حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)
الحوار المتمدن-العدد: 6999 - 2021 / 8 / 25 - 17:15
المحور:
الادب والفن
نظر الشكل إلى المعنى الذي كان يتنزه قرب النهر، حياه بلطف، وسأله معروفاً:
- أريد أن أقطع هذا النهر دون أن أتبلل. فهل تستطيع مساعدتي؟
ظل المعنى صامتاً، وبدت عليه ملامح الحيرة. وهذا لم يكن متوقعاً. فقد ظن الشكل أنه يستطيع أن يكون قارباً ، وأن المعنى يستطيع ببساطة أن يكون ربّاناً يقوده بسلام.
لم تكن هذه حيرة المعنى العظيمة!
كانت حيرته هي معرفته أن الرضوخ إلى رجاء الشكل، سيفقده أثمن ما يملك ، وهو حرية اتخاذ المبادرة. كما فكر المعنى أيضاً، أن عدم استجابته لرجاء الشكل ، يعني تخليه عن فرصة قطع النهر ، وإرضاء فضوله برؤية عالم الضفة الثانية.
طال انتظار الشكل، وطالت حيرة المعنى .
صمتا وهما يصغيان إلى صوت الأبواب التي تغلق أمام كل الاحتمالات.
- تباً لكما
صرخ النهر ، وفاض بما اختزنه من قوة ، واندفعت المياه إلى السهول، وجرفت أمامها كائنين مبتلّين بالماء. ثم دفعت المياه بهما بعيداً .
يقول أحد الرواة " لقد نجيا من الهلاك لأن الشكل صار سفينة ربانها المعنى" .
ويقول راو آخر" بل لأن المعنى اكتشف وجود قمة عالية، أنقذتهما من الطوفان"
غير أن ما فات الرواة هو أمر مهم ضروري لفهم ما جرى، فقد اتخذا قراراً سريعاً للنجاة من الموت، ولم يخبرا أحداً بالتفاصيل.
هما الآن غير سعيدين معاً، ولا تعجبهما صيغة الاتفاق الذي وصلا إليه. ويشعر كل منهما بالظلم، وينتظران معجزة من جديد ، كي تعيد فصلهما ، أو ربما تعيد اقتراح صيغة أخرى للمشاركة، يكونان راضيين بها.
غير أن المعنى يفكر كثيراً بالانتحار ، لأنه لم يحظ قط بما يريد، ولأن جميع من أرادوا حواره وفهمه ومساعدته كانوا بلا بصيرة.
#حسان_الجودي (هاشتاغ)
Hassan_Al_Joudi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟