أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت عباس - عَتَمة - للشاعر الإنجليزي لورد بايرون














المزيد.....

عَتَمة - للشاعر الإنجليزي لورد بايرون


بهجت عباس

الحوار المتمدن-العدد: 1645 - 2006 / 8 / 17 - 11:11
المحور: الادب والفن
    


حلمتُ، ولم يكنْ كلّ ذلك حُـلماً.
أ ُطفِـئَتِ الشَّمسُ المنيـرةُ، و سَرَتِ النّجـومُ
في عَـتَـمـةٍ في الفضاء الأبديّ،
لا شعاعٌ، ولا مَمـرٌّ، والأرضُ الثَّلجيّـةُ
تأرجحتْ عمياءَ ومُظلمةً في الهواء بلا قمر;
صباحٌ أقبلَ ومضى - - وأقبلَ، ولمْ يأتِ بنهار،
ونسِيَ الناسُ عواطفَهمْ من رُعب الوَحشة; و قَرّتِ القلوبُ
كلُّها في ابتهالٍ أنانيّ للضِّياء:
وعاشوا بنار الحراسة - - والعروشُ،
قصورُ الملوك المُتَوَّجة -- الأكواخُ،
المساكنُ التي تستوطنها الأشياءُ كلّـُها،
أُحرِقَتْ واستعمِلتْ كَـفَـنار; أ ُستُهلِكَـتْ مُـدنٌ،
وتجمع رجالٌ حول بيوتهم المشتعلة
لينظر الواحد بوجه الآخر مرّة أخرى;
سعداءُ أولئك الذين أقاموا في عين
البركان، وفي مِشعَـل الجبل:
أملاً مُخيفاً كانَ كلُّ ما احـتوتْ الدّنيا عليه;
غاباتٌ أ ُحرِقَتْ -- ولكنْ ساعةً بساعة
تسقط وتتلاشى -- و الجّذوع الهَـشّة
أ ُطفئتْ بانهيار -- وكلّ شيء كان أسودَ.
وأجبُنُ الرجالِ اكـتَسَتْ مظهراً أرضيّـاً
بالضّياء اليائس، كما لو أنَّ القَبَساتِ
مُفَصّـلةً بقياس سقطتْ عليها; بعضهم استلقى
أرضاً وأخفى عينيه وبكى; وبعضهم أراحَ
ذقنَه على يده المُتـوتِّرة، وضحك;
وآخرون أسرعوا ذَهاباً وإياباً، وغذَّوْا
أكوامَهم الجنائزيّة بوَقـود، ونظروا إلى أعلى
بقلق جنونيّ إلى السّماء الشّاحبة،
غطاء النعش لدُنـيا ماضية; ومرّة أخرى
لعناتٌ أطلقوها إلى أسفلَ على التّراب،
وأصَرّوا بأسنانهم وصرخوا: صرخت الطّيور البرّيّـة
وارتعشتْ على الأرض مُرتعبةً،
ورفرفتْ بأجنحتها عديمة الجدوى; الأشدّ ُوحشيَّـةً
جاءَ مُـدَجَّـناً وجبـاناً; والأفاعي زحفتْ
وازدوجتْ فيما بينها بين الحشود،
تَفِـحّ ولكنْ من غير لَدغٍ -- نُحِرَت لطعام.
وحربٌ، وهْيَ ما كانتْ لبُرهة غير موجودة،
أجَّجتْ ذاتَها مرَّةً أخرى: وجبةٌ شُرِيَتْ بدم،
وكلّ ٌارتوى مُقَطِّـباً على انفرادٍ
ملتَهمـاً ذاتَـه في اكتئـاب: لا حُبٌّ تُـرِكَ;
ولم يكن على الأرض إلاّ فكرة واحدة -- تلك هي موتٌ
فوريّ وشائن; وأسى المجاعة غذّى الأحشاءَ كلَّها -- رجال
ماتوا، ولا قبرَ لعظامهم أو للحومهم;
افترس الضّامـرُ الضّـامـرَ.
حتّى الكلابُ هجمتْ على أسيادهـا، كلٌّ أنقذَ واحداً،
وكان مُخلِصـاً لجثمانٍ، وأبقى الطّيـورَ
والوحوشَ والرجالَ المتضَوِّرين جوعاً عند حدِّهم،
حتّى ضيَّـق الخناقُ الجوعَ عليهم، أو الموتُ النازل
أضَلَّ فكوكَهم المُتهدِّلـةَ; وهْوَ نفسَه لم يتَوخَّ أيَّ طعام،
ولكنْ بتأوِّهٍ مستديمٍ يُرثى له،
وبصرخةٍ سريعة كامـدةٍ، لاحساً اليـدَ
التي لم تستجِبْ له بمداعبـةٍ -- مات.
جُـوِّعَ الحشدُ بدرجاتٍ; ولكنَّ اثنين
من مدينة عظيمة استطاعا البقاءَ،
وكانا عدوّينِ: التقيا بجانب الجمرات
المائتة لهيكل الكنيسة،
حيث تكوّمتْ كتلة من أشياءٍ مقدّسة
لاستخدام غير مُقَـدّس; سحباها،
وبارتعاشٍ حكّا بأيديهما العظميّة الباردة
الرمادَ الرقيق، ونفخ تنفسّهما الضّعيف
لحياة صغيرة، وصنعا لهباً كان سخريّةً;
ثمَّ رفعا عيونهما، كما لو نمتْ أكثرَ ضياءً،
ورمق كلّ ٌ منهما مظهرَ الآخر -- رأيا،
وصرخا، وماتا--
وحتّى لاختفائهما ذي الفائدة المشتَركة ماتا،
غيرَ عارفَـيْـن من هو الذي كتبتِ المجاعةُ
على جبينـه (شيطان). الدنيا كانتْ باطلةً،
الآهِـلُ والقويّ كان ورماً،
بلا فصول، بلا عشب، بلا شجر، بلا بشر، بلا حياة --
ورمَ موتٍ -- فوضى طينٍ صلبٍ.
الأنهارُ، البحيراتُ والبحرُ المحيط صمدوا كلَّهم ساكنين،
ولمْ يُحَرَّك أيّ ُ شيء بين أعماقهم الصّامتة،
سُفُنٌ بلا ملاّحين مُلقاةٌ مَعطوبـةً على البحر،
وصواريها سقطتْ أسفلَ شيئاً فشيئاً: كما سقطتْ
رقدتْ في الهاوية بلا جَـيَـشان –
الأمواج كانتْ ميتةً; التيّارات كانتْ في مقبرتهم،
القمر، عشيقهم، انتهى مفعوله من قبلُ;
الرياحُ ذوتْ في الهواء الآسن،
وتلاشت الغيومُ; العَـتَـمةُ ليست بحاجة إلى
عونٍ منهم -- كانتِ هـي الكونَ.

جورج غـوردن ( لورد بايرون ) 1788- 1824
ترجمة بهجت عباس



#بهجت_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن آخر - للشاعر الإنجليزي/الأمريكي ه. و. أودن
- نَفَثاتٌ رباعيّة
- المرثية العاشرة – راينر ماريا ريلكه
- المرثية الأولى– راينر ماريا ريلكه -
- ملحمة بوسطن 1854 – للشاعر الأمريكي والت ويتمان
- رباعيات - بهجت عباس
- عهد جديد - للشاعر الإنجليزي ه . دبليو أودن - ترجمة بهجت عباس
- أوه يا قُبطانُ! يا قُبطاني - والت ويتمان - ترجمة بهجت عباس
- سُونيتات إلى أورفيوس - راينر ماريا ريلكه
- لا جدوى! غرور الغرور! - يوهان فولفغانغ غوته
- قصيدتان
- شاعر وناشر
- داء النرجسيّة وهل للعرب حصة الأسد منه؟
- لُغزِ سرطان البروستات المعقد، هل يحلّه الجين المُكتشف حديثاً ...
- عندما يترجم بعض العرب شعراً ألمانياً
- يلتهم جرثومة القرحة ويحصل على جائزة نوبل
- تعليق لم ينشره قسم الصحة في إيلاف
- السيد الدفّاف
- تساؤلات - Fragen
- للجميع للشاعرة الألمانية لويزه أ ُُتو- بيترز


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت عباس - عَتَمة - للشاعر الإنجليزي لورد بايرون