى بالمواقف الرسمية العربية والإسلامية الحاكمة من العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان، بدعوى الواقعية، لأن هذا يجعل من النظرة التحليلية لأزماتنا من هذا المنطلق أزمة بحد ذاتها، كونها تضع نفسها في إطار سكوني يفتقد لرؤية التغيير وروحه، وغالباً ما تصل إلى نتائج خاطئة أو منقوصة، الجامع بينها قولها بعبثية المراهنة على الحراك المجتمعي الداخلي ، وهذا سيقود بالنتيجة إلى القول باستحالة التغيير الذاتي ، والتسليم بأحقية فرض الإصلاحات من الخارج، بما في ذلك خيار الحروب العدوانية، التي ادعت واشنطن وتل أبيب بأنه المدخل الوحيد لتحقيق ذلك من خلال القضاء على ما تسميانه بـ"الإرهاب".عدا عن كونه يكافئ المعتدين الإسرائيليين والأمريكيين على عدوانهم، ويبقى أن نسجل للتاريخ أن ما حققته المقاومتين الفلسطينية واللبنانية في مواجهاتهما للعدوان الإسرائيلي ملحمة سيسجلها التاريخ، وفرصة ذهبية أضاعتها على الشعوب العربية الرسميات العربية والإسلامية الحاكمة، في تحقيق انطلاقة كبرى في مواجهة مشاريع الهيمنة الأمريكية والتوسعية الإسرائيلية.
وبالعودة إلى "مبادرة الشرق الأوسط الكبير " التي كشف عنها الرئيس الأمريكي في السادس من شباط/فبراير 2003، في خطاب له أمام "صندوق الوقف القومي للديمقراطية"، ونشرت بعد ذلك بشكل رسمي في السادس والعشرين من ذات الشهر، لا بد وأن نلاحظ تقاطعها الكبير مع "مبادرة الشرق الأوسط الجديد"، التي أطلقها شمعون بيريز،ضمن كتاب له في العام 1993 (راجع كتب حواتمه: "أوسلو والسلام الآخر المتوازن"، "أبعد من أوسلو … فلسطين إلى أين ؟"، "الانتفاضة ـ الاستعصاء")، حيث طالب شمعون بيريز صراحة بتحويل جامعة الدول العربية إلى منظمة شرق أوسطية تضم إسرائيل وبعض الدول الإقليمية الأخرى في إشارة واضحة إلى تركيا، إيران، باكستان، والفارق الأساسي بين المشروعين هو اتساع حدود المشروع الأمريكي، الذي يعيد تعريف منطقة الشرق الأوسط، ليدخل فيها كل بلدان العالم العربي، وأفغانستان ،باكستان، إيران، تركيا والقرن الإفريقي، مع ملاحظة أن ما يتعلق بالدور الإسرائيلي في الخطة الأمريكية يتفق تماماً مع ما طرحة شمعون بيريز في خطته، و"إلغاء جامعة الدول العربية" وإحلال "جامعة الشرق الأوسط" بديلاً لها، ما يعني أن الخطة الأمريكية ولدت من تؤامتها مع الخطة الإسرائيلية.
وفي سياق المراجعة نلاحظ أيضاً أن كلا المبادرتين تقفزان عن أولوية تحقيق تسوية سياسية شاملة ومتوازنة للصراع العربي – الإسرائيلي، كشرط لازم في تحقيق الديمقراطية والتنمية، وما يشكله استمرار احتلال إسرائيل للأراضي العربية وتنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني من عامل تفجير دائم وفاتحة لحروب لا تنتهي. وبديلاً لذلك راهنت الإدارة الأمريكية على إمكانية فرض مشروعها من خلال استمرار زخم اندفاعها العسكري، ونجاحه في العراق وأفغانستان، ولكن ذلك أنتج فشلاً ذريعاً، وهو ما حاولت واشنطن تجميل صورته من خلال إمساك قرار الحرب الإسرائيلية المفتوحة على لبنان. و من الواضح حتى الآن بأن الأمور في هذه الحرب الدموية الجديدة لا تسير كما تشتهي السياسات الأمريكية والإسرائيلية. ولذا يتركز الضغط على قرار مجلس الأمن يعكس بشكل أساسي "المصالح الإسرائيلية في جنوب لبنان أو المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وهذا يتمثل الآن بالقرار 1701 الذي تم التصويت عليه "بالإجماع" بما فيه المندوب الرسمي العربي في مجلس الأمن.
ومع الإقرار بأن الاندفاع العسكري الأمريكي والإسرائيلي يفضح الجانب الأكثر بشاعة في السياسيتين التوأمين الأمريكية والإسرائيلية، القائم على توظيف القوة والقدرة العسكرية في فرض المخططات الأمريكية الإسرائيلية لإعادة رسم الخارطة الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط، بما يلبي مصالح الإمبراطورية الأمريكية وتابعتها إسرائيل. يجب أن نقر بأن الإصلاح الشامل في البلدان العربية وخصوصا في حقول السياسة والحريات والقوانين الديمقراطية، والاقتصاد بات ضرورة ملحة ولازمة للمحافظة على الاستقرار والاستقلال وكشرط للتنمية، بما يتطلبه ذلك من تغييرات بنيوية جذرية أساسها ديمقراطية تؤمن أوسع مشاركة سياسية تضمنها قيام دولة المؤسسات والقانون والشفافية . وبأن الموقف من المشروع الأمريكي لا ينطلق من رفض الإصلاح والتغيير من حيث المبدأ، بل على العكس من ذلك تماما، مع الأخذ بعين الاعتبار أن نجاح أي عملية إصلاح حقيقية يشترط تحقيق المصلحة الوطنية أولا، وهذا ما جاءت به "وثيقة الوفاق الوطني وآلياتها التنفيذية" بعد حوار أربع سنوات مُرّة في صف الشعب والفصائل الفلسطينية، وما زالت الخطوات العملية معطلة منذ 27 حزيران/ يونيو حتى يومنا، وهو ما يطرب واشنطن ـ تل أبيب، وكل هذا تقفز عنه المبادرة الأمريكية .
س3: كيف ترى موقف الأنظمة العربية من الحرب الإسرائيلية ضد لبنان، وما رأيك بقرارات وزراء الخارجية العرب ؟
أصبح معروفاً للقاصي والداني حالة العجز عن الفعل، وتهالك النظام الرسمي العربي، وما بات يمثله من حالة رخوة لا تصمد في شل مشاريع الهيمنة الأمريكية، وقمع لتنامي المد الشعبي العربي الداعم للمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، وقرارات مجلس وزراء الخارجية العرب التي أتت متأخرة لأكثر من شهر على الدمار المتواصل واليومي لأرض لبنان، وأكثر من ألف قتيل، وعشرات الآلاف من الجرحى (أطفال، نساء، شيوخ)، ومجازر وحشية في قانا وصريفا وصور والنبطية والضاحية الجنوبية وبعلبك … الخ، تذكرنا بالخذلان الرسمي العربي لمحنة شعبنا الفلسطيني المستمرة منذ ما بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، وخاصة منذ الغزو الشامل للبنان عام 1982 رغم المقاومة الشجاعة في مواجهة قوات الاحتلال ببيروت، وعلى مساحة 88 يوماً في الصراع ومنع جيش الاحتلال من دخول بيروت البطلة، وإلى المقاومة المتعددة، المسلحة والجماهيرية للانتفاضة الكبرى الأولى والثانية المجيدة في الأرض المحتلة حتى يوم الناس هذا، إنه غياب الفعل حتى في إطار المواقف الإعلامية الدعاوية.
لأول مرة يقع شبه توحد في مواقف النظام الرسمي العربي، والمفاوقة المرّة أنه إجماع ضد المقاومة وإرادتها، ودعم شبه علني لاستمرار العدوان الإسرائيلي وتبريره، ولهذا النظام الرسمي العربي هو المسؤول الأول عن تنامي الروح العدوانية الإسرائيلية المدعومة أمريكياً، وحصار الشعب الفلسطيني وتجويعه. وترك آلة الحرب الإسرائيلية تُعمل قتلاً وخراباً وتدميراً في لبنان. وتبعاً لذلك قرارات اجتماع وزراء الخارجية العرب جاءت في محاولة للتنفيس عن مأزق النظام الرسمي العربي، الذي زاد وتعمق على وقع الصمود البطولي لرجال المقاومة الوطنية اللبنانية، وانعكاس ذلك على الداخل اللبناني، حيث توحد الشعب اللبناني بمختلف انتماءاته على رفضه للعدوان، ودعم حق المقاومة اللبنانية في مواجهة الحرب الدموية الإسرائيلية. والمنطق يقول بأن التعديلات التي أدخلت على القرار الدولي 1701 تحققت بفعل صمود المقاومة وليس بفعل شيء آخر.
س4: هناك غضب عارم في الشارع العربي من الحرب على لبنان، واستياء من موقف الأنظمة العربية، كيف يمكن تثمير هذا الغضب إلى مواقف عملية وملموسة ومؤثرة ؟
عندما تُمسك الشعوب العربية بيدها ناصية مستقبلها، وتعبر بشكل منظم عن إرادتها وتعلي صوتها.
تجارب ستين عاماً من النضال تؤكد لنا أنه لا يمكن تجاوز سقف القمع الرسمي العربي إلا من خلال مؤسسات شعبية عربية، تكون بمثابة جبهات متحدة لكل القوى السياسية الوطنية على اختلاف طيفها الإيديولوجي والقومية والديمقراطية المتحدة مع حركة الشعب، والمعبرة عن طموحاته ومصالحه وقضاياه الوطنية في مواجهة مشاريع الهيمنة الأمريكية والتوسعية الإسرائيلية. طريق الخلاص جبهات وطنية عريضة ببرنامج سياسي موحّد واقعي وعملي وآليات تنفيذية موحدة، وانتخابات وقوانين ديمقراطية توحيدية وفق التمثيل النسبي الكامل بدلاً عن القوانين الانقسامية الاحتكارية القائمة عندنا وفي البلدان العربية جميعاً.
س5: إذا تم التوصل إلى اتفاق سياسي بين لبنان وإسرائيل، وتم حل الأزمة، ما هي الانعكاسات المحتملة لذلك على الساحة الفلسطينية في الأراضي المحتلة، وما هي انعكاساته على الوضع الفلسطيني في لبنان ؟
إدراكاً منها لحقيقة أن القضية الفلسطينية كانت وستبقى جوهر الصراعات في المنطقة، حاولت حكومات إسرائيل، وفعلت كذلك واشنطن في غزوها للعراق، جعل الفلسطينيين يدفعون ثمن نتائج المعارك، حتى ولو لم يخوضوها. الأمريكيون أرادوا أن ندفع ثمن احتلال الكويت، ومن ثم حرب الخليج الثالثة التي انتهت باحتلال العراق، و"إسرائيل" حاولت من خلالها حربها الدموية على لبنان أن تقطف ثماراً سياسية على الجبهة الفلسطينية، لكن أقول مهما كانت نتائج الحرب على لبنان، إنجازات وإخفاقات المقاومة اللبنانية الباسلة، فإن نضال الشعب الفلسطيني سيستمر ويتواصل ويزداد رغم كل شيء، ما بقي جندي أو مستعمر إسرائيلي واحد على الأرض الفلسطينية، مع رؤيتنا للقادم علينا من تداعيات القرار الرقم 1701 المنحاز وغير المتوازن على المسار اللبناني ـ الإسرائيلي، وفصل أي ترابط بين جبهات المقاومة والصراع السياسي على عناصر الصراع العربي/ اللبناني/ الفلسطيني ـ الإسرائيلي الصهيوني. ولا حل إلا بإقرار إسرائيل بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، هذا ليس كلام إنشاء، بل عصارة تجربة ما يناهز القرن من نضال شعبنا في مواجهة المخططات الإسرائيلية والصهيونية والمتصهينة. وشرط النصر الآن تطبيق وثيقة الوفاق الوطني وفي المقدمة حكومة ائتلاف وطني عريض، برنامج سياسي موحّد، جبهة مقاومة موحدة، إلغاء المشاريع الاحتكارية الفئوية، إشاعة الثقافة والقوانين الديمقراطية على قاعدة التمثيل النسبي الكامل.
والمطلوب من أجل ذلك أن نعزز صمود شعبنا ومقاومته فوراً ودون إبطاء، في تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني، بما تمثله من سلاح بيد أبناء شعبنا في مواجهته السياسات الدموية والعدوانية التوسعية الإسرائيلية. الإسرائيليون ومن ورائهم الأمريكيون يحاولون اليوم البحث عن نصر سياسي، يذهب بعضاً من زلزلة الأرض اللبنانية تحت أقدامهم، وكسر هيبة قوة الردع المفرطة الإسرائيلية في لبنان، بإرادة المقاومة في لبنان تحطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وقبلها تحطمت هذه الصورة على أيدي أطفال الحجارة ورجال المقاومة في فلسطين، وحرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973 على يد الجيوش العربية التي خذلتها فيما بعد القرارات السياسية الخاطئة. إسرائيل أرادت أن ترمم أكذوبة سطوتها وقوة ردعها من خلال سحق المقاومة اللبنانية، ولكنها فشلت فشلاً ذريعاً. ولا يغير من هذا شيئاً القرار 1701 الذي جاء منحازاً وغير منصف تحت تأثير الضغوط الأمريكية، والذي يقرر فرض حلول على لبنان ليست في صالح قوى المقاومة والصمود داخل لبنان وفي المشرق العربي.
بالنسبة للوضع الفلسطيني في لبنان، كررنا مراراً قبل اشتعال الحرب الإسرائيلية على لبنان، وحتى قبل صدور القرار الدولي 1559، أننا مع حل تفاوضي مع الحكومة اللبنانية، يضمن أمن أبناء شعبنا في المخيمات، وحقهم المشروع في النضال من أجل عودتهم، ونحن ضد كل مشاريع التوطين وإعادة التهجير، ومع رفع الغبن والضيم الواقع على أبناء شعبنا في مخيمات لبنان، حتى لا يستمر حرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية والاجتماعية. سلاح أبناء شعبنا في مخيمات لبنان تحت سقف الشرعية اللبنانية، ولم ولن يوجه إلا لتحقيق هدف حماية أمن أبناء شعبنا، الذين عانوا من أهوال المجازر والمذابح، لذلك ندعو إلى مواصلة الحوار وصولاً إلى اتفاق يحفظ مصالح أبناء شعبنا، وبما ينسجم مع احترام السيادة اللبنانية.




#نايف_حواتمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وثيقة الوفاق الوطني ..إعادة الاعتبار للبرنامج الموحَّد والعم ...
- رسالة إلى حواتمه من اللاجئين الفلسطينيين في العراق
- رسالة إلى الغالية هدى
- فلسطين المحتلة - بين صراع سلطة الرأسين.. وبين قوانين الخلاص ...
- فلسطين المحتلة بين صراع سلطة الرأسين.. وبين قوانين الخلاص ال ...
- قضية القضايا الفلسطينية: لا لإحتكار السلطة … والائتلاف الوطن ...
- حوار مع الأمين العام نايف حواتمه مبادرة إعادة بناء منظمة الت ...
- يترجل الفرسان وتبقى رايات النضال من اجل العودة خفاقة
- اليسار الديمقراطي وآفاق التطور والإحياء التقدمي
- حوار مع الأمين العام للجبهة الديمقراطية الرفيق نايف حواتمه
- حواتمة : نرفض الإنقلاب عسكريا على نتائج الإنتخابات التشريعية
- التشتت الداخلي بين القوى الديمقراطية لعب دورا كبيرا في النتا ...
- حواتمه في حوار حول نتائج الانتخابات التشريعية
- حواتمه يجيب على اسئلة الصحافة
- خمس سنوات على انتفاضة الحرية والاستقلال ..
- نايف حواتمه في حوار شامل مع صحيفة -الثوري- اليمنية :
- إعادة بناء وإصلاح مؤسسات السلطة ينقل شعار -شركاء في الدم شرك ...
- نايف حواتمه : المشهد الفلسطيني امام تحدٍ خطير
- شارون يقايض غزة بالقدس.. و قيادات حماس والسلطة مسؤولتان عن ف ...
- حواتمة في حوار شامل حول آخر التطورات في الساحة الفلسطينية


المزيد.....




- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - نايف حواتمة - مقابلة مع نايف حواتمة