أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الغني سلامه - بداية غير موفقة للقرن الحادي والعشرين















المزيد.....

بداية غير موفقة للقرن الحادي والعشرين


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 6973 - 2021 / 7 / 29 - 11:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ها هو القرن الحادي والعشرين يتم عقدين كاملين ولم نلحظ أي بوادر لتغيير إيجابي ممكن أن يجلب السعادة والسلام للعالم، ولم نشهد ظهور فلسفات إنسانية جديدة تتناسب مع إيقاع العولمة والتكنولوجيا وثورة المعلوماتية (سمات هذا العصر)، أو تعالج تداعياتها على البشرية.

وخلافاً للقرن الحالي، فقد بدأ القرن العشرون بدايات واعدة ومبشرة، على الصعيد الفكري والفلسفي والإنساني، لكنه سرعان ما أصيب بانتكاسات متتالية، جعلت منه قرناً دموياً وعنيفاً بامتياز، بدءاً بالحرب العالمية الأولى ثم الثانية، ثم الحرب الباردة، التي دامت حتى العقد الأخير من القرن، وشملت كل الكوكب، وما تخللتها من مئات الحروب الإقليمية والأهلية، والتي سقط فيها عشرات الملايين من البشر.

بيد أنه في الوقت ذاته، وبينما كانت الصراعات تنشب في كل مكان، لم يتوقف إنتاج الفكر والفلسفة والإبداع في شتى المجالات، سيما الإنسانية منها، وهذه الإنتاجات والفلسفات لم تكن كلها بالضرورة إيجابية وتنويرية وتقدمية، بل إن منها ما كان عنصرياً ورجعياً وذميماً.. فطالما ارتبطت الفلسفة بسياقاتها التاريخية، لتعبر عن بيئتها وزمانها، وبالتالي كانت قيمتها تتحدد بحسب مقدار فاعليتها العملية في محيطها، وفي تأثيرها الإنساني.

في مستهل القرن العشرين ظهرت الماركسية اللينينية، والتي بنت الاتحاد السوفياتي، ودانت لها ثلاثة أرباع الأرض، وقد نشأ أيضاً على هامشها التروتسكية، والستالينية، والجيفارية، والماوية.. والجرامشية، إذا جاز التعبير، باعتبار جرامشي أحد أبرز المجددين في الفكر والثورة الاشتراكية والذي قدم رؤى مختلفة وغير تقليدية للفلسفة الماركسية.

كما ظهرت الأيديولوجيات الشمولية مثل النازية، والفاشية، وبعض التطبيقات المتطرفة للشيوعية، كما حدث في الصين وكمبوديا.. إلى جانب صعود الحركات القومية واليمينية، والتي تحولت إلى نظم دكتاتورية.. خاصة في الوطن العربي والعالم الثالث. ودون أن ننسى الصهيونية التي جلبت المصائب للعالم.

كما ظهرت البراغماتية، وهي وإن كانت قد ظهرت مع صعود الرأسمالية؛ إلا أن «وليم جايمس» الذي عاش في القرن التاسع عشر وتوفي في القرن العشرين، يعتبر الأب الروحي للفلسفة البراغماتية والنفعية.

وكرد وتمرد على نتائج الحرب العالمية ظهرت «الوجودية»، والتي طورها «سارتر» و»ألبير كامو»، إلى جانب العبثية والعدمية والهيبيز والثورة الجنسية.. وكذلك: البنيوية، وما بعد البنيوية، والتفكيكية، والحداثية، وما بعد الحداثية.. وأغلب هذه الفلسفات انعكست في مجالات الفن والرسم والنحت والسينما والرواية.

في المجال الاقتصادي ظهرت الليبرالية، ومقابلها الاشتراكية. و»الكنزية»، والتي تطورت إلى نظم دول الرفاه في أسكندنافيا واليابان، ثم ارتدت إلى الرأسمالية المتوحشة في الدول الصناعية، ثم النيوليبرالية.. الآخذة بالتمدد، حتى في الدول النامية.

في آخر عقدين من القرن العشرين، بدأت موجة عالية من الإسلام السياسي تكتسح المنطقة، ضمن مسار تصاعدي سيمتد حتى العقد الثاني من القرن التالي.. وسيأخذ تمظهرات عديدة ومتباينة، وبعضها عنيف جداً، بدأت الظاهرة في الشرق الأوسط، ثم امتدت إلى بقية دول العالم. وتلك الموجة نتاج لفكر منظري الإسلام السياسي، وأبرزهم: أبو الأعلى المودودي وسيد قطب.

تلك أبرز المحطات والأسماء التي لا يمكن فهم القرن العشرين من دونها. على صعيد متصل، وفي سياق ذكر أبرز فلاسفة ومفكري القرن العشرين، والذين أثروا فيه، نذكر «فرويد» ونظرياته في علم النفس، و»جورج أورويل» وروايته الأشهر 1984 التي انتقدت الاستبداد وتنميط المجتمع، و»باولو فريري» ونظريته في التعليم التحرري، و»برتراند راسل» المناهض للحرب والفقر والظلم، والجشع الرأسمالي والتوحش الدولي، و»نعوم تشومسكي»، المساند لقضايا الحرية والعدالة الاجتماعية والناقد الأبرز لسياسات أميركا الخارجية، و»ميشيل فوكو»، وهو من أبرز من تناول مواضيع الجندر والجنسانية والطبيعة الإنسانية، و»هايدغر»، الذي أجاب عن أسئلة القلق والوجود والحياة بعيداً عن الميتافيزيقيا.

ولكن كما ذكرنا، ليست كل الأفكار خيّرة؛ فقد برز معسكر المحافظين الجدد، نذكر منهم: «فوكوياما» صاحب نظرية نهاية التاريخ، و»صاموئيل هنتنغتون» صاحب نظرية صدام الحضارات، و»توماس بارنيت» مطور نظرية الفوضى الخلاقة، و»برنارد لويس» مهندس تقسيم الشرق الأوسط الجديد.. وهؤلاء جميعاً أميركيون.

في المنطقة العربية ظهر عبد الرحمن بدوي، وطه حسين، وجورج طرابيشي، وعلي الوردي، ومالك بن نبي، وإدوارد سعيد، وهشام شرابي، والطاهر الحداد، وفي مجالات الأدب ظهر نجيب محفوظ ومحمود درويش وأدونيس، وفي العلوم برز فاروق الباز وأحمد زويل وآخرون.

هذا النشاط الإنساني أخذ يظهر ويتطور في كل مكان، وفي كل ميدان، في الفكر السياسي والفكر الديني، والعلم والاقتصاد والأدب.. وقد باتت الفلسفة ميداناً لصراع هذه المنوعات المتعددة.. هذا الصراع كان يهدم من جهة، ويبني من جهة أخرى، فمثلاً في مقابل الدول التوليتارية ظهرت دولة المواطَنَة، والدولة المدنية، والنظم الديمقراطية. ومقابل الأيديولوجيات الشمولية، ظهرت فلسفة حقوق الإنسان. ومقابل الاستعمار والإمبريالية ظهرت حركات التحرر الوطني، والثورات التقدمية، التي تدعو للحرية والعدالة الاجتماعية. ومقابل العنصرية ظهر مارتن لوثر كنغ، ومالكوم إكس، ومانديلا. وظهرت الحركات النسوية ومنظمات حقوق المرأة.

ولكن، مع قرب نهاية القرن العشرين أخذ التفكير الفلسفي يواجه مأزقاً جديداً؛ فمع التطورات الهائلة في العلوم الطبيعية الحديثة، ومع الثورة التكنولوجية والمعلوماتية بكل تداعياتها أخذت الفلسفة تفقد تدريجياً مكانتها وسلطتها، وتُستبعد من مجالات كثيرة، ولم تعد تُسيطر على كل جوانب المعرفة.. وكما قال ستيفن هوكنغ: «الفلسفة تموت بسبب عجزها عن مواكبة التطورات»، أو ما يمكن تسميته احتضار الإبستمولوجيا.

وهكذا، دخلنا القرن الحادي والعشرين ومعنا نفس الأسئلة الوجودية، دون إجابات حاسمة، وأضيفت إليها تعقيدات التحول إلى العولمة، والرقمنة، والثورة المعلوماتية.. وهذه بحاجة إلى فلسفات عميقة وجديدة تستجيب وتتفاعل وتعالج تداعياتها السلبية على الإنسان، وأنماط حياته، وعلى بيئته.. هذا على مستوى العالم.

أما في العالم العربي فما زالت الانغلاقات المزمنة والأفكار الأحفورية كما هي منذ مئات السنين.. لذا نحن بأمسّ الحاجة لتفكيك البناء القديم المهترئ، لأنه بناء متكلس، ومعيق، ولا يمكن تشييد المشروع الحضاري العربي إلا بعد تفكيكه، وإزاحته.. ومن ثم البناء على أنقاضه.

في أوروبا مثلت الفلسفة التفكيكية عملية تحريرية، وقد مورست بكل جرأة وصرامة حتى انتهت في النصف الثاني من القرن العشرين، ولم يعد هناك ما يفكك.. بينما في المنطقة العربية ما زالت فلسفة التغيير والتجديد والتفكيك تحبو ببطء، وتُحارب بلا هوادة من قبل سدنة المعابد، ومن قبل السلطات، والقوى التقليدية.

لذلك، لا أمل بالمستقبل قبل تفكيك القديم وتعريته وتحريرنا من ضغطه وإرهابه النفسي.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هجاء الشعراء، وتنافس العلماء
- خفايا مرعبة من تاريخ منسي
- عبد اللطيف عربيات، ونظرية المؤامرة
- عن اقتتال الصحابة
- الإذعان الديني
- عبقرية الفشل العربي
- مسؤولية الإنسان عن تصرفاته
- حدائق الحيوانات البشرية
- محاولات توحيد البشرية
- تاريخ الحروب المقدسة
- الغوغاء الذين قاتلتُ من أجلهم
- نوال السعداوي وداعا
- الدور الوظيفي للإخوان المسلمين
- أسوأ سنة في التاريخ
- الميثولوجيا الدينية
- أهم اختراع في التاريخ
- صعود وأفول الحضارة العربية الإسلامية
- أن تُولد قبيحا
- الدولة الإسلامية والدولة الدينية
- بين هيروشيما وبيروت


المزيد.....




- العثور على جثث 4 أطفال في الجزائر عليها آثار حروق
- -إعصار القنبلة- يعصف بالساحل الشرقي لأمريكا مع فيضانات ورياح ...
- في خطوة رائدة.. المغرب ينتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في ...
- أذربيجان تتهم الخارجية الأمريكية بالتدخل في شؤونها
- ماكرون يسابق الزمن لتعيين رئيس للوزراء
- نائب روسي ينتقد رفض زيلينسكي وقف إطلاق النار خلال أعياد المي ...
- ماكرون يزور بولندا لبحث الأزمة الأوكرانية مع توسك
- الحكومة الانتقالية في سوريا تعلن استئناف عمل المدارس والجامع ...
- رئيس القيادة المركزية الأمريكية يزور لبنان للتفاوض على تنفيذ ...
- جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الغني سلامه - بداية غير موفقة للقرن الحادي والعشرين