|
السيطرة على - ألم البشر والسيطرة على - حرية - البشر
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 6997 - 2021 / 8 / 23 - 00:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السيطرة على " ألم " البشر ..... والسيطرة على " حرية " البشر ------------------------------- لا أدرى الى متى ، ستظل الشعوب العربية الموحدة بالله ، ورسوله آخر الأنبياء ، وخاتم المرسلين ، المؤمنة باليوم الآخر ، وأركان الاسلام المقدسة ،فى " غيبوبة " بائسة ، تثير الشفقة ، والأسى ؟؟. الى متى ، تتجاهل هذه الشعوب وتحتقر ، اكتشافات الطب ، وانجازات العلم ، فى كل مجال ، وتصر على أخذ " الفتوى " فى تسيير أمور حياتها ، من رجال الدين ، والمشايخ ، وأتباعهم ؟؟. " الفتوى " ، هذه الكلمة التى تلغى عقول البشر ، وتحتكر الوصايا على لا أدرى ، ما هى المتعة التى تتشبث بها هذه الشعوب ، فى الألفية مصائرهم ، وتجعلهم " مساكين " ، يتسولون لقمة المعرفة والحياة . الثالثة ، وهى تشعر أنها " مسلوبة " الفكر ، والارادة ، " عرائس " من قش ،أو من ورق ، تحركها ذقون رجال الدين ، وعمائم المشايخ ، المستقاة منذ آلاف السنوات ؟؟. ما هو " الأمان " ، فى أن يسلم الانسان ، امرأة ، أو رجلا ، مفتاح شقته ، الى " غرباء " ، يقتحمون خصوصية البيت ، كما يشاءون ، ومتى يريدون ، ويستمر فى الاقامة فى بيت ، لا يملكه ؟؟. شعوب " أدمنت " ، العجز ، والخوف من الأسئلة ، وتشويه كل مشتقات " الحرية " ، وشتيمة الأحرار ، نساء ، ورجالا . شعوب " ماشية جنب الحائط " ، تأكل ، وتشرب ، وتتكاثر بأعداد خرافية ، لتدعيم دولة الاسلام ، وترسيخ عزوة أمة " لا اله الا الله .. محمد رسول الله ". شعوب ، لا يهمها أحوالها البائسة ، اليائسة ، فى كل مجال ، حيث فى الآخرة ، التعويض ، والمكافأة ، وتعذيب " الكفار " ، الذين تجرأوا على تجميل أحوال الدنيا . لقد أصبحت فتاوى " دولة العمائم " ، المتربحة من " تغييب " العقول ، " بيزنس " مربحا ، خاصة المنتشرة على الفضائيات ، أكثر من انتشار وباء كورونا ، وضحاياها أكثر بكثير ، من ضحايا هذا الوباء ، ومع الأسف ،ليس لها لقاح ، انجليزى ، أو أمريكى ، أو صينى . واليكم ، واليكن ، هذه القصة الواقعية ، التى تؤكد بشاعة المأساة التىتحياها شعوب فتاوى دولة العمائم . واحدة من معارفى أخبرتنى ، أنها قد قررت الذهاب الى طبيب أسنان ، لتجرى عملية تقويم واصلاح لأسنانها " المعوجة " . ولكنها تشاجرت مع زوجها شجارا عنيفا ، كاد ينتهى بالطلاق ، لأنه قال لها ، أن هذه العملية تدخل فى نطاق " المحرمات شرعا " . هذا ما سمعه الزوج ، من واحد من شيوخ الفضائيات ، وأنه لن يسمح لها بأن تفعل ، ما حرمه الله . سألته ولماذا تقويم الأسنان " حرام " ، كما أفتى الشيخ الفضائى ؟؟؟. بكل ثقة ، واستعلاء ، قال : " لأنه يصلح العيوب ، ويقلل القبح ، وفى هذا تغيير لخلق الله تعالى ". " أقول ايه ولا ايه " ، والصفحة محدودة ، وأعصابى محدودة ، ومساحة العمر محدودة . خضعت الزوجة المسكينة ، لأوامر زوجها الطبيب ، الحاصل على الدكتوراة فى علاج الأورام ، خوفا من اغضاب الله ، والأهم خوفا من اغضاب زوجها ، الذى هددها بالطلاق . ان بيزنس الفتاوى الدينية الفضائية ، تم له ما ابتغاه . فقد أصبح يؤتى ثماره ، على منْ يعانون من كل أنواع الأمية ، وليس فقط الأمية الأبجدية . ان الأمية الأبجدية ، تقريبا 40 % من عدد الشعب المصرى . شئ فعلا مؤسف ، وقد سمعنا من عشرين سنة ، العالم يقول أن منْ يبقى جاهلا ، بلغة الكمبيوتر ، فى عام 2000 ، سوف يعتبر بالمعيار العالمى " أميا ". فما بالنا ، ونحن فى عام 2021 ، ولدينا أمية أبجدية ، كبيرة ، لا نحسد عليها ، وليست أمية كمبيوتر ؟؟. بيزنس الفتاوى الدينية الفضائية ، له سوق رائجة ، فى مجتمعاتنا ، وهى فى تنامى وازدهار ، ليس فقط بين أصحاب الأمية الأبجدية المرتفعة ، الذين يعانون من البطالة ، أو يسكنون فى أحياء شعبية ، مستواها البيئى محدود. ولكن بين أصحاب " الأمية الثقافية " ، و " الأمية الحضارية " ، المتعلمين تعليما متميزا ، ويشغلون مناصب رفيعة ، وحالتهم الاقتصادية ، مرتفعة . والدليل على كلامى ، أن هذا الزوج ، يجيد ثلاث لغات أجنبية ، وحاصل على الدكتوراة من الخارج ، وأمه نمساوية الأصل ، ولا تتكلم الا الألمانية ، وقليل من العربية ، وبنى من الطب ، عمارات ، ومنتجعات . فى بعض الأحيان ، أقابل امرأة لا تقرأ ، ولا تكتب ، لكنها فاهمة ، و" بتفكر بعقلها الفطرى " ، أفضل ألف مرة ، من خريجات الجامعة ، أو أتعامل مع رجل " لا يفك الخط " ، لكنه بالمنطق البسيط العادل ، " يفك " الضحك على الذقون ، والتناقض ، والكذب ، والتضليل باسم الدين . ولنرجع الى فتوى الشيخ الفضائية . هو يقول أن " تقويم الأسنان " ، " حرام "ا ، لأنه يغير من خلق الله . أولا ، نحن فى دولة مدنية ، اختارتها مصر ، لتكون طريقا لها . وهذه الدولة المدنية " المفروض ألا يحكم فيها الدين ولا يتحكم " ، بأى شكل وبأى درجة ، فى أى موقع من مواقع المجتمع . وهى دولة لغة الصواب والخطأ ، والمنطق السليم ، والعقل الراشد ، والطب الصحيح ، والعلم الحديث ، ومصلحة البشر ، وسعادة وراحة وحرية الناس ، والاستفادة من التاريخ ، وتقليل معاناة وآلام البشرية . فى الدولة المدنية ، المفروض ألا نسمع لغة دينية ، لغة الحرام والحلال ، والمنهى عنه ، والمنكر ، والمغضوب عليه ، ثواب الجنة ، وعقاب النار ، كافر أو كافرة ، مرتد عن الدين ، أو مرتدة عن الدين ، قضايا حسبة ، ازدراء أديان ، وانكار المعلوم من الدين بالضرورة ، ورفع كرباج الارهاب الدينى ، وفتاوى رجال الدين ، والمشايخ . ثانيا ، نناقش منطق الفتوى نفسه . لو توقفنا عن اصلاح العيوب ، وتقليل القبح ، وعدم السعى الى الجمال ، لأن هذا يغير من خلق الله ، فلن ننجز شيئا فى أى مجال ، ولما تمتعت البشرية بانجازات عظيمة ، فى الطب ، والعلم ، على مدى عصورها . وهذا الزوج الطبيب ، المتخصص فى علاج الأورام ، أليس شغله ، كله يغير من خلق الله ، ألا يعالج الورم الذى يصيب مرضاه ؟؟. هل يمكن أن نمرض بالأورام ، دون حكمة ، أو ارادة من الله ؟؟. ما هذا التناقض الفج ، الواضح وضوح الشمس ؟؟. وما هذه الازدواجية الانتهازية ؟؟. لماذا يفعل شيوخ الفضائيات هذا ؟؟ . لماذا يريدون أن يصبحوا" دولة داخل الدولة " ؟؟. لماذا يحرمون تقليل القبح ، والسعى الى الجمال ، وهم يرددون طول الوقت أن " الله جميل يحب كل جميل " ؟؟. ولمصلحة منْ ، نشعر المواطنات ، والمواطنين ، بالخوف ، وتأنيب الضمير ، واللخبطة ، والفوضى ، والحيرة ، والتشكك فى ايمانهم وتدينهم وادراكهم السليم ، فى كل خطوة فى حياتهم ؟؟. حتى وهم يقومون بتصليح أسنانهم ؟؟. ما كل واحد حر فى أسنانه ، وحياته ، طالما أنه لم يضر أحدا . الضرر الوحيد هو الواقع على هؤلاء المشايخ ، الذين يفتحون بيوتهم ، على حساب حريتنا ، وسعادتنا ، والاستمتاع بالحياة كما يحلو لنا . يعاملوننا على أننا " بشر بلهاء ينقصنا الفهم والعقل والرشادة والحس السليم ؟؟. بمنطق هذه الفتوى، يصبح " وليام مورتون " ، 9 أغسطس 1819 – 15 يوليو 1868 ، الأميركى ، مكتشف التخدير عن طريق التنفس ، مغضوب عليه " ، لأن كل شئ " ابتلاء " من الله ، والألم فيه حكمة غامضة ، لا يعلمها الا الله ، وتخفيف معاناة ألم المرض ، يعد " جرما " ، لا يُغتفر ، أو " كفرا " ، لأنه قد يشفى المريض ، وبالتالى ، يؤخر لقاءه بربه . كان " وليم مورتون " ، طبيب أسنان ، بالمناسبة ، مات فى ريعان شبابه ، فقيرا من كثرة انفاقه على تجاربه العلمية لافادة البشرية ، بينما شيوخ الفضائيات فى منتهى الثراء . مفارقة تشعر الانسان بالأسى ، والمرارة . بالقرب من مقبرته فى بوسطن ، أقيم له تمثال يقول بعد اسمه وانجازه : " كانت الجراحة قبله عذابا ، وبعده أصبح العلم قادرا على التحكم فى الألم والقضاء عليه " . أفنى وليام مورتون ، حياته القصيرة ، 49 عاما ، ليس بقصد أن يكفر الناس فى عيشتهم ، ولكن لتحسين عيشتهم . لم تكن قضيته ، كيف يسيطر على حياة الناس ، ولكن كيف يسيطر على ألم الناس . -------------------------------------
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصيدة نختبئ تحت الغطاء
-
ثلاث قصائد
-
- أسلمة - الموجة الحارة بضاعة فاسدة قاربت على الافلاس
-
أديب يكتب لنا من تحت التراب
-
3 أغسطس ... ميلاد رجل يفرحنى
-
نقد الاجماع المتواتر للفكر العلمانى
-
امرأتان
-
التوأم الفاسد
-
أحوال الفن والأدب بعد 69 عاما من ثورة 23 يوليو 1952
-
الحب الديمقراطى والحب الديكتاتورى
-
عالم يمرضنا بالاكتئاب ثم ينهب فلوسنا بمضادات الاكتئاب
-
لا أحد يستطيع خنق الحرية
-
- أسمهان - ... أصل الغِناء وُلدت وماتت فى الماء - أصل الحياة
...
-
نحب الوطن لكن على الوطن أيضا أن يحبنا
-
شاعرة رهن الاعتقال
-
انتصار 30 يونيو 2013 لن يميت الحلم الاخوانى
-
بناء مصر الحديثة بين السلفية الساكنة والديناميكية المتغيرة
-
عقد الزواج فى الأساس هو عقد نكاح طاعته واجبة
-
النهضة الثقافية عندما يفخرالرجل العربى أن زوجته أو ابنته راق
...
-
21 يونيو اليوم العالمى للموسيقى .. وطنى وجسدى وبيتى وملاذى
المزيد.....
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
-
المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|