|
النفق المظلم الذي دخلنا به هل هناك ضوء في نهايته ؟
ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)
الحوار المتمدن-العدد: 7010 - 2021 / 9 / 5 - 14:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
النفق المظلم الذي دخلنا به . هل هناك ضوء في نهايته ؟ ادهم ابراهيم
بعد حصار غاشم طويل، قامت الولايات المتحدة الامريكية في عام 2003 بغزو العراق بدعوى امتلاكه اسلحة الدمار الشامل كذبا وافتراء .
ولكون العراق حجر الزاوية للدول العربية فقد عمت الفوضى بعد ذلك في المنطقة كلها ، وخصوصا بعد ثورات الربيع العربي التي اندلعت للتخلص من الديكتاتوريات .
وبهدف احتواء هذه الثورات ، فقد نجحت واشنطن بالتنسيق مع دول اقليمية في دعم بعض الحركات الاسلامية لاستلام الحكم ، واعتبار هذه الحركات البديل المناسب للانظمة العربية ، بعد فشل الاحزاب والتنظيمات القومية في تحقيق اهدافها في الوحدة والاشتراكية نتيجة افتقارها للمؤسسات الديموقراطية ومنظمات المجتمع المدني . والاكثر من هذا فقد عملت بعض الاوساط الدولية والاقليمية على توظيف الاختلافات العقائدية والمذهبية في الدول العربية لصالحها ، ولصالح حلفائها في المنطقة . فظهرت حركات دينية وطائفية متطرفة، بعضها كان موجودا دون اي تأثير سياسي ، والبعض الآخر تأسس على يد قوى إقليمية ودولية . وكان من نتيجة ذلك ان انتشرت شعارات ومفاهيم دينية، دغدغت مشاعر وعواطف الناس البسطاء والاميين ، مثل الإسلام هو الحل ، وضمان حقوق الطائفة ، أو حماية المذهب والمراقد المقدسة ، لتشكل فيما بعد الصورة الجديدة للمنطقة العربية، بعد طمس الهوية العربية واستبدالها بهويات دينية وطائفية متنوعة .
وقد رافق ذلك استخدام العنف والقوة المفرطة من قبل بعض الحركات المتطرفة ، مثل دولة الخرافة الاسلامية او داعش لتزيد الطين بلة ، من خلال زيادة الاحتقان الطائفي ، كفعل ورد فعل في حلقة مفرغة من الحروب العبثية التي لايبدو لها نهاية في الافق القريب .
لقد ثبت بالتجربة والممارسة على مدى سنوات طويلة فشل النهج الديني والطائفي في ادارة الدول ، وان البديل الاسلاموي للانظمة العربية الديكتاتورية والذي استند على العاطفة الدينية للجماهير العربية ورغبتها في التغيير ، لم يعد مقبولا ، حيث لم تحقق الحركات الدينية والطائفية على اختلاف افكارها اي تقدم ملموس للشعوب العربية لا على المستوى المعاشي ، ولا الاجتماعي او الامني ، بل بالعكس ، فقد انقلبت الاوضاع نحو الاسوأ في المجالات كافة . مما اصبح الوضع العام في كثير من الدول من السوء بحيث لايمكن السكوت عنه مدة اطول ، خصوصا بعدما رافقه الفساد ، والجهل ، ونهب موارد الشعب .
وهكذا خاب الامل في تحقيق آفاق جديدة للحكم الجماهيري العادل ، فعاد الوعي للشعوب العربية حيث نبذت التبعية والاصطفافات الطائفية والحروب العبثية ، واخذت تطالب بوطن آمن مستقل وحكم رشيد . وهذا ماشهدناه في انتفاضات عديدة في كثير من الدول العربية . وجرت مطالبات في تعزيز الهويّة الوطنية والقومية لتحقيق الاستقرار السياسي ، وكبديل طبيعي للنزاعات الطائفية المفتعلة التي لا نهاية لها .
لقد سقطت الاطروحات الدينية والطائفية في ان تكون بديلا مقبولا عن الانتماء الوطني والقومي .
ولذلك فان الحل الوحيد للخروج من هذا المأزق ، والنفق المظلم يكمن في السعي لبناء هوية وطنية وعربية جامعة تحت مظلة ديموقراطية مبنية على اسس من العدالة الاجتماعية ، بعيدا عن الدكتاتورية او الادلجة الشمولية . مع احترام حقوق القوميات والثقافات الاخرى بشكل واضح وصريح بما فيها حق تقرير المصير . وضمان حرية اعتناق الدين والطائفة وممارسة الشعائر الدينية دون الاخلال بمشاعر وانتماءات الاخرين او تهديد السلم المجتمعي . وممارسة النقد والنقد الذاتي لتحقيق نظام دستوري سليم مبني على مبادئ العدالة وحقوق الانسان ، وصياغة اسس جديدة للعمل العربي المشترك على وفق احترام خصوصية كل بلد ، والتخلي عن المطالبة بالوحدة الشمولية ، واستبدالها بتأسيس قاعدة عريضة من التوافق الشعبي المشترك مبنية على تقبل الآخر واحترام خصوصيته . وتجنب كل مايؤدي الى نزاع او صراع مهما كانت دوافعه . وبعكسه سنظل ندور في حلقة مفرغة لانهاية لها من الفشل والاقتتال الداخلي .
#ادهم_ابراهيم (هاشتاغ)
Adham_Ibraheem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانسحاب الأمريكي من افغانستان. . دروس وعبر
-
الناصرية مدينة الحضارة والادب والبطولة
-
تأثير العقل الباطن في حياتنا
-
تونس ليست الاولى ولا الاخيرة في مواجهة الاسلام السياسي
-
التهافت والتجهيل في الفضائيات العراقية
-
المواجهة المحتملة بين الولايات المتحدة والفصائل الولائية في
...
-
الواقع والامل في رواية غلمان الكرات الطائشة
-
اخلاقيات الذكاء الاصطناعي
-
كتاب موجز تاريخ العراق الحديث
-
القضية الفلسطينية. . المشكلة والحل
-
التواصل الانساني من الإيماءات الى الهواتف الذكية
-
رسالة مفتوحة الى السيد رئيس الولايات المتحدة الامريكية جو با
...
-
فاجعة مستشفى ابن الخطيب اسبابها وتبعاتها
-
الاستغلال السياسي للدين والطائفة
-
فنجان القهوة . . وماوراءه
-
العلمو نورن
-
في ذكرى الغزو الأمريكي للعراق
-
هل سيكون بايدن غورباتشوف امريكا؟
-
استبداد الاغلبية
-
الدين التوحيدي الجديد
المزيد.....
-
قارنت ردة فعله بصدام حسين.. إيران تعلق على مقتل يحيى السنوار
...
-
الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو معدلًا من مسيرة يقول إنه يصور لح
...
-
أبرز ردود فعل قادة ومسؤولين دوليين على مقتل يحيى السنوار
-
مصر تعلن تعديل أسعار البنزين ومشتقات الوقود ابتداء من اليوم
...
-
بسبب صورة.. شقيقة زعيم كوريا الشمالية توبخ سلطات جارتها الج
...
-
الجيش الإسرائيلي: رصد إطلاق 15 صاروخا من لبنان باتجاه إسرائي
...
-
تقرير: هكذا تلقى الأمريكيون خبر مقتل السنوار
-
وزير الدفاع الياباني يعد بإرسال معدات عسكرية إضافية إلى أوكر
...
-
اختبار جديد بالليزر يكشف عن الخرف بمختلف أنواعه في ثوان
-
العلماء يكتشفون أصل معظم النيازك التي ضربت الأرض
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|