فتحي البوزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6986 - 2021 / 8 / 12 - 02:53
المحور:
الادب والفن
الوقوف في الشّرفة يحتاج
سيجارةً
لتنفخ دوائر دخان تملأ مساحات الفراغ حولك,
كأسَ نبيذ
لتصدّق أنّ المسيح مازال يشعل دمه شمعا يشقّ اللّيل في صدر قاتله,
رصاصةً واحدةً
لتفتح معبرا إلى مسارب وادٍ غير ذي زرع برأسك.
لا أرى ضرورةً لاكتمال المشهد الدراميّ بكاميرا سينيمائية محترفة تطارد الحركة اللّولبيّةَ للرّصاصة!
لا ضرورةَ أيضا لمايكريفون شديد الاستشعار يسجّل انفجارَ أفكاري
(للأفكار صوت يخترق جدار الصّوت أحيانا)
سأكتفي بدعوة "هيتشكوك" لينتج فيلما عن جولةِ الرّصاصة
بالوادي..
برأسي.
الضّغط على الزّناد -يا "ألفريد"- كتابةٌ مكثّفةٌ لتاريخِ الرّعب..
كتابةٌ أخرى لِسِيرَةِ ذاتٍ تتقن قتل نفسها بالمسدّس أكثر ممّا تتقن قتل نفسها بالقلم!
هكذا يصير الثّقب في دماغي بابا مفتوحا على حقيقةٍ تبتلع كلّ أوهامي القديمة.
سجّل أيضا -يا "ألفريد"- أنّ الرّصاصة التي حفرتْ في ذاكرتي لم تعثر على
"شجرة ديكارت" غَرَسَها أستاذُ الفلسفة لأتسلّقها في امتحان البكالوريا مثل قرد يظنّ
النّجاح ̸ كلّ النجاح في تحصيل ثمرة موز!
ربّما أحرقتُ الشّجرة بيدي لأنّي لا أعرف أكثر مما يعرف نفس القرد
عن الميتافيزيقا..
عن جنّةٍ ملأى بثمار الموز و جوز الهند.
أو ربّما أحرقتُ الشّجرة لأنّي لا أصدّق كذبة الأخلاق الإنسانيّة أكثر مما أصدّق صورة طفل يفرّ عاريا خلال القصف النوويّ الأمريكيّ على مدينته.
لهذا السّبب لا أظنّ أنّ القرد يصبح إنسانا
بمجرّد أن يفقد ذيله..
أو بمجرّد أن يصير قادرا على غسل وجهه كلّ صباح..
أو بمجرّد التحاقه بالمدرسة.
سجّل أخيرا –يا هيتشكوك- أنّ رأسي وادٍ غير ذي زرع
و أنّ الأنبياء و الرّعاة هجروه لأنّهم لم يجدوا فيه حقول قصب ليصنعوا ناياتٍ يروّضون بها أفكاري قبل ذبحها!
عليك إذن أن تلتقط صورة سينيمائية بطيئة للانهيار الصخريّ بجبالِ:
معتقداتي..
شهواتي..
أحلامي..
ذكرياتي..
قتلتُها برصاصة من مسدّسي لأنّي لم أتقن قتلها برصاصة من قلمي.
#فتحي_البوزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟