|
الكاتب الذي في داخلي
بانكين خليل عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 7003 - 2021 / 8 / 29 - 23:26
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كلنا ولدنا متساوين في الحقوق والواجبات -من حيث أننا نمتلك طاقه كامنة وأربع وعشرون ساعة في اليوم- ومستقبلنا فتح أبوابه على الاحتمالات الغيبية؛ بعد أن سعينا لدخول الى عالم المادة وتجسدنا على صورة البشر على كوكبنا البيضوي في هذه الكون بدافع الفضول ربما؛ والذي لولاه لما كنا الآن بشراً (ويبدو أننا كنا نتشارك الفضول مع البشر حتى قبل تجسدنا في صورتهم ونحن نجوب كطاقة كامنة تبحث عن شكل لتجعل لنفسها معنى ) أو وربما كنا زهرة على قمة جبل شاهق، أو نبة صحراوية تراقب نجمة القطب، أو حتى سمكه تجوب البحار؛ لو لم نفز بمعركة الوصول لبويضة أمنا والتي انتصر فيها كل منا على 200 مليون قرين/ أخ، (يمكنك ان تقرأ عن نظرية "أننا لم نتواجد بالصدفة" او تراجع كتاب التزامنية ل كارل جوستاف يونغ) أو ربما كان بإمكاننا أن نتحكم على الأقل باختيار هوية معينة في عالم البشر -اذا كان لابد من تجسدنا على صورتهم- لو كنا أكثر صبراً ( ولا نعني أن الادراك هنا يتعلق بطول الصبر، وانما مجازاً قلنا ذلك بحكم أن الصبر ارتبط بمفهوم قدرته على زيادة الخيارات –وبالتالي- توليد الاحتمالات التي تعزز بدورها المعرفة، حتى لو كانت نتيجة الصبر أن الصبر نفسه كان خطأ، لأنه وبكل الأحوال نتج هذا الادراك نفسه أن الصبر كان خطأً عن الصبر). -وبالعودة لسياقي وولوجي في عالمي الداخلي بحثاً عن كاتبي ذاك كما عنونت أعلاه ومن باب الطاقة الكامنة والتي ولدت متساوياً فيها مع أقراني البشر الذين منهم من اكتسب هوية العالم، ومنهم المخترع ومنهم الفيلسوف ومنهم المفكر...، ليجعل لتجسده على صورة البشر هوية خاصة ينفرد ويتميز بها، حيث أذهنه كان أكثر ادراك مني في هذا، وأفترض أنه تمكن من اختيار هويته تلك قبل تجسده ذاك، وولوجه عالم البشر -بما يعني- أنه كان ينم بمعرفه اقتصرت علي بحكم أنه افترق عني -ربما بمدة وجيزة أو أكثر طولاً- أي ورث تلك الفطنة فيما بقيت أنا مدفونا في حمضي النووي ما قبل افتراقنا ذاك، أو بمستوى معرفي أدنى منه تعلق بسلسلتي وشفرتي الجينية التي انا نسخة مطورة عنها، ويترتب علي تطويرها بدوري لأورثها لمن بعدي-مجازاً-ابني والتي أناطت بي بهذا الدور الذي أنا به الآن كبشر. وأظنني هذا جل ما تمكنت من انجازه قبل تجسدي بهذه الهيئة/ الصورة بشرا، لأترك نفسي بعد ذلك فريسه لأقراني الذين اختاروا أدوارهم، أو ربما تمكنوا من تغيير أقدارهم فيما بعد وأدركوا على أي هيئة/صورة سيولدون حتى نجحو فيها بحكم أنهم كانوا يملكون تصوراً مسبقاُ، فيما أصبحت أنا أداة لأجندتهم، واكتسبتُ هوية ودور كان كل فكري أنني اخترته بمحض اراداتي، وصرت أعيش يوما بعد يوم وتكبر فيّ قناعة (أنا الضحية) في هذا العالم المجهول وأنه لا ذنب لي، ولا فكاك من هذه الفخاخ المنسوبة في طريقي الى أن وصلت لحالة من "العجز المكتسب" وصرت أدور في حلقة مفرغه بطاقة سلبية متجددة الى أن جاء اليوم الذي سألت نفسي: لماذا فرض علي دور الضحية؟ وهل بإمكاني استبداله؟ وقررت فعلاً أن أغير دوري/ دور الضحية كي أعيش حراً (حيث تشير الحرية هنا ومن الوهلة الاولى عند قرأتها، الى التمرد على كل شيء وأي شيء وأللا شيء) ولكن سرعان ما أدركت أن التمرد (أعيش حراً/ اغير دوري) الذي سأتخذه وسيلة لذلك نفسه حالة ودور هوياتي طوره أقراني من البشر وصاغوه كقالب جاهز للذين يحاولون الخروج عن النسق، والوصول للوعي وهم يقومون بتجاوز دور الضحية، بحيث يكون التمرد هو السبيل الوحيد لذلك -وبالتالي- اكسابهم قناعة معلبة وجاهزة بمحض ارادتهم، وبتصورهم أنها من بنيان أفكارهم، ليسقطوا مرة اخرة في فخ احتمالات عالم البشر الذي طوره اقراني (العلماء والفلاسفة والمخترعين...الخ) المتحكمين بنا من لم نختار دورنا قبلا. وبذلك وجدتني كلما أحاول أن أفكر في حل ما.. أقع فريسة للقوالب الفكرية الجاهزة، واتجسد في احتمال طوره اقراني من البشر. لذا، استعنت مؤقتا بالاستجواب السقراطي لأهتدي لحل أو رأي يخرجني مما أدخلت نفسي به-فيما كنت احاول الخروج عن النسق. وجاء الاستجواب كما يلي: ما الحل يا ترى؟ هل أتوقف عن التفكير؟ وما أدراني أن التوقف عن التفكير ليس أيضاً بقالب مطور / جاهز؟ وفي ذات الوقت ألا يمثل التوقف عن التفكير النقيض/ نقيض الاستمرار في التفكير؟ وبالتالي: أليس كل نقيض يكتسب صفات آخره سواء بطريقة أو باخرة؟
والآن كيف سأعود لرشدي؟! بعد أن افتعلت هذا المشكل الذي أدى الى عقم في التفكير -وأنا أبحث عن الكاتب الذي في داخلي (واستعنت بالاستجواب السقراطي لأهرب من قوالب التفكير الجاهزة رغم أن الاستجواب نفسه قالب جاهز) و كيف عساي أن أجد الترياق المضاد لهذا العقم؟ وكيف سأجد الكاتب الذي بات ايجاده يمثل طوق نجاتي، والحل الوحيد لخروجي من هذه الورطة التي أوقعت نفسي فيها بمحض ارادتي (أو ربما بحكم القوالب الفكرية المصاغة من قبل أقراني من البشر) ليكتب لي نصا مغايراً يحمل نافذة احتمال غاب عن تصوري ــ يكمن فيها مجال للمناورة ـــ اقفز منها الى الخارج، أو ربما أعود منها مجدداً لداخلي لأعيش الواقع بسذاجة، أو ربما بوعي مكتسب لا أعيه، وبذلك أعيش مخدوعاً بذكائي عن قناعه، وأبقى متصوراً أنني أعيش نفسي بحرية، أو انني بالفعل أنا الضحية. ومجدداً رأيتني كلما حاولت أن أهرب من فخاخ القوالب الفكرية المصاغة قبلاً؛ أقع فريسه لغيره، وأنه لا مناص من الاستعانة بأحدها الى حين أركن لفكرة قالب خاص بي! لذا، قررت أن أستعين هذه المرة بقالب الحيادية الذي يحتوى على أكبر قدر من الديمقراطية من وجهة نظري بداخله (اذا كان لابد من ذلك/ الاستعانة) وتوجهت على الفور الى الصين لأستعير من "لشوانغ تزو" قالبه داخل ذاكرتي المثقلة بالمفاهيم والقوالب الجاهزة -بمنطق الحياد ذاك- علني أصوغ لنفسي هيئة/صورة-هوية ترفع من شأني مرتبه وتعوضني عن نقصي قبل ذلك (ربما يكون الكاتب الذي في داخلي). وبالفعل بدأت أجرد المفاهيم تلو الاخرى وأنا أغوص داخل نفسي بحثاً عن كاتبي/عني ورأيتني أرجعني نطفة تستعد لسباق الوصول الى البويضة لتتجسد بشراً، ورحت أسأل نفسي بضع أسئلة وكأنني أتذكر ما استخلصته بالاستجواب السقراطي ورأيتني أسأل نفسي: كيف سأكون؟ وكأني أعرف عن حياة البشر كل شيء، وأن السباق الذي أنا مقبل عليه لا مناص من الفوز فيه، وأن النتيجة محسومة لصالحي والأمر يشبه مسرحية أنا بطلها كتبت قصتها، ولكن سرعان ما أدركت أنه لا مناص من السقوط، فما أنا إلا نسخة مطورة عن حمض ابوي -وبالتالي- أرث عنهم ما ظننته أنني اكتشفته للتو عن حياة البشر وأنا أفكر في هوية لي في عالمهم. فأيقنت أنني أنا الكاتب الآخر مني ابحث عني في آخري، وها أنا اتلاعب بالمصطلحات واحشو سطوراً ابستمولوجية يمتنها أسئلة سقراطية تدعوا للتفكر، وربما للخروج عن النسق! نسق التتابع والتناسخ، وحين الى عدت الى رشدي، رأتني أنا هو الأنا، القديم/ الجديد أدافع عن اسمٍ موروث، وهوية مكتسبة، ودين فرض بحد السيف، ومعتقدات السالفين، وعادات وطقوس لا تنتمي للعلم بشي - تبرمجت عليها وأصبحت تشكلني كهوية ، أنا اللا واعي يقودني أنا الواعي، فعانقت أخري/ كاتبي، وكتب نصاً ينسف هوياتي القاتلة، يشبه الى حد ما "اللامنتمي" واخرجتني من مأزقي وعالجت العقم بمضاد مكون من فرط الادراك وتغيير ثابت، وأعلنت بعدها الحداد علي ــ على آخري عشرة اقلام كاملة وممحاة لأخطاء الماضي وورقة بيضاء ورثتها من ابداع اقراني السابقون أصحاب الثورة الصناعية لأعيش أنا الكاتب الذي في داخلي بنسختي الجديدة/ المطورة بوعيّ اللاواعي.
#بانكين_خليل_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وصول سجناء فلسطينيين مفرج عنهم إلى الضفة.. ونقل بعضهم للمستش
...
-
أول تعليق من نتنياهو بعد إطلاق سراح 3 رهائن جدد من غزة
-
سوريا.. قتلى وجرحى بانفجار سيارة مفخخة قرب -دوار السفينة- وس
...
-
المرشح الرئاسي في رومانيا يؤكد أن سياسات كييف تؤجج الصراع
-
السودان.. مئات القتلى والجرحى إثر قصف لبعض الأحياء وسوق صابر
...
-
القائد العام للقوات الأوكرانية يشير إلى ضعف التدريب النفسي ل
...
-
موسكو: من المثير للاستياء أن غوتيريش لم يذكر خسائر الاتحاد ا
...
-
محكمة بريطانية تسمح بمراجعة قرار الحكومة بيع مكونات لمقاتلات
...
-
فيديو: هكذا سلمت حماس الرهينة الأمريكي الإسرائيلي كيث سيغل ف
...
-
دراسة دولية: اتكال ألمانيا على نجاحاتها السابقة أوقعها في مأ
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|