محمود الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 1645 - 2006 / 8 / 17 - 07:14
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أشعر باليأس والمرارة حينما أعتقد إعتقادويتحقق و يصب في النهاية ضد الشعوب العربية المأزومة بسياسات فاشية عنصرية تمجد الحاكم وتضعه في مصاف إله أو نصف إله , وأستشعر بالمرارة حينما أتنبأ بنبؤة ضد الشعوب العربية ثم تتحقق هذه النبؤة فما أسوأها من نبؤة وما أردأها من نبؤة , أنها نبؤة الشؤم والعار والخيانة حينما لا نستطيع أن نقرأ المستقبل إلا بطريقة الحكام العرب الذين يقرأون المستقبل كمن تقرأ الودع للتسلية في أوقات الفراغ علي الشواطئ العربية للمحبين والمولعين بالغرام والشوق .
او كمن تقرأ الودع لشاب يائس من المستقبل لايجد فرصة عمل ومن ثم يضحي بأغلي مايملك وهي حياته فيموت غريقاً علي الشواطئ الإيطالية أوالأوروبية من أجل الهروب من جحيم العطالة والبطالة في وطنه فيكون مصيره المحتوم الموت غرقاً معتقداً أنه أفضل من الموت يأساً وكلاهما يأس !!
أو كمن تقرأ الودع لفتاة عربية تعدت سن الزواج وإقتربت من سن اليأس من الزواج وأصبحت عانس قد مر عليها قطار الزواج السريع ذو التذاكر المختومة بخاتم إتفاقية الجات والعولمة وتنعي حظها وبختها علي أنها لم تجد فرصة عمل هي الأخري لتساعد من يريد إلإقٌتران بها في تأسيس منزل الزوجية التعيس الذي لن يتأسس أبداً !!
أو كمن ضاع منه شئ نفيس وغالي عليه ولايجده ومن ثم كان الحل في قارئة الودع وموشوشته لكي يخبرالودع عن مكان الشئ المفقود ولعله مسروق ولن يجئ ولايتم العثور عليه إلي الأبد !!
أو كزوجة هرب زوجها من المنزل ولم يعد إليه لأيام طالت في إنتظار الأسرة من الزوجة والأولاد والأب والأم والجيران يتسائلون عن سبب الهروب ,وكان الهروب من أعباء الحياة وثقل الكاهل علي تحمل الأعباء والمسؤلية الأسرية من غذاء وكساء وفاتورة كهرباء وماء وصرف غير صحي ومواصلات وغاز ومنظفات صناعية ومصاريف مدارس ومصائب الدروس الخصوصية التي لاتطاق ثم يجدون الأب مشنوقاً بحبل الفساد في أحد الكباري في الدول العربية !!
أو كبنت كانت طاهرة شريفة عفيفة النفس إنحرفت إلي طريق الرزيلة والدعارة بعدما مات والدها وتركها هي والأم المريضة بالكبد الوبائي أو الفشل الكلوي أو السرطان , والإخوة الصغار من البنين والبنات وكان حظها العاثر أنها الإبنة الكبري فلم تستطيع تحمل المسؤلية وثقل الأعباء فإنحرفت لطريق البغاء والزنا والدعارة لأن المجتمع العربي لم يقدر علي إعالة هذه الأسرة وتوفير أبسط متطلبات الحياة لها , ثم أفاقت هذه الفتاة التعسة وتريد الخلاص من طريق الزنا والبغاء والدعارة فلجأت إلي قارئة الودع ويممت وجهها شطر قارئة الفنجان فكان أن صدمتها سيارة مسرعة فارهة يقودها أحد أبناء الطبقات المترفة ولم يعثروا لها عن رقم ولا لقائدها عن عنوان وقيدت الواقعة ضد مجهول !!
وهكذا تفكر الأنظمة العربية في المستقبل فالأوطان لتعني الأنظمة العربية من قريب أو من بعيد , والشعوب العربية موضوع خارج إطار المسألة وبعيد عن الحسبان إلا أنهم من غيرهم فمن يحكمون وعلي من يستبدون وممن يسرقون وينهبون !!
مستقبل الأنظمة العربية مستقبل مظلم حالك السواد فجميع المساوئ والمشاكل والأزمات والفضائح والنكبات والخطايا والرزائل والرزايا تساوي الأنظمة العربية , وهذا ليس تجني أو تشفي أو إتهام بالباطل والزور فحال الأنظمة العربية والشعوب العربية أصدق دليل علي مانقول ونتكلم بل وتقارير المنظمات والهيئات والمؤسسات الدولية ومراكز الأبحاث أصدق مؤشر علي أوضاع الأنظمة العربية في جميع الإتجاهات والمناحي من مؤشرات التنمية ومعدلات الدخل اليومي للأفراد ومعدلات ومؤشرات الفقر والبطالة والمرض , بل وتعداد الجرائم الإقتصادية وجرائم غسيل الأموال من تجارة المخدرات والرقيق الأبيض والسرقات المنظمة للأوطان برعاية مؤسسات الحكم والدولة , وحقوق الإنسان التي هي خارجة من نطاق ومفردات لغة القاموس السياسي والإجتماعي في الدول العربية علي الإطلاق وكأن الطبقات الحاكمة هي التي يصح أن يطلق عليها كلمة إنسان وباقي أفراد الشعوب من غيربني الإنسان !!
وحقوق الأقليات المهدرة في العالم العربي وإهدار حق المواطنة وإعلاء شأن النعرات الدينية والطائفية في العالم العربي للتخديم علي بقاء وإستمرارية الأنظمة العربية في الحكم والسلطة شريطة تفاقم هذه الأزمات وإشعال الفتن الطائفية وخلق الأزمات الدينية بين مصطلح الشيعة والسنة , والمسلمين والمسيحيين , والبهائيين والعلمانيين والشيوعيين , والصابئة المندائيين , واليسار واليمين , وخلق الفتن بين أبناء الدين الواحد أو المذهب السياسي الواحد حتي تتسيد الأنظمة العربية علي الأمر كله في مقابل تناحرأبناء الشعوب فيما بينهم البعض , وهناك أجهزة مخابرات وأجهزة أمنية ذات مستوي عالي وتقنية تكنولوجية عالية تمكنها من ذلك وبطرق أصبحت ميسورة لها لأن ورائها جيوش من الأدباء والمفكرين والعلماء وحتي رجال الدين علي خلفية ودراية بنقاط الإتفاق والإختلاف والنقاط التي تثير حفيظة فريق من الفرق أو فصيل من الفصائل ضد الفريق أو الفصيل الآخر سواء في الدين أو السياسة !!
فالحرب لم تنتهي بين الأنظمة العربية والشعوب العربية علي الدوام فهي مستمرة بين أنظمة حاكمة وشعوب محكومة بالفساد والغصب للحكم والسلطة , أنظمة تسرق الوطن وتتعامل معه علي أنه تركة مورثة للحاكم الإله الفرد أباً عن جد , وله أن يتصرف في هذه التركة التي هي ميراث من وجهة نظر الحاكم الإله الفرد تركه له الآباء والجداد من قديم الزمان وأن الشعوب تعولها الحكام وتصرف عليها من هذه التركة المورثة للحكام الآلهة الفردانيين وأن من واجب الشعوب أن تقدم فروض الولاء والطاعة لهؤلاء الحكام الآلهة .
وفي الحقيقة أن العداء الأساسي هوالعداء القائم الدائم بين الأنظمة العربية والشعوب , وأن الكراهية الحقيقية هي القائمة بين الأنظمة الحاكمة والشعوب , وأن الحرب المستمرة والدائمة والمستمرة هي القائمة بين أنظمة الحكم العربية والشعوب العربية , وهذا ملاحظ من أن الأنظمة العربية لم تحارب إلا حروب معدودة وآثارها محدودة سواء فيما بينها أو بين إسرائيل , أما الحرب الدائمة هي التي بين الحاكم الإله الفرد وبين الشعب الذي يحكمه بالحديد والنار , والحرب الحقيقية هي حرب رجال المباحث والمخابرات والأمن القومي وأمن الدولة وأمن دولة الحكام فميزانية أي نظام حكم عربي تتعدي ميزانيته العسكرية التي لم تطلق منها طلقة واحدة في إتجاه العدو الصهيوني إسرائيل , وإنما الطلقات تطلق علي المواطنين وتصيبهم في المقتل , ولاحظ أن عدد الأسري في أي معركة حربية وعدد الأسري من أبناء الشعوب العربية في السجون والمعتقلات العربية , ولاحظ مستوي المعيشة اثناء أي حرب ومستوي المعيشة للشعوب العربية خارج دائرة الحرب , ولاحظ كذلك الدخل القومي لأي بلد عربي وقارن بينه وبين مستوي دخل الأفراد في هذه الشعوب , وعلينا أن نحسب الفرق بين ماينفق وبين الدخل الحقيقي ونسأل عن الفارق بين الدخل القومي والمنفق منه وإين يذهب , والملاحظ أن خزائن الدول العربية عبارة عن حافظة نقود كبيرة ينفق منها الحاكم الإله الفرد علي من يشاء ويعطي منها من يشاء ويمنع ويمنح عمن ولمن يشاء , إليست هذه حقيقة ؟ وإليس هذا هو الواقع الفعلي والمعاش ؟
فهل العدو المتوهم لنا هو إسرائيل والإمبريالية العالمية والصهيونية العالمية أولاً أم الأنظمة العربية الحاكمة ؟
فهل الحرب إنتهت ؟ !!
فماذا بعد ؟!!
#محمود_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟