مصطفى كامل الحاجي مصطفى
الحوار المتمدن-العدد: 1644 - 2006 / 8 / 16 - 08:05
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
يأسرني و يرعبني النظر إلى المقاومة الوطنية اللبنانية و قد أجبرت العدو الصهيوني على التفاوض لاستصدار قرار مجلس الأمن الذي أنهى الحرب اليوم , و النظر إلى ذاتنا العربية القابعة خلف الخنوع و الذل القانعة فقط بأننا لا نستطيع حرب الكيان الصهيوني و حاميته أمريكا . إلا أن حدث الساعة اليوم و شاغل وكالات الأنباء و مراسلي الصحف و الإذاعات و مزلزل الكيان الصهيوني من أعمق أعماقه و مقلق القوى الاستعمارية الغربية . قد غير أطراف المعادلة , و أجبرنا لنجري مقارنة بسيطة بين مواقف نصر الله و مواقف الحكومات العربية لنتبين قدرة العرب على دكِّ حصون الكيان الصهيوني .
ما الحرب التي أوقفها اليوم مجلس الأمن ؟
ببساطة شديدة هي محاولة نصر الله الإفراج عن الأسرى اللبنانيين عن طريق أسرِ جنديين صهيونيين لمبادلتهما بأسرى لبنان عندما لم تنفع كل الوسائل الأخرى لاستعادة الأسرى . و في أول يوم للحرب قال نصر الله إن المباحثات غير المباشرة و تحقيق شروط حزب الله هي طريق الكيان الصهيوني لاستعادة جنوده , و لكن الكيان الصهيوني أراد إتباع طريق القوى العسكرية لضرب حزب الله و القضاء نهائياً عليه , فقام بارتكاب مجزرة تلو مجزرة و قتل للأطفال و المدنيين في مناطق متعددة من لبنان و ضرب الجسور و المصانع و سيارات الإسعاف و المدارس و المساجد و دور العبادة و المنازل و المستشفيات محاولاً إرهاب حزب الله الذي رد بدوره بتكبيد العدو أفدح الخسائر فكانت خسائره البشرية أكثر مما خسره في حروبه مع العرب كلها , أما خسائره الأخرى من طائرات و بوارج بحرية و دبابات فهي ما لم يتوقعه صديق أو عدو . حتى أصبح تدمير عربة " الميركافا " أمر أقل من عادي ,و هو ما سيؤثر حكماً على صفقات الأسلحة الصهيونية إلى الدول الأخرى التي ستفكر أكثر من مرة قبل أن تشتري أسلحة الكيان الصهيوني , و أما خسائره الاقتصادية من صناعة و سياحة فهي مما لا نستطيع أن نعرفه الآن , و الأهم من ذلك خسارة سمعة الجيش الذي لا يقهر الذي لم يستطع أن يقضي على حزب صغير و ليس دولة , بل و توقف عن قصف بيروت عندما أنذره نصر الله بأنه سيقصف تل أبيب في حال قصفت بيروت يا للجبن الصهيوني الذي رأيناه للمرة الأولى .
نعود لسؤالنا الصعب و مقارنتنا مع مواقف الدول العربية من الكيان الصهيوني لنحاول تلمس مواطن الضعف العربي تجاه الكيان الصهيوني التي تمنعنا من محاربته و محاولة القضاء عليه .
لما ينتصر نصر الله و لا نفكر نحن بالحرب .......!؟
الجواب قد يعود إلى ما قبل ولادتي عندما أبلغوا أمي و مثل كل بنات جيلها أنها قد زوجت برجل يكبرها بثلاثين عام أو تزيد , و في ليلة عرسها عندما أبلغها أبي بدوره أنها يجب أن تكون أمّاً و هي ما تزال طفلة .
لما يقف نصر الله شامخاً و لا نرفع رؤوسنا .........!؟
أذكر رفعت رأسي طفلاً مفعماً بالحياة ينتثر الحب في أركاني عندما بدأت أبي تسمعني للمرة الأولى قائمة ممنوعاتك و محرماتك المقدسة التي أقلمت مع مفرداتها ذاتي و هي " عيب – حرام – ما يصير " و ما كبرت حتى كانت قائمتك تكبر أبي و تتسع مفرداتها " ممنوع – سلطات أعلى – خط أحمر " و كثرت وسائل تلقينها لي غير صوتك الجهوري من المعلم و المدرسة و المنظمة و الحزب و حراس الخط الأحمر .
لما يصدق نصر الله بقوله ولا نصدق الله بقولنا.........!؟
أذكر محاضرة أبي الأولى عن " جارنا الغول" في خطابه الأول لي , و كيف شتم ذاك اللعين الذي يريد أن يلتهم أخوتي الصغار بعد أن احتل سطح المنزل و شجرة الزيتون و يريد ماءنا و كل البيت و البستان , و بحنكة أبي و دهائه أعدَّ خطته الخاصة للقضاء على " جارنا الغول" فأصدر قوائم التقشف فمنع الألعاب و الفواكه و الألبسة الجديدة وقال إن لديه قوائم تقشفية أخرى قد يصدرها بأي لحظة لنشتري سيفاً . خنجراً . سكيناً . عصًا , بل و قنن مصروفي المدرسي و اقتطع من راتبي الشهري , و كلما طلبنا حلوى و كعكاً و سكراً تبختر أبي قائلاً علّم أولادك إن لا حلوى وكعك وسكر مع غول احتل سطحنا و الزيتونة ويبغي أكثر إنه بني عدو يحارب و لا يسالم .
لما يذلّ نصر الله الصهاينة وتذلنا نحن طواحين الهواء..........!؟
أذكر أبي كلما هتفت بحياتك بالشارع فرحاً و تذكرت إن عينيَّ يجب أن تزغرد طرباً .
أبي :
كلما صورت لي " كرباجك " نبع للحرية نبع يمنحني القوة لأصدق خطبك و ترهاتك و بطولاتك و غزواتك الوهمية .
أبي :
كلما دفعت بي إلى صندوق انتخابك الزجاجي الشفاف لأقول لك نعم بدمي و روحي تذكرت كيف عشعش الخذلان و الخزي و العار صدري , و تذكرت لما أنا مهزوم من الداخل .
لما يقول نصر الله أُقبل أقدامكم المزروعة في الأرض ونُقبل نحن أيدي و أقدام حراس الخط الأحمر ......!؟
أبي :
عفوك و أصفح عن مولاك لكنهم يقولون إنك رفعت كأسك في طرف الحانة محيياً " جارنا الغول" و أهديت له سيجارك الهافاني و غمزت بطرف العين له و عدت للبيت ليلاً لتجلدنا لما لا نحارب لما لا نقاوم .
أبي :
و عفوك لكنهم يقولون إنك لم تضرب " جارنا الغول" يوماً مذ كان طفلاً حتى أصبح شبحاً لا يقاوم , بل كنت فقط تهدده و تتوعده إنك قوي و هو زائل .
أبي :
عفوك يقولون إنك و " جارنا الغول" ابن " رايس الأولى أو أولبرايت العظيمة " أبي كن ابن من شئت و لكن أعطني بعض هواء لأقاوم .
لما يقف الله مع نصر الله و نحن لا نجد إلا الخطب و الترهات ..........!؟
أبي :
أعطني سيفك . الخنجر . السكين , أو حتى عصاك , و سر معي . خلفي , أو أتركني وحدي فقط اسمح لي أن أحارب .
أبي :
إلى متى نتشدق بالخوف من الغول و الغول يسكننا .
أبي :
إلى متى نجوع و نجوع لنحارب الغول حتى أصبح الخوف و الجوع عدونا لا الغول .
أبي :
هل يطول عمري أو قد أموت يوماً و لكنني سأجد أحفادي يسألونك .......... أبي هل نحارب .
اللهم ارزقنا الصبر و السلوان جنبنا شر التندر بالمصالح العابرة , و أمنحنا الثقة بالنفس لمقاومة الهجمة الامبريالية و الصهيونية , و القوة و الثبات لتحقيق مصالحنا الإستراتيجية . اللهم إني لا ( أرى . أسمع . أتكلم )
#مصطفى_كامل_الحاجي_مصطفى (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟