أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - أيهما أخطر 11/9 أم 1991؟














المزيد.....

أيهما أخطر 11/9 أم 1991؟


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7013 - 2021 / 9 / 8 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لم يحلّ علينا بعد يوم الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول وقد بتنا مغمورين ومنذ عدة أسابيع بما لا يُحصى من الكتابات والمنشورات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية والأفلام وسواها المخصّصة للذكرى العشرين للاعتداءات التي شنّها تنظيم «القاعدة» على نيويورك وواشنطن في ذلك اليوم من عام 2001. والحقيقة أن هذا الاهتمام المبالغ فيه هو عينه ضربٌ مما أسميته «التعاطف النرجسي» في كتاب حرّرته غداة الاعتداءات المذكورة وصدر في عام 2002 تحت عنوان «صدام الهمجيّات». ذلك أن إمبريالية أمريكا الثقافية هي أعظم بعد من إمبرياليتها الاقتصادية والعسكرية، تمارسها من خلال هيمنتها على أكبر وسائط الإعلام العالمية كما على الانتاج الروائي والخيالي، لاسيما أفلام هوليوود والمسلسلات التلفزيونية. والنتيجة هي أن قسماً كبيراً من العالم، وعلى الأخص بلدان الغرب التي تشاطر الولايات المتحدة هيمنتها، والطبقات الميسورة العالمية التي تشارك مثيلاتها الأمريكية نمط عيشها، كل هؤلاء يتماثلون مع أمريكا وكأنهم من أهلها.
لذا أثارت اعتداءات 9/11 صدمة نفسية وتعاطفاً مع ضحاياها لم تثرهم قط أعدادٌ أكبر بكثير من ضحايا ذلك الإرهاب الآخر الذي تمارسه الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة وحليفاتها (تليها روسيا منافستها). وهو تعاطف من النوع النرجسي، المبني على حبّ الذات، تعاطف مع من يعتقد المتعاطف أنه يشبهه وليس مع الشريك في الإنسانية أياً كان عرقه ولونه. والحال أن اعتداءات 9/11 ذاتها لم تكن سوى نتاج لما حلّ قبلها بعشر سنوات، في عام 1991، عندما شنّت الولايات المتحدة وحليفاتها عدواناً على العراق، لم يكتف بطرد القوات العراقية من الكويت التي كانت هذه القوات قد احتلتها في صيف العام السابق، بل دمّر العدوان الأمريكي البنية التحتية المدنية العراقية تدميراً شاملاً. ثم فرضت واشنطن على العراق حالة حصار اقتصادية تضافرت مع التدمير المذكور لتتسبّب بفائض من الموتى بلغ تعداده 90.000 كل عام حسب تقديرات الأمم المتحدة، ومنهم غالبية من الأطفال دون الخامسة من العمر.

أما المستقبل فسوف يشهد تكثيفاً للضربات الموضعية التي باتت أمريكا تمارسها بكثافة منذ أكثر من عشر سنوات بواسطة الطائرات المسيّرة والصواريخ والطيران

هذا ما كان جارياً كل عام خلال السنوات العشر التي سبقت 9/11، وهي أعداد من الضحايا نالت من الاهتمام في الإعلام العالمي ما يكاد لا يُذكر بالمقارنة مع ما لقيته أحداث نيويورك وواشنطن. هذا ويخلّد الإعلام اليوم الذكرى العشرين لاعتداءات 9/11 متناسياً أنها حصلت بنتيجة ذلك المنعطف الكبير في التاريخ العالمي الذي شهد خوض الولايات المتحدة لأول حرب واسعة النطاق منذ خروجها من فيتنام في عام 1973، هي الحرب على العراق التي شُنّت بعد 18 سنة من انتهاء الحرب على فيتنام، على خلفية احتضار الاتحاد السوفييتي وزوال انقسام العالم بين إمبراطوريتين ليقع تحت سيادة إمبريالية واحدة وحيدة، هي الامبريالية الأمريكية، خلال مرحلة انتقالية انتهت مع عودة الإمبراطورية الروسية إلى الحلبة بحلّة جديدة وصعود نجم الصين.
وكانت حرب 1991 أيضاً أول حرب شاملة تخوضها الولايات المتحدة ضد بلد عربي أو إسلامي، وهي ما حدا بأسامة بن لادن إلى الانقلاب على أمريكا، حليفته السابقة في الحرب على الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، وتوجيه ضربات شبكته الإرهابية ضدها بما بلغ ذروته في 9/11، أكبر عملية إرهابية في التاريخ من صنف «الإرهاب غير الحكومي» (وهي التسمية المناسبة كي نتذكر دائماً أن الإرهاب الأخطر إنما هو الذي تمارسه الحكومات). هذا وقد سقط أقل من ثلاثة آلاف من الضحايا من جراء اعتداءات 9/11 لكنّ التاريخ سوف يسجّل أن وقعها الأعظم لم يكن في ما نتج عنها مباشرة، بل في ما نتج بصورة غير مباشرة، عندما انتهزت إدارة جورج دبليو بوش بمحافظيها الجدد مناسبة 9/11 لتحتل أفغانستان ومن ثم العراق، مدشّنة حقبة جديدة في تاريخ الإمبريالية الأمريكية بلغت خاتمتها الآن، بعد مضي عشرين عاماً، وأمريكا تواجه تجدّداً حادّاً في «متلازمة فيتنام» (Vietnam syndrome) وهي التسمية التي أطلقت على حالة الشلل التي أصابت قدرة أمريكا على خوض حروب مديدة على الأرض.
ومع ذلك، فلا تظنّنّ أن الحكم الأمريكي بات عاجزاً عن إلحاق الأذى بأخصامه. بل سوف يكتفي بإعادة تكييف خططه العسكرية في ضوء الدروس التي كان قد استخلصها من هزيمته في فيتنام، تلك الدروس التي صيغت في الثمانينيات وجرى تطبيقها على العراق في عام 1991، عندما دمّرته واشنطن لكنّها أبت أن تحتلّه. كان ذلك في عهد بوش الأب، وهو ما خرج عنه طوشاً بوش الابن بما أفضى إلى هزيمتين جديدتين. أما المستقبل، وكما نوّهتُ به في مقالي السابق على هذه الصفحات، فسوف يشهد تكثيفاً للضربات الموضعية التي باتت أمريكا تمارسها بكثافة منذ أكثر من عشر سنوات بواسطة الطائرات المسيّرة والصواريخ والطيران، مع التهديد المستمر بتحطيم أي بلد يهدّد المصالح الأمريكية مثلما جرى تهديم العراق قبل ثلاثين عاماً، بدون احتلاله.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفغانستان وأسطورة العجز الأمريكي
- من المقبور في «مقبرة الإمبراطوريات»؟
- من المسؤول عن إخفاق التجربة التونسية؟
- ميداليات لبنان غير الرياضية
- قيس سعيّد يستوحي من عبد الفتّاح السيسي
- «بيغاسوس» وحلف الصهيونية والاستبداد العربي
- ترشيح بشّار الأسد لجائزة نوبِل للسلام
- في مغزى استشهاد نزار بنات
- رجلٌ خارج المألوف: علي أكبر محتشمي ومصير النظام الإيراني
- لا بدّ من مواصلة الانتفاضة الفلسطينية
- في تفوّق الديمقراطية العربية
- آفاق النضال الفلسطيني في ضوء المستجدات
- في الاستراتيجية وتشريح «النصر الإلهي»
- استراتيجية بنيامين نتنياهو وكيفية التصدي لها
- كيف يُهزَم وجه القوّة في زهرة المدائن؟
- جورج إبراهيم عبد الله وحسن دياب ومرض القضاء في وطن دريفوس
- الانتخابات الفلسطينية والنفاق الديمقراطي
- تحية لنائبة الكونغرس بيتي ماكولوم
- «الأخبار» تهاجم موقف حسن نصر الله!
- كيف تكون المناهضة التقدمية للإمبريالية


المزيد.....




- الجيش الروسي يتسلم دفعة جديدة من مدرعات -بي إم بي – 3- المطو ...
- OnePlus تعلن عن هاتف بمواصفات مميزة وسعر منافس
- على رأسهم السنوار.. تقرير عبري يكشف أسماء قادة -حماس- المتوا ...
- طبيب يقترح عن طريقة غير مألوفة لتناول الكيوي!
- عواقب غير متوقعة للدغات البعوض
- أوكرانيا تعرض على إسرائيل المساعدة في -الحرب على المسيرات-
- أحزاب ألمانية: على الأوكرانيين العمل أو العودة من حيث أتوا
- أوربان: هنغاريا تؤيد إنهاء الصراع في أوكرانيا
- إعلام: كييف تضغط على واشنطن للسماح بتنفيذ ضربات -أتاكمس- في ...
- ترامب: بايدن المحتال سيجرنا إلى حرب عالمية ثالثة.. روسيا وا ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - أيهما أخطر 11/9 أم 1991؟