|
مقاومة حفنة من الرجال وانتصار أمة بكاملها - لبنان يهزم العولمة المتوحشة
عبداللطيف هسوف
الحوار المتمدن-العدد: 1643 - 2006 / 8 / 15 - 08:39
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
العولمة عند البعض هي مليارات الدولارات تجمعها الشركات المتعددة الجنسيات لتضخها في بنوك الدول العظمى، ثم تسخر بعد ذلك لتصنيع أسلحة دمار شامل توجه لضرب البنى التحتية لبلدان صغيرة مثل أفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان. أسلحة الدمار الشامل هذه هي عبارة عن طائرات عمودية ومروحيات أباتشي ومدرعات مركافا وبوارج حربية وصواريخ ( M 206 ) تلقي بوابل من القنابل العنقودية تحرق الأخضر واليابس وتقتل الصغير قبل الكبير. أسلحة لا تدر قتلت خلال المسلسل الجنوني الصهيوني الأخير مئات الأرواح من المدنيين اللبنانيين الأبرياء. أسلحة دمار فاقت في نجاعتها أسلحة هتلر لتذكرنا بما اقترف في الحربين العالميتين من مجازر بشعة. قاوم لبنان كل أنواع أسلحة الدمار هاته. قاوم لبنان تلك الملايير من الدولارات التي تسرقها الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات من أفواه فقراء العالم. قاوم لبنان جميع المبادرات الغربية المبطنة المسمومة. قاوم لبنان تهافت بعض الحكام العرب الملبس بالنفاق والجبن. قاوم لبنان الكاجيبي و السي أي إي و الموساد الذين سخروا مرارا وتكرارا من الإنسان العربي ووصفوه بالتخلف الوراثي الخلقي الأزلي. قاوم لبنان المناشير الفاشلة التي أمطرت بها الطائرات الصهيونية قراه ومدنه بالآلاف. قاوم لبنان الدناءة والكراهية والحقد والعنصرية والإجرام المتعمد مع سبق الإصرار. قاوم لبنان ليسطر ملحمة تاريخية تجاوزت أسطورة الهنود الحمر ومارتن لوثر كينغ ومالكون إكس حين قاوموا الإنسان الأبيض المتسلط بأمريكا. قاوم لبنان حتى لكأني أرى شلة من الثوريين المتمردين: تشي كيفارا الأمريكي اللاتيني والمهدي بنبركة المغربي وسيد قطب المصري وتروتسكي الروسي وجوريس الفرنسي... وآخرون، لكأني أراهم جميعا يفيقون من موتهم ويصطفون في صف واحد متراص لينحنوا إجلالا ويهتفوا إكبارا بأسماء كل المقاومين الأشداء بجنوب لبنان. قاوم لبنان حتى لكأني أسمع أصواتا ملائكية تقذف في أذني: هذا فجر جديد ينبلج بالبلاد العربية، هذه شمس صريحة مذهبة تشرق بالبلاد الإسلامية . كان صيف جنوب لبنان أيها القراء الكرام مستعرا يغلي فوق جمر من نار. خلال شهر من الأيام أو يزيد بقليل، ارتكب الصهاينة أبشع الجرائم ضد أطفال ونساء وشيوخ عزل لم يرتكبوا من ذنب سوى أنهم وجدوا فوق أرض تسمى لبنان. لكن مع كل ذلك الدمار الذي استباح جميع اللبنانيين، كانت المقاومة وكان المقاومون يتصدون ببسالة للآلة الحربية الصهيونية الجهنمية. نعم، لقد هزمت إسرائيل العاتية الطاغية وهزم معها المشروع الصهيو-أمريكي البشع على حد تعبير السيد نبيه بري. هزمت قوى الشر أمام صمود رجال باعوا جماجمهم لله كما سبق وأن صرح السيد حسن نصر الله. هزم الشر أمام الخير، هزم الطغيان أمام الحق، هزمت ادعاءات التوراة المحرفة أمام الوعد الحق الذي جاء به القرآن الكريم المحفوظ. نعم، هزموا وانتصرنا، وأقول بملئ فمي: انتصرنا، لأنه كان انتصار أمة ولم يكن انتصار حزب الله فقط. لا يهم إن كنا نساند أو نخالف إيديولوجية حزب الله. لا يهم إن كنا سنيين أو شيعيين، قوميين أو مدافعين عن الأقليات، تقدميين أو أصوليين. حقا، لا يهم. حتى وإن كنا لا شيء، لا يهم. حتى وإن كنا انتهازيين نجري وراء مصالح شخصية ضيقة، لا يهم. يكفي أن نحس بانتمائنا العربي أو انتمائنا الإسلامي، هذا وحده يكفي لنرفع رايات النصر، لنرفع هاماتنا. حتى حكامنا العرب، واسمحوا لي هنا أن أختلف مع الجميع، حتى هؤلاء القادة سينتشون في السر بهذا الانتصار. أقول سرا لا علنا، لأن بعضهم فوت على نفسه حلاوة المجاهرة بالشماتة من إسرائيل المنهزمة المنكسرة الهاربة جيوشها من ساحات الوغى والنازحة ساكنتها بالآلاف نحو الجنوب حيث تظن أن صواريخ حزب الله لن تطالها. كيف لا ينتشي هؤلاء الزعماء بهذا النصر وقد خوفتهم إسرائيل طيلة ما يزيد عن نصف قرن حتى باتوا يتسابقون لإرضاء شذوذها وحماقتها المهينة لهم قبل غيرهم، وإن كلفهم ذلك سخط شعوبهم، وإن كلفهم ذلك الاستكانة إلى الشعور بانفصام في الشخصية وتناسي الانتماء إلى أمة توحدها اللغة ويجمعها الدين. لنتأكد أيها القراء الكرام أن هذا الانتصار سيسجل نقطة تحول مهمة في أوطاننا العربية. لنتأكد أن هذا الانتصار سيغير ذهنية الإنسان العربي البسيط، فكيف بالمتعلم والمثقف والمفكر. لنتأكد أن طبيعة العربي الانهزامية المكرسة للدونية أمام الآخر ستتبدد بفضل نجاح المقاومة وانتشار خيار الممانعة. لنتأكد أن السني والشيعي والأصولي والقومي والوطني والتقدمي واليساري في بلداننا العربية، سينحون جميعا منحى حزب الله، أعني نفس المنحى من حيث المبدأ وإن اختلفوا في الأيديولوجيا، أعني: الممانعة، المقاومة، الكرامة والعزة، هذا هو المهم. وختاما، سنتذكر دائما أيها الأعزاء أن حفنة من الرجال الصادقين قاومت لتنتصر أمة بكاملها، أمة ظلت مغلوبة على أمرها لعقود طويلة من الزمان. إنها إرادة إنسان لبنان، فكيف حين تجتمع إرادة الإنسان العربي المسلم في جميع البقاع والأمصار؟
#عبداللطيف_هسوف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|