|
ضحك كالبكا الجزء الثاني
رياض رمزي
الحوار المتمدن-العدد: 6992 - 2021 / 8 / 18 - 05:15
المحور:
كتابات ساخرة
أخي فالح يجوز لك الثواب وأنت تتكلف وتمضي بثبات في قراع من طوّقوا بحزام من الأذى وسط هذا الوطن المسكين. لا توجد لديك غير الكلمة. أنت على هدي المتنبي الذي قال"... فليسعد النطق إن لم تسعد الحالُ"
ضحكٌ كالبكا. الجزء الثاني. رياض رمزي هناك أناس يتقنون استدراجنا إلى مسرحية يتحكمون هم بها.. أنها نماذج سلوكيات تدمير ذاتي... السبب نحن البشر نعيش حياة سطحية ونستجيب بعواطفنا لما يقوله الآخرون. علينا فهم جذور سلوكيات البشر ... حينها سنسلبهم قدرتهم وقوّتهم عن طريق النظر في أعماق شخصياتهم. جون غرين. قوانين الطبيعة البشرية. أنها حقا لبراعة من الدرجة الرفيعة أن يظل المرء محافظا على مرحه وهو يخوض في قضية قاتمة وعلى غاية من الجدية والمسؤولية، ومع ذلك أي شيء يمكن أن يكون أكثر لزوما من المرح؟" نيتشه. غسق الأوثان. نحن محكومون بمفهوم للحياة يترك لنا مجالا للفكاهة. أينشتاين تميّزت خطاباته بميزة من حصل على حق في الكلام كضابط تخرج حديثا واستلم رتبة المارشالية البارحة، ولم يكن يتوقع ذلك، وعليه أن يترك أعظم أثر في جمهور يتكون من جنود جهلة لا يعرفون ما يجري من أعاجيب في عالم الكلام، مضافا إليه هذيانات فلسفية بلمسات روزخونية. هي فرصته ليكشف المستور من معارف في خطبة واحدة، يوضح فيها جدارته برتبة المارشالية. أكبر انتصار له على جمهوره أن يشاهد على وجوههم علامات الدهشة والحيرة من خطابه. وهو موقف يذكّرنا بلوسيان الريفي لدى بلزاك الذي كتب عنه كنموذج ل" الشباب المساكين الذين يسوكون أسنانهم ليوهموا الناس أنهم تغدّوا جيدا".. راء. راء حارب دهاقنة الطائفة دينا نعتوه بأنه ربيب للحكام. حين أصبحوا حكاما صنعوا دينا خاصا يتوافق مع سلوكهم. فلكي يسرقوا الدولة قالوا أن أموالها سائبة ويحق لهم سلبها. راحوا يجرون بسرعة جنونية سرعة ثعالب جائعة قامت بخطف دجاجات ...راء. راء الهطولات النظرية التي توافدت على عقله جعلته ينصرف إلى معارف تنأى عن مفكري زمانه... كل ما آنسه في نفسه من قدرة على تحليقات فكرية على شكل ارتجالات، جاءت مما قرأ ومما فاضت وتفتحت مداركه من علوم جاءته في لحظات إلهام رباني، لم تكن غير شواهد صدق على أرث جاءه من أجداده أهل الدار. نص من دراسة أنجزها راء. راء الموسومة" برهوم: معجزة ربانية لا تدركها العقول" عندما انتصر حزب دعوة السماء، لم يعد أحد بقادر على التصدي لسلطان قادته، بات بوسعهم الآن حكم العالم وأصبحت السماء من نصيب ورثة آلهة الأولمب الجدد، والأرض من نصيب السيد ابن الشهيد، والجحيم من نصيب جيش حشد شعب المردة قاذفي الصواعق على أوكار الشبان. أما أولاد وأصهار السيد كرونوستاني فقد وضعوا أياديهم وتقاسموا ما أطلقوا عليه الحقوق الشرعية لآلهة الأوليمب. صفحة مفقودة من موسوعة تاريخ حشد المردة أحفاد زيوس. " تم انتداب حورية تسهر على راحته في الفردوس كما "أيدا" و"دراستيا" اللتان سهرتا على راحة زيوس في أحدى مغارات كريت.عندما وجد نفسه في رحاب الفردوس بذل غاية جهده أن يحتفظ عقله بنغمة واحدة تجمعه شراكة بعالم الأرض، وأن يظل صوت تقليب أوراق الكتب الشيء الوحيد الذي ملكه في الدنيا الفانية، رابضا في عقله. كانت كفة طلباته راجحة في الفردوس لوجود حقوق ترتبت له على من يديرون شؤون تلك الأنحاء. تم تكليف حورية تجلب له كل صباح شراب الكوثر وهو جالس على أرائك من دمقس يستمع لخرخرة مياه الفسقيات، مع فواكه أخرى، تلغي الشح الذي مدّ لسانه فيه أيام كانت تستعر فيه حمية إعلاء شأن نور الأيمان على الأرض، تسببت في إنفاق طاقته، فشقّ عليه أن يكرر تجربة خلفاء كانوا ينعسون وسط حشد من السراري. حصل على شفاء من الشح وكان ذلك ظاهرا في اليوم التالي، حينما حلّت عليه حالات جديدة... هل لديكم طلبات؟ وهي أسئلة قالتها الحورية بصيغة الجمع؟. قال نعم. جاء جوابها: لا يوجد هنا من مطلب لا طاقة لنا على تنفيذه. قال: أطلب استبدال قامتي بأخرى قوقازية. أمنية لم تشغل العاملين هناك سوى زمن سماوي أقل من رمشة عين. جلبت له القامة الجديدة منافع ومغانم فتحت شهياته المكبوتة على مداها. وهل هناك طلبٌ آخر؟. ما أن جلس على أريكته التي سقطت نتفا من ثقل قوته مثل سفينة ألقت مراسيها، قال: نادوني بمهنتي في الحياة. عدّد قائمة المهن العليا التي شغلها هناك، مشيرا إلى الأسفل ، حاجات خلقها لي الرب ولا يصح التنازل عنها. طلبا لم يكن مألوفا خوفا من أن يعترض أصدقائه السادة أصحاب الألقاب: حفيد أبي المحاسن، ابن المرجع الأعلى عمّار، المارشال العامري. قبل أن تكتمل القائمة رفع يده وقال، هي أحكام ملزمة أن أحصل على رتبة سماوية، إذن سأمتثل برضا، ألا يكفيني أنني موجود الآن في أسمى المراتب؟. تقدّمت حوريات كسوسنات بيضاء لفحت عطورهن وجناته، أشارت له غريزته بالقبول، فضحك ضحكة رضا..." مقتطف من كتاب مفاتيح أسرار الجنان. الطبعة السرية الموجودة في خزائن بيت المرجع الأعلى.
ماذا لو قلبت كتاب أوغست بيكون المعنون " أطلانطس الجديدة" اسم مدينته الفاضلة؟. أولا ما هي مواصفات مدينة أطلانطس؟. تسمو هذه المدينة بسكانها: جماعة يسيطر عليهم أهل العلم، يسكنون جزيرة لا يغيب عنها الضوء، يلوح الذكاء على وجوههم وتتميز بسيطرة العدل والأخلاق. ذكر السكان أن الفضل في ذلك يعود إلى ملك وضع أساس القوانين فيها اسمه سليمان. ماذا لو أبدلنا اسم سليمان وغيّرنا سلالة حكام المدينة بطبعة جديدة؟. دعنا نتابع رحلة السفينة الذاهبة إلى تلك البلاد من منطاد مراقبة في الجو. ماذا سنجد إن حطت السفينة رحالها هناك؟. رست السفينة في مساء صيفي قائظ، أرسل قبطان السفينة أشارات ورسائل تصف البلاد. قال في أولى رسائله أنه شاهد أحداثا مستبعدة الحدوث في مكان آخر. في رسالته الأولى المرسلة إلى قائد مجموعة مراقبة التي تستلم رسائل الجو أن البلد يحكمه سكان جاءوا من عوالم أخرى ، بلدٌ تسوده العجائب، فيه بشر جاءوا من كواكب أخرى حطّت على هذه الأرض يٌطلق عليهم "الفضائيون" وهم: الخائن وتوأمه القاتل، السارق وكفيله القاضي، الجاهل الذي يجيز له الدين كل سلطان، رجال دين أفلتوا الزمام لشهواتهم، الزاني الذي تفوح منه رائحة كافور الجنة، من حوّلوا الدين إلى حانة لها قصادها، لديهم حسنات ستحسب لهم يوم النشور لأنهم بنوا جوامع وحسينيات... .لديهم قدرات لا يسبقهم فيها أحد. بشر مسلحون بقوة مردها جرأة عقول تتجاوز قدرة أي حاكم على فهم عواقب أعماله، يحكمون السلالة بطريقة من يحكم فصيلة مهدّدة بالانقراض. المواطنون العاديون يعانون من أرق دائم. انتشر بينهم دعاء يشكرون الخالق عليه لأن المرجع الأعلى قال لهم أن" وجوده بينهم صنيع إلهي يحسن بكم أن تشكروا الخالق عليه كي لا تناموا ويأتي من يسرق زوجتكم وثيابكم". خلص تقرير وصل إلى المنطاد لما يلي: بعد مائة عام لن تجد باصا من طابقين لمن يسعى مشاهدة معالم المدن، لغياب الفخامة وغياب العجائب التي تسر النظر ولشيوع البؤس حينما تظهر سلالات جديدة ستتغيّر طبائعها ولوجود ظلام أخذ في التمدد. جملة القول ، كما ذكر كاتب التقرير،" أن النيران أتت على مخازن توزيع العقول التي انفجرت انفجار مخزن بارود، غابت الألوان وعاد كل شيئ لزمن الأبيض والأسود. تاريخ ليس بالغ التعقيد، هناك ظالم ومظلوم...". الاستنتاجات جاءت بعد أن سلّطت مجموعة علماء نزلوا من السفينة على سكان البلاد تجربة على السكان. أدخل العلماء شعاعا عن بعد لمن يحكم البلاد فوجدوا أن الشعاع أرسل أشارات أنه بعد دخوله بدأ يرسل صورا عن بحر ظلمات في داخلهم، أما في الخارج فالجو ملكية مقفلة للسموم جعلت حتى الطيور تفر ضاربة بأجنحتها الهواء كضربات مجداف، أما السكان فينظرون إلى الجو بانتظار هدوء الرياح. الشعار العام للسكان: المطر شديد، العواصف تسير أسرع من المتوقع، إذن لا بد من فرض حجر على الخروج، وإن استوجب الخروج فلا بد من الخوض في المياه. يظلون ساكنين في بيوتهم لا ينتظرون تبدّل الأحوال، بل تستنفذهم الشكوى على ما وصلت إليه أحوالهم. يستوون جالسين يكررون الشكوى ويكررونها حتى تفقد الشكاوي معانيها وتتلاشى فينصاعون لوقعها بعد أن ينظروا إلى السماء متشككين في من يمد لهم العون فلا يوجهون الشكوى لأحد كسلوك كل من هو متعود على الطاعة. " يرتدي حكامها السواد القاتم، يقودها حاكم له لحية محيطة بشوارب ليست غير مساحة ملحية بيضاء، هديا على قول يقول أطلقوا اللحى وأهينوا الشوارب. من يقود البلد مجموعة كانت تمارس مهنة بيع السبح قرب الجوامع، عندما كسدت المهنة قرروا قيادة البلاد". باختصار يصل التقرير إلى استنتاج يذكر فيه" ربما أقرب إلى المنطق أن نقلب مدينة بيكون الفاضلة على قفاها كي نجد بلادا يحكمها بائع سبح، تلفونات، رجل حصل على أعلى المناصب لأنه قرأ أرسين لوبين، وأشهرهم برهوم نفسه الذي رفض النوم في فندق من خمسة نجوم إلا بعد جلب أبريق كي لا يسبب الأذى لأسته الذي تطهر بماء من مدن مقدسة كي لا تحوم حوله شبهات النجاسة. لأن نظافة أسته تشيع في سرورا، خوفا من أن يُحشر في موضع صعب في اجتماع يُفرّط فيه بحقوق الوطن. أخذه الأشفاق على أعضاء سيضطرب نظام جسده إن تعرض إلى نجاسة، برغم أنه لا يأبه بحالة شوارع عاصمة بلاده المملوءة بطفح المجاري. مدينتان: الأولى لا يدانها أرسطو وسقراط باتساع معارفهم. والثانية المضاءة بأنوار بحور الطوسي الشبيهة بضوء مصباح واهن أسهم في تقليل مساحتها، يحكمها السيد وصهره الشبيهة قامته بقنينة خمر مستوردة بدون مقبض تخرج من فوهته بقبقة كلمات أعجمية. مدينة احتلتها هوام الريف وراحت الجدائد والزيزان وصراصير الليل وأصوات حشرة السيكادا التي تفر منها مذعورة. ما أن يحين وقت ضجيجها حتى تصبح حتى مشاكل الوطن أقل الهموم شأنا، إزاء تعالي صراخ ترتيل الزيزان لصريرها الذي يضع حدا للتفكير. سؤالي موجّه إلى الخالق جلّ جلاله. أظهرت يا أيها السيد الخالق عزما في خلق بشر يشدّون أزرك في حكم عالم كرّست وقتك لخلقه، في جمع طين وصنع قوالب تمهيدا لعملية أنجزته بجهد شاركك فيه طاقم عمل بذل جهودا شاقة متوزعين على مساحة ليست عشرة فدادين بل سماء كاملة. لم لمْ تدع كل خلقك يأخذون صفاتك ويتبعون مسارك؟. أليس هو من خلقتهم كانوا على صورتك حرصا على تبيان درجة كمالك؟. هل كانت لديك نية مسبقة بتبيان درجة ابتعادهم عن كمالك كي يبتعد الآخرون عنهم؟، أم أنك خلقتهم من طينة أخرى؟. لو كان صنيعك، يا سيدي،سهوا أما يجدر بك، حاشا، أن تعلن عن ندمك؟، أليس من ألطافك أن تشعر بالقلق على من سهر الليالي ليجد عزاء في تهنئته بنجاح مستحق؟، هل فطنت لحدوث خطأ في صنع من لم يكن ثمة داع لنفخ نَفَسك فيهم وتعطيهم الحياة؟ حسنا من المسئول عن إضاعةعمل طاقم كامل من مواد ومساعدين بذلوا غاية جهدهم ولم يعانوا من تردد آخر لحظة بعد أن استقرأوا وجود قصور متأصل في قوالب الخلق شاعرين بالفطرة أن هؤلاء لم يُصنعوا على منوال سيّدهم؟، حسنا حين أكملت خلقهم وحللت وثاقهم في الدنيا لم أعطيتهم إذن كفة راجحة في التسيّد على بقية خلقك في الدنيا؟. ما ذنبنا نحن إن كانت هناك مجموعات منشقة ستسلك سلوكا لا يوازي سمعة ووصايا أنبيائك، من جلبت العارو الخراب على من سهر على صنعهم حتى بلغ الصباح مرحلة الغسق وأنت منذ سنين سماوية تموج بعرق التعب وتعاني من الكرى؟. ألا تذكرعندما خالفت زوجة لوط وصاياك حولتها إلى عمود ملح، لم لمْ تدع نفسك تفعل ذلك هنا؟ إن لم أحصل على جواب سأقول أن الكارثة بذرة، حسنا لم بذرْتها هنا؟. ما ذنبي أنا إن أصبحت مؤرّقا أتابع مهمة كشف أولئك الذين انبعث الدخان من ماكنة الخلق حين غادروا المختبر؟، ولماذا حلّ بي دوار وتولّتني الغشية وأنا أراقب سلوكهم هنا وأرى ما ألحقوه من أذى بوطن أنتسب إليه؟. لم جعلتني أعيش على شبه كفاف، إن كانت الأرض غير مناسبة لعمل لي هبني منصبا في الفضاء .... شخصية هذه المقالة توضّح قصورا متأصلا في عملية الخلق. أحاول التوصل إلى فهم سبب هذه الطفرة السيئة فيها. ما توصلت إليه من استنتاجات تفوق درجة مصداقيتها الربع بقليل. ×××× من أتكلم عنه ورث عن أجداده علما كان مكبوتا فيها على شكل بخار أنطلق إلى الخارج بعد توليه أعلى منصب في البلاد. ليس صحيحا ما يقال أنه بعد حصوله على أعلى منصب كانت تستبد به شهوة تشبه جنوح امرأة محرومة، حصلت على عز مفاجئ، فاعتراها عُرام على شكل فيض من غبطة، فتسرع لدعوة متعمدة لجاراتها كإجراء علاجي، سعيا للانتقام من فقر تأصل فيها. في أوقات ضجره كان يقرأ ألفية بن مالك. قال أنه قرأها للمرة المائة ثم أضاع الحساب. كان وهو يشاهد التلفزيون يغفل عن الوقت، ولم يكن مسموحا تمرير خطأ قواعدي يرتكبه متكلم، لأنها واحدة من كبائر يصعب غفرانها. كانت الأخطاء النحوية تؤذي سمعه، وتنفي عنه الرقاد. قيل أنه في واحدة من المرات ارتكب المذيع أخطاء شعر أنها كبسولات من سموم دخلت بدنه، جعلته يمتنع عن تناول وجبته المقدسة خبز العباس وهو غذاؤه الوحيد المفضل في الدنيا، حتى أنه بكى في تلك الليلة وقال تكاثر الأخطاء منعني من تناول زاد أجدادي وعترتي. كان يعود إلى طاولة الكتابة حين يستمع لمعلومات تغيظه فلا يفوق من صدمة سماع حتى أخطاء جغرافية فيعلو وجهه شحوب وتروح العينان منه تمتلآن بالدموع جراء حيرة من جيل لا يعرف أن أنهار الوطن تنبع كلها من بلاد فارس. يقول ذلك وهو يفتح أطلس الوطن أمامه ويشتم أصحاب جرأة مصدرها جهل بمنابع روافد أنهار الوطن. يحدد بدائرة حمراء منابع كل الأنهار والغدران والسواقي بما فيها الغدران الجافة، حتى تلك الساقية التي اندثرت في شطيّط وتلك التي تمر قرب شارع المختار الثقفي. حين اشترى بستانا بحرّ ماله، لم يرض إتمام عقد الشراء إلا بعد تحديد مسارات هبوب الريح كي يحدد من أية جهة تأتي الأمطار على بستانه. ما طيّب خاطره أنها تأتي مدفوعة من رياح تنشأ في أرض فارس. اكتشف أن ثمار بستانه تنضج وهي تشد أبصارها نحو مصدر مجيء الغيوم. قيل أنه يوجد قرب وثيق بين النعيم الذي جاءه من تلك الجهة وحصوله على أعلى المناصب وحيازته لقب سلطان الفكر، حتى أن وسائل الإعلام راحت تباركه في بيته وتريه واقفا وخلفه على الرفوف آلاف الكتب ومقدم البرنامج يقول" استدرجت سيدي أمهات الكتب، استسلمت لك وأودعتك أسرارها". أهداه السيد المرجع الأكبر كتاب عنوانه" أصحاب الحمية"، خُط عليه السيّد إهداءً" إلى الوريث المصنوع من نفس مادة سدنة العلوم القدسية". قَبِل اللقب شاعرا بثقل التكليف. خرج بعد حصوله على اللقب محني الكتف حيث أسن من ثقل التكليف في فترة قياسية. أخفض الوريث رأسه كمتعود على طاعة أهل الدار والسيد يقول له" التواضع من شيمكم". من محاسن أخلاقه أنه سمع أن صاحب أحد الحوانيت كان يمارس الربا فلم يمر أمام الحانوت، وعندما ارتفعت نسبة الربا قرر ترك السير في الشارع إلى الأبد. رفعت مخالفة الشرع تلك من غيظه، فرفع يديه شاكيا حتى بان بياض أبطيه. تطرف في دعائه على المرابي الذي لم يكن يشكو من علة فارتأى حكم الله أن يموت من علة غير معروفة لم تكن مألوفة بل تم ارتجالها بسرعة، تقديرا لدعائه وكي تحوم حوله الشبهات، أن الفضل في فنائه يعود له لموت المخالفين لدين جده،. كذلك هي حياته بين الاستقامة والعلم والعبادة. بعد أن يخرج من صالة العمليات الكبرى حيث ألصق رأسا مفصولا عن الجسد يفرش سجادة الصلاة كي يشكر أجداده وليس مدرسيه، ليس لأن حظوظهم متعادلة فيما وصل إليه من علوم بل هي طريقة لإظهار إخلاصه لمن يستجيب أسرع لدعائه في عمل معجزات. قال أنه تعلم علوم الطب وأسراره من خطبة معجزات خلق النملة حيث أفاضت عليه علوما سرية. بعد أن ينهي العملية والصلاة والقراءة تفيض عليه راحة تشبه راحة مطرب أنهى للتو نمرته. سُأل والده عن سر معجزاته قال كان طفلا واعدا بعد الفطام، كان يقرأ السور وهو في عمر العاشرة عندما أكمل فترة المراهقة صار يقرأ السور بطريقة تراجعية. كان يكمل آية بنطحة من الرأس وهي نقطة الانتهاء للانتقال إلى واحدة تتقدمها في الترتيب. كان الكل يتتبعون قراءته واضعين أصابعهم للحاق به ويضيعون. إذا قال له أحدهم آية شاردة يطلب منه إرجاعها إلى موضعها يجيبه بتعبيسة أنه لا يحب خردقة قطاع الطرق لمصحف يسرقون منه أيات شاردة يفصلونها عن سورها. الشيء نفسه عن كل التفاسير من الطبري إلى الطباطبائي. أما الكليني والطوسي والمفيد ... كان الكل يقولون" مولانا، سلطان الفكر ليس لقبا أتاك من فراغ"، لكن لم يثقله الزهو بالنفس. إذا ترجمنا جمله في مجال الفلسفة إلى لغة بشرية فعلينا استخدام مهارات المفكرين بكل التعقيدات التي تحفل بها كتب فلاسفة الدرجة الأولى وتُفقد فلاسفة الدرجة الثانية رشدهم. وحده، من خبأ تلك الأفكار بطيات جلباب عقله بكل تعقيداتها والتباساتها الذكية، من انتصر على الورق الأبيض الذي لم يتحمل ثقل أفكاره الفولاذية. ما أن يخط خمسة أسطر حتى يتعثر القلم الذي راح يفوّت الكثير لأن الصفحة البيضاء تغدو مثل أرض ليس بوسعها تحمل فيض الأمطار فيضطر الغمام إلى التحول إلى سحاب مبارح كي يعطي الأرض الفرصة لتحمل غلبة الماء الكاسحة عليها. حينما تستعرض وجوه السامعين لخطبه لا تجد أحدا مجبرا على الاستماع برغم أنه لا يفهم ما يقال. لكن كلامه المليء بغموض يجلب البهجة على غير ما هو متعارف عليه: يجد السامع متعة عقلية في عجز عقله عن تقصي مرامي ما يستمع له من أحاجي وألغاز. هي محاكاة موفّقة لدي من يشاهد عالما في الرياضيات يقف والطباشير في يديه يتلاعب بالأرقام كساحر فيتعرض عقلهم لقصور وهو يشاهدون أصحاب العقول الراجحة يجترحون الأعاجيب فتسري فيهم حالة من العجب وبنفس الوقت التفجّع على أنفسهم وهو يقولون في سرهم والعلن: أين نحن من كل هذا؟ ترى كم أنفق من جهد كي يصل إلى هذي المراتب؟. لكنهم يقولون لن نخاف على أنفسنا ومستقبل أولادنا ولن ينوشنا ضرر ونحن تحت حماية هذا اللوذعي النحرير. يجعلهم غبائهم منحازين له حين يدخلون في عالم تهويماته فيغدون متشرفين بالانتماء له. تبدو عليهم الوجاهة من خلال انتمائهم لزمرة شخص وجيه. حسنا دعنا نغود للأسئلة الأولى. لماذا خلق الله بشرا على مثال برهوم؟ هل لم يسعفه الوقت لإجراء تعديلات على القالب قبل إدخاله قي تنور الخلق؟ هل هناك بلاهات أو شرورا ذات عون؟ هل من جواب بوسعه أن يدلنا على مفتاح للوصول إلى سبب خلق هذا النوع من المخلوقات، ألم يقل أننا صنعناه على أحسن تكوين؟. لماذا لم يجرؤ على التصريح بالسبب؟. جواب شق طريقه نحو رأسي وأنا أسعى إلى جواب. أزال المتنبي كل رصيد عقلي من الشكوك حين خاطب جمهورا عريضا سمح لكافور أن يسوقه. فيما يبدو من كلام الشاعر العظيم أنه إخضاع نوع من البشر لاختبار. فهو يقول أن خلق كافور حجة قوية المضاء يتعرض نظام الدنيا لاختلال عند القبول به. لأن خلق هذا النوع ليس غير" هجو للورى" ثم يقول في مكان آخر عن الهدف من خلقه لأنواع كمثل برهوم أنه ينير البصائر" فأنه حجة يؤذي القلوب بها من دينه الدهر والتعطيل والقدم". لا يكتفي المتنبي بذلك بل يدعو لهبة ينجزها فتى تشريني" ألا فتى يورد الهندي/ الجعفري المالكي هامته كيما تزول شكوك الناس والتهم". هل خلْق هذا النوع إجراء علاجي لزيادة جرعة الأدرنالين لدى الجمهور؟. هل هي مناشدة صامتة للانعتاق من ربقة من راهن ويراهن أن الصدأ الذي يغلف عقول الورى الذين قبّلوا عجلات سيارة السيد وأن فترة إزاحة عقولهم منه لن يطول لأن أبنائهم التشرينيون لن يسيروا على منوالهم؟. هل سيزول هذا الموج الطوفاني من الجهلة في وقت أبكر من المعتاد؟. من يؤمن أو يعرف أو يحسب أن ليل الجهل في بلاد سلام عادل وابن ثنوة من الشهداء الشيوعيين والتشرينيين سيطول، أقول: علينا أن نكذب على أنفسنا، لأن الكذب على النفس حاجة خلقها العقل لنسهل الحياة على أنفسنا.
#رياض_رمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عراق الجهل بين السخرية والهزل
-
القديس مارادونا شهيدا
-
ضحكٌ كالبكا
-
لديّ ما أتحدث به
-
ألله يحب عباده العلماء
-
من رمزيات رياض رمزي
-
حول الطقوس
-
ذكرى استشهاد تشي جيفارا
-
الجهل في أرض المتنبي
-
تغريدة لثورة تموز خارج السرب
-
العزلة في زمن الكورونا
-
عفيفة لعيبي: تحويل صناعة الأحزان إلى كسبٍ مشروع، أو الحزن حا
...
-
موت مواطن لا ينتمي إلى وطنه. رياض رمزي
-
فائز الزبيدي مقاتل أجبر على هدنة أبدية
-
الميليشيات والاغتيالات
-
بعض ما يحدث في جمهورية الإسلام السياسي
-
صادق الصائغ لا بر إلا ساعداك
-
تصفيق لأول من قال عبارة: الدولة أهم من دماء مواطنيها
-
إلى نور مروان. وجهٌ جميل لا تليق به غير البسمة.
-
يا وطن سائقي التك تك احبك الان اكثر
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|