أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى عبد العزيز - عبد الغني لبدة الذي أعرفه ..














المزيد.....

عبد الغني لبدة الذي أعرفه ..


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 7022 - 2021 / 9 / 17 - 17:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عبد الغني لبده الذي يعرفه الكثيرون من فلاحي الإصلاح الزراعي في محافظة البحيرة ، وكثيرون من المنخرطون في قضايا القطاع الزراعي المصري وقضايا إنسان القرية المصرية .. فوجئت بصديقنا المشترك وصديق العمر مجدي شرابية يبلغني بالأمس فقط
أثناء محادثة تليفونية بيننا أنه قد علم بالصدفة أنه توفي الأسبوع الماضي .. فظل هذا الخبر من ساعة علمي به إلي ساعة البدء في كتابة هذه السطور كغيمة رمادية اجتاحتني من انحاء وجداني الذي ملأته الثقوب الدامية من كثرة سهام فقد رفاق العمر في السنوات الأخيرة ..
هبت في ذاكرتي علي الفور عاصفة نبيلة وحزينة تنفض أتربة المسافات الزمنية والمكانية ، وتدفقت مشاهد أول لقاء لي بالمناضل الحقيقي الشريف الذي مات مستور الحال ولم يمت متربحاً بقضايا الفلاحين كما يفعل بعض الفلاحين المزيفين الذين نراهم اليوم علي الشاشات وعلي منصات بعض المكاتب والمراكز التي تدعي الدفاع عن الفلاحين في حين أنها في حقيقة مجرد أكشاك للتكسب بقضايا الفلاحين وساكني القرية المصرية وفقرائها البائسين ، وعبد الغني لبدة الذي وهب أوقاته وسنوات عمره وحياته لقضايا القرية المصرية وخصوصاً أوضاع فلاحي الإصلاح الزراعي ، وكان أكثر إلتصاقاً وانغماساً بها بحكم أنه أحد أبناء قرية الضبايشه التابعة لقري الإصلاح الزراعي بمنطقة فيشا (أراضي الأمير عمر طوسون والخواجه بولاد)
عبد الغني ظل طوال عمره ومنذ أن عرفته مقيماً بقريته ولم يغادرها .. يعيش ويأكل ويشرب ويصلي في مسجد القرية مع أهل قريته ، ويفلح وحدة الأرض التي ورثها عن أبيه ويأكل منها إلي جوار وظيفته كموظف بمجلس القرية ، ويناضل في نفس الوقت من أجل قضية الفلاحين التي تبناها من صغره ، يكتب الشكاوي والعرائض ويجمع التوقيعات عليها ويظل يجول بين أروقة المكاتب والوزارات بالمركز والمحافظة والوزرات دون كلل أو ملل ، يخوض المعارك في جسارة الفرسان وفي تواضع المناضل العفيف الذي لايشغله أي إدعاء أو مكسب ذاتي معنوي كان أو مادي ، ويضحي بجانب كبير من دخله البسيط ليدفع تكلفة ذهابه وإيابه هنا وهناك من أجل قضيته دون أن يتحدث عن ذلك ، أو أن يطلب من أحد أو جهة أن تشاركه التكلفة ..
أول الصور التي تدفقت في ذاكرتي بالطبع كان أول لقاءتي بعبد الغني لبده في اواخر سبعينيات القرن الماضي عندما كان مجدي مجدى شرابيه يزورني في البيت مهنئاً بعد الإفراج عني في قضية توزيع بيان مناهض لإبرام اتفاق كامب ديفيد .. كان مجدي يصطحب شاباً في مثل عمري (أو زيد سنوات معدودة) يرتدي جلباباً ريفياً عرفني به قائلاً هذا هو الزميل عبد الغني لبده عامل بالترسانه البحرية في الأسكندرية ولكنه قد ترك العمل في الأسكندرية وقرر مغادرتها للإقامة بقريته في فيشا بالمحمودية لأنه لايستطيع الابتعاد عن أسرته وأهله في قرية (الضبايشه) التابعة لمسئوليتك الحزبية وأنه من الآن سيكون زميلنا في البحيرة وزميلك في الحزب بمركز المحمودية ، ومن وقتها عرفت عبد الغني لبده الذي زاملني في طوال مشوار انخراطي السياسي اليومي في البحيرة حتي عام 2013 عندما تركت أنا حزب التجمع ثم تركت وظل عبد الغني لبدة أحد قيادته ولكننا كنا نتقابل كأصدقاء وكرفاق عمر وكمهمومين بقضايا عديدة مشتركة في مجتمعنا إلي أن انتقلت أنا للإقامة في الأسكندرية فبعدت بيننا المسافات المكانية وقليل من المسافات سياسياً .. إلا أن المسافات الوجدانية ورحلة عمر من النضال المشترك ظلت هي مايجمعنا حتي لو باعدت بيننا مسافات الجدران التنظيمية والجغرافيا ومسافات الإقامة وشواغل الحياة اليومية التي تدهس الجميع .
عبد الغني لبدة
لم أره في أي معركة تخص الفلاحين إلا وكان مقداماً جسوراً مبادراً ومندفعاً وسط مقدمة الصفوف التي تخوض المعركة كطرف من أطرافها الأصيلة واعياً بتفاصيل المشكلة ملماً بكافة زوايا التعامل معها.
، كذلك كان موقفه في المعارك الجماهيرية والسياسية الكبري وهو مالم يكن يقل عن مدي صدقه وإخلاصه وحماسته في الدفاع عن مصالح أهل الضبايشه وفلاحي الإصلاح الزراعي بوجه عام ..
واتذكر أنه عندما ترشح علي قوائم حزب التجمع لانتخابات مجلس الشعب في عام 1984 لم يكن يدعو لنفسه قط في حين كان في كل جولاته وندواته والمؤتمرات التي يشارك فيها كان يتحدث عن قضايا الشعب المصري ثم يدعو لانتخاب القائمة بغض النظر عن شخصه هو ، واتذكر ان هذا كان يحدث حتي في الندوات والجولات التي تتم وسط أهله وفي قلب قريته ودائرة القري المحيطة بها ، وكان يقدم كافة مرشحي القائمة علي نفسه في إشاراته للقائمة ..
، وكل هذا لم يكن غريباً علي عبد الغني لبده الذي دخل السجن أكثر من مرة بينها مرة في اواخر الثمانينيات كادت أن تودي بحياته نتيجة أنه كان يعاني من نزيف أثناء سجنه ، لأنه قد قبض عليه وهو يعاني من مشاكل صحية في حين لم يستجب سجانيه لمطالباته بإحضار العلاج الخاص به .. كان عبد الغني لبده يخرج من السجن إلي قريته كأنه قادم من الحقل بعد انتهاء العمل .. كان عبد الغني يعتقد أنه يدفع ضريبة إيمانه بقضايا شعبه وبالتالي فلاحاجة ملحة إذن لتحويل قضية سجنه لموضوع يمن به علي الناس أو لمجال للتفاخر والتباهي وإعلاء قيمة الذات ..
صديقي ورفيق عمري عبد الغني لبده كان يحتوي في ذاته علي جوهرة إنسانية في غاية الندرة لكنه كان يضع عليها غطاءً كثيفاً من التواضع والطيبة والتهذب الريفي الشديد ..
رحمك الله ياعبد الغني
ومنح روحك استحقاقاً من المجد والسكينة والنعيم الأبدي ..
______________



#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مالاينبغي أن يكون غائباً
- افغانستان السؤال (2)
- افغانستان السؤال (1)
- سامح الصريطى وبرنامجه الجميل
- وما الفارق إذن؟
- فرع اخوان تونس تكتيك مختلف فى الصراع السياسي
- الإتحاد العالمي للمتاجرين بالدين
- مفارقات التاريخ ..
- أربع ملاحظات على هامش إدارة أزمة سد النهضة
- 30 يونيو للمرة الثامنة ..
- -يوتوبيا- الواقع الكولمبي ..
- في ضرورة إلغاء اتفاق 2015
- فظاعة ووضاعة الوجه الإستعماري العنصري للرأسمالية الأوربية ..
- أحاديث الهدنة
- عن صديقي الإنسان الجميل الأب صرابامون الشايب ..
- إعلانات رمضان كنموذج لكيف تخرج طبقة لسانها لغالبية المصريين ...
- سد النهضة لم يكن يوماً ما مشروعاً إثيوبياً خالصاً ..
- قراءة في قوائم (فوربس) عن عام 2020
- أسئلة اللحظة الدولية الراهنة
- من وحى طابور المساجين ..


المزيد.....




- ترامب يختار سناتور أوهايو جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس في ال ...
- ترامب يحصل على أصوات كافية ليصبح مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة ...
- زفاف أمباني -الحدث الأكبر على الكوكب- ونهاية مؤثرة لمحاكمة ب ...
- كيف تفاعل السوريون مع رابع انتخابات برلمانية تشهدها البلاد م ...
- -جثث مقطعة ومحترقة ملقاة على الأرض-: نحو 80 قتيلاً فلسطينياً ...
- بطولتان مثيرتان للطائرات الورقية وركوب الأمواج في ساليناس بج ...
- جاؤوا لحضور مباراة كأس أمم أوروبا فكان الموت بانتظارهم.. مقت ...
- محاولة اغتيال ترامب.. هل بمقدور أمريكا تجنب العنف السياسي؟
- عقوبات أوروبية على -مستوطنين متطرفين- وكيانات إسرائيلية
- أرمينيا.. انطلاق مناورات -إيغل بارتنر 2024- بالشراكة مع الول ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى عبد العزيز - عبد الغني لبدة الذي أعرفه ..