|
معايير النصر والهزيمة فهل حقا انتصر حزب الله ؟
مجدي جورج
الحوار المتمدن-العدد: 1645 - 2006 / 8 / 17 - 10:58
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
إذا كان هناك بعض المنطق والعقلانية بل والوطنية في قبولنا بمنطق بعض القائلين إن الحديث عن الصمود والانتصار إثناء اشتداد المعارك هو من قبيل رفع الروح المعنوية للمقاتلين المشتبكين مع العدو إلا انه من غير المنطقي إن نقبل هذا المنطق بعد إن وضعت الحرب أوزارها وبعد إن سكن هدير المدافع وأزيز الطائرات وإلا فإننا سنستمر في خداع أنفسنا وخداع شعوبنا وستتوالى نكباتنا وهزائمنا جيل بعد جيل . فقد فوجئت بالفضائيات العربية تبث اغانى وروح الانتصار وتستضيف العديد من المعلقين والحنجوريين العرب والإسلاميين المتحدثين عن نصر حزب الله وفوجئت بالرئيس الايرانى يهنئ نظيره اللبناني بالانتصار وفؤجئت كذلك بالرئيس بشار الأسد في خطابه اليوم 15 أغسطس يتحدث عن نصر حزب الله على إسرائيل وهذا المنطق من قلب للحقائق ولإلباس الهزيمة ثوب النصر الذي يتعامل به اغلب مثقفينا وكتابنا ومعظم رؤسائنا ماهو إلا استمرار لنفس اللعبة القديمة في جميع المواجهات العربية مع إسرائيل ومع غيرها . ففي الوقت الذي اعتزل فيه بن جور يون مؤسس دولة إسرائيل ومنشئها من العدم بسبب عدم قدرته على تحقيق كل أهدافه من حرب 1956 رغم انه حقق أهم ما كانت تسعى إليه إسرائيل وهو حق المرور لسفنها في خليج العقبة كنا نحن نحتفي بعبد الناصر الذي أعطى إسرائيل هذا الحق والذي لولا الإنذار السوفيتي والموقف الامريكى من دول العدوان الثلاثي لما كانت هذه الدول قد انسحبت من مصر ولكننا صعدنا بعبد الناصر إلى عنان السماء حتى قاد مصر من هزيمة إلى أخرى إلى إن توفى والبلد محتل والاقتصاد مدمر . وفى الوقت الذي ابعد الاسرائيلين ارييل شارون عن الجيش عام 1982 وهو في أوج نصره بعد إن حاصر العاصمة اللبنانية بيروت ونجح في إبعاد المقاتلين الفلسطينيين عن حدود بلاده كنا نحن نحتفي بصمود المقاتلين الفلسطينيين في بيروت وكانت وسائل إعلامنا تتحدث عن صمودهم وتملأ الدنيا بأغانى الانتصار . وبنفس المنطق فعل بعضنا هذا مع صدام حسين الذي خرج من معركة حرب الكويت ونصف مساحة العراق خارجة عن سيطرته إلا انه كان يحتفي سنويا حتى سقوطه بانتصاره على العدوان الثلاثيني كما كان يسميه في تلك الحرب أو تلك المعركة التي أطلق عليها معركة أم المعارك واعتبر البعض إن بقاء صدام على رأس السلطة هو الانتصار بعينه ولم يجرؤ احد على التفكير في تقييم محايد لما حدث كان كفيل بتجنيب العراق الاحتلال الامريكى الواقع الآن بل تخوف الكثير من الزعماء العرب من عرض فكرة تنحى صدام عن السلطة( وهى الفكرة التي عرضها الشيخ زايد) فداء للدولة والشعب العراقي فاستمر الحال حتى قاد العراق إلى كارثة الاحتلال . الآن وفى نفس الوقت الذي تكون فيه إسرائيل لجنة محايدة لبحث أسباب وقوع الحرب ونتائجها لمحاسبة الجميع بداية من رئيس الوزراء اولمرت إلى اصغر مسئول يحاول مثقفينا وكتابنا وبعض زعمائنا إغراقنا في الوهم ثانية مدعين انتصار حزب الله على إسرائيل ولا نعرف اى معايير استندوا عليها ليدعوا هذا الأمر : *فهل نجح حزب الله في تحرير الأرض العربية المحتلة نتيجة حربه تلك ؟ * وهل نجح في تحرير مئات بل آلاف الأسرى العرب نتيجة مغامرته تلك ؟ * أم هل استطاع إن يوقع بالاسرائليين أكثر من لف قتيل كما فعلوا هم ؟ * أو ربما استطاع إن يدمر المدن والبنية التحتية لإسرائيل كما فعلت هي بلبنان ؟ * أم ربما سيتم نشر قوات دولية ويجعل شمال إسرائيل تحت الوصاية الدولية بدل من حدوث ذلك في لبنان ؟ لو استخدمنا هذه المعايير لو جدنا إن حزب الله لم يحقق إلا الدمار والاحتلال للبنان وان عدد الأسرى زاد والاقتصاد اللبناني دمر والجنوب اللبناني سيصبح تحت رحمة ووصاية القوات الدولية المسلحة بالعدة والعتاد الكبير وان إسرائيل على العكس من ذلك تمكنت من تحقيق أهدافها من هذه الحرب وهى : _ إبعاد مقاتلي حزب الله عن حدودها ونزع سلاح هذا الحزب . _ نشر قوات الجيش اللبناني والقوات الدولية في الجنوب اللبناني . أما من يقول إن حزب الله انتصر على إسرائيل لأنه نجح فيما فشلت فيه معظم الجيوش العربية لأنه استطاع إن يمس بالعمق الاسرائيلى حينما ضربت صواريخه معظم مدن شمال إسرائيل فمردود عليه بان معظم الدول العربية قادرة على ضرب العمق الاسرائيلى لان عمق هذه الدولة محدود جدا وباستطاعة اى دولة عربية من دول الجوار إن تمس هذا العمق بشدة ولكن الفرق بين هذه الجيوش النظامية وبين ميليشيا حزب الله إن هذه الجيوش تملك من المسئولية ما يجعلها تحسب إلف مرة لخطوة مثل خطوة حزب الله لأنها تخاف من رد الفعل الاسرائيلى على دولها وشعوبها بينما حزب الله لم يحسب حساب لاى شئ عندما قام بمغامرته تلك . أما من يقول إن إسرائيل قد هزمت في هذه الحرب لأنها لم تستطع إعادة جندييها المختطفان فمردود عليه أيضا إن إسرائيل لم تخرج لهذه الحرب من اجل هذا الهدف البسيط وإلا فإنها كانت قادرة على اسر آلاف اللبنانيين ومنهم حوالي 250 من قوات الجيش اللبناني كانت تتخذهم رهائن وكان من السهل آسرهم لمبادلتهم بجنودها ولكن إسرائيل خرجت للحرب للقضاء على تهديد حزب الله وإبعاده عن حدودها ونزع سلاحه وهو ما نجحت فيه بمساعدة المجتمع الدولي أخيرا . في النهاية علينا إن نسمى الأشياء بأسمائها وكفانا خداع لأنفسنا وعلينا التعلم من الاسرائيلين الذين يقومون في أوج انتصاراتهم بتكوين لجان تستخلص الحقائق لمصلحة بلادهم وليس لمصلحة هذا الزعيم أو ذاك وذلك لان البلاد باقية والأشخاص زائلون . مجدي جورج [email protected]
#مجدي_جورج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القرار 1701 حساب الأرباح والخسائر
-
مجزرة قانا والحرب المستمرة ضد المدنيين
-
بيت من خيوط العنكبوت وبيت من زجاج
-
سياسة العناد والمكابرة وسياسة قراءة الواقع بذكاء عند قادتنا
...
-
الموقف السعودي والموقف العربي من أزمة لبنان
-
حسن نصر الله وحزب الله وتدمير لبنان
-
مبروك لايطاليا كاس العالم
-
بدعة ماكس ميشيل وكنيسته الجديدة والدور الخفي للدولة
-
ولازال حديث الأحذية مستمرا
-
الاحتكار من المستفيد ومن يدفع الثمن ؟
-
الاختراق الوهابي في الحوامدية
-
تصريحات احمد نظيف والعلمانية وجريدة الأسبوع
-
طالبان الصومال تدق الأبواب فهل ينتبه المجتمع الدولي؟
-
وقوع البلاء ولا انتظاره، التوريث أو الإخوان
-
الشيطان يعظ
-
مدحت عزيز إبراهيم حصار أسرة ومأساة مجتمع
-
التدين الظاهري ومسؤولية الحكام
-
تعليق على برنامج الكلام وأخره
-
سياسة تقبيل اللحى وضياع الحقوق
-
مأساة الكنائس المغلقة في مصر
المزيد.....
-
روسيا أخطرت أمريكا -قبل 30 دقيقة- بإطلاق صاروخ MIRV على أوكر
...
-
تسبح فيه التماسيح.. شاهد مغامرًا سعوديًا يُجدّف في رابع أطول
...
-
ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن
...
-
ظل يصرخ طلبًا للمساعدة.. لحظة رصد وإنقاذ مروحية لرجل متشبث ب
...
-
-الغارديان-: استخدام روسيا صاروخ -أوريشنيك- تهديد مباشر من ب
...
-
أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد
...
-
البنتاغون: صاروخ -أوريشنيك- صنف جديد من القدرات القاتلة التي
...
-
موسكو.. -رحلات في المترو- يطلق مسارات جديدة
-
-شجيرة البندق-.. ما مواصفات أحدث صاروخ باليستي روسي؟ (فيديو)
...
-
ماذا قال العرب في صاروخ بوتين الجديد؟
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|