|
النهضة؛ تساقط آخر أحجار الدومينو الإخواني
ليلى موسى
الحوار المتمدن-العدد: 6973 - 2021 / 7 / 29 - 17:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد اندلاع الانتفاضات الشعبية في عدة بلدان شرق أوسطية على حكامهم الديكتاتوريين المستبدين عقب 2011 م، وفي ظل افتقاد غالبيتها لمشاريع بديلة تلبي تطلعات شعوبها التي ثارت من أجلها، كانت فرصة سانحة للعديد من الحركات الإسلاموية بالوصول إلى سدة السلطة، وبشكل خاص الحركات الإخوانية الإسلاموية، والتي اكتسبت في البداية تعاطفاً شعبوياً لادعائها المظلومية التاريخية في عهد الحكومات السابقة. وما أن وصلت هذه الحركات الإسلاموية إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع وبدعم ومباركة قوى دولية وإقليمية بخطابات شعبوية، حتى كشرت عن أنيابها وأظهرت حقيقتها للعيان وكشفت زيف خطاباتها الغوغائية. تلك الحركات والقوى وداعميها كانوا على يقين بأن وصولهم إلى السلطة من خلال الشرعية الدستورية سيضمن لهم سيرورة الصعود في سلم السلطة إلى الأمام، وضمان البقاء بها، متربعين وماضون في تحقيق مشروعهم نحو العالمية عبر دعم حركات إخوانية دولية؛ أو تلك التي تتفق معهم أيديولوجياً في بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا. ولكن وكما يقال دائماً للتاريخ كلمته، وأن من أوصل هؤلاء إلى كرسي السلطة هم من سينزلونهم ثانية، حينما تنتفي وظيفتهم. فكانت بعض الشعوب لما تمتلك من وعي وإرادة وإدراك مبكر لخطورة هذه الحركات على أمنهم القومي وأمن المنطقة، كانوا سباقين في تحجيمها ووضعها في نصابها الطبيعي. فالشعب المصري وقواته المسلحة التي لم تخيب ظن شعبها للحظة وقفت إلى جانبه في المطالبة بحقوقه المشروعة، هذا الشعب العظيم والذي يعود له الفضل بإحداث أول انحسار وتراجع لهذه الحركة الإخوانية. وتجربتهم أعطت الكثير لبقية الشعوب والمجتمع الدولي لإدراك خطورة هذه الحركة ومنعها من اعتلاء كرسي السلطة في بعض الدول الأخرى كسوريا نموذجاً. لتأتي تونس وبعد عشر سنوات من انطلاقة ثورتها –ثورة الياسمين- لتقول كلمتها بأن الثورة باقية؛ ومازالت مستمرة وأن ما شهدته تونس من أحداث وتطورات لم تكن تعبر عن جوهر وحقيقة قيم وثقافة المجتمع التونسي. ما شهدته تونس من أحداث مؤخراً ربما يكون بداية لانفراج وإعادة ترتيب للأوراق للخروج من الأزمات التي عصفت بمعظم دول شرق الأوسط؛ لما تحمله من رمزية كونها كانت بداية انطلاق شرارة ثورات ربيع الشعوب. هذه الثورات والتي استغلتها بعض القوى والجهات الدولية والإقليمية؛ وجعلت منها مطية لتحقيق مشاريعها التوسعية الاحتلالية سواء بشكل مباشر كما في بعض المناطق السورية، أو عبر أدواتها المحلية باعتلاء كرسي السلطة كما في مصر وتونس. بإسقاط وتحجيم الإخوان بدأت العديد من المشاريع الإقليمية بالتلاشي شيء فشيئاً؛ أو على الأقل شكلت حجرة عثرة أمام تقدمها وانحسارها في مناطق محدودة جداً؛ وهي الأخرى ليس من المستبعد فشلها. ولربما نشهد في المستقبل تطورات وتغييرات تصيب تلك الدول أيضاً نتيجة التناقضات المتفاقمة التي تعانيها؛ جراء سياسات واستراتيجيات حكامها الداخلية والخارجية، وبشكل خاص مشروع أردوغان -العثمانية الجديدة- الذي يعتبر الأب الروحي لجماعة الإخوان الدولية. لذا؛ وعلى اعتبار هذه الحركات والقوى الداعمة لها تعلم علم اليقين بأن العالم مقبل على تغييرات ورسم ملامح المنطقة لمئوية قادمة لن تتقاعس وتكتفي بالمشاهدة، بل ستعمل بكل ما بوسعها لتكون لها مكانة فيها. وهو مالم ولن تحصل عليها بالطرق الشرعية وعبر صناديق الاقتراع كالسابق. حيث كانت عشر سنوات كفيلة لمعرفة حقيقة هذه الحركات، وما تحمله من أفكار وطروحات عنصرية شوفينية وسوداوية لم تجلب لبلدانها ولجوارها سوى الفقر والدمار والتخلف والحروب والاستبداد والاستعباد والديكتاتورية. وأن زمن الأنظمة الثيوقراطية ولى وعفى عليه الزمن، وأن المنطقة بحاجة إلى دماء وروح ومشاريع تعبر عن حقيقة مجتمعاتها وتواكب ركب التطورات. وعلى هذا الأساس، ستسعى هذه الحركات وداعميها الإقليميين على إثارة الفوضى والقلاقل، وتغذية روح التطرف والإرهاب وضرب النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي، والقيم والثقافات الموجودة كحاضنة لها لضمان استمراريتهم وبقائهم. واليوم مرة أخرى يؤكد الشعب التونسي بأنه جديراً بحياة كريمة وحرة وديمقراطية؛ وأن أي سلطة لا تعبر عن إرادة وتطلعات شعوبها سيكون مصيرها إلى الزوال، كما فعلها الشعب المصري مسبقاً. بتساقط النهضة الذي يعتبر ركيزة أساسية من تنظيم الإخوان الدولي، فإن ذلك سيلقي بظلاله على تراجع وضعف أو على الأقل انكفاء حجم الجماعات والحركات الإخوانية في المنطقة. ولكن هذا لا يعني نهاية هذه الحركة؛ بل ستعمل على زيادة تمكين وتنمية أعضاءها، والعمل على شكل ذئاب منفردة تعمل على العبث بأمن وسلم المنطقة والعالم. لذا؛ يتطلب من الشعب والحكومات الديمقراطية والعلمانية والمجتمع الدولي تضافر الجهود لمكافحة واجتثاث هذه الحركة من جذورها، وهذا لن تتحقق إلا عبر نشر ثقافة التآخي والتعايش المشترك وقبول الأخر.
#ليلى_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاستبداد والإرهاب.. وجهان لعملة واحدة
-
المقدمات الخاطئة لا تفضي لنتائج صحيحة
-
ثورة المرأة: عودة إلى الذات بعد زمن الاغتراب
-
المرتزقة حصان طروادة الطغاة
-
عفونة ذهنيكم ترهق أرواحنا
-
الفقر.. البيئة الحاضنة للتطرف والاستبداد
-
ازدواجية المعايير الدولية
-
المرأة هي الحياة الحرة
-
صراع على المعابر بذرائع إنسانية لتمرير مشاريع سياسية واقتصاد
...
-
حفيدات الآلهة الأم يحيين ثورتهن في مناطق شمالي وشرقي سوريا
المزيد.....
-
نتنياهو يتعهد بـ-إنهاء المهمة- ضد إيران بدعم ترامب.. وهذا ما
...
-
روبيو: إيران تقف وراء كل ما يهدد السلام في الشرق الأوسط.. ما
...
-
بينهم مصريان وصيني.. توقيف تشكيل عصابي للمتاجرة بالإقامات في
...
-
سياسي فرنسي يهاجم قرار ماكرون بعقد قمة طارئة لزعماء أوروبا ف
...
-
السلطات النمساوية: -دافع إسلامي- وراء عملية الطعن في فيلاخ و
...
-
اللاذقية: استقبال جماهيري للشرع في المحافظة التي تضم مسقط رأ
...
-
حزب الله يطالب بالسماح للطائرات الايرانية بالهبوط في بيروت
-
ما مدى كفاءة عمل أمعائك ـ هناك طريقة بسيطة للغاية للتحقق من
...
-
ترامب يغرّد خارج السرب - غموض بشأن خططه لإنهاء الحرب في أوكر
...
-
الجيش اللبناني يحث المواطنين على عدم التوجه إلى المناطق الجن
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|