|
حول الرفاه و المال
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 7007 - 2021 / 9 / 2 - 13:44
المحور:
الادب والفن
آمنت طويلاً بالأفكار الشّعبية التي تحثّ على الهروب من الواقع ، وتفعل فعلها في تخدير العقل فيفقد اإنسان طموحه، من أهم تلك المقولات: الحب يفعل المعجزات ، المال لا يصنع السّعادة، القناعة كنز لا يفنى ، وغيرها من القناعات، وكلّما كنت أذهب إلى صومعتي للتأمّل في الحياة كنت أردد تلك الشّعارات ، و أنا أنتظر نهاية القول كي أحصل على السّعادة، و المعجزة ، وكنز القناعة . أصبحت كالتعاليم الدينية، بل هي ربما تعاليم دينية توصينا بأن الآخرة خير من الأولى ، رغم أن الأولى أيضاً هامة ، فكيف سوف أبتعد عن سرقة رغيف الخبز ، و أنا جائعة ؟ في المجتمع السّوري تعريف الغنّي هو من يستطيع أن يأكل ويشرب، ولديه سيارة ، وبيت ، وربما أكثر من بيت ، وعمل ، وهذا هو ربما الحد الأدنى للمعيشة الذي نعتبره غنى ، وهذا كان في الماضي ، لكن اليوم يوجد بضع أشخاص أغنياء ، و أمراء الحرب، وزعماء المليشيات، و الباقي تحت خط الفقر ، لذا فإنّ موضوع الغنى نسبيّ. المنّصات الاجتماعية مشغولة إما بالدين، أو النسوية الدّينية، أو النسوية الكارهة للرّجال ، مع أن مفهوم النسوية بالأصل هو المساواة في الحقوق القانونية بين الجنسين، وتحت هذا الشّعار محاربة العادات التي تمسّ المرأة كالنكتة المتحرّشة ، وقد حضرت بعض الاجتماعات النسوية في السويد لأحزاب مختلفة، حيث أكدّت المحاضرة في النسوية ، و أوردت أمثلة عن النّكتة الذكورية ، وقالت: لو توجه أحدهم لك بتلك النكتة . عليك أن تكرّريها وتقولي له : هل سمعت جيداً ماقلته لي؟ ثم تطلبين منه عدم التحرش بالنكتة ، وفي اجتماع آخر قالت محاضرة أخرى: عندما تركبين بالباص ، ويكون إلى جانبك رجل يأخذ حريته في فتح رجليه قولي له أنّك متضايقة . النسوية السورية تعتمد على الصراخ بكلمة لا، لكن أين نصرف ذلك الاستنكار؟ لا ندري ، ليس لدينا في أية منطمة نسوية إمكانيات " مادية ، أو موارد بشرية" لحماية أية امرأة حتى في الغرب ، و إن كانت المنظمة مموّلة تتقاسم المشرفات عليها المنافع.، لهذا السبب لم أنضم إلى أية منظمة نسوية ، إلا إحدى الكروبات الكردية على الفيس ، وقد قبلت الانضمام لأنني أعرفهنّ بالإسم، وكنّ في الماضي رفيقاتي ، ولا يوجد تمويل . بل هي جهود فيسبوكية ، وربما غزاها الرّجال اليوم، وحوّلوها أحياناً إلى صفحة قومية. الرفاه الاجتماعي هو أن تستطيع العيش بمستوى ملائم من حيث التغذية و التعليم ، و الطبابة، و أن يكون لديك سيارة ، وتستطيع قضاء إجازة مرّة في العام في مكان تحبّه، وهذا هو الحد الأدنى للرّفاه ، وهو محظور في سورية لأننا ببساطة نسخر من الرّفاه ، ونمجدّ الشّقاء، بل إن الأمر ليس كذلك أيضاً بل إن هناك نخبّاً تكرّس لنا هذا المفهوم فيلهمنا ، ونعتبره مفهوماً ثورياً ، نستعيض عن ذلك بتحرّرنا المزيّف كأن نضع على الفيسبوك حفلة مليئة بالسجائر و المشروب، وما دمنا نشرب ، وندخن ، فلا يمكن اتهامنا بالرّجعية لأننا لسنا متدينين! سورية اليوم خارج التاريخ، لكن الشعب السّوري لا زال حيّاً ، يستطيع التأثير في بيئته الصّغيرة ، وليس على مستوى المكان كلّه . القيم هي جزء من إعادة البناء ، ولا يمكن بناء قيم صحيحة مع الجّوع ، لكن يمكن بناء مجتمع متكافل في مناطق صغيرة من سورية بحيث تكون القيم تشبه الاشتراكية الاجتماعية ، ويتم من خلالها القضاء على الجوع الظاهر، لأن هناك جوع آخر وهو أن لا يحصل المرء على الحريرات اللازمة له ، أن يكون هناك قيم أسرية، ومسؤولية للأبوين عن مصير أولادهم ، أو على الأقل أحد الأبوين ، وهذه أمور ممكنة لو تولى قيادتها تنظيم مدني مكون من جميع الأطياف الاجتماعية، وحتى الدينية منها . لست معجبة بجميع رؤساء العالم ، ومنهم رؤساء أمريكا ، لكن لا زلت أذكر خطاب بايدن عندما تعهدّ أن يقضي على الفقر ، وهو كلام سياسي ليس بالضرورة أن يتم تنفيذه ، لكنه كلام لاقى أثراً في الشعب الأمريكي حيث قال : " نحن نوّرث إلى الأجيال المقبلة الثّروة" ، ولولا الثروة ما قيمة أمريكا؟ أليس رأس المال هو الذي يحكم العالم؟ وهل المال يصنع السّعادة ؟ في الحقيقة المال هو من يصنع السعادة ، حتى في المرض ، شريطة أن لا يكون المال من أجل المال ، و المال يصنع الحبّ ، فهاهو الأمير هاري يرتبط بزوجته التي تحظى بعقود في السينما ونتفلكس ، وهي المسؤولة عن الثروة التي جعلت الرجل يغادر القصر، وهو تفسير شخصي، لكن العارفين بالأمر يقولون أن المشاهير يسوّقون حبهم عن طريق " الخاطب، أو الخاطبة" التي هي عبارة عن مؤسسة ترتبط بأصحاب المال . نعيش اليوم عهد السوشل ميديا ، و أهمها الفيس بوك ، الذي لم يعد يستعمله الشباب في الغرب ، أغلبنا مزيّف حتى في التعليق ، ومن يخالف القطيع يقتل ، فعليك أن تكتب عن درعا بشكل عاطفي وحماسي حتى تحصد الإعجاب، و تكتب عن الضحية أنه شهيد جميل. هل رأيتم قتيلاً جميلاً ؟ إنّه ضحية يا أحبتي . هو ضحية القباحة . نحتاج لموسوعة حتى يكتمل الحديث ، لكنها البداية فقط.
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من مذكرات أمل
-
ماذا حملنا في حقائبنا إلى الغرب
-
تمجيد الدّكتاتورية
-
آلهة الرّحمة
-
هل سوف ينجو بايدن من الأزمة السياسية
-
سكسون
-
قيم سارة
-
مذطرات أمل المبعثرة
-
العمق، و السّطحيّة
-
لا تصدقوا وعود طالبان
-
التّطبع مع المكان
-
هل تغيرت طالبان؟
-
رأي المجتمع بالنساء
-
سقوط نظام أفغانستان
-
ما بعد طالبان
-
قصة موت في برج التجارة العالمي
-
ثرثرة من أجل الثرثرة
-
ثوري ، أم غير ثوري؟
-
يوم الفخر - البرايد-
-
زمن الرأي و الرأي الكاره
المزيد.....
-
أم كلثوم.. هل كانت من أقوى الأصوات في تاريخ الغناء؟
-
بعد نصف قرن على رحيلها.. سحر أم كلثوم لايزال حيا!
-
-دوغ مان- يهيمن على شباك التذاكر وفيلم ميل غيبسون يتراجع
-
وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي
...
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
-
آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|