تدمير منطقة شمال افريقيا

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)

الحوار المتمدن-العدد: 6986 - 2021 / 8 / 12 - 23:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الحرائق التي تعرضت لها الجزائر ، دفعة واحدة ، وبمعدل خمسة عشر حريق ، ستتضاعف لتتجاوز خمسين حريقا ، لم تأت صدفة ، او أتت بفعل حرارة الصيف ..
الجزائر تعرضت الى التخريب الذي تم التخطيط له من خارج الجزائر ، وتم تنفيذه بأيدي عميلة محلية ، مسخرة من خارج الجزائر ..
لكن السؤال . من يقف وراء احراق الجزائر ، وبالضبط منطقة القبايل التي أسست جمهورية القبايل ، و ( الماك ) التي ترعاها أجهزة مخابرات خارجية لنشر Kao في الجزائر ؟
وقبل نشوب الحرائق في الجزائر ، نشير الى ان المنطقة تعرف صراع وجود أنظمة سياسية ، قبل ان يكون صراع حدود .. والصراع هذا ، منفوخ فيه من قبل القوة المخابراتية الأجنبية التي تترصد الثغرات ، وحصول الهفوات والاخطاء ، لتشرع في بث سمومها التي خطط لها مشروع الشرق الأوسط الكبير ، وشمال افريقيا ..
فما يحظر للمنطقة من مؤامرات تقسيمية ، تنخرط فيها الأنظمة السياسية المحلية ، دون ادراكها بالخطر المحدق بها ، والمحدق بشعوبها ، وبأوطانها .. يتم إنجازه بأيدي محلية مؤجرة ، ومدفوعة من الخارج .. " فسايكس بيكو" الذي فتت وحدة العالم العربي ، لم يمت . بل لا يزال حيا يدبج المخططات التقسيمية ، وينظّر لتغيير الجغرافية والبشر ، بما يخلق كانتونات عميلة مرتزقة ، تكون تحت يديه وسيطرته ..
الخطر الذي يهدد وحدة المغرب ، ووحدة الشعب المغربي ، يتمثل في الصحراء التي تجري الاستعدادات على قدم وساق ، لفصلها عن المغرب . وقد ساهمت أخطاء النظام المغربي الكثيرة ، في تسهيل إنجاح المخطط الذي اخذ له تسمية وعنوانا دولي ، تقوده الدول الكبرى باسم الأمم المتحدة .. تقرير المصير ..رغم ان هذا الحق في الحالة المغربية أريد به باطل ..
فالطرف الضعيف المرسوم في مخطط التقسيم ، يبقى النظام المغربي ، ومدخله الصحراء .. لكن الطرف الممانع الذي يشترك في هذه المؤامرة ، ضد وحدة الأرض ، والشعب المغربي ، يبقى النظام الجزائري المتحارب مع النظام المغربي ، حق الوجود ..
ان هذا الوضع الجزائري الذي تؤكده الممانعة الجزائرية ، التي استفادت من الحرب الاهلية في تسعينات القرن الماضي ، قد يكون اقلق الدول الغربية ، وعلى رأسها فرنسا وإسرائيل .. وامام تمادي النظام الجزائري في الالتصاق بمطالبه المشروعة ، عن حرب التحرير ، وعن تفجيرات القنابل النووية الفرنسية في الجزائر ، وتعقيد العلاقات الاقتصادية بين باريس والجزائر العاصمة ، وموقف النظام الجزائري المرتبط ولو ظاهريا بالقضية الفلسطينية ، وبالصراع العربي الإسرائيلي الذي انتهى منذ اوفاق أسلو Oslo ، والدور الجزائري الرافض لعضوية إسرائيل في الاتحاد الافريقي ، ثم رفض الجزائر التطبيع العلني مع تل ابيب .. كل هذا وهو خطير ، قد يكون حرك مخطط الاستنزاف الغربي للجزائر .. لان ما يجري على الأرض ، هي حرب تتم بأشكال مختلفة ...
ان تمركز ( الماك ) الانفصالية بفرنسا ، باسم جمهورية القبايل ، هو بضاعة مخابراتية فرنسية ، وحتى إسرائيلية ..
ان نفس قوى الاستعمار المتحرش بالوحدة الترابية للمغرب ، هي نفسها تتربص شرا بالجزائر ... وكما قلت أعلاه . انّ المخطط من انتاج مشروع الشرق الأوسط الكبير ، وشمال افريقيا ... والآن جاء الدور على شمال افريقيا .. ونحن لم نتفاجأ بالحملة الشرسة التي قادها الاتحاد الأوربي ، وعلى راسه فرنسا واسبانية ، ضد اعتراف Trump المقلب بمغربية الصحراء ، وقوف الاتحاد الى جانب اسبانية في ازمتها مع النظام المغربي . بل ان وزير الخارجية الفرنسي Jean Yve le Drian صرح بمساندة فرنسا لإسبانية ، على حساب النظام المغربي الذي يعتبر فرنسا صديقته الاستراتيجي ..
ان الموقف الأوربي ، الإسرائيلي ، الأمريكي الرافض لمغربية الصحراء ، هو نفس الموقف الذي وقف واحتضن ( الماك ) الانفصالية ، ويدعم ويساند جمهورية القبايل الجزائرية ..
لكن اذا كان باب التصدع المغربي هو الصحراء ، التي تمسك بها الدول الكبرى من خلال الأمم المتحدة ، فان المدخل الرئيسي لضرب الجزائر ، يبقى إضافة الى جمهورية القبائل ، هو الدفع بها الى الإرهاق والاستسلام ، بفرض حالة استنزاف عليها ، لتعطيلها والدفع بها مثل المغرب الى Kao .. فإحراق الجزائر هذا ، هو عمل مخابراتي خارج الجزائر ، قد تكون فيه أجهزة مخباراتية مختلطة ، من اجل التسبب في الإرهاق والعياء ، ومن اجل تسهيل انفصال القبائل تحت اسم جمهورية القبايل .. ومن ثم تصغير الجزائر ، وتحجيم دورها المتشبث بالقضية الفلسطينية ولو ظاهريا .. كما ان موقفها من النظام السوري البعثي ، جعل الدول العربية تتفرج على الجزائر تحترق ، دون الإسراع في تقديم العون والمساعدات اللوجستيكية التي يفرضها وضع خطير كهذا ..
والمشكل انه في الوقت الذي تحضر الدول الغربية لتفتيت المغرب ، وتقسيم الجزائر ( الصحراء / جمهورية القبايل – الماك / البوليساريو ) ، فان النظامين المغربي والجزائري المهددين في قعر دارهما ، لا يوليان لهذا الخطر أي اعتبار او أهمية .. في حين ان الخطر يطل من الأبواب على وحدة المغرب ووحدة الجزائر .. أي ان النظامين يشاركان ومن تلقاء نفسهما في هذه المؤامرة ، دون ادراكهما بنتائجها التي ستكون كارثية على المنطقة ..
وفي اوج الموقف الأوربي المنافق ، المتماهي مع الموقف الجزائري من اعتراف Trump المقلب بمغربية الصحراء ، وتماهي النظام الجزائري مع موقف John Biden الذي تجاهل اعتراف Trump بمغربية الصحراء .. سنفاجئ بالنظام المغربي يتماهى مع فرنسا وإسرائيل من ( الماك ) ، ومن ( جمهورية القبايل ) ، حين وزع منشورا ، او ورقة على المؤتمرين في قمة عدم الانحياز ب New York ، يدعو فيها الى تقرير مصير شعب القبايل ، ويدعو الى الاعتراف بالجمهورية القبايلية .. وهو ما خلق جوا غير مسبوق في الجزائر ، باتهام النظام المغربي بالدعوة الى تفتيت وتقسيم الجزائر ، وبلغ موقف النظام الجزائري الصارم بالتهديد بالحرب ، الذي عكسته مجلة الجيش الجزائري في عدده الأخير .. وعكسه رد البرلمان الجزائري عن دعوة الملك محمد السادس الى فتح الحدود المغلقة منذ 1994 ، وفتح صفحة جديدة ومن دون شروط بين الدولتين ... وقد اعتبر حكام الجزائر دعوة الملك بالخنجر المسموم ، ورفضوها حتى قبل ان يجف الحبر الذي كٌتبت به ..
بعد هذا ستتابع الاحداث ومن دون انقطاع ، سواء من جانب النظام المغربي ، او من جانب النظام الجزائري ...
فبالنسبة للنظام المغربي ، سنجد توزيع الورقة التي تدعو الى انفصال القبايل عن الجزائر ، والاعتراف بجمهورية القبايل التي تحتضنها فرنسا ، وتدعمها إسرائيل .. ورئيس ( الماك ) الانفصالية طالب من الملك استقباله .. وكان جواب الملك على فرحات مهني ، ان دعا في خطاب عيد جلوس الملك على كرسي الحكم ، حكام الجزائر بفتح الحدود ، وبناء علاقات جديدة ، ومن دون شروط .. وتناسي الماضي .... وبعد هنيهة ، يتفاجئ العالم بالعمل الاجرامي التخريبي ، بإشعال النيران والحرائق بشكل متعمد ، بجبال وغابات القبايل ، لإرهاق الجزائر ، واضعافها ، وافراغها من الداخل بغية تسهيل انفصال القبايل ، والاعتراف الفرنسي الإسرائيلي بجمهورية القبايل .. وبعد يومين من الحرائق يخرج الملك المغربي بموقف يأمر فيه وزير الداخلية والخارجية ، بالاتصال بنظرائهما الجزائريين ، لعرض ارسال طائرتي إطفاء لمساعدة الجزائر ، وكان على ملك المغرب في مثل هذه الحالة ، ان يبادر من تلقاء نفسهم بإرسال طائرات الإطفاء ، دون اخذ الموافقة من النظام الجزائري .. لكن رغم العرض ، فالنظام الجزائري لم يجب .. أي رفض العرض ، خوفا ان تكون بتلك الطائرات وسائل تجسس تمشيطية تنقل الصور الى النظام المغربي .. وهنا ما دور الأقمار الاصطناعية التي اطلقها محمد السادس في الفضاء مؤخرا ؟
اما بالنسبة للجزائر ، فالنظام أولى قضية الصحراء المركزية في جدول اشتغاله ، وغير وزير خارجيته ، ليعيد لعمامرة كمتخصص في شؤون الصحراء ، وواصل اتصالاته الدولية المناهضة لمغربية الصحراء .. وبلغ به الامر ان يهدد بالحرب مع المغرب ، من خلال المناورات العسكرية التي نظمها الجنرال شنقريحة للجيش بالذخيرة الحية ، وبالحدود الجزائرية المغربية ..
ماذا نستنتج من هذا التحليل : ان الدول الاستعمارية ، والامبريالية ، والصهيونية الذين يحكمون العالم من خلال الاقتصاد ، والعلم ، ومجلس الامن ، هم ضد مغربية الصحراء .. وهم بدورهم وبقيادة فرنسا وإسرائيل مع ( الماك ) ، ومع جمهورية القبايل ، مادام ان النظام الجزائري لم يقطع مع الخطاب المستهلك للستينات والسبعينات ، من الصراع العربي الإسرائيلي الذي انتهى بأوفاق Oslo ، وقبلها اوفاق Madrid ..
ان نفس الخطر المهدد لوحدة المغرب ارضا وشعبا ، هو نفس الخطر المهدد لوحدة الجزائر ارضا وشعبا ..
لكن المؤلم ، هو ان الأسد ينتظر ان يقتل الثور الأسود ، الثور الأبيض ، ليشرع في الفتك به من دون شفقة ولا رحمة ..
فالحرائق التي اندلعت في الجزائر دفعة واحدة ، في اكثر من خمسة عشر نقطة ، وتضاعفت لتصبح حوالي خمسين نقطة .. هو عمل تخريبي اجرامي ، لانهاك واضعاف الجزائر ، وتسهيل نفوذ ( الماك ) ، وتسهيل انفصال جمهورية القبايل ، التي ستعترف بها فرنسا وإسرائيل ، وألمانيا ، وكل دول الاتحاد الأوربي بما فيها الولايات المتحدة الامريكية ...
فالخطر يحدق بالدولتين المغرب والجزائر، وبالمنطقة . والنظامين المغربي والجزائري ، يتصارعان ، ويتحاربان من اجل الوجود قبل الحدود .. والضحية هي الشعوب التي ترفل في الفقر ، وضنك العيش ، وتنخرها الامراض وقلة الحاجة ..
سايكس و بيكو لم يموتا . لا يزال سايكس وبيكو على قيد الحياة . ولا تزال مشاريعهما تهدد المنطقة بالانفجار الذي سيقسم المقسم ، ويضعف الضعيف .. حتى تصبح المنطقة الشمال افريقية مثل دول الشرق الأوسط ، عبارة عن كانتونات تحكمها العصابات ، باسم الإسلام في جهة ، وباسم الليبرالية المشوهة في جهة اخرى ..
مخابرات من خارج الجزائر هي من خططت لإحراق الجزائر ، وايدي مجرمة عميلة وعنصرية ( الماك ) وما شابه ( الماك ) ، هي من نفدت الأوامر التي اتخذت لتدمير الجزائر ، وتسهيل انفصال القبايل الذين أسست لهم فرنسا الحاضنة لجمهورية القبايل ، الجمهورية القبائلية ..

#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات