أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هناء عبيد - قراءة في مسرحية بيت ليس لنا















المزيد.....

قراءة في مسرحية بيت ليس لنا


هناء عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 7020 - 2021 / 9 / 15 - 22:57
المحور: الادب والفن
    


مسرحية "بيت ليس لنا"

المسرحية للأديب الدبلوماسي وسفير النرويج السابق عمر صبري كتمتو

المسرحية مهداة إلى روح الشهيد غسان كنفاني، صديق الأديب عمر كتمتو،
تقع المسرحية في 61 صفحة
وجاءت في أربعة فصول.

موضوع المسرحية يتحدث عن مجموعة من الأشخاص يدخلون في مصعد، فيتعطل بهم، ومن خلال تواجدهم في المصعد نتعرف على كل شخصية من خلال حوارها مع الآخرين.
يبدأ الصراع بعد أن تقع جريمة قتل لضابط بوليس سابق(فراس صمدي) ويتم اتهام الكاتب والناقد الأدبي اليمني الجنسية (سامر) بجريمة القتل.

المسرحية تنقلنا إلى مسرح الحياة الواقعي الذي نعيشه، وشخصيات المسرحية هم نحن باختلاف أدورانا، وكل حدث فيها يمثل أحداث واقعنا الأليم الذي نعيشه بكل حذافيره.

تتطرق فكرة المسرحية إلى العديد من القضايا المهمة التي تحيط مجتمعنا العربي برمزية ذكية، فكل عبارة وكل قصة تفصح عن قضية ما.

فقضية الطبقية التي تعاني منها مجتمعاتنا، نلمسها من خلال خالد(الجرسون) الذي يوبخه الجميع لأنه استخدم مصعد الطبقة الأعلى منه، بل وإن أحدهم لم يعتبره إنسانًا، فخالد برأي الغالبية، كان عليه أن يأخذ مصعد الطبقة العاملة وأن لا يتطاول على أسياده.

يظهر لنا من خلال الحوارات؛ الإشارة إلى أن الفئة المثقفة هي الفئة الأكثر إنسانية، وأنها الشريحة التي يمكن أن تنقذ المجتمعات من آفاته المنبوذة، لكن للأسف، ربما طبيعة الحياة غيرت مسار هذا المنحى، ففي واقعنا لم يعد للطبقة المثقفة دورها الكبير في رفعة المجتمع، إذ لا يخفي على الجميع مدى دور بعض الأقلام في قلب الحقائق ونشر السموم بين المجتمعات، حتى على المستوى الأدبي الذي يعتبر جزءًا من الحركة الثقافية، والذي يعنى بالناحية الإنسانية والإصلاح المجتمعي، فإننا نلاحظ بأن الأقلام الأدبية لم تعد تمثل الطبقة الإنسانية، فقد أغرتها الماديات، وتوجهت إلى إيثار المصالح الخاصة، بل وتحول بعضها إلى أبواق نشاذ همها تمجيد الأنظمة المستبدة، وبدلًا من الاهتمام بالإصلاح أصبح هاجس الأدباء الأول هو نيل المراكز الرفيعة والجوائز الثمينة، وإثبات الذات، وكما دومًا فإنه من الظلم التعميم، فهناك أقلام نزيهة تحمل هم هذه الأمة المغلوب على أمرها بكل صدق وتفاني.

محاولة فصل السياسة عن الأدب، من القضايا المهمة التي تناولتها المسرحية، فسامر مثلًا يحاول قدر الإمكان التخصص في الأدب بعيدًا عن الخوض في السياسة، وأن يختار بين الحياد والمواجهة، لكن للأسف، القضية شائكة ولا يمكن تحقيقها، فالسياسة لا يمكن أن تنفصل عن أي جزء من الحياة بما فيها الأدب، فنحن حينما نتحدث عن الإنسان وقضاياه المهمة، نكون قد خضنا في السياسة دون قصد، فالشهيد الذي نبكيه في أقلامنا الأدبية ونتعاطف مع ذويه ما هو إلا ضحية سياسة جائرة، والطفل الجائع ما هو إلا ضحية جشع سياسي فاسد، والفقر المتعمق جذوره ما هو إلا نتاج ساسة يسرقون ثروات الوطن، والمرض المستفحل ما هو إلا نتاج منظومة صحية فاسدة، والجريمة المنتشرة ما هي إلا خلل في جسد المجتمع خلفته سياسة غير حكيمة؛ الأدب يدخل في عمق الانسانية لكنه يرتطم بالسياسة البشعة، رغم أن السياسة بحد ذاتها علم زاخرعميق من عمق الوجود، فهي علم يقوم على تبادل المصالح من أجل منفعة الوطن والمواطن، لكن للأسف شاءت الأقدار أن تتحول هذه المصالح من مصالح تحمي الشعوب إلى مصالح شخصية، فزرع في أدمغتنا أن السياسة لا يلتقي معها إلا كل مرادفات الفساد والتخريب والقتل والدمار والدماء.

كما تتحدث المسرحية عن واقعنا المؤلم الذي يفتقد إلى الأمن والأمان، فالمواطن لا يمكن أن يعيش بالأمن والأمان في أي وطن إلا إذا كان منتميًا إلى الحزب المساند للنظام، فمن ينتمي إلى الحزب المعارض تحل عليه اللعنة، وقد تلفق له التهم ومصيره إما السجن المؤبد أو الموت، ومن يريد أن يصل إلى مركز مرموق لا بد أن يكون متملقًا حتى يصل إلى مكانة ليس له من المؤهلات فيها سوى المعرفة الشخصية للحزب الحاكم أو التملق والتصفيق له، ولهذا لم ولن تصل هذه الأوطان إلى الرفعة والازدهار يومًا، فالرجل المناسب لم يكن يومًا في المكان المناسب.

وكأنني أقرأ في هذه المسرحيةعن أدب السجون، لتأخذني الذاكرة إلى رواية شرق المتوسط لعبد الرحمن منيف ورواية يسمعون حسيسها لأيمن العتوم التي تتحدث عن الظلم والعذاب الذي يواجهه السجين السياسي في سجون الأنظمة الجائرة.

هل المسجون من هو أسير جدران مبنى السجن؟ تأتي المسرحية لتذكرنا بأننا جميعنا نقبع في سجن رغم كل محاولات الأنظمة بإقناعنا أننا نعيش الديمقراطية والحرية، وكأن الحقيقة يمكن أن يغطيها الغربال، فنحن نعيش القمع ونعيش في سجن أبدي، وربما هذا هو حال العالم بأسره الذي أصبح فيه المواطن موسومًا كما القطيع، حتى التلفونات التي أصبحت رفيقنا الدائم، ما هي إلا سجن، وجاسوس ولعنة، كذلك الحال مع وسائل التواصل الاجتماعية، وعلى رأسها الفيس بوك الذي تعتمده بعض الشركات وكأنه من ضمن السيرة الذاتية للمتقدمين إلى العمل، وأين هذه الحرية والديموقراطية إذا كان نصف الشعب مسجونًا ونصفه الآخر "بوليس"؟!
وأين هذه الحرية والديمقراطية في جو مشحون بالكراهية وعدم الثقة، بعد أن صنعوا من الشعوب جواسيسًا على بعضها البعض وأفقدته الثقة بما كان يسمى "إنسان"؟!
وأين هذه الحرية والديموقراطية وقد حكمت أوطاننا أنظمة فرضت نفسها بقوة فوهة المدفع، ووجهت رصاص جنودها نحو صدور المواطن بدلًا من حمايته ومواجهة العدو؟1

وتأتي المحكمة، مكان العدالة، لتتربع في صدر جدرانها صورة الرئيس وصور حاشيته، وربما كانت هذه إشارة من الأديب لتذكيرنا أننا نحن من نصنع الأصنام لنعبدها.

والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا اختير سامر ليكون كبش الفداء، ولتلفق له جريمة وهمية؟! هل لأنه فلسطيني؟ هل لأنه ذاق مرارة قتل والديه أمام عينيه في مذبحة دير ياسين (التي أشار إليها الأديب في لفتة ذكية لتكون وثيقة تتناقلها الأجيال فيما بعد)؟!

المسرحية كتبت باللغة العربية الفصحى، لغة السهل الممتنع، تخللتها حوارات خارجية، أعطت الفكرة عن شخصية وفلسفة قائلها، موضوع المسرحية زخر بالأحداث والوقائع الدسمة التي يعاني منها وطننا العربي، بل والعالم بأجمعه.
اجتمعت فيها كل عناصر المسرحية المتكاملة، حيث، الفكرة، الموضوع، الشخصيات، الحوار، الحبكة، الصراع.
مسرحية بيت ليس لنا، عمل مسرحي قيم يضاف إلى رصيد المسرح العربي ليزيده ثراءًا.



#هناء_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية بلد المنحوس للروائي سهيل كيوان
- رواية اليتيمة والثقافة الشعبية
- قراءة في المجموعة القصصية نوارس تبحث عن الأحباب للأديبة نزهة ...
- حوار مع المهندس أحمد ممدوح حول منصة اليوتيوب وأهميتها في الو ...
- حوار مع الدكتور وليد سرحان حول الاكتئاب
- هل سيطرت منصة اليوتيوب على العالم المعلوماتي؟
- حوار مع الدكتور وليد سرحان حول الخرف.. أجرى الحوار المهندسة ...
- قراءة في قصة السنجابة والعقاب للكاتبة رفيقة عثمان والشاعر صل ...
- نجاح في غزة
- عيون الحب
- بيروت؛ عيون القلب
- حوار مع الدكتور وليد سرحان عن الشّخصيّة المثاليّة
- عيد بلا عيد
- إنّهم يعشقون القطط
- حوار مع الدكتور وليد سرحان أجرى الحوار هناء عبيد
- فرح فيسبوكيّ
- الورد جميل
- تبسّم للنّبي
- كتاب
- سلالم الأدب


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هناء عبيد - قراءة في مسرحية بيت ليس لنا