أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل خليل - في البدء كانت ( ثيسبس Thespis )(*)















المزيد.....

في البدء كانت ( ثيسبس Thespis )(*)


فاضل خليل

الحوار المتمدن-العدد: 7018 - 2021 / 9 / 13 - 06:32
المحور: الادب والفن
    


متأكد من أنني لن آتي بجديد من بحثي هذا في تحديد تاريخ وتطور ( المونودراما ) بسبب أن كل الذي سأتوصل إليه، كان الآخرون قد توصلوا إليه أيضا، وبشكل ربما أكثر دقة وموضوعية. ولكني سأحاول ـ ولي شرف المحاولة إذا ما أخفقت ـ وبمراجعة سريعة، متأنية، في بعض ما كتب في تاريخ ( المونودراما monodrama ) ونشأتها. وجدت أن أغلبها مألوف عند الغالبية ممن بحثوا في ذلك. وبالعودة إلى البدايات القسرية ـ من وجهة نظري ـ بالذي أقحم عنوة على أنه ظواهر مسرحية تؤكد على معرفة العرب للمسرح بوقت اسبق من المتعارف عليه، بما تيسر عندي من الوثائق المدونة وما يصاحبها من مشاهداتي ومخزوني المعرفي الخاص، والتي سأضعها أمام تقييم أطمح أن يوصلني إلى ضالتي بموضوعية.ِأتفق تماما مع نشأة ( المونودراما ) كونيا، وأنها بدأت مع النشأة الأولى للخليقة والتكوين، حين كانت للإشارة والإيماءة دلالاتها وأهميتها الكبيرة في التعامل قبل ولادة الحروف، وأكاد أجزم ـ انطلاقا من هذا الفهم ـ أن في البدء لم تكن الكلمة، بل كانت ( المونودراما )، ثبتت تقويميا مع فعاليات ( ثيسبس Thespis ) رجل المسرح الأول بلا منازع وعربته الجوالة، وكان لها الريادي الذي يحمل الرقم (صفر ) في فن ( المونودراما )، عاش في القرن السادس ق.م، بمعنى أدق هو الأسبق تاريخيا من الجميع، وتجمع المصادر على أنه اقتحم ساحة العرض واحدا فردا، بحكايتين أحاديتي البطولة ومتقاربتين في تأكيد الريادة.
• الأولى: أنه اقتحم ساحة العرض بعربته الجوالة التي كان يجرها بيديه متنقلا بها في ساحات ( أثينا ) يقف بها حيث يشاء هو، وحيث يتجمهر الناس حوله وحول عربته حيث يقدم لهم بواسطة محتوياتها حكاياته.
• والثانية: أنه كان يحضر عرضا موسيقيا في 23/11/534 ق.م، فاعتلى خشبة المسرح حين استفزه العرض فصاحب الموسيقى بالرقص.
وبهذا تم اعتباره ( ممثل المونودراما الذي يحمل الرقم صفر ) في تاريخ المسرح العالي، وربما لأغراض التيمن أطلقوا اسمه مصطلحا على تسمية التمثيل والمسرح thespian و اللاتمثيل anti – thespian.. ولم يتفرد ( ثيسبس ) بالريادة، فالبدايات التي تبعتها جميعها كانت تبدأ بالممثل لتنطلق من الأحادية في الأداء، والمؤدي ليتشظى منها الثاني والثالث والمجاميع. ليضيف ( سوفوكليس ) الممثل الثاني، مع الشاعر، وتلاه ( سوفوكليس ) بالممثل الثالث وبنفس الصيغة، وما تلى ذلك من تنوع في النوع بظهور ( ارستوفانيس )، وملاهيه... وهلم.
أما ابرز الظواهر المسرحية عند العرب قبل الإسلام فهو الذي ارتبط بالمواسم الأدبية خلال مناسك الحج حيث كانت تخصص لـ ( النابغة الذبياني ) مثلا، قبة حمراء في سوق عكاظ يؤمه فيها الشعراء يعرضون فيها أشعارهم. وكان ذلك ينظم في مشهد علني أمام جمهور واسع من المشاهدين وعلى نحو تتوافر فيه عناصر العرض المسرحي من صراع، وحوار، وزمان محدد، ومكان ثابت.. أما الممثلون فكانوا هم الشعراء المتنافسون أنفسهم الذين يستخدمون الحركة، والإيماءة، والصوت الجمهوري المتلون، للتأثير في المتفرجين .. ويلاحظ في تلك الحقبة التاريخية " بروز ظاهرة الحوار في قصائد الشعراء امرئ القيس، والنابغة الذبياني، وعنترة بن شداد، وغيرهم "(1). وفي ذات العصر ما قبل الإسلام، ظهرت الحكاية التي تؤدى من قبل ( المحاكي )، الذي يكنى آنذاك بـ ( السامر ) الذي يتعين عليه أن يكون من أصحاب المواهب والفطنة، ممن رزق موهبة التأثير على القلوب بفضل ما رزق من حسن عرض الكلام وتخريج القصص وتنسيقها وإظهار الأدوار البارزة للأبطال بأسلوب مشوق(2).
ويعتبر ( القصاص ) في صدر الإسلام، الامتداد الطبيعي لـ ( المحاكي ) مع اختلاف منطقي في مضمون القصة وعرضها، وقد اتبع ( العهد الأموي ) إجراءات رسمية في إلحاق ( القصاص ) في سوح المعارك لرفع الروح المعنوية للمقاتلين. هذا بالإضافة لتواجد القصاصين في المساجد أيضا لأهداف دينية. وكان ( القصاصون ) يستعينون في تمثيل أدوارهم على الحركات، والإيماءات، "وافتعال البكاء، أو التظاهر باصفرار الوجه، واللعثمة في الكلام، كما كان بعضهم يتبخر بالزيت والكمون ليصفر وجهه، ومنهم من يمسك بيده شيئاً يصدر رائحة معينة إذا شمها المتلقي دمعت عيناه لا إرادياً "(3)، وكانوا يرتبون جلوس الجمهور حول ( القصاص ) على شكل حلقة ( دائرة ) وكثيراً ما ينفعل الجمهور بما يشاهد ويستمع فيزداد الصياح والتعليق أو الدعاء.
مما تقدم يتأكد لنا بأن فن ( المونودراما ) هي البداية لكل حركات المسرح على اختلاف أماكن نشوءها وتكوينها. ولعل أغلب البدايات الشبيهة بالمسرح نشأت بالممثل الواحد وتحمل عناصر ومقومات فن ( المونودراما ). فمنذ ( المخايل )(4)، كما ورد في كتاب( الديارات ) للشابشتي، الذي يذكر: أن ( دعبل الخزاعي ) يوما هدد ابنا لأحد طباخي ( المأمون ) بأنه سيهجوه، فرد الابن بدوره قائلا: ( والله إن فعلت لأخرجن أمك في الخيال ). أي أنذره بأنه سيوحي لأحد فناني ( المخايلة ) بإظهار ( أم دعبل ) بصورة تدعو إلى السخرية(5). و( المخايل ) شكل من أشكال ( المونودراما )، وكذلك ( القصاصين ) اللذين تفننوا بـ ( قص ) نوادر الأخبار وغرائبها، وما صاحبهم من ( المضحكين ) اللذين تفننوا بطرائق الهزل وتقليد اللهجات لقاطني وزوار بغداد من الأعراب والأغراب، ومن مختلف الأجناس من فرس، وهنود، وروم، وسواهم، كما حاكوا المعاقين من أصحاب العاهات على اختلافهم، بل حتى أنهم حاكوا الحيوانات وأصواتها. ومن أشهر المضحكين الذين عرفتهم بغداد، كان ( ابن المغازلي ) الذي استدعاه الخليفة المعتضد إلى مجلسه، فصار يحكي لهم من النوادر، والخليفة متماسك، حتى أخرجه من وقاره، فصار يضحك واستلقى على الأرض ليضربها بيديه من شدة الضحك(6).

الهوامش:
*. ( ثيسبس Thespis ) هو أول ممثل ظهر في تاريخ المسرح الإغريقي ( القرن السادس ق.م ) ورجل المسرح الأول. أطلقوا اسمه مصطلحا على التمثيل والمسرح thespian و اللاتمثيل anti – thespian.
1. د.عمر الطالب: البدايات المسرحية عند العرب قبل الاسلام، مجلة بين النهرين، العدد34، بغداد ـ 1981 ،ص218.
2. شوكت عبد الكريم البياتي: تطور فن الحكواتي في التراث العربي وأثره في المسرح العربي المعاصر، رسالة ماجستير، جامعة بغداد ـ كلية الفنون الجميلة، تشرين الأول 1987، ص 8.
3. المصدر السابق نفسه، ص37.
4. - يعقوب .م. لاندو ، دراسات في المسرح والسينما عند العرب ،: د: احمد المغازي ، الهيئة المصرية للكتاب ، القاهرة ـ 1972، ص 72 ـ 73.
5. 16- أبو الحسن بن محمد الشابشتي : ( الديارات ) الناشر : كور كيس عواد ، مطبعة المعارف1951 – بغداد.
6. د.علي الراعي: في بحث قدمه لمؤتمر المائدة المستديرة، المنعقد في بيروت عام 1967.



#فاضل_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت المسرح في العراق
- هاملت شكسبير بين التعددية والتأويل
- في ( المونودراما ) و ما تيسر من تاريخها
- التجريب .. هو التلقي ( المثير ) في المسرح
- الساكن والمتحرك... في فكر المسرح
- التكامل الفني في العروض الناقصة
- المسرح الشعبي العربي .. حكاية واحتفال
- السينوغرافيا وأسس تكنلوجيا التلقي في الخطاب المسرحي العربي
- سعد الله ونوس .. الملك هو الملك - أنموذجا
- التأليف...المهنة الأسهل في المسرح
- صلاح القصب يؤول الصورة الى التحطيم الغاضب علي التقليد
- جاهزية التلقي والنقد المسرحي
- تكنولوجيا الخشبة توصل خطاب المخرج بلا ثغرات (فاختانكوف يسحر ...
- هل يكتمل الصراع حين يغيب الآخر في المونودراما ؟
- المؤثر القلق في ثبات الأنظمة التربوية والتعليمية في العراق
- تطور عمل المخرج في المسرح العربي المعاصر
- في ( المونودراما ) و ما تيسر من تاريخها ...
- مستقبل المسرح العراقي ... حين تغيب العافية عن المسرح
- الابن لمن يربيه !!!
- الفن قوة


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل خليل - في البدء كانت ( ثيسبس Thespis )(*)