مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا
(Magdy Abdel Hamid Elsayed)
الحوار المتمدن-العدد: 6984 - 2021 / 8 / 10 - 01:02
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
ظلت كلمة النخبة والنخب Elite لفترة طويلة كلمة مؤثرة فى العلوم السياسية والاجتماعية وفى الثقافة والفكر والرأى العام على اعتبار أن تعريف النخبة بصورة عامة يتضمن المؤثرين فى المجتمع وتوجهاته وبالتالى فهم يقودون المجتمع ويشكلون اتجاهات الرأى العام سواءً السياسى أو الفكرى أو الثقافى أو الاجتماعى أو حتى الدينى ، فالنخبة بتعبير شائع هم من يرفعون المجتمع لأعلى بتأثيرهم الكبير عليه ، لذلك فإن المجتمعات تتشتت أثناء وبعد الثورات والانتفاضات إذا سقطت النخبة التى ترفع المجتمع فتنتظر المجتمعات فترة طويلة حتى تظهر نخبة جديدة تعلو وترتفع بأفكار وأيديولجيات جديدة خاصة إذا تغير النظام الحاكم بالثورات والانتفاضات.
الشئ الغريب أن عصر العولمة فى دورته الثانية بعد عام 2008 لم يساعد على بقاء النخب على السطح لفترة طويلة حتى بدون ثورات وانتفاضات ، بل جعل النخب تتغيير بصورة متسارعة مما أفقد النخب القديمة التأثير على المدى الطويل الذى كان يمتلك ناصيته السياسيون المحنكون أو المفكرون العظام ، بل قد يؤثر البعض من النخب الجديدة ليس لسنوات بل ربما لعدة أشهر أو أسابيع قبل أن يسقط ويحل محله أحد النخب الجديدة التى تنتظر نفس المصير والهاوية. لقد ظهر للعالم بوضوح تأثير مواقع التواصل الاجتماعى (والانترنت بصورة عامة) فى رفع وخفض ليس الأفراد والنخب فقط بل حتى الحوادث والقضايا والأخبار والموضوعات . إننا جميعا نشاهد حصد شخصية فنية أو رياضية أو اقتصادية أو أدبية لملايين المشاهدات على يوتيوب أو ملايين الإعجابات على فيسبوك وتويتر بينما لا يحصد البابا أو الدلاى لاما أو شيخ الأزهر أو المرشد الأعلى أو أى فيلسوف أو سياسى مرموق على مشاهدة تناسب حجم تأثيره المجتمعى أو الثقافى أو السياسى ، بل إن مجتمع مواقع التواصل الاجتماعى قد يدير ظهره للنخب القديمة فتلجأ إلى الكتائب الالكترونية المأجورة لتزيد حجم الإعجابات لتوهم الناس بالقدرة على التأثير. أما الأغرب فهو أن تأثير من تصعد بهم مواقع الانترنت (والفضائيات) قد يتطور ليصبحوا هم النخبة الفعلية ، فيتحول الفنان أو الرياضى أو المذيع أو الصحفى أو الثائر العفوى إلى سياسى أو محلل استراتيجى أو مؤثر كبير فى الرأى العام مما يجعله من النخبة الجديدة وذلك من خلال أذرع العولمة المتمثلة فى الانترنت والفضائيات بمساعدة القوى التى لها مصلحة فى ذلك الظهور لتوجيه الرأى العام ، مما يجعلنا نتصور وصول نخبة جديدة يساندها شعب الفضائيات والانترنت يمكننا أن نسميها " النخبة الشعبية " أو " نخبة العولمة" . إذن نحن الآن أمام تدخل كبير من قوى مختلفة تستخدم أذرع العولمة لتنشئ نخبا جديدة تتحكم فى الرأى العام لتوجيه المجتمعات ، وهذه النخب المعولمة لها طبيعة جديدة تتسم بقصر فترة الحياة على السطح حتى تتغير النخب باستمرار وبطريقة متسارعة غير مسبوقة تتناسب مع تسارع عصر العولمة الذى جعل تطورات العلم والتكنولوجيا والأفكار فى اليوم الواحد الآن تشبه تطورات عام منذ ألف سنة أو تطورات شهر منذ خمسين عاما .
إنه عالم جديد من النخب المصطنعة التى تصنعها القوى الاقتصادية الظاهرة أو الخفية أو يصنعها العامة فتحتضنها القوى الاقتصادية لتعلو إلى سطح المجتمع وتقود الرأى العام فتصبح هى " نخبة العولمة " .
#مجدى_عبد_الحميد_السيد (هاشتاغ)
Magdy_Abdel_Hamid_Elsayed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟