أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - يا راكب الحمرا..















المزيد.....

يا راكب الحمرا..


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 7017 - 2021 / 9 / 12 - 01:14
المحور: الادب والفن
    


يا راكب الحمرا...
(رسالة إلى صديق من بني خداش)
صديقي العزيز الأستاذ عبد الجليل حمودي، أما بعد، فقد تابعنا، أسوة بغيرنا، معظم العروض المشهدية التونسية، والتي كادت أن تصبح ظاهرة فنية اجتماعية تتميز بها تونس عن باقي البلاد العربية. فقد كانت الانطلاقة الحقيقة مع عرض النوبة للفاضل الجزيري وذلك عام1991، لتتبعها عروض صارت بمثابة كلاسيكيات الفنون المشهدية التونسية، مثل عرض الحضرة، وعرض نجوم، ثم زغندة وعزوز، والزازة، والصابة، وعرض الزردة، ثم جاء جيل جديد ليقدم عروضا من مثل المدحة، والزيارة، وعرض أربعة وعشرون عطرا لمحمد علي كمون، وغيرها مما لا يحضرني الآن من العروض التي ازدهرت ونجحت خلال السنوات اللاحقة، متخذة مسارين، فإما عروض ذات طابع صوفي إنشادي، من نسل الحضرة، وإما عروض ذات طابع دنيوي إيقاعي راقص، من نسل النوبة.
وإلى هذين العرضين، الحضرة والنوبة، للفاضل الجزيري، تعود بمرجعيتها كل الفنون الاستعراضية المشهدية في تونس، بشكل أو بآخر، وبخاصة من حيث تنفيذها على خشبات المسارح، وتحشيد الجمهور لها وحولها.
وبما أنك أيها الصديق، كنتَ قد كتبتَ ونشرتَ مقالا نقديا رائعا عن عرض "الزيارة" للفنان سامي اللجمي، ذلك العرض الصوفي الذي نجح أيما نجاح، على المستوى الموسيقي والجمالي والجماهيري الشعبي، فإنني قد خصصت لك سؤالا يتناول جانبا من هذا العرض المتميز الذي ما زالت الناس في تونس تردد معظم أغانيه وأناشيده وفي مختلف المناسبات، ولا تكل وسائل الإعلام المرئية والمسموعية عن بث العرض كلا أو جزءا، بشكل مستمر.
ولعل من القطع الإنشادية داخل عرض الزيارة، والتي حازت على شهرة واسعة حتى بين أوساط الشباب، أغنية "راكب عالحمرا"، والتي أداها باقتدار كبير وبإضافات ملفتة على الأصل، الفنان منير الطرودي، وتقول كلماتها:
راكب عالحمرا
وسرجها مقدود
الهذيلي يا مسعود
عديت على شمّاس
دمعت عيني مصوبة رشراش
عالوحش ما طقتاش
صيد الخنقة والجبال السود
يا سيدي يا هذيلي يا مسعود
الهذيلي يا العربي
وإذا ندهتك والشدة في ربي
فرج على كربي
تجيك العاقر وتروح بالمولود
يا سيدي يا مسعود
يا هذيلي يا ولد هذيل
وإذا ندهتك تلفالي في عقب الليل
على الحمرا تسير
سيد الخنقة والجبال السود
يا سيدي يا مسعود
مهموم ما نرقد النوم
فاقد خيالك نراجي
أنا مرضت وفنيت من داك
وحار الطبيب في علاجي
الهذيلي يا مسعود.

وفي الحقيقة، فإنه ومنذ تقديمها لأول مرة في شكل فني متقن، بأصوات فرقة عبد الكريم الفيتوري، فنان المزود الشهير، ضمن عرض النوبة عام 1991، على مسرح قرطاج الاثري، فإن هذه الأغنية تعرضت، وما تزال تتعرض، لشتى صنوف التأويل وسوء الفهم والتحوير والتغيير والاضافات والتوزيعات الموسيقية، بعديد الاصوات الرجالية والنسائية، وبأداء مجاميع صوتية، وبأساليب موسيقية متنوعة، من فن المزود وصولا الى تأديتها بأسلوب الجاز أورينتال والبلوز.
فمن هو مسعود الهذيلي الذي تتغنى به القصيدة والاغنية؟
الروايات عديدة، والتأويلات أكثر، وما من مصدر مدون موثوق، وليس أمامنا غير الروايات والاخبار.
يقال ان مسعود الهذيلي أصوله من قبيلة هذيل العربية الموجودة بكثرة في تونس، والمتواجدين في بنزرت واطرافها وأحوازها. لكنهم اختلفوا في تحديد هويته. فهناك من يقول إن الأغنية انما تتغنى بمناقب الولي الصالح الشيخ مسعود الهذيلي، وهناك من يقول انها تتحدث عن مقاوم اسمه هذيلي مسعود قاوم الفرنسيين باستماتة، وكتب أحدهم هذه القصيدة تكريما لهذا الفلاق الذي دوخ الفرنسيين ايام الاستعمار، على حد تعبير أحد المسنين الذي استمعت اليه شخصيا في القيروان.
تقع زاوية سيدي مسعود الهذيلي، المتغنى به، في ولاية القيروان، وتحديدا بمعتمدية الوسلاتية، وتسمى القرية الريفية التي تقع بها الزاوية منطقة واد القصب أو منطقة معروف. وتقع الزاوية في تلة قرب سد نبهانة، وقد وقع نقل الزاوية من مكانها الأصلي أثناء بناء السد حتى لا تجرفها المياه. ويحفظ معظم أهالي قرية معروف الأغنية عن ظهر قلب حتى يومنا هذا، كما ويعتبرون الهذيلي مسعود رمزا للكرامة والشهامة.
وهناك من قال لي ان مسعود الهذيلي هو ولي صالح مدفون في معتمدية السبیخة من ولاية القيروان، بين جبلين أجردين، ولونهما يميل الى السواد فعلا، والمكان يسمی الخنقة، ويتم ذكره في الأغنية، لأنه محصور بينهما.
صديقي عبد الجليل..
قبل أيام، استمعت الى هذه الأغنية أو الأنشودة، راكب عالحمرا، او على الحمراء، وهو أو هي، كناية عن الجواد المحارب الأصيل، وهذه المرة بصوت فنان الشعب، المغني والمنشد الكبير صاحب الصوت الشجي، الهادي دنيا، يؤديها بأسلوب فن المزود الذي اشتهر به بابا الهادي كما يلقبونه تحببا، في تونس. ولكن، ما أشكلَ عليّ حقيقةً، هو انتباهي بدقة الى مطلع الأغنية، حيث ورد بشكل مختلف تماما عن النسخ المغناة المؤداة منذ عبد الكريم الفيتوري، وصولا الى نسخة عرض الزيارة لسامي اللجمي، بصوت منير الطرودي، مما أسلفت الحديث فيه أعلاه.
تقول الأغنية بصوت الفنان الهادي دنيا:
نركب عالحمرا
نلحق التلمود
يا هذيلي يا مسعود
الخ...

فما هي قصة ورود هذه الكلمة، التلمود، في هذه النسخة من الاغنية الشعبية الاكثر شهرة في تونس، راكب عالحمرا؟
نعم، فيما نعلم كلانا، من بعض المصادر المدونة، ولا أعلم مدى صحتها التاريخية، إن اليهود التوانسة في أزمنة ما، كانوا يتبركون بزيارة أضرحة الاولياء الصالحين والمتصوفة التونسيين. وكان مسموح لهم حضور طقوس الحضرة أو الحضرات التي كانت تقام في الزوايا والتكايا الصوفية المنتشرة في البلاد. ان التلمود תלמוד هي كلمة عبرية تعني الدراسة، ومنها كلمة تلميذ في العربية، وهو كتاب تعليم الديانة اليهودية بمثابة شرح وتفسير للتوراة. ولكن نعلم ايضا إن التلمود هو غطاء قبر الأولياء الصالحين، أي الغطاء الذي عادة ما تلقاه مرفوعا فوق القبر من الزوايا الأربع له. بينما أكد لي أحد المهتمين بالموسيقى الصوفية التونسية، ان المقصود بالتلمود دائما هو طقس الحضرة. وفي أحد الأعراس التي حضرتها في نواحي تطاوين، كان الشاعر الشعبي الحاضر في المحفل يسمي فرسه بالحمراء، وحبيبته ومعشوقته بالتلمود.
لقد سألتك عديد الأسئلة يا صديقي، فدعني أختمها بهذا.
إذ لعل من الطريف في هذا السياق التذكير بأغنية للفنان السوري الكبير صباح فخري والتي يقول فيها:
يا راكب الحمرا قناطير
سلّم على أحباب قلبي قناطير
ويلي وآني المجروح وبجري قناطير
والمجروح والميّت سوا.
فهل من علاقة بين الأغنيتين، وبين الفولكلورين والتراثين، مشرقا ومغربا؟
--------------------
روابط مفيدة:
عرض الزيارة كاملا
https://youtu.be/DaTiG3QsBss

أغنية راكب عالحمرا من عرض الزيارة
https://youtu.be/NiMjty23154

اغنية راكب عالحمرا من عرض النوبة
https://youtu.be/iGpZQLnyLVo

أغنية نركب الحمرا للهادي دنيا
https://youtu.be/jbdKwt2qK0w



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- *هل ما زال هناك مسرح ملتزم؟
- ضرورة مسرح الحقيقة، ضرورة بريشت..
- قصيدٌ إلى اللُّمِّيْمَة.. المرأة والبحر
- شاعر يعيش اللامعقول مسرحا وحياة..
- مونت دور، قصيدة مترجمة الى اللغة الانكليزية
- أصوات.. مسرحية من دراما اللامعقول
- ما زلتُ أنهضُ.. قصيدة مايا أنجيلو
- فن الرواية والسينما والخيال: مقابلة مع سلمان رشدي
- الملاك عازف الكمنجة
- حول مفهوم -وجهة النظر- في الرواية المعاصرة..
- الرواية الدينية والبديل الشعري عند وليم غولدينغ
- حوار مع الفنانة التشكيلية التونسية عائدة عمار: أفكار لوحاتي ...
- المسرح الآن، أكثر من أي وقت مضى.. بمناسبة يوم المسرح العالمي
- سنتان وثمانية أشهر وثمانية وعشرون ليلة: ألف ليلة وليلة كما ي ...
- سلمان رشدي متحدثا عن الشعر والقصة القصيرة والخيال..
- الثدي المقطوع: فارس اللامعقول يترجل..
- نجيب عياد: نحو هوية عربية للسينما..
- رواية ما بعد الحداثة وتكنيك المرايا المتقابلة: -المرآة والقط ...
- في بنية التفهم الأدبي: الأدب والقراءة والتأويل..
- الغموض بوصفه ظاهرة شعرية


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - يا راكب الحمرا..