|
اشتعال -4-
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 7014 - 2021 / 9 / 9 - 11:48
المحور:
الادب والفن
أحاور شمس الصّباح أغفو على وقع أغنية أرى أحلاماً سعيدة . سوف أبدل لون حذائي لون شعري الذي لم ينبت بعد ولون قلبي عندما لا أرى سيارة تنتظرني أذهب إلى المحطة حيث أقف مع الحياة في انتظار قطار يقلني
. . . الفصل الثاني
النّبذ الاجتماعي
تهبّ العاصفة ، تطرق الأبواب ، تولد فيّ حريّة متّهمة بمرضي، بتفاصيل وجودي في مرة تنمّر عليّ قومي جلست على حافة الطريق أنتظر واسطة نقل كانت أحاديثهم تدور في خاطري كأنّ اتفاقية عقدت بينهم ، فابن اليوم وابن الستين كانوا يتحدثون بنفس اللهجة ، أتجاهل الحديث، و أبدو أنني لم أفهم الحديث فيعيدونه على مساعي بطريقة مشروحة . سألتني : هل أمثّل الإمبريالية ، الماسونيّة ، أم الصهيونية ؟ لماذا ينبذونني ؟ لست جيدة في مشاعري أعداد كبيرة تشعر بالإقصاء فترضخ هو ليس نبذاً إذاً، بل طريقة للإرضاخ فيما بعد عرفت أن هذه الكلمات لا طعم لها ، ولا يستعملها إلا المستفيد من واقع الحال ، فأحدهم أطلقوا عليه اسم فنان عالمي ، وقد دخل كلية الفنون الجميلة بالواسطة، كان يكتب التقارير للأجهزة الأمنية، وعندما مات لم يبق من مجتمع الجراد شخص واحد لم يصفه بالعالمي . أصبحت لا مبالية، أقرأ لغة جسد الشّخص، أعرف موقفه منّي ، قد أنسحب من حياته دون إيذاء ، أعمل على نفسي، وعندما أصل لما فوق الصّفر بقليل يعود النابذون ليتمسحوا بي علّني أفيدهم بأمر ما ، الأمر يتعلق بحدّ الصفر. عندما يذّكرك صديق أنه يفتقدك . اعرف أن حالك أفضل لماذا لم يكن يفتقدك البارحة؟ عندما يشمّ ربعك رائحة المال يتغاضون لو أخطأت بحقهم يراقبون خطواتك الافتراضية يكيلون لك المديح حتى لو شتمتهم أنت في حد ذاتك غايتهم يعرفون كيف يجتذبونك ليلة أمس تواصل معي أحد أفراد عشيرتي يسألني عن حالي ، قال لي: لك طول العمر، شعرت بلغة جسده، و أنّه يتمنى لي الموت. مع السّرطان عرفت قيمة الحرية، و التي تعني بطريقة ما حبّ الذّات و احترامها. عندما يشرح لي شخص بإسهاب مدى خوفه علي أشعر بالتوتر ، فالبارحة كان يتهمني . تواصلت معي إحداهن ، كانت في الماضي تتجاهلني ، بعد أن تحدثت كثيراً عن حبها للتواصل معي. لم تكبت أسبابها، فقالت لي: أرغب أن " تجلبيني أنا و ابنتي إلى السويد" . خجلت أن أضحك من الطلب، فوزير الهجرة السويدي ليس له تلك الصلاحية. أجمل ما في الحياة أن تعيش بلا حنين أن لا تعني لك الأماكن شيئاً أن تنسى التّفاصيل تجدّ في السّير لا تلتفت إلى الوراء فبعد ميل سوف يحلّ الرّبيع . . . عادات المرض أعتقد أنّني لست مريضة ، فها أنا أسير و صدري مملوء بنسيم الصّباح. أرغب بالقفز، بالغناء . أشعر بالحرج عندما أدّعي المرض ، لا أصدق نفسي ، فقبل تشخيص مرضي شعرت أنّني سوف أختنق ، طلبت من ابني أن يسعفني إلى المستشفى، حيث أمضيت حتى منتصف الليل ، لكن دون إسعاف ، فقط تحاليل ، كانت الغرفة باردة ، وشعرت أنّني أتيت بلا سبب. وقّعت على ورقة الخروج ، في الطريق قلت لابني: هكذا هو الأمر معي . أشعر بالمرض، وعندما أذهب للطبيب أتحسن . أخجل من المرض، من الفقر أخجل لأنّني تقدّمت بالسّن دون علمي أخجل من ضعفي من قلة حيلتي ومن ضيق ذات يدي ليس لي ذكريات سوى الخجل منّي محطات حياتي ليس فيها ذكرة بل ذكرى هروب ولا زلت أهرب منّي من عادات المرض أنّه يحبّ اللعب معك ، فمنذ ما يقارب العام وهو يقدّم لي شرحه حول حالي: هي مكافأة نهاية الخدمة ، لا يجوز أن تكون لديك أميّة طبية . سوف ألقنّك الدّرس . لا أحد سوف يلقنّني درساً حتى لو كنت تقودني إلى الأسرة البيضاء حتى لو قيدتني تحت آلة تزمجر لن أعترف بك عندما يتبعثر الفرح أجمعه ، أصنع منه لوحة للذكرى . لا شيء يستحق ! مررت على اليباب ، غرست فيه صبارة ، رحلت عنه ، تكاثرت الصبّارة ، أصبح اليباب مليئاً بالثمر يسألونني من أين يأتون بأوراق الصبار ليعالجوا بشرتهم لم أكن أعرف فوائده -أعني الصبار-قبل أن تمرّ ذكراه حبيبي ! أتوق إلى صوت رجل ، إلى صوتك قبل أن تدخل كلية الفلسفة . ما نفع التفلسف أيها الأمل الميّت؟ أتدري كم حلمت أن نركض معاً على شاطئ بعيد ؟ أن نضحك قهقهة ، نحتضن معاً ابننا الوليد لكنّك تفلسفت ، قلت: العشق قصة تنتهي وأبدأ من جديد بدأتَ ، أصبحتَ عجوزاً ، لا زلتُ في عمر الشّباب رحلت عنك ، لم أرحل ! في كلّ ليلة يحضنني رجل صنعته بيديّ، و أنت بعيد. العيش يضيق بي لولا ذاك الحبيب أمد يدي ، يمسكها ، يهتز سرير المرض أنهض ، يخاف عليّ من السّقوط يضمّني، يقودني إلى الفرح لو لم تكن حبيبي قبله لما استطعت صنعه جمعت كلّ حكاياتك الكاذبة عجنتها ، شكلت منها رجلاً يصدقني الحبّ ورحلت أنت من عالمي يسألني الطبيب: هل معك قريب؟ أجيب : نعم! سوف يحضر للتوّ قل ما عندك أيها الطّبيب! اكتب لي الوصفة ، سوف يشتريها من ماله، لن يدير ظهره لي ، و يجعلني أحتار إن كنت سوف أشتري الدواء أم لا، وفي النهاية أقرّر أن لا ضرورة للدواء فجسدي يرمم نفسه. يعيد الطبيب السّؤال، بينما كنت مشغولة بالوصفة و الحبيب ، أجيب نعم. ابنتي، ابني. يستغرب الطبيب: هل لك أبناء و أنت في العاشرة ؟ لا بأس . سوف نعطيك حاجتك من الدواء ليومين بعد الإفاقة من البنج . . . عشت حياتي لا مبالية ، لا منتمية، لا أخاف هروب الحبّ، وكلّما هرب حبيب صنعت آخر بيديّ . تجددت على عدد مرات تجدد الحبّ، لكن كلمات من الماضي السّحيق ترنّ في أذني، و أنا أستيقظ ، و الوهن يلفّني . كلمات حاربت من أجلها العالم ، قاتلت من أجل الحبّ، وشاخ حبيبي ، قال لي: للحبّ نهاية ، ينتهي باللقاء، لكنّني جمعت كلماته السابقة للقاء، صنعت رجلاً يشتعل بالحبّ، أرغب أحياناً أن أخمده قليلاً، يرفض إلا أن يوقد نفسه من أجلي، من أجل الحب. حلّ الليل ، سوف أنتصر اللية على المرض، أغفو ملء جفنيّ ، عليّ أن أنهكه كي ينام عندما أنام ، ما أجمل هذا المساء! سوف أمشي في طريق مليء بالظلال، أتنفس الهواء، سوف أمارس تمارين الصلاة. صلاة جديدة لم يسبق لأحد أن مارسها، سوف أنشر تمارينها، وتسجل باسمي . سوف يقول البشر في المستقبل: امرأة من الماضي أسست لتمارين صلاة خجل المرض فانسل منها انتصرت في ليلة ليلاء أركض بقوة ، انتهى مني ذلك الوباء ضحكت أمام المرآة حملت وسادتي قاصدة أقسى ركن من الحياة أبت الوسادة أن تستقر حملتها برفق جلست أعاتبه: لماذا عدت طالبني بمزيد من التمارين إنّني في كامل نشاطي أكتب سيناريو فيلم عن الصعود إلى السّماء خبأت أفكاري ، تمنياتي ، أهدافي في بئر بعيد لم تخرج إلى العلن ، لم أتحدى الخوف من البوح جعلني أتكتّم تعيش الأفكار فينا ، تصاب بأمراضنا، تنكمش على نفسها ، تصبح سلسلة من الصعب فكّ حلقاتها، تتحول إلى أحلام يقظة ، ثم إلى يقظة الأحلام ، فتنتفض في عمقك كما الجنين. لم أكن جبانة يوماً ، فقط اعتبرت السّر هو سرّي ،لم أكن أعرف أنّه لا سر في هذه الدنيا ، فلغة الجسد، و لغة الحسد ، وكل اللغات المخفية تكشفها زلة لسان ،كلما داريت على أمر اكتشفت أنّه ظاهر للآخر أكثر مما هو ظاهر لي، و في موجة من موجات التّغيير التي أخذت منّي دهراً، حيث كنت أسلخ جلدي في كل مرّة إلى أن بدت أفكاري تكاد تخترقه. خلعت جميع أفكاري غسلتها ، نشرتها على حبل غسيل ، وعندما جفّت لم أر كتابة على صفحتها ، كانت شفّافة، خفتُ لأنني كما تعرفون : كلما ذهبت على السّراط مرّة أسقط في مكان محايد ، ينتشلني الرّب، يؤنبني : على ماذا سف أحاسبك ؟ لم تكوني على قيد الحياة ، صفحتك ليس فيها أخطاء ولا حسنات ، يعيدني إلى الدنيا ، و أبقى حريصة على أن لا أخطئ فلا أعيش الحياة، هذه ثالث مرّة يعيدني فيها الرّب إلى الدنيا كي أعيش حياة طبيعية، وتكون صحيفة أعمالي بالألوان ، تحتاج لدراسة عميقة كي يسقطني في أي مكان، حيث توجد أمكنة للسقوط ، وحتى الجنة فيها درجات ، هناك جنّة تقع على حدود النار، تأتيها الكوارث من كل صوب، لكنها ضمن حدود الجنّة! بينما كنت أنشر أفكاري على حبال الغسيل، شممت رائحة نسيم قادم يلف خصري ، تركت بعضها- أعني الأفكار-في سلّة الغسيل، تبعت النسيم. على حدود الألم رسمت مع النّسيم قوس قزح حملني معه إلى الجبل ، جثونا قرب بحيرة " خلعت كلّ أثوابي" ، وغصت في البحيرة وكلّما رفعت رأسي يداعبني النسيم فأعود إلى الماء على الجهة الأخرى من البحيرة كانت أمي تبتسم لي نزلت دموعي على صفحة الماء ، فصنعت الدموع دوائر ، في كل دائرة شوق للقاء . التقينا، كانت لحظات عتاب . همست في أذني: أن تكوني أمّاً ليس بالأمر الجيد على الدّوام . لماذا يا أمّي تقولين ذلك اليوم؟ لم أفهم الدّنيا يوماً، لا أتذكر من حنانك سوى بعض الكلمات: إياك و الرّجال! لو دربتني على الحياة على الفرح على حبّ الذات لما نشأت خائفة . لماذا يا أمي زرعت في الخوف ؟ عندما يهزك المرض تستعيد سيرتك الذاتية ، تستعدّ للموت بشكل طبيعي، فأنت لم تعش الحياة أصلاً . في طفولتك الأولى كنت ممنوعاً من الفرح، لم تشبع الطّعام، ولا تعرف طعم الشوكولاته ، في شبابك كنت تبحث عن هوية ، لم تجد من يضمّك إلى مجموعته ويعطيك قدراً من الوفاء، وفي الشيخوخة ترغب أن تغيّر حياتك ، لكن لا حبّ ، لا هوية، لا اشتعال بالحياة. أغلبنا يعيش على الهامش يقول أنّ الفقر قيمة ، لكنّني أخجل منه عرفت أن المال يصنع السّعادة جمعت المال ما نفع أن تجمع المال و أنت تعيش بين الحرامية؟ تلك الثقة العمياء بنفسي ذلك الشّعور بأنّني قادرة على تغيير الأشياء الانغلاق الآخر المثالية اللامبالاة كل تلك الأشياء صنعت مني نقصاً اسمه عقدة التّفوق. صحيح أن الشعور بالتّفوق هو مركب نقص في الإنسان ، لكن بعد أن فتحت عيني على العالم ، وفهمت مغزى الحياة، وغادرت ذلك المكان الذي زرع في الدونية من هويتي الجنسية ، و رأيت الحياة كما هي ، بعد كل تلك الأشياء عرفت أن تلك النواقص كالعزلة و الشعور بالتّفوق لم تكن نقصاً بل أسلحة حماية من أجل نفسك و أولادك في محتمع يؤمن بالتّنمر كطريقة عيش، يسمي تمنّره صراحة، فعندما يقول لك تستحق مايجري لك فإنما هو ينصحك . إنّني مصابة بالدّاء اليوم . هناك من ينتظر نهاية حياتي و اختفاء صوتي ، وهناك من يتابعني متلصصاً على كتاباتي ، وهناك من يتقرب منّي كي يتسلى ، وكوني مريضة، وكونكم تنتظرون نهايتي سوف أعود إلى نقصي و أؤمن بتفوقي ، أقول لكم لن أموت اليوم ، بل سوف أموت كما يموت البشر في كل يوم . سوف أمارس كل عقد النقص التي مارستها يوماً، فأنتم أنفسكم لم تتغيّروا حتى عندما غيرتم المكان ، لذا سوف أعيش متعة العزلة . تقولون أنها عقدة نقص! نعم صحيح . هي كما تقولون لكن ليس على الميت حرج ! كنت لا مبالية بآرائكم اكتشفت أنّني لا مبالية بالمرض، بالموت، وبمشاعركم اطمئنوا
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اشتعال -3-
-
اشتعال -2-
-
اشتعال
-
من مذكرات أمل -حياة شخصية
-
لا تدبك إن كان قربك ميّت
-
تشبه الكوابيس
-
حول الرفاه و المال
-
من مذكرات أمل
-
ماذا حملنا في حقائبنا إلى الغرب
-
تمجيد الدّكتاتورية
-
آلهة الرّحمة
-
هل سوف ينجو بايدن من الأزمة السياسية
-
سكسون
-
قيم سارة
-
مذطرات أمل المبعثرة
-
العمق، و السّطحيّة
-
لا تصدقوا وعود طالبان
-
التّطبع مع المكان
-
هل تغيرت طالبان؟
-
رأي المجتمع بالنساء
المزيد.....
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|