أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير حنا خمورو - سعاد - فيلم يحكي عن هروب الفتيات من الواقع المأساوي إلى وسائل التواصل الاجتماعي















المزيد.....

سعاد - فيلم يحكي عن هروب الفتيات من الواقع المأساوي إلى وسائل التواصل الاجتماعي


سمير حنا خمورو
(Samir Khamarou)


الحوار المتمدن-العدد: 7026 - 2021 / 9 / 21 - 15:38
المحور: الادب والفن
    


ان ما تتحدث عنه المخرجة المصرية "آيتن أمين" في فلمها الروائي الثاني (سعاد) انتاج 2020، نجده عند معظم الفتيات المراهقات في العالم العربي، وليس في مصر فقط، علاقتهن بوسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، وتقديم صور ليست لها علاقة بواقعهن المأسوي وقد ينطبق على الشباب أيضا ولكن بدرجة أقل. تفرض التقاليد الاجتماعية، والتربية العائلية والدين صَرَامَة على الفتيات تجعلهن يهربن إلى الفضاء الافتراضي "الفيسبوك والتويتر والماسنجر وغيرها" للتعبير عن رغباتهن وأحلامهم، ولكن بعد وضع أقنعة واستعارة شخصيات لا تمت للحقيقية بشيء. هذا هو موضوع فيلم سعاد الذي عرض في مهرجانات سينمائية عالمية عديدة منها مهرجان كان، وفينيسيا، وبرلين وأخيرا في مهرجان تريبيكا السينمائي العشرين بنيويورك وفازت بطلتي الفيلم الممثلتين "بسنت أحمد"، و "بسملة الغيش" بجائزة أفضل ممثلة مناصفة، ونال الفيلم أينما عرض استحسانًا كبيرًا، لأجوائه الواقعية وتقديم صورة حقيقية للمجتمع المصري غير الذي نراه في الكثير من الأفلام المنتجة في مصر، ولبساطته ولروعة وتلقائية اداء الممثلتين.
يروي الفيلم قصة سعاد (بسنت أحمد) طالبة ذكية تبلغ من العمر 19 عامًا، تعيش مع والديها واختها رباب في مدينة صغيرة تسمى الزقازيق تقع في شرق دلتا النيل بمصر، وكل همها ان تعمل على تقديم شخصيتها المفعمة بالحيوية والمرح على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بنشر صور لها بدون حجاب وفيديوهات تختلف عما تعيشه بالفعل . اذ انها لا تملك وسيلة أخرى لتعيش حياتها الطبيعية كما تريد وترغب.
في المشهد الافتتاحي، ولإظهار التناقض في شخصيتها، نراها في حافلة بالحجاب، تجلس إلى جانب امرأة عجوز ودون مقدمات أو معرفة سابقة بها، تظهر سعاد صورها على هاتفها ، وتخبرها انها طالبة في السنة الأخيرة في جامعة الزقازيق بمصر، وتعرض صور لرجل وتقول أن هذا هو خطيبها أحمد (حسين غانم)، ضابط جيش في سيناء، وهي طالبة طب. ولكن كل ذلك مُخْتَلق ففي مشهد آخر نراها أيضا في الحافلة إلى جانب امرأة وتعرض لها نفس هذه الصور، وتروي قِصةُ مُلَفَّقٌة تمامًا، وعندما تسألها المرأة "هو شغال بأيه" ، تقول "دكتور جراح بالقصر العيني" . انها تستعير شخصيات مختلفة وأسلوب حياة لا تمت لحياتها الحقيقة بصلة، عن طريق استخدام وسَائط التَوَاصُل الاِجْتِمَاعِيّ.
سعاد مُمزقة بين نشأتها التقليديّة، فتاة محافظة ومحجبة داخل محيطها الاجْتماعيّ بانتظار ان يأتي (أبن حلال ليخطبها)، ويأخذها بعيداً إلى القاهرة أو الإسكندرية، ورغبتها بالبحث عن الحب والمشاعر الدافئة بين ذراعي حبيب وهذه تجدها على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الأخريات. حياتها اليومية مقسمة إلى جزئين، كما تعيشها كل الفتيات في معظم البيوت العربية، محددة بالدراسة ومساعدة العائلة في الأعمال المنزلية، وتلبية طلبات والدها، وفي الليل ، وبعيداً عن الأعين تحتضن هاتفها النقال، وترسل رسائل حب عنيفة إلى حبيبها الذي لم تلتقي به أبداً ، كل ما في الأمر انها تعرف أحمد وهو رجل اكبر منها سناً، ويعيش في مدينة الإسكندرية، ولا تعرف عنه غير ما يقوله لها من انه يعمل على وسائل التواصل الاجتماعي، على الفيسبوك والتويتر وانستغرام وتك توك. وبالرغم من التواصل معه سراً، وإرسال الرسائل المكتوبة والصوتية إليه، مصرحة بحبها وشوقها له، ولكنها لا تجروء على الالتقاء. انها تحيا معه، وتريد منه ان يقول لها انها اجمل من صورة فتاة تعرضها له "من هي الأجمل أنا أو هي"، تارة أخرى تغضب منه، وتشعر انه لا يبادلها نفس المشاعر وتترك تسجيلات صوتية عاصفة "أنت مجرد مخادع توقف عن التلاعب بي" ، و تشكك في حبه لها وتهدده بالانفصال !. كل ذلك يصبح ممكناً باستخدام الوسائط الرقمية.
وتصبح اختها الأصغر منها سناً والمراهقة ، رباب، البالغة من العمر 13 عامًا، والتي تعتني بها، قريبة منها، ومحل ثقتها ومع الوقت شريكتها في اخفاء أسرارها، ودون معرفة وعلم عائلتها، ففي مشهد مصور والكاميرا على الكتف، نراهما معاً في البلكونة، سعاد مشغولة بوضع "الماسكرة" على رموشها، بينما تراقبها رباب باهتمام، وعندما تنتهي تقوم الصغيرة بسحب والكشف عن احد أكتاف شقيقتها، وتقول لها هكذا اكثر "سيكسي"، وتصورها بالتلفون وتطلب ان تصورها مرة أخرى على ان يكون وجهها واضحاً، لانها تريد ان تريها له "زلة لسان مع ابتسامة خفيفة" ولكنها تتدارك، وتسألها رباب لمن الصورة، وتجيب "لا لأي شخص"، وبدورها تقوم سعاد بوضع الروج الأحمر الصارخ على شفتي رباب، وتطلب منها عدم اخبار أمها لانها لو عرفت "ستقتلني". وفي مشهد مؤثر تقول رباب بتواضع وحزن إنها ليست جميلة مثل سعاد؛ "أبدو مثل والدي".

وتذهب رباب إلى الإسكندرية لتستكشف من يكون احمد هذا، وتلتقي بأحمد في مقهى في منطقة شعبية، ورغم انها تتحدث عن أمرّ مهم معه، ولكنها حالما تسمع صراخ الناس في الخارج تنظر لتجد هناك معركة بالأيدي بين رجال بالقرب من سيارات حتى تفتح تلفونها وتوجهه نحوهم لتسجل الحدث ، لانها تريد ان تشعر دائما انها موجودة ومؤثرة في هذا الفضاء الافتراضي. وفي الحافلة تفاجأ رباب، أحمد وهو محتضناً فتاة وتسأله بشكل مباشر "ولكن كيف تحب سعاد، وأنت مع شابة أخرى ؟".

لنترك للمشاهد إكتشاف أحداث فيلم مصري واقعي إلى أقصى حدّ، وصادق وصادم في تناوله مشاكل هروب الفتيات إلى الفضاء الافتراضي ، مع ممثلتين رائعتين غير محترفتين. نجد في الفيلم الواقع المصري بلا تزييف، وأسلوب المخرجة يترجح ما بين وثائقي وروائي ورغم ان آيتن أمين عانت كثيرا في ايجاد التمويل اللازم لإنتاج "سعاد"، فقد احتاجت لأكثر من 5 سنوات لإكمال الفيلم، كانت تصور مشاهد وتتوقف لمدة أشهر، حتى يتوفر بعض المال لتعاود التصوير ، ومع هذا استطاعت في النهاية تقديم فيلم بسيط -والبساطة هنا ليست عيبا وإنما تحسب لصالح الفيلم- وناضج فنيا.

فيلم (سعاد) اخراج آيتين أمين ، كتابة مشتركة بين محمود عزت والمخرجة، تصوير ماجد نادر، مونتاج خالد معيط، تمثيل بسنت أحمد ، بسملة الغيش ، حسين غانم هاجر محمود ، سارة شديد ، كارول أكاد ، إسلام شلبى ، منى النموري. انتاج مصري تونسي . وقد بدأ عرض الفيلم في دور السينما ببريطانيا في 27 آب / أغسطس 2021.

سبق للمخرجة آيتن أمين ان اخرجت فيلم (راجلها) عام 2006، وفيلمين قصيرين عن الممثلة وعارضة الأزياء مديحة كامل، وعن تاريخ الرقص الشرقي، فيلم تحرير (الطيب والشرس والسياسي) عام 2011، وفيلم روائي (فيلا 69) عام 2013، وفازت بجائزة ملتقى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لعام 2010 عن سيناريو فيلم (69 مساحة)، ومسلسل (سابع جار )للتلفزيون.



#سمير_حنا_خمورو (هاشتاغ)       Samir_Khamarou#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاز فيلم -يسقط الملك- بالجائزة الكبرى في مهرجان دوفيل للسينم ...
- فيلم -الحدث- الذي يعالج قضية الإجهاض يفوز بالأسد الذهبي
- يفتتح اليوم الجمعة مهرجان دوفيل للسينما الاميركية ، 13 فيلم ...
- فتاة طيبة، فيلم سياسي بإطار بوليسي
- صرخة ماچو، فيلم جديد وممتع للمخرج والممثل كلينت إيستوود
- فاز فيلم -تيتاني- للمخرجة الفرنسية جوليا دوكورنو بجائزة السع ...
- الفيلم الروسي (فك القبضة) يفوز بجائزة نظرة خاصة في مهرجان كا ...
- ونكمل بهذين الفلمين تقديم الافلام المشاركة في مهرجان كان الس ...
- فلمين فرنسيين اخرين في المسابقة الرسمية لمهرجان كان في دورته ...
- ستة لقاءات مفتوحة مع شخصيات كبيرة من الفن السابع خلال الدورة ...
- أربعة أفلام أخرى تتنافس للفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان كان ...
- اعلن صباح اليوم، الخميس 24 حزيران / يونيو، عن أعضاء لجنة تحك ...
- اعلن صباح اليوم، الخميس 24 حزيران / يونيو، عن أعضاء لجنة تحك ...
- عرض عن ثمانية افلام اخرى ومخرجيها، مشاركة في مهرجان كان السي ...
- الافلام المتنافسة على السعفة الذهبية في الدورة 74 من مهرجان ...
- أفلام مميزة في مهرجان كان السينمائي في الدورة الرابعة والسبع ...
- جودي فوستر ضيفة في حفل أفتتاح مهرجان كان السينمائي الرابع وا ...
- فيلم - في المرتفعات - الحدث السينمائي الأهم هذا الصيف، واختي ...
- بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لوفاة نابليون، فيلم المخرج أي ...
- كلوي تشاو تدخل تاريخ الأوسكار كأول امرأة آسيوية تفوز بجائزة ...


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير حنا خمورو - سعاد - فيلم يحكي عن هروب الفتيات من الواقع المأساوي إلى وسائل التواصل الاجتماعي