أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - هشام عقيل - من أجل مستقبل غير مؤجل














المزيد.....


من أجل مستقبل غير مؤجل


هشام عقيل
كاتب

(Hisham Aqeel)


الحوار المتمدن-العدد: 6972 - 2021 / 7 / 28 - 18:33
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



تناص غريب: شبّه لينين المناضل الاشتراكي كمن يتسلق جبل شاهق ووعر لا يُمكن الوصول إلى قمته (التي لم يبلغها أحد قبله) بسهولة؛ وحذّر بأن غثيان صعود الأعالي هو العائق الأول للتسلق، إذ سماع أصوات أولئك المساندين لفكرة التسلق، لكنهم معارضون للتسلق في الوقت الراهن، يفقده توازنه. في مثل الوقت، شبه كارل يونغ (يومئذ كان فرويدياً) – عالم النفس – التقهقر الليبيدي كمن حاول تسلق جبل شاهق وعر لكنه لم يتمكن من الوصول إلى هذه القمة التي لم يبلغها أحد قبله؛ فيستسلم ليبرر: ”الجبل هذا يستحيل تسلقه، لا لأنني لا استطيع ذلك بل بحكم الطبيعة الطوبوغرافية والجغرافية التي تجعل هذه الاستحالة ظرفاً موضوعياً بمعزل عن إرادتي وجرأتي الشخصية“.

لن أحاول أن ادخل في أسباب التناص هذا، وسأتركه لخيال القارئ: أهو لأن يونغ مولود في سويسرا ولينين كان مفتوناً، مثل نيتشه (الذي لا تخلو كتاباته من تشبيهات قريبة كهذا)، بالجبال السويسرية؟ أم إلى تشابه العُصاب عند الثلاثي هذا؟ أم محض صدفة لا ينبغي التعمق فيها؟

إنما سبب تذكيري بهذا التناص هو التشخيص نفسه الذي قدمه الاثنان: بين لينين بوضوح بأن مؤجلي التسلق لا يرفضون الفكرة مبدئياً، بل ينتظرون ”الوقت المناسب“ و”الظرف الموضوعي المناسب“، فإنهم يؤجلون الماركسية، ايّ الماركسية المؤجلة حتى إشعار آخر (وأنتم تعلمون بأن ثمّة منا ومن الآخرين أيضاً يتبعون هذا الخط بتمام وعيهم). أما يونغ – تبعاً لفرويد – يُشخص ذلك كتقهقر ليبيدي، والمقصود بذلك هو الحالة التي يشهد فيها الإنسان تقهقراً نفسياً إلى الرغبات الطفولية الأولى كنتيجة لتصادم رغباته بظروف خارجية حالت دون تحققها؛ حالة من أزمة نفسية تأتي كنتيجة لصراع ما بين الرغبة في التسلق وما بين إنكار الخوف الذي لم يمكن المتسلق هذا من الوصول إلى القمة.

ألا يُمكننا القول بإننا ايضاً واجهنا تقهقراً كهذا؟ ألم نعد إلى مراحل الطفولة نحلم بالتوحد بالرحم الحزبي الذي انعكس في انعزالنا عن الجماهير؟ (هنا نستذكر تشخيص لينين للنزعة “الطفولية” في الشيوعية، وتُشكل اليسراوية أحد أوجهها فقط)

ليعلم الجميع، ولنقل للجميع، بأننا فشلنا في الوصول إلى القمة لا لأن ذلك مستحيل (والتبريرات أصبحت مملة ومكررة)، لا لأننا جريئون بينما – كما كتب ماياكوفسكي يوماً -: ”اصطدم قارب الحب بصخرة الحياة اليومية القاسية“، بل لأننا لم نقدر على ذلك ببساطة. إذا أردنا من الجماهير أن تثق بنا، وبجرأة طرحنا، وجسارة مطالبنا سيكون علينا أن نعترف بذلك أمام الجميع، وأن نبدأ، نحن لا غيرنا، ورشة النقد الذاتي. لنأخذ تلك الرماح التي وجهها مختلف الانتهازيون، والصحفيون المرتزقة الصغار، والمنتفعون الجهلة على صدورنا برحابة صدر، إذ إنها ضعيفة ووهنة وليس في مقدورها اختراق الهواء حتى؛ فنشحذها ونجعل منها رماحاً حقيقية. إنهم لا يُشكلون أي نقد جاد لليسار في البحرين، إذ وحدها الماركسية (أيّ علم التاريخ)، بيفاعتها المتجددة، قادرة على النقد – الذاتي البناء. فالماركسية أصبحت، أكثر من آي وقت مضى، ضرورة مطلقة.

أنتم، نحن، أنا أمام هذه المهمة الصعبة.

ليس عيباً أن نكشف تلك الجروح للناس، وليس عيباً أن نقول للجميع بإننا – نحن من تشدقنا بالماركسية – بحاجة إلى تعلّم النظرية الماركسية، وليس عيباً أن نقول بإننا – نحن من كررنا شعارات نضالية في كل مناسبة – نسينا فن السياسة؛ إن لكل ذلك أسباباً موضوعية يُمكن حصرها ونقاشها. إنما الإحراج يكمن في إنكارنا الطفولي لكل هذا فيما نعلم بأن الجميع يدرك ذلك، وبأن الجميع يردد ذلك في جلساته الخاصة حين لا نكون حاضرين. إنها، فعلاً، مهمة صعبة ولكنها لا تتطلب مجهوداً بالغاً، إذ الحقيقة – كما قالت جورج صاند – جد بسيطة. إن الحقيقة، والدفاع عن الحقيقة، هي الفعل الثوري الأسمى.

لنسأل أنفسنا، رغم أن ثمة كبار بيننا يعرفون هذه القصة عن ظهر القلب بينما شاب مثلي لم يعش هذه الظروف القاسية، ما الذي يجعل قصة الاجتماع السري في المنامة، 15 فبراير 1955، لمجموعة بسيطة من الشباب (والمناضل الكبير أحمد الذوادي لم يبلغ العشرين من عمره وقتذاك!) ليؤسسوا جبهة التحرير الوطني البحرانية قصة عظيمة بطبيعتها؟ صحيح، أنها نتاج لظروف موضوعية شتى؛ وصحيح، كان تأسيس الجبهة ضرورة تاريخية في تاريخنا السياسي. ولكن ماذا عن صرامة معتقدهم، رغم كل الظروف المعاكسة، بأنه من الضروري لشيء ما أن يحدث؛ بأنه من الضروري أن تكون لهم كلمة ما مهما كانت غير مسموعة؟

سينبغي علينا أن ننتظر حتى نتعلم درس هذا الحدث التاريخي، وسينبغي علينا – في هذه الأثناء – أن نكف عن الاعتماد على الحظ كفابيوس ماكسيموس (ومن هنا أتت تسمية الفابيين) ونبدأ بالاعتماد على المقدرة كحنبعل الذي كان تفكيره متوحداً، أو لنقل مبنيناً، بالطوبوغرافيا؛ فنكتشف طرقاً لم يكتشفها أحد قبلنا، رغم أنها موجودة أمام الجميع.

أنا أعلم بأن هناك من يتفق مع ذلك كله، مثلما أعلم بأن هناك من سيقف أمامي (أو لعله سيقوم بذلك في خياله) ليكشف لي بفخر عن جروح المعارك الماضية التي خاضها قائلاً: ”هاهي الجروح على وجهي! كيف لك أن تتكلم وليس لك مثل تلك؟“. حينها سنقول له ما قاله قيصر لجندي متبجح مجهول لا يذكره التاريخ:

”جروح؟! حتى أولئك الذين يفرون من المعارك ينظرون خلفهم!“



#هشام_عقيل (هاشتاغ)       Hisham_Aqeel#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هنريك غروسمان وقانون الإنهيار الرأسمالي
- يسارنا بحاجة إلى ثورة ثقافية!
- في ضرورة المادية المناضلة - فلاديمير لينين
- لقاء لينين وكروبوتكن ( 1 – 2)
- قراءة نقدية في كتاب (الجائحة!) لسلافوي جيجك ( 2 – 2)
- الصين بعد ماو
- قراءة نقدية في كتاب (الجائحة) لسلافوي جيجك – 1
- دع مئة زهرة تتفتح! [مقتطفات]
- لينين في مواجهة هيغل [مقتطف]
- ثلاث رسائل من إنغلز (مقتطفات)
- حاجتنا إلى برنامج اشتراكي!
- الدولة، والثورة، والأزمة [مقتطفات] لوي آلتوسير
- الماركسية: علم أم فلسفة؟ [مقتطفات من كتاب تقديم الفلسفة للا- ...
- شبح مهدي عامل في شوارع بيروت
- العمالة الوافدة في أزمة كورونا
- واحة الفكر – اشتراكية الأعمال الخيرية: مقتطفات من كتاب (حول ...
- العودة إلى هيغل؟
- من يخشى النقد؟
- الماركسية والفلسفة: حوار مع لوي آلتوسير


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية ترفض مخطط التهجير
- أبو عبيدة يكشف عن هوية جثامين الإسرائيليين ممن ستسلمهم الفصا ...
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- ارتفاع تأييد اليسار الألماني بفضل حضوره القوي على الإنترنت ق ...
- جيلاني الهمامي: إعادة كتابة الجغرافيا
- حزب النهج الديمقراطي العمالي ينحني إجلالا لشهداء حركة 20 فبر ...
- تعليم: بلاغ مشترك حول اللقاء مع وزير التربية الوطنية للنقابا ...
- الحرب في أوكرانيا: دفاع مشروع على أمن روسيا وتسريع لسيرورة ب ...
- وفد تركي في كردستان العراق: أوجلان يعمل على حل -ديمقراطي- لل ...
- تركيا: اعتقال 282 شخصًا بينهم صحفيون وسياسيون للاشتباه بارتب ...


المزيد.....

- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي
- نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل ... / بندر نوري
- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري
- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - هشام عقيل - من أجل مستقبل غير مؤجل