شيري باترك
كاتبة / باحثة نفسية ( مسجلة دكتوراه بعلم النفس )
الحوار المتمدن-العدد: 6997 - 2021 / 8 / 23 - 22:54
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
كُنتُ في إحدى الغرف بالمشفى صامتة اتوجع .. أعاني .. أبكي ..
لم أَكن أنا في تلك الغرفة
بل كانت طفلة بائسة..
تائهة..
نعم كُنت كطفلة لم تتجاوز بعد الخامسة من عمرها ..
وفي المنتهى كُنت أردد تلك الكلمات
هذا الحِمل ثقيل .. هذا الحِمل أكبر مني
أُمي بغرفة العمليات ..
وأنا بمفردي معها وتلك رغبتها..
لا اعلم لماذا أرادت ان تخبئ الأمر ..
الأمر لا يُوصف بالكلمات ..
الأمر كان كابوسا ..
كأني داخل سفينة تَغرق وانا مُقيدة ..
كأني داخل بركان وأنا مكبلة ..
عانيت بمفردي كعادتي ..
خرجتُ من الغرفة أبحث عنها ..
أنتظرها عند مدخل غرفة العمليات..
وقبل خروجها من غرفة العمليات..
خرج طبيب يعرفني لكنني لم أعرفه بسبب الكمامة..
طمئن قلبي عليها ولكنني مازالتُ شاردة ..
أين أُمي؟ ..
الدموع تغطي ملامح وجهي..
عقلي بات مُغيب ..
حاول موظف الأمن أن يطمئنني..
لكنها محاولات فاشلة ..
فأنا لا أطمئن إلا في حضنها ..
أشرقت الشمس بخروجها من تلك الغرفة اللعينة ..
وعند خروجها بعثت لي أشعتها لتنير دربي المظلم ..
وحينما رأتني أَبكي قالت لي: لقد تذكرت يوم ولادتك يوم ولادتك العثرة ! .
شَعرتُ بالدهشة .. ..
حيرة شديدة أصابتني
لماذا جعلها الله تتذكر يوم ميلادي أثناء تعبها؟
هل لأنها كانت ترغب في أن أكون صبيًا ؟
حيث أن الناس هنا يفضلون إنجاب الذكور ..
أَم لأنها أثناء ولادتي تمنت عدم وجودي لأنها عانت؟
لا اعلم لماذا جعلها الله تتذكر ذلك ..
هل كان الله يريد أَن يذكرها البنات كالبنيان؟
بل أفضل واحن من البنين؟
هل أراد الله ان يوضح لها أن مصدر تعبها في شبابها سيحملها في شيخوختها ..
وتجوب بها المستشفيات
لتعود لها ضحكتها؟
وحده الله يعلم لماذا جعلها تتذكر ذلك ..
ووحدي أَشعر بعد مرضها بالخوف ..
أَشعر بانني ابحر ولا نهاية لذلك اليم ..
تعبتُ ..
الحياة قبر كبير دون ضحكات أمي ..
الحياة وحش مفترس يلتهمني دون حضنها ..
كل شيء يحدث لنا لا يَعرف الصدفة..
كل شيءٍ يعلمنا شيء ..
أصغي..
حاول أن تفهم ..
لا تتعجل الأمور..
#شيري_باترك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟