|
قصة قصيرة - مالم تدركه الخفافيش
سالم الخياط
الحوار المتمدن-العدد: 6973 - 2021 / 7 / 29 - 03:30
المحور:
الادب والفن
ما لم تدركه الخفافيش
مطر كثيف غمر المدينة، سيول جارفة طفت على الشوارع والجادات. حتى إذا ما استحال إلى ذرات ندية ليتوقف فجأة، وتشرق الشمس بشعاعها الذهبي، راح يتغلغل من مسامات البيوت، التي افترست الرطوبة حيطانها وسقوفها الخفيضة المتهاوية، غدت السماء صافية زرقاء، حين دخلنا أنا وصاحبي المدينة، كان في روحي ضجيج أصم، كنت أداريه في صمت، وفي عيوني التماعة خوف، من حدث مجهول، أفواج، من الناس كانت تعدو هاربة، خائفة، مشتتة، سألت صاحبي ما الذي، يجري هنا رد علي متلعثما بصوته المرتعش:- انظر هذه التجمعات المشبوهة هناك في الجانب الثاني؟ كانت مجاميع من النسوة المنقبات ينثرن شعورهن الطويلة الشعثاء، ويرتدين ملاءات سودا ممزقة، حافيات الأقدام كن. يَقِفْنَ بنسق طويل ويَضْرِبْنَ على رؤوسهن، أخذن يَنْظُرْنَ نحونا بتلصص غريب، كما لو يردن تصفية حسابات قديمه معنا، بدأت تتلاطم في رأسي الأفكار، عرفت أن هناك شيئا مريبا يحدث، نظر صاحبي في عيني ولم يفصح عن أي شيء كان يرتجف، ويهذي بكلمات غير واضحة. في نهاية المطاف هرب دون أن يتكلم أخذ يجري بسرعة يتلفت إلى الخلف قلقا متوجساً متعثرًا في خطواته.. بقيت وحيدا في المكان ذاته تحيط بي النسوة، قمن بتشكيل دائرة واسعة حولي أربكتني هذه الحركة، بدأ الخوف يراودني فتخبطت بجسدي في تلك اللحظة.... جاء رجل طويل بملامح كالحة، مظلمة كالليل، شعره المنفوش ينسدل على كتفيه يركض حافيا نحوي وبيده مطواة كبيرة، كتلك التي يستعملها الجزارون. كان كما لو يضمر لي شَرًّا، أخذني الشك من سلوكه المخيف، أخذ يدور حولي بدوائر متكررة. وقد أصابني الفزع في لحظة خاطفة هجم عليَ يريد أن يطعنني فما كان مني ألا إن أدافع عن نفسي فقمت بتوجيه ضربة سريعة من قدمي فسقط. ارتطم رأسه بالأرض سالت الدماء بغزارة هجمت النسوة جميعهن وهن يَصْرُخْنَ أمسكوا هذا المجرم هربت مسرعا نحو باب ضيقة تحيط بها بيوت قديمة من الطين وأنا لما أزل أعدوا لاهثا هاربا ليعود المطر بغزارة ووحشية أكبر.. (إلى أين تهرب وأنت مدان…. لم يحتضنك أحد سوف يمسك بك وتذبح مرةً ثانية..).. قلت (لست أنا.. من يبحثون عنه) كنت أركض في جادة ضيقة مرتفعة رأيت جنودا مهزومين مذعورين هاربين يركضون في الاتجاه المعاكس لي. تركتهم. وظللت أجري حتى وصلت إلي حافة نهر تملؤه أعشاب صفراء ملطخة بالدماء، رأيت جثث الموتى ملقاة دون رؤوس بإعداد كبيرة، وسمعت صوت رصاص يأز في الهواء ونيران مشتعلة لم أدرك أن هناك حربا، ثم هممت راجعا بخوف شممت رائحة الموت في البيوت الخالية من أهلها التي يقطنها الجنود ليحتموا بها من نيران الحرب، حتى وصلت إلى بيتي المهجور الذي تركته منذ أن بدأت الحرب رأيت كل شيء محطما، وملابس أطفالي وصورهم مبعثرة في كل مكان، لقد وقعت عيني على معطفي الشتوي الثمين مددت يدي لأخذه طارت من تحته خفافيش سوداء، أفزعتني وأوقعتني على الأرض تألمت وتأججت بروحي حالة النشيج بكيت وصرخت بأعلى صوتي.. خرجت مسرعاً ابحث عن لا شيء أتخبط بجسدي النحيل توقفت فجأة في الشارع، نظرت إلى كل الجهات لم يكن أحد من المارة في الطريق فقط أصوات الكلاب تنبح من الخوف وجسدي يرتج من البرد ورذاذ ذلك المطر.. هنآك صوت زغاريد لنساء مهنئات بانتهاء الحرب. كان يصل لمسامعي أخذت أتخيل المفارقة بالابتهاج الكارثي للنسيان، قلت ثمة ضوء يدخل من ثقب الحكاية نهضت مفزوعاً من النوم ارتعش وأتصبب عرقًا.. حين صحوت أدركت بأن لا شيء يقدر على هزيمة وطن …
#سالم_الخياط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حلم - طائر
-
قصة قصيرة - موت المسافات
-
قصة قصيرة
-
رجوع متأخر
-
دخان
-
رحلة بعمق المتاهة
المزيد.....
-
مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور)
...
-
إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر
...
-
روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال
...
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
-الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ
...
-
عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع
...
-
تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر
...
-
المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
-
عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو
...
-
الشارقة تختار أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية
المزيد.....
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|