أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عقيل عيدان - الحدس أو عين العقل














المزيد.....


الحدس أو عين العقل


عقيل عيدان

الحوار المتمدن-العدد: 1643 - 2006 / 8 / 15 - 09:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كانت القدرة على الحَدس تعتبر منذ القِدم ألف باء الموهبة والمَلكات العقلية والعبقرية المعطاة من (( الله )) . والحدس هو القدرة على التلقي المباشر ، وهو قدرة ذهنية ، أي الرؤية بـ "عين" العقل .
والإدراك حدسياً يعني الإحساس سلفاً ، إدراك اللغز ، التبصّر والكَشف . فنرى المرء يقول ؛ لقد لمعت في ذهني أو خطرت في بالي فكرة . ويُربط بالحدس ، عادة ، تصوّر عن التغلّغل إلى الجوهر وعن البساطة والتناسق والرشاقة والحس الجمالي .
هكذا تنبأ هكّل نظرياً بوجود "إنسان جاوه" – قبل أن يكتشفه ديوبو في جزيرة جاوه الإندونيسية بسنوات طويلة – وخَلص العالِم الانثروبولوجي بلاك ، استناداً إلى ضرس واحد عثر عليه في تشاوكاوديان (قرب بكين) ، إلى استنتاجه عن انتماءه إلى جده الأقدم "إنسان بكين" .
ثمة تصوّر عن الحدس وكأنه روح "سحرية" تثير الإلهام والتألق الإبداعي الذي يهب الإحساس بالجمال والشعور بالغبطة . فعلى سبيل المثال ، كان المفكر الألماني نيتشه يصف الحدس بأنه حالة إلهام . بيد أن للحدس أساساً واقعياً دنيوياً تتوسطه في التحصيل الأخير تجربة الماضي .
لذا فإن الصفة المفاجئة للحدس صفة موهومة تخفي وراءها نشاطاً خفياً مارسه الوعي . فحلّ أية معضلة يسبقه ، عمل طويل ودءوب ، وادّخار وتحليل المعلومات ، أي ما يسمى بـ "فترة الحضانة" . ولكن يخيّل إلى الإنسان أن الحل جاءه بشكل مباغت ، وأنه ضرب من "الاستبصار" ، "قفزة في التفكير" ، "نفاذ بصيرة" .
وقد شخّص سمة الحدس هذه العالم الرياضي بوانكاريه حين قال : (( إن ما يذهل هنا بالدرجة الأولى هو ومضات استبصار مفاجئ يعتبر معالم عمل لا واع طويل الأجل تم بذله سابقاً (...) وهو – أي الحدس – ممكن ، وعلى أية حال فهو أمر لا يكون مثمراً إلاّ حين تسبقه من جهة ، وتليه من جهة أخرى ، فترة عمل واع )) .
بيد أن الكثير من العلماء كانوا على يقين من أن حل المسألة أو الفكرة قد خطرا لهم بشكل مفاجئ . فقد كان العالِم البريطاني تشارلز دارون ، مثلاً ، يقول إنه حين كان يطالع كتاب مالثوس (( نظرية السكان )) لمعت في ذهنه فكرة معالجة مسألة الصراع على البقاء في الطبيعة .
ومما لا شك فيه أن هبة الحدس ترتهن في الكثير بقدرات الشخصية الفردية وتمكنها من التركيب والتوليف والتجريد واتخاذ القرارات وما إلى ذلك . إن دور الكشف في النشاط الإبداعي يلعبه في بعض الأحيان أيضاً الحلم ، حيث تتجلّى قدرات الشخصية الفردية على صعيد اللاوعي . وفي تاريخ العلم والفن ثمة عدد غفير من حالات الاكتشاف والاختراع في المنام . فالشخصية "المغمورة" في حل معضلة ما "تقلّب" ذهنياً عدداً كبيراً من بدائل الحلول . وهذه العمليات تمس أعمق ميادين النفس دون أن يزول توترها إبان النوم أيضاً . فالنوم الذي يقطع نشاط الإنسان الذهني لا يوقف هذا النشاط كلياً . وذلك أن العمل يستولي على الفرد إلى درجة تجعله يواصله حتى في أثناء الراحة . لهذا السبب بالذات يستطيع الإنسان أن "يرى" في الحلم وأن يعثر على الحل المنشود .
عندما سئل عالم الكيمياء ديمتري مندلييف الذي رأى في الحلم مبدأ تكوين جدول العناصر الكيميائية كيف تسنّى له اكتشافه ، قال : (( لقد كنت مشغولاً به طوال ثلاثين سنة )) .
الإنسان ظاهرة فريدة في عالم الطبيعة الحيّة . وعالمه الروحي ، "العالم الأصغر" ، لا ينضب إذ يندمج فيه في كل واحد العقل والمشاعر ، الاحتياجات والمثُل العليا ، الخلقي والعاطفي .
والإنسان ليس بالخبز وحده يحيا . بل تبرز كشكل خاص من النشاط "الحياة الروحية" للفرد التي ترتبط باختياره للقيم والمثل الحياتية . وتنعكس في هذا النشاط احتياجات الفرد واهتماماته ورغباته ، وتتفتّح قدراته وتتجلّى صفاته المعنوية وأنشطته الاجتماعية .



#عقيل_عيدان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هي الدولة ؟
- أن تكون ديوجين
- الباحثون عن التنوير
- العقيدة في حياة الإنسان
- الثقافة أو الدور المتبقي لنا
- حرب العقول .. من العقل التنويري إلى العقل المحاصر
- أي حوار ديني نريد؟
- هل من طبقية بين البشر؟
- النقد وتأسيس العقلانية
- الوعي الاجتماعي وعناصر الزمن الثلاثة
- الجامعة فضاء النشاط التنويري
- ما هي العدالة ؟
- في العلاقة بين الشرق والغرب - في ذكرى انا ماري شيمل
- حدود الحرية
- التسامح الديني مطلب إنساني
- في مفهوم الثقافة العربية
- الاجتهاد .. وراهنية التغيير
- تأسيس المجتمع المدني .. وصراع المجتمع والدولة


المزيد.....




- نتنياهو يتعهد بـ-إنهاء المهمة- ضد إيران بدعم ترامب.. وهذا ما ...
- روبيو: إيران تقف وراء كل ما يهدد السلام في الشرق الأوسط.. ما ...
- بينهم مصريان وصيني.. توقيف تشكيل عصابي للمتاجرة بالإقامات في ...
- سياسي فرنسي يهاجم قرار ماكرون بعقد قمة طارئة لزعماء أوروبا ف ...
- السلطات النمساوية: -دافع إسلامي- وراء عملية الطعن في فيلاخ و ...
- اللاذقية: استقبال جماهيري للشرع في المحافظة التي تضم مسقط رأ ...
- حزب الله يطالب بالسماح للطائرات الايرانية بالهبوط في بيروت
- ما مدى كفاءة عمل أمعائك ـ هناك طريقة بسيطة للغاية للتحقق من ...
- ترامب يغرّد خارج السرب - غموض بشأن خططه لإنهاء الحرب في أوكر ...
- الجيش اللبناني يحث المواطنين على عدم التوجه إلى المناطق الجن ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عقيل عيدان - الحدس أو عين العقل