|
قراءة في بعض أفكار جيدو كريشنا مورتي
طارق علي الشِّيخ خضر
الحوار المتمدن-العدد: 7028 - 2021 / 9 / 23 - 15:12
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تمهيد: ربّما البعض مِمَّن قرأ عنوان هذا المقال ترائى له في البداية بأنه مُقبِلٌ على قراءة مقالٍ عن أحد الشّخصيات الدينية الهندية، أو شخص مُقربٌ من إله الهندوس في الهند. لربما يكونُ مُحقاً نوعاً ما، فجيدو كريشنا مورتي هو مُعلِّمٌ هندي الأصل ولكنَّه نشأ في بريطانيا و أمضى معظم حياته متنقِّلاً في العديد من البلدان حول العالم في إلقاء حواراته والإجابة على أسئلة الكثير من النّاس أو الباحثين في التّجربة الروحية أو الدَّاخلية إن صحَّ التعبير. التّعامل مع رؤى مورتي ووجهات نظره يتطلّب الكثير من الدِّقة من وجهة نظري، لأن من يقرأ مؤلفاته بعمق وتمعُّن والتي هي بالمناسبة أغلبها تدوينٌ للكثير من الجلسات الحوارية الخاصة به، سوف يجد بأنّه كان حذراً جداً في استخدام اللغة والمفردات خوفاً من ألا يُسَاءَ فهمه وتأويل حديثه. لماذا نحن بأمَسِّ الحاجة إلى مقاربة فكرية للحياة والعالم في وقتنا هذا كمقاربة مورتي؟ إن القارىء المتمعِّن في كُتب وحوارات مورتي، سوف يلحظُ العديدَ مِن طُرق الطَّرح أو المُقاربَة الغير مألوفة في أحاديثه، أهمُّها أنَّهُ لا يتحدث عن فئة معينة من البشر أو عرق مُعيَّن أو سُكَّان محددون، بل مقاربته شمولية بشكلٍ كامل، ما معنى هذا الكلام؟ أي إنَّه حين يقول إذا لديك مشكلة فالمشكلة هي مشكلتي أيضاً ومشكلة هؤلاء ومشكلتها هيَ أيضاً، أي المقصود هنا بأننا نحن البشر مشاكلنا ، هواجسنا، أحزاننا واحدة لا انفصال بيننا. وقد يتسائل القارىء مستغرباً للوهلة الأولى وهذا من حقِّه، وماعلاقتي بمشاكل النَّاس وماعلاقتهم بمشاكلي، وماهي الصِّلة بيني أنا الشخص المقيم هنا مع ذلك الشَّخص المقيم في بلدٍ آخر؟ ههنا نستيطع الإجابة على تساؤل القارىء مدعومين بثقةٍ إنسانيَّةٍ عالية من أفكار مورتي الرَّفيعة المستوى القائل فيها :"لا انفصال بينك وبين أحدٍ أبداً، فمشكلتك هي مشكلة أخيك ومشكلة صديقك ومشكلة العالم أيضاً، ولن تبدأ عمليَّةُ الفهم لديك بالعمل بشكلٍ صحيح حتَّى تفهمَ وتعيشَ هذه الحقيقة، بأنَّك أنتَ العَالم". ومن هنا أريد أن أضيف توضيحاً مُهِمَّاً على فكرة مورتي بأنَّ هذا الإدراك الكامل لن يتحقَّق دون الشعور بالمسؤولية الكاملة تجاه أي موقف في الحياة وتجاه عالمنا وكوكبنا الذي نعيش فيه والذي فيه من التهديدات على الصَّعيد البيئي والنَّفسي ما لا يُعدُّ ولا يُحصى . سأتناول الموضوع من بدايته وحتى الخاتِمة من وجهة نظر مورتي وباستخدام أدواته البحثية، فهو اعتاد أن يشير إلى نفسه بلقب "المتحدِّث" أو "The Speaker" للإشارة إلى نفسه عندما يتحدث. فهو يؤمن بشيء أنَّه لا يوجد أحد أو شيء بداخلنا ، والذي يشكِّل الأنا الخاصَّة بنا إنَّما هي محموعة الإيديلوجيات والقصص والروايات التي نرويها عن أنفسنا ونؤمن بشِدَّة أنها تمثلنا. ذكائُهُ الحاد وتواضعه الشديد دعاه لتجنَّب في الكثير من الأحيان التطرُّق إلى استخدام ضمير "الأنا" تحت أي ظرف. من وجهَةِ نظره ليس هنالك جوابٌ واحدٌ خاصٌ بالجميع، بل هنالك السُّؤال الصحيح الذي نطرحه فيتجلَّى الجواب أمامنا بشكلٍ طبيعي. 1- لماذا الحقيقة هي أرضٌ بلا طريق؟ "أنا أُصِرُّ على أن الحقيقة هي أرضٌ بلا مسار، ولا يمكنك مقاربتها بأي مسارٍ مهما كان، بأي دين، بأي طائفة" يقولُ مورتي. قد تكون هذه واحدةً من أكثر العبارات التي يعتبرها القارىء والباحث معاً أنها تحمل التباساً كبيراً، فهي تارةً تبدو سهلةً وواضحةً للفهم الأولي، وتارةً تبدو غامضةً ومبهمة. والسؤال الذي يُطرحُ مباشرةً بعد هذه العبارة كيف أن أدرِك أو أُقارِبَ الحقيقة؟ للإجابة على هذا السؤال يقتضي منا الدخول أكثر في أعماق ما ذكره مورتي في حواراته ومحاضراته. تجنّبَ مورتي كثيراً إتِّباع أيٍّ من المذاهب والتَّوجهات، لأنَّه دعا إلى رفض فكرة الرَّسولية أي إتباع أي مُعلّم أو شخص دَعَوي، واكتفى بإيضاح أهميَّة أن يُراقب الفرد كل أحكامِه المُسبقة عن أي شيء، وأن يُحاول أن يرى الأمور من جانب المراقب الحيادي، المُتجرِّد من كُل شيء. النتيجة الأولية التي تحدَّث عنها هي في أنَّكَ سترى بنفسك أنَّكَ لستَ بحاجة إلى ذلك المعلم أو المرشد أو ال(Guru) على حدِّ تعبيره حتى هو نفسه، لن تعودَ بحاجته، وهو يُصر على أنّكَ في الأساس لستَ بحاجةٍ لأحد لجعلك ترى أو تُدرك أو تعيش مثل هذه الحالة، لولا تِلكَ الأيديولجيات الدينية والسياسية الإجتماعية، والبُنى الثقافية التي ارتبطت بالفرد ارتباطاً عضوياً كصورته التي ينظر إليها في المرآة، حتى بات الفرد في عصرنا الحالي لا يكاد يفرِّقُ بين الفكرة وبين نفسه. ولذلك هنا تتلخَّص عبارة مورتي عن الحقيقة في الفكرة الآتية أنَّهُ ليس هنالك طريق أو سبيل واحد للحقيقة أو الله أو سِمِّها كما شئت للوصول إليها، فهي كما قال أرضٌ لاطريق لها، أرضٌ قد تكون أنتَ أو أنتِ أو هو أو هي تقفونَ عليها ولكنَّكم لم تدركوا ذلك بعد. ولهذا الحقيقة من وجهة نظره تتجَّلى في الفهم الكوزمولوجي للفرد وللوعي الخاص به لكل ما يشاهده سواء كان بعيداً أم قريباً منه. 2- العالَم هو "نحنُ": يرى مورتي بأننا نحنُ كوَنَّا العالم الذي نعيش فيه على صورتنا الدّاخلية، والتي جاءت من إسقاطاتنا النَّفسية على الواقع الذي نعيش فيه، وبمعنى أدّق هو نتيجة لتجاربنا النّفسية. من وجهة نظر مورتي بأنّ الفرد نفسه هو الفكرة وهو الشعور وهو الهاجس وهو كلُّ شيءٍ يمرُّ به ، ولكن كيف لنا أن نفهم هذا؟ إذا تأمّلنا قليلاً أفكارنا وآرائنا عن أي موضوع سوف نجِدُ كم نحن متشبِّثين بها لدرجةِ أنَّهُ إذا ماحاول أحدٌ الحديثَ عن أفكارنا أو انتقادها ألا وكأنَّهُ ينتقدنا نحن أنفسنا شخصياً، أي أصبحت الأفكار مُلاصقة للإنسان لدرجة أنَّها هي الإنسان نفسه. ولكن السؤال هنا المطروح هنا بشكلٍ مستمرٍ: في الأصل من نحن؟ وهذا يأخذنا إلى سؤال آخر ماهو العالم؟ بحسب مورتي العالم هو شيءٌ لاينفصل عنَّا، فالعالم هو أنا وأنت وهو وهي ، مشكلاته أنا وأنتَ سببها، لذا إذا أردنا حلَّ أيةِ مشكلة فعلينا الذهاب إلى جذر المشكلة الأساسي. فهو يؤمن بأنَّ أسباب معظم مشاكل البشر التي تحدث فيما بينهم يرجع لعاملين أساسيين جداً، أولهم سوء الفهم الذي يحدث نتيجة اللُّغة والكلمات التي نستخدمها، وثانيهم هو الإنقسام الكبير الموجود بيننا وبين الآخر، بيننا وبين العالم. ولذلك إذا أردنا بالفعل نزع الغطاء عن الشيء الغامض وفك رموز أيَّة مشكلة تواجهنا، علينا بمراقبتها وتأمُّلِها بشكلٍ مُجرَّد ، وهنا يقصُد بتأمُّل المشكلة أي طرح الأسئلة الصحيحة بشكلٍ صادقٍ وأمين مع النّفس للوصول إلى الجواب، والمقصود هنا بالتَّأمُّل ليس فقط الجلوس والقيام به، بل مراقبة الشيء أو الفكرة أو المشهد، لأن المُراقِب هو الشيء المُراقَب. يقولُ مورتي:"إنَّ التَّحرُّر الحقيقي هو حرية داخلية للحقيقة الإبداعية، وهذه ليست هِبة بل هي شيءٌ يُكتشف ويجرَّب". إنَّ أحدَ أهمِّ أسباب غياب الطَّاقة الإبداعية لأي إنسان هو عدم تحرُّر العقل، وهذا يسبِّب شعور كبير بالتَّقييد والمحدودية في التَّفكير، فقد تُصبح نِقاش أيَّة فِكرة خارج منظومة تفكيره ومعتقداته غير صحيحة أو خاطئة بالنِّسبة له. لهذا كانت دعوة مورتي للتَّحرُّر من المعلوم أي من الأحكام والصورالسَّابقة أو من المعرفة القبلية بعبارات كانط الفلسفية. هذا التَّحرُّر هو الذي يفسح المجال للعقل ليرى المشهد أمامه كم هو ويستطيع أنا يُلاحظ التَّغيير المُستمر لهذا المشهد. 3- الوَعي الغير مُختار: تعدُّ هذه واحدةً من أهم وأكثر النِّقاطِ عُمقاً في أحاديث مورتي لأنَّ مُعظم أفكاره وآراءه بُنيَت حول مفهوم الوعي والفهم الحقيقي للأشياء كما هي عليه أو كما هي موجودة كما يقول سارتر والوجوديون وليس كما نريدها نحن. إذاً ماهو الوعي؟ بحسب مورتي:"الوعي هو الملاحظة الصامتة وغير المختارة لما هو موجود. في هذا الوعي ، تظهر المشكلة كما هي ، وبالتالي يتم فهمها تمامًا". هذا بخصوص الوعي ، ولكن الأهمُّ من كل شيء ماهو الوعي الغير مختار، وكيف نفهمه أو نُقارِبُه بشكل شخصي وفردي؟ "عندما تكونُ واضحاً جِدّاً، ليس هنالك حاجةٌ للإختيار." بهذه العبارة يبدأ مورتي بحديثه عن ما يُدعى بالوعي اللامختار. ومن ثم يتابع بطرحه سؤالاً آخراً :ماهو التّركيز؟ أن تركِّز على شيء ما أو على صورة أو أن تُركِّز كل طاقتك على نقطةٍ محدَّدة. في التَّركيز يوجد هنالك شيء واحد وهو الفرد الذي يحاول أن يُركِّز، وفي ذلك التَّركيز هنالك جُهدٌ وتحكُّم، لذلك يوجد لدينا المتحكِّم والمتّحكَّم به، وهذا ما يعني وجود انقسام. "أينما يوجد الانقسام ينبتُ الصراع معه" يقولُ مورتي. ولهذا لفهمِ الإنقسام يجب أن نكون في حالة عاليّة جداً من الانتباه حيث نراقِبُ فيها كل مايحدثُ أمامنا في اللَّحظة الحالية، وألّا نتسرَّع بردودِ أفعالنا لأنها غالباً ستأتي مباشرةً من الماضي، وهذا يعني أنَّها تحمل أحكاماً وبالتَّالي سوف يتسلّلُ الانقسام شيئاً فشيئاً إلينا. لهذا ليس فقط علينا أن نتحدَّث عن القيم الإنسانية بل أن نتبنَّاها في حياتنا، والسؤال الأبرز هو كيف نستطيع تبنِّي هذه القيم؟ في اعتقادي بأن أي شخص لا يستطيع الدِّفاع عن أي شيء إن لم يكن يؤمن به، وإيمانك بالقيم الإنسانية يأتي حين تَعي تلك القيم وتُدرِكُ أهمِّيَتها وجمالها. "لكي يظهر الجمال في حيِّزِ الوجود، يجب أن يكون العقل مدركًا "لا اختيارياً" لتفاهته ، أي يجب أن يكون هناك وعي حيث تَتَوقَّفُ فيه المقارنةُ تماماً". 4- آليَّة عَمل التَّفكير: قبل أن نبدأ في الحديث عن آليَّة التَّفكير، دعونا نطرح سؤال ما هو التَّفكير؟ التَّفكير بحسب مورتي هو الذي يُكوِّن "الأنا" الخاصَّة بكل إنسان والتي يدورُ حولها كلُّ أفعالنا وردَّات أفعالنا، وبالتّالي التَّفكير بآليته المعروفة هو المسؤول أيضاً عن حالة الاضطراب النَّفسي التي تُصيبُ معظم البشر، لماذا ومن أين يأتي هذا الاضطراب؟ يُشير مورتي أيضاً في كثير من حواراته بأنَّ التَّفكير بآليَّته المعروفة والشَّائعة هو المسؤول الرئيسي عن حالة الإنفسام النَّفسي التي تنتاب الفرد في مُعظم الأحيان، وكيف لنا أن نفهم ذلك؟ التَّفكيرهو كما يظهر للوهلة الأولى بأنَّه أكثر العمليات تعقيداً في النَّشاط البشري وهذا صحيح، لأنَّ معظم مانقوم به من أفعال وردَّات فعل وسلوكيات في حياتنا هو نتيجة محضة لأفكارنا وعواطفنا ممزوجةً معاً. مثلاً حين تصادفني مشكلة أو موقف مُعيَّن في حياتي وأحتاج أن أقوم بردَّة فعل له في حياتي، يبدأ التّفكير عمله الإعتيادي كيف علي أن أرُدَّ أو أتصرَّفَ هنا، أي بناءاً على ماذا على عواطفي، أفكاري، هواجسي، خبرتي المبنية أساساً على تراكمات الماضي. في اعتقاد مورتي بأنَّ حالة التَّاني والتَّروي والتي يمتزجُ بها المراقبة والفهم لما يحدثُ أمامنا الآن، في رأيه بأنَّ هذا ما يجلبُ لنا الفعل و ردَّة الفعل بشكلهما السَّليم الذي يتوافق مع وجودنا الشَّخصي. أمَّا التَّفكير بشكلٍ دائم بحسب مورتي قائمٌ على وضعِ فكرةٍ مقابل أخرى والمقارنة بهما، أيُّهما صحيح وأيُّمها الأصَح، أيُّهما دقيق وأيُّهما الأدَق؟ بينما حالة المراقبة والانتباه الشديدين هما الوحيدين الذين يصدر عنهما كُل ماهو طبيعي وملائم لك أنتَ في أيَّةِ لحظة. يعتقد مورتي بأنَّنا اعتدنا على نمطٍ مُعيَّن من آلية التَّفكير والتي تُظهر لنا الخسارة والربح، والنَّجاح والفشل، وهذه مفاهيم ثابتة بشكلٍ كبيرٍ بحياتنا وعليها بُنيَت الكثير من ردَّات أفعالنا وسلوكياتنا. فأيُّ شيءٍ يحصل أمامنا قد تتغيَّرُ ردّةُ فعلنا تجاهه إذا مافهمناه كما هو لا كما نُريدُ أو نرغبُ بأن نفهمه. ويجب هنا التَّنويه على شيءٍ بأنني ومورتي أيضاً وأيُّ شخصٍ آخر يفهمه بشكلٍ صحيح، سوفَ يُدركِ بأنَّه لا يهاجم التَّفكير ولا يدعو أحد لأن يتخلَّى عنه، هو فقط يبحث ويُسائلُ معكَ ومعي ومع أي أحدٍ يبحث عن مُقاربة أو رؤية مُختلفة للعالم والوجود. 5- عن الحُرِّيَة: هل الحُرِّية هي أن نختار ما نُرِيد، ومالذي نقصِدُه بكلِمَة الحرِّية؟ قبل أن نُجيب على هذا السؤال دعونا نسألُ أنفسنا أولاً هل حقَّاً نحن نريدُ أن نكونَ أحراراً، وعندما نتحدَّثُ عن الحرية، هل نقصد بها الحُريَّة الكاملة، أم التَّحرُّرمن شيءٍ ما، أم التَّحرُّر من الألم أو أي شيءٍ غير مريحٍ لنا، أم أن الحُرِّيَة نفسها هي شيءٌ مختلفٌ تماماً؟ لدينا ميلٌ شديدُ الحِدَّة نحن البشر لكي نتجنَّبَ الألم وذكرياتنا السَّيئة والتَّجارب الحزينة، لذلك يقول مورتي لكي نفهم الحرِّية علينا نفهم بُنيَتها وطبيعتها. بحسب مورتي بأنَّ الحُرِّية تتحقَّق من خلال المُشاهدة المُجرَّدة للأشياء وليس من خلال التَّمرُّد. فالحريَّة هي حالة عقلية وليست الحريَّة من شيءٍ ما أو التَّحرر من شيءٍ ما، فالشعور بالحريَّة هو الشَّك تجاه كل شيء ومُسائلة أي قضيَّة مهما بدت لنا بديهيَّةً ومسلَّمةً. ونستيطع القول هنا بأنَّ الحريَّة توجد في الذِّهن المتَّقد والحاضرُ دائماً والمراقبُ لكلِّ شيءٍ أمامه دون أيَّةِ أحكامٍ مسبقة ودونَ الإعتمادِ على الذَّاكرة والتي هي بُنية الماضي الأساسية. وهذا الإتِّقادُ في الذِّهن يحدثُ حين تكونُ وحيداً، فالعقلُ البشري في حالةِ الوحدة يُصبح قادراً أكثرعلى التَّجريد والمحاكمة والتَّصرف بشكلٍ منطقيٍ ومتوازنٍ أكثر." الأحرار هم أولئك الَّذين يمتلكونَ عقولاً شابَّة وبريئةً ونقيّةً في كُلِّ الأوقات". خاتمة: إنّ تلخيصَ أسلوب شخص أو فيلسوف مثل كريشنامورتي لهو أمرٌ ليس بالسَّهلِ أبداً، ويرجعُ ذلكَ لأسلوبه المُّركَّب والعميق في آنٍ واحدٍ. لذلك حاولتُ أن ألُقي الضَّوءَ على ما رأيتهُ أكثرَ المحاورِ أهميَّةً من وِجهة ِ نظري الخاصَّة. ولهذا فإنَّ خُلاصة القول بأنَّ أكثر ما ميَّز أسلوبه هو تنبيهنا لشيءٍ مهمٍ جِداً أنَّه حين نُسألُ عن شيءٍ مُعيَّن أوعن الحقيقة أو عن الله أو أي مفهوم مُجرَّد، نحن لا نعرف الشيء نفسه نحن نعرف ماقيلَ عنه ، لذلك كان دائماً ما يُعطي ملاحظاتٍ لكثيرٍ من مُستمعيه بأنَّه إن سُئلتَ أي سؤالٍ عميقٍ أوعن مفهومٍ حيوي ونِسبي، لا تُجب عليه فوراً مُعتمِداً على معرفتك السَّابقة. وأيضاً كان يؤكِّدُ مورتي بأنَّه إذا وجدت مُعلِّم يُعطيكَ تعاليم مُحدَّدة فقط للإلتزام بها، تجنَّبهُ بسرعة، لأنَّ هكذا نوع من المُعلمين الرُّوحين لديهم صُور مُحدَّدة وسيقوم بتطبيقها عليك أي أنَّكَ ستكون ضحيَّة لصورته النَّفسية. المُعلِّمُ الحقيقي ليس لديه منهج واحد وتعاليم واحدة وهو الذي لا يعطيك أجوبة أبداً، هو فقط يساعدك على فهم أسئلتك التي تطرحها على نفسك بصدق، إنَّهُ يُعطيكَ العمق والبُعد الحقيقي لأسئلتِكَ. المصادر والمراجع: 1- الحُرِيَّة الأولى والأخيرة . جيدو كريشنا مورتي. ترجمة أسامة اسبر 2- Freedom from the known. J Krishnamurte 3- The Network of thoughts. J Krishnamurte 4- The Awakening of the Intelligence. J Krishnamurte
#طارق_علي_الشِّيخ_خضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في بعض أفكار جيدو كريشنا مورتي
المزيد.....
-
-غير أخلاقي للغاية-.. انتقادات لمشرع استخدم ChatGPT لصياغة ق
...
-
بالأسماء.. مقاضاة إيرانيين متهمين بقضية مقتل 3 جنود أمريكيين
...
-
تحليل.. أمر مهم يسعى له أحمد الشرع -الجولاني- ويلاقي نجاحا ف
...
-
مكافأة أمريكا لمعلومات عن أحمد الشرع -الجولاني- لا تزال موجو
...
-
تفاصيل مروعة لمقابر سوريا الجماعية.. مقطورات تنقل جثث المئات
...
-
يقدم المعلومات الكثيرة ولكن لا عاطفة لديه.. مدرسة ألمانية تض
...
-
الجيش الإسرائيلي يستهدف مستشفيي كمال عدوان والعودة شمال قطاع
...
-
قلق من تعامل ماسك مع المعلومات الحساسة والسرية
-
ساعة في حوض الاستحمام الساخن تقدم فائدة صحية رائعة
-
ماكرون يزور القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي ويتوجه إلى إ
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|