أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - كيف لنا ان نفهم العلاقات الإنسانية الطبيعية؟ ج2















المزيد.....


كيف لنا ان نفهم العلاقات الإنسانية الطبيعية؟ ج2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7017 - 2021 / 9 / 12 - 10:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هذا المنطق الخلدوني المتبني للمفهوم التجريبي أو الحسي في تحصيل المعرفة وتطورها وصناعتها هو من وجهة نظر أخرى أيضا يقترب من العقلانية الواقعية التي تنسب كل معرفة إلى العقل كونه الصاع والمكتشف والباني لها، فالعقلانية الواقعية لا تنكر دور التجربة في ترقية العقل ولكن تنكر أن العقل مجردا قادرا على أكتشاف وبناء وتطوير وتنقل المعرفة لفهمها أن المعرفة والأفكار والتصورات والتصديقات هي أيضا تجربة لانهائية، دور العقل هنا هو دور الدليل الذي يحتاج إلى علامات وأمارات ونقاط وخطوط في الواقع وسابقة لمرحلة الكشف، بمعنى أن العقلانية الواقعية تميل إلى الموضوعية العقلية أكثر من الأعتماد على العقلية الذاتية، ابن خلدون ومن بعده الدكتور الوردي وثلة كبيرة من علماء السيسيولوجيا ودارسي الفكر ومنهم فلاسفة ومفكرين يؤمنون، أن النظرية العامة في اجتماعية المعرفة التي تبحث في التأثير المتبادل بين الفكر والواقع الاجتماعي من منظار الحقيقة، معتبرين ان الحقيقة نسبية وأنها موجودة خارج العقل البشري ولكن من يقررها ويستدل عليها هي الصورة الذهنية داخل العقل، أي معرفة العقل بالمعرفة هي المكتشف ولكنها ليست المنشئة لها ، فمنهايم عالم الأجتماع الألماني يشبهها بالهرم ذو الأوجه المتعددة وأن كل منا لا يرى من الهرم سوى الوجه المقابل له دون الوجوه الأخرى، مع أنها أي الحقيقة مركبة وليست ذات وجه واحد وهذا ما يشتت وصولنا لها كاملة.
لم يترك الدكتور الوردي خطوط فاصلة بين النظام العقلي المنتج للمعرفة وبين العقل كقيمة مجرده صانعة أو مكتشفة لها، فهو ينسب الوصف التقصيري لكليهما على أنهم واحد من خلال الربط بين السبب والعلة والنتيجة، فقد انتقد الوردي المنهج العقلي وبين عيوبه باعتباره منهجا لا يتلاءم مع المنهج العلمي الحديث حيث أخطأ أصحاب المنهج العقلي عندما تصوروا ان الطبيعة البشرية كأنها نتاج العقل، وأن العقل كأنه موهبة عليا وظيفتها الوصول الى الحقيقة بكل أبعادها، وظنوا ان في وسعهم اصلاح البشر عن طريق الموعظة والخطابة واسداء النصح بما يسمى المثالية العقلانية (الدين والأخلاق والقيم وحتى الفكر في جزؤه الحالم بالرومانسية التأملية)، فيصف المثاليون العقلانيون دوما بانهم يعيشون بتفكيرهم في أبراج عاجية وينظرون الى المجتمع نظرة مثالية دون أن يتحققوا من أفتراضهم على الواقع المادي.
إنه هنا يدين العقل ولا يدين العقلانية المثالية بالحقيقة، فإن عجزت المثالية العقلانية عن معالجة وفهم وتصويب حركة الواقع والإنسان لتعاليها وترفعها عن الواقع، وبالحقيقة هو كسلها الترفي المتأتي من قواعد مقدماتها التي تجذرها الأنا بما يتراءى لها من منزلة أو موقع أجتماعي، فالعيب ليس في العقل بالتأكيد ولكن في قوة النفس وشخصنة الأنا فيها، وهذه الشخصنة ولدت تأريخيا ولعوامل كثيرة تتعلق بالمعرفة المجتمعية التي تطورت مع تطور حركة المجتمع وهي نتاجها ونتاج تجربتها في موضوعية وذاتية المجتمع نفسه، إذن المدان هنا المعرفة لا العقل وإن كان يتحمل جزء من هذه المسئولية لو أمنا كما يقول العقلانيون أن الحقيقة موضوعية خارجة عن العقل، أنا هنا أبرئ العقل من المثالية التي أدانها الوردي وأفترق معه في نسبتها له لأنها أصلا تتعلق بالنظام العقلي الذي نشأ من التجربة وعاد إليها بالنتائج.
وحتى أدافع عن رأي هذا نعود لتحليلاته هو حين يدين العقل الجمعي في قضية الإيمان والتدين، فهو مثلا يقول "فإذا وجدنا أفرادا يمارسون عادات وتقاليد باطلة فلا يكفي لإصلاحهم ان ندعوهم الى التفكير السليم، لأنهم يعتقدون بان ما اعتادوا عليه هو الصحيح وما يعتقده الآخرون هو خطأ، وغالبا ما لا يستسيغ البعض أن يروا واحداً يخالفهم في الرأي لأنهم يظنون بأنهم على صواب وغيرهم على خطأ"، هذه النتيجة التي أمن بها وخلص عندها تحتوي على عنصرين مهمين، أولا عنصر المعرفة وكيفية تولدها ورسوخها في المجتمع، فهي بالتأكيد ليست عقلية تامة أي ليست منطقية أكتشفها العقل ولكنها ولدت نتيجة تغييب العقل من خلال تغييب العاقل الفاعل، فهي تجربة مجتمع نشأ على ومع الفكرة ولا يستطيع أن يفارقها لأنها مبرهن عليها كما يظن، وبالتالي العقل لا يستطيع مواجهة تجربة يظن صاحبها أنها يقينية تماما حتى تثبت له بتجربة مضادة عكس ما يظن.
أما العنصر الأخر بالفكرة التي طرحها لوردي في كلامه السابق هي مسألة المعيار والمقياس الذي يفرق بين الصحية والبطلان، بين الحق والباطل بين العقلي والمثالي، هل يمكن لنا أن نستنجد بمقياس خارجي غير منحاز بين العقل وبين التجربة مثلا، بين العقلانية وبين الحسية، بالتأكيد لا يوجد مثل هذا المقياس خارج العقل وخارج رؤية المعرفة، أي لا يمكن أن نستعين بمقياس ومعيار لا موضوعي ولا ذاتي في الواقع، إذا تبقى قضية الحق والباطل قضية نسبية تعتمد على أساسيات الأفتراض وتوجهات المنهج، فقد نرى ما هو باطل بحسب المقياس العقلي حق عند الأخر المختلف والعكس صحيح، لذا نجد أحيانا أن بعض ما يجزم به أو يؤمن به الدكتور الوردي فيه الكثير من التناقضات كأحكام عامة، خاصة في ما نسبها للشخصية العراقية وتخصيصا في صورتها المثلى النخبوية الدينية والفكرية وإن كنا لا نزكيها ولا نؤيدها لكنها تحتاج إلى قراءة أخرى أعمق وأكثر تشعبا في البحث عن الجذور والشعيرات الجذرية التي تمدها بأسباب القوة والبقاء.
النقد الرئيسي الذي بنى عليه فكرته عن العقل تتمحور حول نقص في قدرة النظام العقلي في التعامل مع ما بين يديه من ظواهر سلوكية، دون أن يبين حقيقة هذا النقص هو عام كلي يمكن تعميمه على كل الشخصية العراقية/ أم أنه يخص النخبة التي عليها أن تتحرك وتحرك المعرفة من خلال دورها الوظيفي في المجتمع، هذا النقص وإن كان يسبب خلل في النتائج المعرفي دون أن يعني ذلك ذاتية العقل بالخاص، كذات موصوفه بالماهية والوظيفة والتكوين والتكييف على أنها قادرة على فهم وتفسير الظاهرة وكيفية تعقلها، في حين أن مجرد تحول الفكرة من تجريدها العام وتحويلها لسلوك وممارسة ينفي عن العقل مظهر وصفة النقص.
أي أن العقل العراقي تعامل مع الواقع واستجاب لنتائج هذا التعامل وما بني عليه فهو مارس التعقل بصورة فعلية وإن كما يقول الوردي أنها كانت بوجه واحد ومن زاوية واحدة حصرية وتمسك بوجهة نظره هذه، أي أن العقل العراقي لم يكن متكاسل ولا يشوبه عيب تكويني أساسي وإنما النقص كان في نظام التعقل، أي بالأدوات المتوفرة والتي صنعتها المعرفة التاريخية التجريبية وهي التي أنتجها عملي الجغرافية والتاريخ وما بينهما من تبدلات معرفية وفكرية حضارية بدأ من الدين وأنتهاء بالسياسة، وهذه الأدوات هي موضوع خارج العقل تؤثر على مساره في التعاطي مع الحقيقة ولكن لا تؤثر أصلا عن وجوده أو عدم وجوده، المشكلة في كيفية التفاعل لا بالفاعل، الفاعل موجود ولكن النقص في حاجة الفاعل لمنهج وطريقة تقديم وطريقة اعداد وما يتمخض منهما، وهذا ليس ذنب العقل، والدليل أن الوردي كعقل عراقي تجاوز هذا النقص من خلال توفر الوسائل الجيدة والصحيحة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوردي .... عالم أجتماع وفقيه النقد الديني ج 2
- الوردي .... عالم أجتماع وفقيه النقد الديني ج1
- منطق الصراع الاوربي ... تاريخ الحدث والدلالات
- الشخصية العراقية في نظرية الوردي النقدية ج 3
- الشخصية العراقية في نظرية الوردي النقدية ج 4
- الشخصية العراقية في نظرية الوردي النقدية
- الشخصية العراقية في نظرية الوردي النقدية ج2
- الإيمان بين الاصل والصورة
- حروب العقيدة
- السيادينية الإسلامية السلفية تشويه للدين وأعتداء على الإنسان
- إسلام سلام وإسلام حرب
- الأسس الفكرية لثقافة التطرف والأصولية التكفيرية
- الإرهاب الديني والإرهاب الأجتماعي
- الإرهاب وجذره الديني
- ظاهرة الإرهاب بين الحلول والرؤى
- ما لا تعرفه عن واقعة كربلاء أو نهضة الإمام الحسين تاريخيا... ...
- داعش ووهم الخلافة المتستجدة
- إشكالية العنف الديني والتطرف من وجهة نظر أجتماعية
- نحن وطالبان والمستقبل المجهول
- جذور الفكر السياديني نشأة وتأسيس وعلاقته بتطور التطرف


المزيد.....




- ترامب يأمر الجيش الأمريكي بتنفيذ ضربات جوية في الصومال
- تظاهرات في مدن ألمانية ضد سياسة الهجرة المدعومة من البديل
- نتنياهو: سنواصل العمل لتحقيق أهداف الحرب
- شاهد.. نيران وحطام طائرة متناثر في الشوارع إثر الحادث الجوي ...
- مصر.. اجتماع عربي لرفض تهجير الفلسطينيين
- صحيفة: في الغرب يدركون أن بوتين يعرف نقطة ضعفهم
- اختفاء معلومات وبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية من ...
- السودان.. الجيش يعلن استعادة السيطرة على عدة مدن في ولاية ال ...
- دانماركي يحرق مصحفا أمام السفارة التركية في كوبنهاغن (فيديو) ...
- واشنطن: يجب إجراء انتخابات في أوكرانيا


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - كيف لنا ان نفهم العلاقات الإنسانية الطبيعية؟ ج2