أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فتحى سيد فرج - لماذا سؤال الهوية ؟ المقالة الأولى















المزيد.....

لماذا سؤال الهوية ؟ المقالة الأولى


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 1642 - 2006 / 8 / 14 - 10:26
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لمــــــاذا ســؤال الهويـــة؟!
( المقالة الأولى )
فتحى سيد فرج
يثور جدل واسع خاصة في السنوات الأخيرة حول موضوع الهوية، ورغم أن الجدل حوله قد بدأ منذ أكثر من قرنين . وكان كل جيل يحاول أن يعاود البحث فيه والجدل حوله إلا أن الاختلاف مازال قائما حول هوية مصر.
وأغلب الكتابات في الموضوع بعيدة عن معايير وقواعد المنهج العلمي حيث يتم تناوله من خلال رؤي انطباعية أو مواقف أيديولوجية مما جعل الموضوع مثار لصراعات واختلافات تتباعد كلما أعيد طرحه.
وفي الفترة الأخيرة صدر العديد من الكتب حول هذا الموضوع وقدم المفكرون طرحا له في الدوريات وعلى صفحات الجرائد. ولاشك أن إثارة الاهتمام بالموضوع وتزايد الحديث حوله خلال السنوات الأخيرة تحمل دلالات وتعبر عن حالة من القلق العام نتيجة لمواقف وتغيرات تتم داخل المجتمع المصري.
وحقيقة الأمر أن زيادة الاهتمام بطرح موضوع الهوية قد يكون له الكثير من الدوافع والأسباب. فالبعض يري أن مراحل التغير الاجتماعي السريع يصعب استيعابها مما يحتم ضرورة البحث عن الجذور. والبعض يري أن الثورة العلمية والتكنولوجية التي تعم العالم وما يصاحبها من سرعة المواصلات والاتصالات قد تؤدي إلي التأثير في الهويات القومية تدفع المجتمعات إلي محاولة التشبث بالذات القومية. وهناك من يري أن تفكك الاتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الاشتراكية. وانتهاء عصر الصراعات الأيديولوجية وسيادة النظريات العامة التي كانت تقوم على تفسير التاريخ البشري من خلال منظور واحد. ومن ثم فإن تغير المجتمعات يمكن أن يتم بأسلوب واحد كل هذا أدي إلي إطلاق العنان للعودة إلي الهويات والأعراق القومية.
والبعض يري أن سؤال الهوية لا يثار ألا حين تكون الهوية في أزمة مجتمعية كاملة. فحيث لا تكون هناك أزمة لا يثار سؤال الهوية وأن سؤال الهوية يكون دائما سؤالا مشروعا وصحيا لا عندما يكون: ماذا؟. أو، ما هي الهوية؟ بل عندما يكون كيف تتحقق الهوية. وعندما لا يكون مجرد سؤال بل تكون إجابة تتأكد وتتنامي بالعمل والاجتهاد والإبداع في مختلف المجالات. وبذلك يكون البحث عن الهوية تعبيرا عن مرحلة. واستنهاض واهتمام بالمستقبل ، والاستفادة من دروس ومقومات الماضي
جــذور الهويــة – المفهــوم والمقومات
لكل شيء طبيعة تخصه. هكذا يقول ابن خلدون في المقدمة، ويعلق محمود أمين العالم على هذا القول "على هذا فانتفاء خصوصية الشيء هو انتفاء لوجوده ونفيه" وبالرغم من أن العديد من الكتاب والمفكرين قد حاولوا الوصول إلي تعريف محدد لمفهوم الهوية إلا أنه لا يوجد اتفاق عام حول معني الهوية. وأننا سنتخذ من تعريف د. مصطفي سويف أساسا لهذه الأطروحة فهو يعرف الهوية بأنها "الذات كما تنشأ في إطار حضاري بعينه مرتبط بموقع جغرافي بعينه" وفي محاضرة القاها د. سويف في جماعة تحوتي للدراسات المصرية بتاريخ 7/3/96 خلص إلي أنه لتحقق الفهم العلمي لموضوع الهوية الوطنية لابد من الرجوع إلي جذرين.
1- الجذر النفسي الاجتماعي والذي يتمثل في عمليات ارتقاء الأنا والذات كمنظومة نفسية أثناء تنشئة الطفل والتي تبدأ قبيل لحظة الميلاد من خلال أحداث تغييرات منتقاة لمجموعة من المعطيات التي يولد الطفل مزودا بها كرصيد فطري/ وراثي، وأن هذه التغييرات ترتد إلي نوعين من العمليات النفسية البيولوجية: عمليات من شأنها تنشيط عدد من الإمكانات الارتقائية وأخري من شأنها تعطيل إمكانات أخري، ويترتب على محصله النوعين من العمليات صنع الشخصية بناء على صيغة التقنين التي اقتضاها هذا القالب الحضاري أو ذاك وتتم نسبة كبيرة من هذه العمليات خلال السنتين الأولين من العمر، وما يتم إنجازه تصحبنا امتدادا ته بقية الحياة.
2- الجذر التاريخي الحضاري الذي تنفذ أثاره من خلال الدوائر الاجتماعية التي تحيط بالذات وتعمل كمرشحات تسمح لبعض التأثيرات أن تمر لتكوين السمات الداخلة في تكوين الشخصية، والبعض الآخر خاص بتكامل الشخصية، وبعض ثالث خاص بتشكيل طراز الأنا أو الذات (مركز الشخصية) وكل هذه التأثيرات في النهاية تعمل على تكوين الخصوصية الحضارية.
ويعمل الجذرين معا، الجذر النفسي حامل التأثيرات الداخلية البيولوجية وهو الذي يعطي الشخصية الفاعلية، والجذر الحضاري التاريخي الذي يضفي على الجذر النفسي هويته من خلال انتمائه. وكلاهما يعملان على تشكيل الصفات والخصال التي ترجع إلي خصائص البعد الحضاري لهذا المجتمع، والتي ستظل جزء لا يتجزأ من شخصية الفرد على امتداد عمره. وسيكون من الصعب بعد ذلك تعديلها أو تغيرها أو التخلص منها.
ويمكن القول أن الخصائص الحضارية للمجتمع يمكن يكون لها نفس المسار، وأن ما يتم صنعه في مراحل التكوين الأولي بفعل الظروف الموضوعية وطبيعة العملية الإنتاجية في إطار جغرافي وتاريخي معين تشكل خصائص حضارية لا يمكن الرجوع عنها أو إغفالها.
وهناك شبه إجماع بين عدد كبير من علماء التاريخ والحضارات على أسس ومقومات الحضارة المصرية باعتبارها أول حضارة إنسانية ممتدة عرفها التاريخ قامت على تضافر جهود البشر مع وجود نهر النيل في هذه البقعة التي تتوسط امتداد صحراوى يتميز بالجفاف، وذلك بتأسيس أول نظام مستقر يقوم على الزراعة المروية، وكان النتاج الطبيعي لهذا النظام ارتقاء وعي هذه الجماعة وحفز طاقاتها الإبداعية في مجالات شتي لتصنع حضارة راقية في وقت كانت أغلب الجماعات البشرية في كثير من بقاع العالم ما تزال تعيش الحياة في صورتها البدائية. ويمكن أجمال هذه المقومات في الآتي:
1- الوحـــدة القوميــة: حتمت طبيعة الزراعة الفيضية قيام التعاون بين المصريين. كما ساهم نهر النيل في تعزيز المواصلات والاتصالات والروابط بين الأقاليم، ومن ثم كان التوحيد القومي كنتيجة طبيعية لنظام الري والزراعة وكان من الضروري استمرار هذا التوحيد القومي لأن أي مساس به يؤدي إلي خراب هذا المجتمع.
2- الدولة المركزيــة: للقيام بمهام إدارة شئون المجتمع وتنظيم عملية الإنتاج وإعادة الإنتاج والدفاع عن هذه الواحة وسط هذه الصحراء.
3- الاستقلاليـــــة: قانون الوجود المصري عبر التاريخ أن رخاء مصر وتقدمها يقترن دائما باستقلالها واستقلالية أرادتها. وانحطاطها يقترن بتبعيتها أو وقوعها تحت الاحتلال الاجنبي.
4- طبيعـــــة العلاقــــات الاقتصاديــــة والاجتماعية: كانت الدولة ممثلة في الحاكم الفرعون أو السلطان بوصفها المالك الوحيد للأرض تقوم باستغلال المساحة الكبري استغلالا مباشرا، وتقوم بمنح بعض المساحات للأمراء وكبار الموظفين للانتفاع بها مقابل التزامات معينة. كما كانت تخصص مساحات تمنحها للكهنة بغرض الإنفاق من عائدها على المعابد. وكان الفلاحون يقومون بزراعة كل هذه الأراضي مقابل التزامات جماعية على مساحة معينة أو قرية معينة وترتب على ذلك قيام بناء اقتصادي اجتماعي يرتكز بالضرورة على العمل الجماعي والتضامن والتعاون بشكل أساسي
5- إبداع فكــــرة المؤسسات وآليات العمــل المستمر من خلال روح التعاون والتضامن الاجتماعي مما مكنهم من إقامة المعابد والأهرامات واختراع المدرسة كمؤسسة للتعليم المنظم.
6- احترام التعدديــــة العقائدية: كان الملك المؤله يضع فوق رأسه التاج المزدوج وكان البانثيون المصري يتألف من مجمع الآلهة بالإضافة إلي احترام الديانات والعقائد الإقليمية.
7- مشاركـــة المرأة في العمل المنتــج وتمتعها بكامل الحقوق والواجبات في الحياة العامة
8- العقلانية وروح العلم: توصل الفلاح المصري من خلال تكرار دورة الفيضان إلي مواعيد الزراعة والحصاد. ومن خلال التجربة والخبرة الذاتية تعلم فنون الزراعة ثم وصل إلي بعض قواعد المبادئ العلمية والمعرفة الموضوعية وذلك من خلال رد النتائج إلي أسبابها المادية مما مكنه من تطبيق هذه القواعد في التقدم في علوم الطب والفلك والعمارة والفلسفة والآداب والفنون. كما اكتشف المصريين أول حروف هجائية للكتابة وتوصلوا للتقويم الشمسي المتوافق مع دورة الحياة واستمرار الوجود، ووهبوا الوعي بالضمير لكل البشرية.



#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر الغربى وسوسيولوجيا الفشل المقالة الثانية النهضة المست ...
- التنوع الثقافى الخلاق
- الفكر العربى وسوسيولوجيا الفشل - المقالة الأولى
- المسرح فى مصر الفرعونية المقالة الأولى
- علوم جديدة... وتعليم مغاير
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 8 من 8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 7 من 8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 5 من 8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟4-8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 3 من 8
- إشكالية النهضة عند الطهطاوى
- قراءات ورؤى حول مشروع النهضة


المزيد.....




- معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
- ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
- المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد ...
- -كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر ...
- نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
- التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فتحى سيد فرج - لماذا سؤال الهوية ؟ المقالة الأولى