حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)
الحوار المتمدن-العدد: 6981 - 2021 / 8 / 7 - 14:16
المحور:
الادب والفن
يصدف في نفس اليوم ، أنه كان يبحث عن شاي البلسان الطبيعي Elderberrry، لمعالجة الانفلونزا التي ألمّت به. فلا يجد بغيته إلا في علبة غالية الثمن من ماركة PUKKA.
يصنع لنفسه كأساً ساخناً من شراب ذلك التوت البريّ ، ويستمتع بلونه الأرجوان ، ونكهته الحامضة المعتدلة المختلطة بعبق الغابات الأوروبية القريبة.
وبينما يرشفه على مهل، وهو يشاهد حلقة من مسلسل (بعد الحياة) ، تملأ شاشة اللابتوب صورة مجلة تدعى PUKKA وعلى غلافها اسم الشخص الأكثر إضحاكاً في العالم.
إنها مصادفة كوميدية دون شك! أن يكون الضحك هو الشفاء.
أم هي ربما مصادفة تراجيدية، لأنه الرجل الأكثر حزناً في العالم.
أم هي ربما مصادفة عبثية فحسب ! يؤكدها ذهابه لشراء حذاء رياضي. تقدم له البائعة حذاءً أعجبه في الواجهة، فيكتشف أنه من ماركة PUKKA أيضاً .
تحدق البائعة اللطيفة في عينيه المتعبتين، ثم تبيعه الحذاء دون أربطته الطويلة.
لم يناقش البائعة بالطبع، لقد كشفتْ جميع أسراره بنظرة عميقة واحدة . وعرفت أنه سجين في غرفة عارية الجدران ، ولا يوجد فيها غير كرسي عال وحلقة في السقف.
تكتب البائعةُ الأمُّ ، القادمة من رواية مكسيم غوركي ، رقم هاتفها على صندوق الحذاء. وتهمس له:
-اعزمني على العشاء ليلة السبت القادمة، لأحضر لك أربطة الحذاء.
يخرج إلى الحياة من جديد، يجلس على مقعد خشبي في ساحة البلدة الرئيسية. يرمي الحذاء القديم في سلة المهملات، ويرتدي الحذاء الجديد دون أربطة. يواصل السعي إلى محطة القطار، وهو يحاول إيجاد التوازن بين نسقِ خطوات مرتبكة، منسجمٍ مع نسق أفكار مضطربة.
هل كانت دعوة السيدة الأمُّ ، دعوة إلى الحبّ، أم إلى الموت؟
وهل حقاً ، سيرغب بالاتصال بها ، ليحصل على الإجابة اليقين.
يسخر من نفسه ، يسخر من هذا اليقين. يسخر من تشبيه البائعة بأمّ غوركي. يسخر من أي انتصار أيدولوجي أو ذاتي متوهّم .
يعرف أن الحياة ليست عادلة . وأن أربطة الحذاء قد تكون قوية فعلاً لتعليق ثقل هذا العالم في حلقة السقف .
ويعرف أن PUKKA هي مجرد اختصار لكلمات
push up .keep kicking. Amen!
#حسان_الجودي (هاشتاغ)
Hassan_Al_Joudi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟