|
إمَّا أنا أو أنتِ .. تلك هي المهمة
أزهار أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 1647 - 2006 / 8 / 19 - 12:10
المحور:
الادب والفن
تحركي أيتها البائسة، ليست المرة الأولى التي تفعلين بي هذا، بل إنها ليست المرة العشرين. أيعقل خلال شهر واحد، أنْ أصرف عليك كل هذه المبالغ! أتحسبينني مليونيراً؟. هل تتعمدين التنكيد علي؟ هل تتعمدين إذلالي؟ لم أفعل بك شيئاً، بل على العكس تماماً، أنا رائع معك ولم أعذبك طوال هذه السنوات. لقد رافقتني في أماكن كثيرة وكنا رائعين منسجمين، لم تغضبي كما أنتِ الآن. أحتاج إليكِ جداً فلا تزيدي إذلالي. أيعقل أنْ تكون رحلاتنا القديمة هي سبب غضبك الآن؟ هل أتعبتك كثيراً خلالها؟ تحركي وقولي هل آذيتك يوماً؟ ما أصعبك وما أسوأك، لكني بحاجة ماسة إليكِ الآن.
تذكرين؟ الأسبوع الماضي توقفتِ بنا في منتصف الطريق بالصحراء وتحملتك، كنتُ أشتاطُ غضباً لكنني صبرت عليكِ، فليس معي غيرك، ومضطرٌ أنا للتصالح معك، حتى لو أفلستني فالأمر أهون علي من واحدةٍ جديدة. يا إلهي كم كان صعباً ذلك اليوم، لقد عطشتُ إلى حد الجفاف، ومرت ساعتان والشمس تحرقني قبل أنْ يمر شخصٌ ويساعدنا وينقلنا من ذلك المكان. وترددتُ لأجلك على المدينة ثلاثة أيام ذاهباً وراجعاً حتى تكوني صالحة، خسرت الكثير من الوقت واتهمني المدير بأن كل ما أقوله من أعذار هو أكاذيب، لأجلك أيتها البائسة فقدت ماءَ وجهي في عملي.
تُرى هل يمر الآخرون بما أمر به معك؟ المسألة ليست خسائر مالية فقط وإنما أكثر من ذلك، لأني بدأت أشعر أنك تكرهينني وتضمرين أمراً في نفسك. تريدينني أن أتخلص منك ها؟ هذا هو أملك الآن. حسناً أيتها القبيحة القديمة لن أفعل ولن تنالي ما تريدين.
يجب أنْ أتصل بحسن الآن كي يأتي ويخرجنا من هنا. الساعة الآن الثانية عشرة ليلاً أتمنى فقط ألا يكون نائماً وينهال عليّ بسبابه المعتاد. سأحتمله ولكنك لن تنالي رغبتك. ما هذا لا توجد شبكة؟ .. ماذا أفعل؟ وحيد وبائسٌ أنا وليس لدي مَنْ أكلمه. لماذا لا توجد شبكة؟ المنطقة هنا عامرة. أيعقل أنْ يصل بكِ الأمر إلى فصل جميع خطوط الهاتف عني بطريقة ميتافيزيقية؟ لن أهتم لك ولن أتعب، سأفعل المستحيل ألا أتركك.
مرحبا .. ـ هل يمكن أن توصلني إلى أقرب محل لتأجير السيارات؟ اركب. ـ شكرا كم حسابك. 30 ـ ماذا؟ كثير جداً. هذا سعر ما بعد منتصف الليل، وبالمناسبة نسيت أنْ أقول لك أنه لا توجد محلات للتأجير الآن؟ ـ ولِم لم تقل هذا قبلا؟ أنت طلبت، ليس لي شأن.
كأني بحاجة الان إلى مزيد من التعب. سأحاول الاتصال بحسن. ـ ألو ... نعم من؟ ـ أنا سامي. ماذا تريد الآن؟ ـ إنها هي مرة أخرى، تعال خذني من هنا. أين أنت؟ ـ سأرسل لك مكاني برسالة هاتف وتعال بسرعة. وهي؟ ـ سأتركها حتى الغد لتحترق بالشمس. معقول؟ ـ هيا أحضر أرجوك. حسناً، ولكنها المرة الأخيرة إمَّا أن تتصرف وإمَّا أن تتخلص منها. ـ مع السلامة.
يا إلهي ما هذا البؤس، أنا لا أملك فلساً، فكيف أتصرف، هل سيرضى حسن بأن يُقرضني مرة أخرى؟ .. آآآآه يا للمذلة، يجب أنْ أقرر.
ها قد جاء الصباح يا بائسة والساعة الآن الواحدة ظهراً، فهل استمتعتِ بالوقوف هنا؟ تبتسمين ولا يهمك؟ حسناً، هذا أمر أراه جيداً ولا يُخَيَّلُ لي حتماً. تتمنين لي الشر وتتوعدينني؟ سنرى .. سأحولك إلى حطام.
سامي، تخلص منها وأرح نفسك، هيا بنا الآن لمحل تأجير السيارات. ـ هل تعلم يا حسن؟ بالفعل تعبت، سأبدأ جدياً الآن بالتفكير في أمرها.
يا إلهي كم هي جميلة هذه المؤقتة، مُغريةٌ وحالمة. إنها تشجعني على التخلص من الأولى، الحياة جميلة بهكذا أشياء. سأمنحها حريتها حالما أقتنع تماماً. ومن المؤكد أنَّ البنك سيوافق على إقراضي من جديد.
ها سامي هل قررت؟ ـ لا، لقد عادت رائعة من جديد. لكنك تعلم أنها هكذا دائماً، وبعد يومين ستصبح خراباً وسوف تتصل بي. ـ لكن لماذا يحدث هذا؟ انتهى الأمر صديقي، فكر جيداً، فأموالك الآن تذهب هباء، وكما يقول المثل، إذا كنتَ غنياً فاقتني أشياء كهذه مستعملة أو مستهلكة حتى يمكنك الصرف علي إصلاح أعطالها دائماً. بماذا تفكر يا سامي؟ ـ أفكر في تلك المؤقتة، كانت جميلة وسلسة. إذن هيا. ـ بالضبط صديقي هذا هو التفكير السليم والصحيح والمنطقي.
أخذت بائستي وركنتها في طرف ساحةٍ واسعة، ثم أخذت المؤقتة بعد أنْ اقترضت مبلغاً من المال تحت الإذلال والمهانة، لكنني كنت مصمماً على مقصدي، ولم يكن ليهمني، بل العكس تماماً، إصراري حماسي ما زالا في أوجهما. أوقفت المؤقتة أمام البائسة ثم تحركت بها، ثم بدأت بالدوران بالمؤقتة حول الساحة الواسعة، مندداً، غاضباً، ومُسْتَفزاً. شعرت بالبائسة تلتهم نفسها، أعصابها، تحترقُ كاتمةً غيظَ العالم بأسره، تتمنى لو أنها بخير كي تتحرك أمامي. وكلما درت دورةً حول الساحة، كانت أضواء المؤقتة تكشف أمامي، وجود البائسة في ركودها هكذا، بائسة، مُرهقة لي ولها، ولا تريد أنْ تستلم. أوقفت المؤقتة إلى جوار البائسة، بعد ساعة ظننتها دهراً من الدوران حول الساحة الواسعة، ثم ذهبت للنوم وأنا أفكر بأن البائسة تندب حظها ندماً وغيظاً. تُرى هل أنا عاقل، متسرع، أم مجنون؟
#أزهار_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سائق النساء
-
أنا ويوكي في يورك
-
صخب الصور
-
أنا والبقرة والتلفزيون
-
حَدَّقتُ في الظلام فرأيتُك .. وحَدَّقتُ فيك فرأيتني
-
طلبنا طعاماً صينياً
-
يوكي والجمل
-
غادة وابن جني
-
العدُّ حتى تسع جَميلامات
-
نبيُ قلبي
-
كائنٌ كائنْ .. يا أنت
المزيد.....
-
اصدارات مركز مندلي لعام 2025م
-
مصر.. قرار عاجل من النيابة ضد نجل فنان شهير تسبب بمقتل شخص و
...
-
إنطلاق مهرجان فجر السينمائي بنسخته الـ43 + فيديو
-
مصر.. انتحار موظف في دار الأوبرا ورسالة غامضة عن -ظالمه- تثي
...
-
تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر
...
-
تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها
...
-
مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي
...
-
السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم
...
-
إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال
...
-
اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|