أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية خلوف - تمجيد الدّكتاتورية














المزيد.....


تمجيد الدّكتاتورية


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 7004 - 2021 / 8 / 30 - 09:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أتساءل : لماذا نمجّد الدّكتاتور ؟ أجيبني : لأنه جزء منّي ، لم أعرف غيره، تعوّدت عليه فأصبح عالمي، حوّلت صورته إلى صورة وطن لا أعرفه ، فغنيت أغنيات حماسية للوطن ، في الحقيقة كانت مخصّصة لإرضاء الدّكتاتور، وفيما بعد اقتنعت أنه هو الوطن، وبعده سوف يفنى الوطن.حتى اليوم لا زال الدّكتاتور ، لكن الوطن رحل .
أعدُّ الدكتاتوريين الذين أخضع لهم فلا تتسّع القائمة، و أكبر الدكتاتوريين الذين كنت أمقته هو: الفقر . يالدكتاتورية الفقر! وعندما أقرأ عن تمجيد الفقر يرتجف جسدي ، أتصور أمامي رغيف الخبز ، وكأس الشّاي الذي كان غذاءاً رئيسياً في أيام العزّ السورية ، وفي فترة زمنية بعد عام 2000 كنت في حي من أحياء حمص التي أغلب سكانها من المؤيدين للأسد ، كنت أذهب للتسّوق من الدكان كي أطبخ الطعام لي ولا بنتي التي كانت تقيم هناك من أجل الدراسة ، كانت النساء تأتي للتسوق فيشترين رأس زهرة مثلاً ، أو ما يعادله. كانوا يرغبون في بناء غرفة ومنافعها فوق بيت آبائهم الذين تقاعدوا من الخدمة العسكرية ، و أنهوا بناء بيت وضيع سوف يضع الابن العسكري بيته فوقه ، وهنا لا أتحدث عن الضّباط الكبار .
الدكتاتورية الأخرى في القائمة هي الجهل ، أعترف أنّني كنت جاهلة سوى بالركض وراء الرغيف ، فلم أتعرّف على نفسي إلا وكان العمر قد ولى ، و لا أعرف إن كنت أعيش في سورية اليوم هل كنت سوف أكون شيوعية بنقاب ، أم حجاب ، وكيف أصنع المبرّرات له، فقبل أن أغادر سورية أصبحنا نلبس المانطو الشتوي الطويل ، و أغلب رفيقاتي تحجبن، و المسيحيات منهن قلن لي أنهن اكتشفن أن الإيمان أهم ، لكنّ طفولتي الأولى كانت في مدينة صغيرة للطائفة فيها قيمة كبيرة ، حتى عند الذين لا يمارسون طقوس العبادة ، الأكثرية لم تكن تمارس تلك الطقوس . من ضمن الجهل أيضاً ه طريقة الإقناع ، فمثلاً يقنعك مؤمن و أنت مسيحي ، أو يهودي أن هذا الأمر مثبت بدليل أنا فلان بن فلان دخل على الرسول فقال له كذا، وكذا!
أشدّ حالات الجهل هو تمجيد الكتّاب ، و الفنانيين الذين غطّوا زمن الدكتاتور، فهذا نصفه بالثوري، وذلك بالعظيم. لا شكّ أن لديهم أشياء جميلة لا تصل إلى حدّ التقديس، فهم في النهاية جزء من الثقافة الدكتاتورية، سواء منهم من تثوّر، أم بقي مع النّظام ، وفي مقدمة هؤلاء ألمع الأسماء .
رضعنا الدكتاتورية تماماً كما رضعنا الكراهية ، فنحن على سبيل المثال نتهم الماسونية، و أنا شخصياً لا أعرف ماهي. ريثما نصل إلى مرحلة نستطيع من اقتلاع الدكتاتورية من داخلنا ، قد نبدأ باحترام أنفسنا. أغلبنا دكتاتوري في المنزل ، ومع أولاده الضعفاء ، وتدور الدورة الزمنية فيصبح الأولاد دكتاتوريين .
قد يوجد بيننا من لا يؤمن بالقتل ، وهذا أوّل طريق إعادة تربية الذّات ، فذلك الفرح الذي يعم عندما يكون هناك مجزرة ما لأنّ أمريكا مثلاً هي من يتآمر ، وقد تم توزيع الحلوى في أحداث 11 سبتمبر ، هذا التمجيد للقتل ، ودفع الشباب لتجنيد نفسه للموت هو دكتاتورية يقبض ثمنها الزعماء ، ويقتل في سبيلها " المؤمن العشوائي" ، ذلك الذي لجأ إلى الدّين ليكسب الآخرة بعد أن خسر الدنيا فصدّق خطاب الجهاد. خلقنا لنعيش .
حتى اليوم أرى أنّنا نمجّد الدكتاتور بأنواعه ، نمجدّ الفقر، نمجدّ الموت، نمجدّ الظلم، نحتقر النساء، وهذه صفات مجتمعنا، لا يغير من الأمر شيئاً وجود القليل من المختلفين عن المجموع . هي ثقافة مجتمع تربى منذ ولادته على تلك الأشياء .



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آلهة الرّحمة
- هل سوف ينجو بايدن من الأزمة السياسية
- سكسون
- قيم سارة
- مذطرات أمل المبعثرة
- العمق، و السّطحيّة
- لا تصدقوا وعود طالبان
- التّطبع مع المكان
- هل تغيرت طالبان؟
- رأي المجتمع بالنساء
- سقوط نظام أفغانستان
- ما بعد طالبان
- قصة موت في برج التجارة العالمي
- ثرثرة من أجل الثرثرة
- ثوري ، أم غير ثوري؟
- يوم الفخر - البرايد-
- زمن الرأي و الرأي الكاره
- مزيّفون دون أن ندري
- من حكايات أمل
- في النسوية ، وعقدة الزواج في سورية


المزيد.....




- مهرجان للأضواء في كوبنهاغن.. المدينة تشعّ نورا يكسر رتابة ا ...
- حادث عرضي وليس تخريبًا: السويد تكشف أسباب قطع كابل بحري في م ...
- عشية زيارته لتركيا: الشرع يتحدث عن الانتخابات وسلاح -قسد-
- بروكسل ترد على مطامع ترامب حيال غرينلاند
- العراق.. تريث إزاء المشهد السوري
- تقري أممي يشير إلى فشل في تطبيق قرار تجميد الأصول الليبية
- الشرع إلى تركيا بدعوة من أردوغان
- الأنصاري: نأمل أن يطلب ترامب من نتنياهو الوفاء بتعهداته وإرس ...
- نتنياهو في واشنطن.. هل يستجيب ترامب لمطالبه؟
- مفاوضات وقف إطلاق النار.. -حماس- تتهم إسرائيل بـ-المماطلة-


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية خلوف - تمجيد الدّكتاتورية