أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المجيد - نشرة الأخبار يقرأها عليكم حمار















المزيد.....

نشرة الأخبار يقرأها عليكم حمار


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 1648 - 2006 / 8 / 20 - 11:04
المحور: كتابات ساخرة
    



هل فكرتَ مرةً في أنْ تغلق عينيك وأنت تشاهد نشرة الأخبار الصباحية أو المسائية، ثم تتخيل حماراً وسيما وأنيقا وخارجا لتوّه من غرفة الماكيير ليقرأ عليك حزمة من الأخبار غير المفهومة والتي تسبق كلا منها علامةُ تعجب وتنتهي باستفهام وتتجمع في لغز لا تقترب منه كل الفضائيات مجتمعة ومنفردة ولو كانت مُشَفَرّة لتمنعك من مشاهدة كأس العالم إن كان جيبك مثقوبا ولا يسمح باشتراكك وزيادة رأسمال الرأسماليين؟
إنْ لم تغلق عينيك فدعنا نغلقها نيابة عنك ونترك لك الحق في اختيار الحمار الذي تريد لتسمع منه أخبار العالم الثالث والحر والأخير، وستجد بعد يوم واحد أن البلاهة هي العدو الأول أو الصديق الحميم للسادة المشاهدين ( والسيدات طبعا رغم ذكائهن في اختيار برنامج طبق اليوم )
الخبر الأول كان عن انفجار سيارة مفخخة بالقرب من بغداد، ثم يُحصي لك صاحبنا عدد القتلى والجرحى، ويضيف إليها شفرات خاصة بالطائفة أو المذهب أو العقيدة أو الأيديولوجية التي ينتمي إليها رأسمال الفضائية.
ليس لديك وقت لطرح أي سؤال قبل الخبر التالي، ولن تعرف شيئا عن تحقيقات الشرطة، وعن صاحب السيارة وعائلته وقبيلته وهل كان بداخلها أم فجّرها عن بُعد!!
قطعاً لن تسأل عن أجهزة الاستخبارات الأمريكية التي تلتقط راداراتها تحركات نملة أو موقع ذبابة أو همسات بين شخصين في شارع جانبي بالقرب من النجف أو بعقوبة أو الموصل، فعشرات السيارات المفخخة التي تقودها أشباح وتنفجر في أطفال ونساء ومُسنّين وأسواق ومساجد وكنائس وشيعة وسُنّة وتركمان وأكراد لا تستطيع فضائية أن تجعلها قضية حوار جدّي، فالمطلوب أن يصاب المشاهد العربي بالجنون قبل النوم وبعد الاستيقاظ وعند مشاهدة نشرات الأخبار.

تعبث أصابعك بالروموت كونترول لتقف برهة أمام الفضائية المصرية، فتجد أمامك مذيعة بينها وبين اللغة العربية خصومة شديدة، ولسانها يقذف في أذنيك حروفَها كأنه يبعثرها أو يُهشّمها، فتسمعها وهي تستضيف مسؤولا كبيرا يمتدح القلب الكبير والرحيم الذي سمح للطفلة آلاء باعادة امتحان التعبير( مع سجن إبراهيم عيسى و واستمرار أيمن نور ومئات من الذين كتبوا موضوعات تختلف عما كتبته اليد الضعيفة للتلميذة آلاء ) .
ليس لديك وقت قبل إذاعة الخبر الذي يليه لتطرح سؤالا تتحدى الجن والإنس أن يجيبوا عليه، وهو لماذا يُبدي الوزير في أي بلد عربي قدْراً من الحماقة عندما يتحدث عن الزعيم؟
لمذا يتمتع المسؤول الكبير بنعمة البلاهة لدى حديثه عن توجيهات مولانا زعيم الدولة؟
تسرع إلى روموتك ليُحيلك إلى الفضائية الليبية فتكتشف أن كل الحمقى الذين قابلتهم في حياتك كانوا نُسخا من آينشتاين مقارنة بمذيعي الفضائية الخضراء.
تحاول أن تفهم بداية ونهاية أيّ خبر عن العقيد والكتاب الأخضر والنهر الاصطناعي العظيم والوحدة الأفريقية وزيارة ملك سوازيلاند وقرارات اللجان الشعبية والمياه الاقليمية في خليج سرت والتعويضات الجديدة لضحايا أنكر القائد مسؤوليته عن أرواحهم، ثم فجأة تشاهد مظاهرة تأييد للقرارات التاريخية التي أصدرها العقيد رغم أن المتظاهرين لم يسمعوا بها أو عنها.
تشك في قواك العقلية فلا تجد مَفَرّا من القناة الفضائية التونسية، لتتوقف أمام ندوة عن حقوق الإنسان في تونس بن علي، وهي مقامة على مبعدة كيلومترات معدودة من مركز توقيف أمني يقبع بداخله مجموعة من أبناء البلد ويتعرضون لشتى صنوف التعذيب.
تشاهد أيضا الرئيس التونسي جالسا بتواضع جَمّ في مسجد ومستمعا لخطبة الجمعة التي كتبتها أجهزةُ الأمن للخطيب المسكين ، وتزداد تعبيراتُ وجه الرئيس تواضعا ومَسْكنة فتعرف بَعدها أن وجبة من المعتقلين الجدد على وشك حضور حفلة تكريم في أحد المعتقلات يمارس فيها ضباط الأمن كل أنواع السادية.
تقضي يومك كله باحثا عن حل لغز واحد في أخبار قنواتنا العربية فلا تعثر إلا على سلسلة من الأخبار الصالحة للمعاقين ذهنيا والمتخلفين عقليا والمصابين بنعمة البلادة الذين لا يرتفع ضغط الدم في شرايينهم.
تقرر بعدها التوقف عن متابعة نشرات الأخبار والتوجه ناحية برامج الحوارات فيصيبك وجوم لا تشفى منه إلا أن تُلقي بتلفازك إلى عُرْضِ الشارع.
تشاهد برنامجا حواريا يقتلك فيه الاثنان معا، الضيفُ والمضيف.
تكتشف أن نشرات الأخبار أرحم على كوليسترولك من برامج الحوارات ، فتعود إليها صاغرا، لتقع عيناك على وزير الداخلية الأردني يُقْسِم أمام مشاهديه أن حركة حماس متورطة في تهريب الأسلحة إلى الأردن وهي عبارة عن عدة بنادق وقنابل يدوية وعشرة خراطيش من الرصاص لقلب نظام الحكم الهاشمي، والحمد لله أن المخابرات الأردنية لم تقل بأن حماس تريد اختطاف رغد صدام حسين وتزويجها عنوة من أحد أعضاء الحكومة.
تتابع أخبارَ فلسطين التي تعرفها منذ صرختك الأولى بُعَيّد سقوطك من بطن أمك فتضرب كفا بكف، ولا تفهم مَنْ مع إسرائيل ومَنْ مع الشعب الفلسطيني، وهل رئيسُ الجمهورية ورئيس الوزراء من بلدين متصارعين؟
تستلقي على مقعدك وتقرر أخيرا الانصات لصوت العقل، فالفضائية السورية ستعلن قريبا خبر الافراج عن كافة المعتقلين السوريين الذين قضى بعضهم عشرين عاما في زنزانات تحت الأرض لا يدخلها إلا ضباط الأمن والفئران، ويطول انتظارك فكل ما له علاقة بحقوق المواطن وكرامته وحريته مؤجل إلى اشعار آخر.
تستجمع خلاصة ما تابعته على الفضائيات العربية لتصل إلى نتيجة لا ترتاب فيها وإلا انفجرت شرايينك.
مشاهدينا الكرام: نذيع عليكم نشرة الأخبار المحلية والعالمية كما وردتنا من مديرية الأمن تقرأها عليكم ابنة معالي الوزير السابق، ثم يعقبها برنامج يقدمه الابن الأصغر لأحد المتهمين الكبار في قضية بنك العقارات.
سنوافيكم بأخبار عقيلة زعيم الدولة والتي شهد نصف مليار شخص أنها تستحق التتويج أميرة للعمل الخيري.
مشاهدينا الكرام: قال رئيس مؤسسة غربية شهيرة بأن على العالم الحر وأوروبا وأمريكا أن يتعلموا من حكمة زعيمنا، وأن يحسدوا المواطن العربي على نعمة مشاهدته طلعته البهية.
تظن أخيرا أن مذيعي الفضائيات العربية يبتسمون في وجهك من داخل الشاشة الصغيرة. يُخرج أحدهم لسانه لك وينفجر في الضحك داخل الاستديو فقد ظنك حماراً. تستلقي على قفاك من الضحك أمام جهاز التلفزيون الذي اشتريته حديثا فقد ظننتَ المذيعَ حماراً. تأتيك ضحكة مرتفعة من قصر الزعيم فيفهم المذيع وتفهم أنت مغزاها، فقد ظنكما الزعيمُ حمارين!
تترك مقعدك المفضلَ ثم تتوجه لاحضار فنجان من القهوة المضبوطة. تنظر إلى المرآة فلا تفهم شيئا. تفكر في المذيع وزعيم بلدك ومدير الأمن العام ونشرات الأخبار فتعرف لحظتئذٍ مَنْ أنت!



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرض بتتكلم عبري ... دعوة عربية لحماية إسرائيل
- أيها اللبنانيون: نلطم وجوهنا دفاعا عنكم
- الرئيس السوري يصاب بالصمم .. القيادة السورية تصاب بالشلل
- تأجيل الانتفاضة المصرية ... حكاية لم تنته بعد
- لماذا يعادي المسلمون العقل ؟
- الحوار الأخير بين رئيس يحتضر و ... رئيس يرث
- أمريكا تطبع قُبلة على جبين العقيد
- الله يخرب بيتك يا ريس
- حوار بين حر سجين و ... سجين حر
- رسالة مفتوحة إلى نشطاء ( كفاية ) .. الانتفاضة أو الطوفان
- رسالة إلى محمد الشرقاوي .. أحزانك أشرف من أفراحنا !
- إبليس يتنازل للعراقيين عن المهمات القذرة
- سيدي الرئيس ... أرجو أن تبصق في وجوهنا
- أيها المصريون.. نعم أنا نذل، وسنغتصبكم فردا .. فردا
- الرئيس مبارك: نعم أنا جبان، فماذا أنتم فاعلون؟
- سيدي الرئيس ... أنت جبان
- نفوضكم أيها القضاة بتولي حكم مصر إلى حين
- مقطع من يوميات كلب
- أيها المصريون، هذا الرجل مجنون ... هذا الرجل نيرون
- مباحث أمن الدولة والمخابرات المصرية وانتفاضة 23 يوليو 2006


المزيد.....




- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المجيد - نشرة الأخبار يقرأها عليكم حمار