أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - حزب البعث ودوره في تغيب سلطة 14 تموز من خلال رفعه شعار (الوحدة الفورية الاندماجية):(1-5)















المزيد.....


حزب البعث ودوره في تغيب سلطة 14 تموز من خلال رفعه شعار (الوحدة الفورية الاندماجية):(1-5)


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 6972 - 2021 / 7 / 28 - 18:26
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


حفزني مذكرات محسن الشيخ راضي، في كتابة هذه الدراسة التي توضح من بدأ أختلاق المعارك الجانبية والأكثر عنفية، وهو بحق ما ساد بعد 14 تموز، حيث تقاتلت أحزاب الجبهة الاتحاد الوطني المؤتلفة من الأحزاب: الوطني الديمقراطي، والحزب الشيوعي، وهي أحزاب عراقوية، بالإضافة الاستقلال والبعث العربي الأشتراكي، وهي أحزاب عروبية.
يقول محسن الشيخ راضي في مذكراته: "... الواقع، بعد سقوط النظام الملكي، ساد مناخ من الصراع والتقاتل بين أحزاب الحركة الوطنية العراقية، من أجل السيطرة على الحكم والسلطة. الأسف كانت تصفية الجسدية الوسيلة السهلة لبلوغ الغايات السلطوية. تقتلنا نحن البعثيين مع الشيوعيين، وقاتلونا بشراسة لا تقل عن شراسة قتالنا لهم. ( من البادئ ؟؟؟ - الناصري) وتخاصم التيار القومي مع نفسه فتقاتل بعض مع البعض الآخر، البعثيون قاتلوا الناصريين والوحدويين أخوة الأمس في القومية والنضال المشترك من أجل وحدة الأمة العربية. وعاد أخوة الأمس أشد بغضا وكرها للبعثيين فلا بُدَّ من مقاتلتهم وإزاحتهم من الوجود السياسي. بل فنحن البعثيين على سبيل المثال، انقلبنا، لاحقاً على انفسنا، انطلاقاً من المنافسة على الأداور القيادية في الحزب ثُمَّ إلى الصراع والاعتقالات والنفي خارج البلاد من أجل الا ستحواذ والتفرد بالسلطة... "
ويعقب محسن الشيخ راضي يحدد لهذا الصراع البعثي- الشيوعي: "... يمتد إرث الصراع البعثي – الشيوعي في العراق إلى خمسينات القرن العشرين، وأبعد بقليل. لم يكن هذا الصراع عقئديا أو فكريا بقدر ما كان صراعا على مواقف سياسية تجاه القضايا الوطنية وإختلاف في الرؤى حولها تبعا لمرجعياتهم السياسية في المعسكرين اشرقي والغربي، الداعمه لكل حزب منهما. ففي أغلب المواقف الوطنية كانت ادبيات حزب البعث وتاريخه المدون، تعارض وتقلل من أهمية ودور الحزب الشيوعي العراقي في الانتفاضات الوطنية والتظاهرات الشعبية التي يقودها الشيوعيون... وبعد تشابك الأحداث وتزاحمها بالطيش الشيوعي المنفلت، تبادل الطرفان بترشاق الاتهامات، أخذ البعثيون يوجهون اتهامتهم تجاه الشيوعيين بأنهم ابتدأوا بممارسة العنف والقتل تجاه البعثيين والقوميين ( والعكس صحيح- الناصري)... وفي 8 شباط كان لا بد أن يثأروا لضحاياهم، فستعرت بوطن حقدهم على الشيوعيين عندما تمكنوا منهم برد فعل قوي ووحشي مارسوا فيه ابشع أنواع الانتقام، وبلغت جرائم البعثيين والقوميين إلى مستوى لا يقل ولا يوازي، بأي حال من الاحوال عن جرائم الشيوعيين بحقه... ".
هذا الأسلوب المبطن على درجة عالية من الحنكة والدبلوماسية، المتمثل بتبني من مصدر آخر المتمثل بإطروحة مناف جاسب محمد علي؟؟ وعلى هذا السؤال يعترف أن الاحزاب القومية التي مثلها حزب الاستقلال الوريث الشرعي للحركة القومية، واخوان المسلمين في اثناء وثبة كانون 1948، قبل تكوين الحزب البعث، وما بعدها في عام 1952، ورفع شعار الوحدة الاندماجية مع الجمهورية العربية المتحدة. ويعترف محسن الشيخ راضي بأن البعثيين لا يحفظون تجاه موقف خصومهم المتاسمحة معهم عهداً أو وداً انما يجزونهم بالقتل مثلما فعلوا بعبد الكريم قاسم في 9 شباط 1963.
في البدء يجب مناقشة المسألة الهامة التي تكمن بأن لم تكن البلاد العربية تسير في تطورها على"... وتيرة واحدة من حيث تطورها السياسي والاقتصادي والثقافي، الأمر الذي أوجد في كل منها أو بعضها أوضاعاً خاصة وظروفاً متفاويتة. وهذا الأوضاع والظروف الخاصة، هي واقع لا سبيل إلى إزالته بمجرد الرغبة في تجاهلها. والقومي الحق المخلص لعروبته وطموح أمته إلى الوحدة، هو من يسير شطر الهدف سيراً وعياً مضمون النتائج ويعمل بروية وحسن تدبير على ضوء الواقع وبمعزل عن الهوى والطيش والمصالح الشخصية ... ".
كان شعاري الوحدة الفورية الإندماجية مع الجمهورية العربية المتحدة، بمثابة (القشة التي قصمت ظهر البعير) بالنسبة إلى:
- التلكؤ وتغيب ثورة 14 تموز في مهماتها الاجتصادية والسياسية والفكرية؛
- وتفتيت جبهة الإتحاد الوطني وهي تمثل القاعدة الإجتماعية المادية للثورة؛
-وبدء الصراع بين القوى السياسية وبدأ القتال العنيف وبخاصة مع المجاميع من البعثيين والقوميين.
وذلك عندما رفع حزب البعث شعار الوحدة الفورية، الذي اقترحه ميشيل عفلق الأمين العام للقيادة القومية على الرغم من أنف القيادة القطرية بزعامة فؤاد الركابي. كان هنالك مرجعتان اساسيتان تلعبان دوراً سياسياً وتاريخياً وهما:
- اللجنة العليا لحركة الضباط الأحرار، فقد ناقشت موضوع الوحدة وتوصلت الى نتيجة مشروطة مفادها: إذا تمت مهاجمة العراق من قبل دول حلف بغداد أو أمريكا أو بريطانيا، تعلن الوحدة الفورية مع العربية المتحدة."... ولم يكن الضباط الاحرار قد تدارسوا، من جانبهم، أمر الوحدة أو الإتحاد قبل الثورة. وكان من رأيهم أن تمرَ البلاد بعد انتصار الثورة بفترة انتقال يقرر الشعب بعدها ما الذي يريده في هذه المسألة أو غيرها. كانوا جميعهم ذوي ميول وحدوية وأغلبهم قوميون، وكان من رأيهم أن تطور نضال الشعوب العربية سيفضي إلى الوحدة. ولاتأتي الوحدة عن طريق الارتجال والاستعجال... ". ولنأخذ أحد الضباط الذي لعبوا دورا في تجميع وتكوين الضباط الأحرار وساهم في عدة محاولات لتحقيق غائية الثورة ومن منطلق آخر، وهو الزعيم الركن ناجي طالب، وقد "... ذكر السيد ناجي طالب في مقابلة شخصية بأن موضوع الوحدة نوقش كثيراً وبحث بالتفصيل، وكان مقبولاً ولكن لم يتفق على تنفيذه بعد نجاح الثورة مباشرة وترك توقيت وصياغة الوحدة إلى الاتفاق مع الأطراف الأخرى وخاصة عبد الناصر... ". ويضيف العقيد نعمان ماهر الكنعاني " بأن الوحدة كانت من الأهداف البعيدة... ".
- ولم تذكر جبهة الإتحاد الوطني في بيان تأسيسها بصدد مشروع الوحدة الفورية الاندماجية مع العربية المتحدة، ومما يذكر أن جبهة الاتحاد الوطني تتكون من الأحزاب التالية: الوطني الديمقراطي ؛ الشيوعي العراقي ؛ الاستقلال ؛ البعث العربي الاشتراكي ؛ مجموعة من السياسيين المستقلين وبعض من المنظمات المهنية.
يقول بيان التأسيسي لها: "... بينما كان الاتفاق في جبهة الإتحاد الوطني على (السير في ركاب التحرر العربي) فقط، ولم تكن الوحدة الفورية الكاملة من الأهداف الواجبة التحقيق بعد الثورة مباشرة، كما أن أطراف مهمة لم تكن تؤمن بالوحدة الكاملة ولا تدعو لها إلا بعض الأحزاب والفئات ... ". ومن المعلوم بأن البيان التأسيسي لجبهة الاتحاد الوطني، قد لُخصت في عدة مطاليب وهي:
- تنحية وزارة نوري السعيد وحل المجلس النيابي؛
- الخروج من حلف بغداد وتوحيد سياسة العراق مع سياسة البلاد العربية المتحررة؛
- مقاومة التدخل الاستعماري بشتى أشكاله ومصادره وانتهاج سياسة عربية مستقلة أساسها الحياد الايجابي؛
- أطلاق الحريات الديمقراطية الدستورية؛
- إلغاء الادارة العرفية وأطلاق سراح السجناء والمعتقلين والموقفين السياسيين وإعادة المدرسين والموظفين والمستخدمين والطلاب المفصولين لأسباب سياسية.
"... والنتيجة المنطقية أن مجموع الشعب هي في الغالب مع الاتحاد الفيدرالي وليست مع الوحدة الكاملة والفورية الاندماجية. بيد أن القوميين على اختلاف فصائلهم، قد ركبوا رؤوسهم، وما عادوا يقيمون وزناً لرأي الجماهير... " الشعبية ؛ ولا منظماتهم المدنية ؛ ولا الاتحادات العمالية والمهنية كالمهندسين والمحامين والأطباء وغيرهم.
إذن كان رفع شعار (الوحدة الاندماجية الفورية ) بمثابة العامل الأرأس في تفتيت جبهة الاتحاد الوطني، كما أسلفنا، وأثارت الصراعات المقترنة بالعنف السياسي بين أحزاب السياسية للجبهة ذاتها، وبخاصة "... أن حزب البعث قد أيد قبل ثلاثة أو أربعة أشهر من ثورة 14 تموز، وكان نوري السعيد لا يزال في الحكم، قرار جبهة الاتحاد الوطني الداعي إلى الارتباط بالجمهورية العربية المتحدة بإتحاد فيدرالي. فما الذي دفع بعد الثورة إلى الانقلاب على موقفه ويندفع إلى الإلحاح على الوحدة الفورية ؟؟... لقد أظهرت المظاهرة الهائلة التي نظمها دعاة الاتحاد الفيدرالي في 5 آب 1958 (وليس 7 أب كما تردد في بعض المصادر) من الاحزاب العربية والكردية، أن جماهير والجماهير الشعبية، ذات الوعي الاجتماعي المنخفض بصورة عامة، وحول حقيقية مفهوم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها.. لأن الوعي الاجتماعي في تجلياته السياسية والجمالية والفلسفية والاخلاقية وحتى الدينية، كان مشوه وهذا نابع من الطبيعة الإنتقالية للمجتمع آنذاك وتعدد أنماطه الاقتصادية بل بالأحرى منذ بداية العشرينيات، إذ لم تتبلور بعد معالم النظام الاجتماعي الذي يتطلع إليه العراقيون بعمويتهم.
فــ "... العلاقات الإقطاعية التي مثلت ركيزة العهد الملكي، كانت متداخلة لحد أو لأخر مع نمط العلاقات العشائرية الأبوية. وقد أصاب الماركسيون حين أطلقوا عليها تسمية (شبه الاقطاعية) وطبقة الفلاحين الفقراء شبه الأقنان، غادروا ديار العشيرة، وإنخرطوا في صفوف البرولتاريا الهامشية الرثة للمدينة.
أما العلاقات الرأسمالية فلم تغادر طورها الجنيني وأفتقرت إلى أهم مقومات نموها: تراكم رأس المال الذي يمثل القانون العام للنظام الرأسمالي بموجب النظرية الماركسية. وينطبق ذلك لحد أو لأخر على الطبقة العاملة التي أحتواها الاستبداد النفطي. والطبقة الوسطى التي حملت راية المشروع النهضوي في العراق وجدت نفسها منخرطة في آليات الاستبداد النفطي حتى مسخها وأنهى دورها الطليعي. أن الطابع الانتقالي الذي وسم حركة المجتمع العراقي منذ عشرينيات القرن الماضي وللآن، يجعل من المجازفة أطلاق الأحكام القاطعة. فقد يطلق الباحث مستنداً إلى حججه وأسانيده وأدلته العقلية والنقلية – حكماً قاطعاً، وإذا بشجرة الحياة تلقمه بثمرة من ثمارها، تجعله يغصّ بأسانيده وحججه وأدلته ... ".
لقد حددت القوى العراقوية وبخاصة اليسارية منها، موقفها من الوحدة منذ أواسط الخميسنيات "... من خلال تناول نطاقها التاريخي المعين وعلى ضوء الخصائص الملموسة للوضع المعين، فهم إذ ربطوا عملية التقدم نحو الوحدة، شرط الانعتاق من السيطرة الاستعمارية وحكم عملائها، ومن ثم الأقتراب منها عبر أشكال ناضجة من الروابط الاتحادية الممكنة التحقيق بين بلدان مستقلة، إنما كانوا يتناولون المسألة ليس بروح علمية فحسب، بل بروح عملية وتجاه الوحدة القومية بالذات. فلم يكن من المطلوب قط تحقيق اتحاد يخدم مصالح الاستعمار والطبقات الرجعية، أو إتحاد الملوك والأمراء بل وحدة شعوب حرة مستقلة وحدة تخدم نضالها القومي التحرري وتقربها نحو أمانيها في الوحدة القومية... ".
ويضيف عزيز سباهي إلى أن "... التوجيه العام الذي وُزَع على الكادر الأساسي في الحزب قبل ثورة 14 تموز بيومين، والذي يهيئهم لتقبل الثورة، جرى التأكيد على المطالبة بحكومة تنتهج سياسية وطنية وإقامة اتحاد فيدرالي مع الجمهورية العربية المتحدة. وعاد الحزب، وأكد مطالبته هذه بالأسراع في إقامت اتحاد فيدرالي مع الجمهورية العربية المتحدة في البيان الذي وزعه في صباح 14 تموز، وفي المذكرة التي قدمها إلى رئيس الحكومة عبد الكريم قاسم في يوم 15 تموز. وفي التقرير السياسي الذي قدمه السكرتير إلى الاجتماع الموسع للجنة المركزية الذي أنعقد في ايلول 1958 أكد على الموضوع من جديد . ومن هذا يتضح أن شعار الحزب الشيوعي بشأن المطالبة بالاتحاد الفيدرالي مع الجمهورية العربية المتحدة واليمن لم يكن طارئاً، أو جاء رداً على شعار رفعه الآخرون، وإنما جاء عن تقدير دقيق للأوضاع التي تمر بها البلدان العربية، ولم يصدر كرد فعل آنيّ على هذا أو ذاك من الداعيين إلى الوحدة الفورية كما يذهب إلى ذلك بعض المرخين. وجاء حتى قبل أن يُكتب لثورة النصر. وقد أعلن الحزب الشيوعي العراقي دعوته إلى الاتحاد الفيدرالي قبل أن يعلن (القوميون) على اختلاف ألوانهم وفصائلهم دعوتهم إلى الوحدة الفورية. فهو لم يدخل، إذن، في مزايدة سياسية مع آخرين، ولم يكن رده انفعالياً قصد المناكدة، كما يصورة البعض. ولم ينفرد الحزب الشيوعي العراقي لوحده بالدعودة إلى الاتحاد الفيدرالي مع الجمهورية العربية المتحدة. إذ كان حزبا الوطني الديمقراطي والاستقلال قد أوردا في المنهاج الذي وضعاه بصورة مشتركة للحزب الذي تقرر أن يجمع بينهما (المؤتمر الوطني)، والذي أرفقاه مع الطلب الذي تقدّما لإجازة الحزب في 16 حزيران 1956، الدعوة إلى الفيدرالية... "، ( التوكيد منا – الناصري).
وعليه يمكننا القول بأن الوحدة الأمة العربية ضرورية للعرب، إن لم تكن حتمية وضرورتها تتوقف على درجة التطور والتباين على درجة التفاوت بين المستويات الاجتماعية والاقتصادية والفكرية، لأنها تستند:
- على حقائق العلم من حيث التأريخية والجغرافية والابعاد الفكرية "... أن كل الأحداث والتطورات العربية منذ ذلك الوقت على أن موضوع الوحدة يجب معالجته معرفياً أولاً قبل طرحه سياسياً، وإن البناء الثقافي والنفسي والاقتصادي وتخفيف العصبيات القطرية والعشائرية والأسرية ووعي الخصوصيات القطرية شروط لا بد منها لأية خطوة وحدوية ناجحة وراسخة... ".؛
- كما ان هذه الوحدة تتماشي مع العصر الحديث وما تتطلبه السوق الواسعة والثورة التقنية؛
- وبالتالي التكتلات الاقتصادية الدولية الكبرى؛
- وكلما أصبحت ذات نزعة تقدمية وتتحق عبر الخيار الديمقراطي وعلى وفق خطوات مدروسة طويلة الأجل وأن تبنى على حجر الزاوية الإقتصادية لكانت الأنجع من تلك الوحدات التي كانت مرفوعة من قبل القذافي وعبد الناصر والبعث.
وبالمقابل توجد رؤية مخالفة لهذا الواقع، تكمن كما: "... كتب سعيد ابو ريش، أحد مؤلفي سيرة عبد الناصر، أن ميل العرب إلى الاتحاد تضارب مع الواقع الموجود وتقليص تأثيره الرومانسي على الطبقة العربية المتوسطة بمرور الأيام. وكان المسيحيون اللبنانيون يخافون من الغرق في البحر الاسلامي مما كان سيؤدي إلى فقدان هويتهم المسيحية. ولم يرغب الأردنيون الذين ليس لهم تاريخ طويل، في أن يكونوا بمستوى قبيلة صغيرة. وكان العراقيون بحاجة إلى شيء ما يساعد على تسوية تقسيمهم عرقي والديني. ووجود الأكراد في دولة عربية كبيرة واحدة أسوأ بكثير بالنسبة لهم مما في العراق. وكان السوريون يرفضون كل ما ينفي مواقعهم المتصدرة لأنهم يعتبرون أنفسهم عرباً أكثر من الآخرين. أما المملكة العربية السعودية فكان هناك خوف من أنه سيتعين عليها مشاركة العرب الفقراء من مصر وسوريا والأردن خيراتها النفطية... ". ولهذا "... بالأضافة إلى عدم تحقيق فكرة القومية العربية التي تراجعت تحت ضغط مصالح بعض البلدان العربية، تضاءلت بشدة وزالت من الميدان التاريخي في نهاية المطاف القومية الثورية البرجوازية الصغيرة التي تميز بها عدد من الانظمة في البلدان العربية التي تحررن من سيطرة الدول الغربية... ومع ذلك اعتقد أنه ستزداد في العالم العربي بالتدريج على الأغلب النزعة القومية المتخلصة من الاتجاه الاجتماعي الذي تميز به الثوار البرجوايون الصغار ... ".
ومن جانب آخر"... أن رؤية التيارات الاشتراكية - القومية - الاسلامية تجلت في الممارسة السياسية بعد اعتلاء القوى القومية لسلطة الدولة السياسية في عدد من البلدان العربية وما انتجته من:
- تفتيت الوحدة الوطنية من خلال تغليب الرؤى البرنامجية المثالية على المصالح الوطنية وربط تحقيق الوحدة العربية بسياسة الاضطهاد السياسي للقوى الوطنية الأخرى ؛
- تأمين مصالح الطبقات الفرعية – البرجوازية الكمبورادورية – البرجوازية العقارية - شرائح من البرجوازية المالية واهمال مصالح الطبقات الأخرى وبهذا المجرى جرى اضعاف مفهوم الوطنية العراقية بعد سيادة المصالح الطبقية الفرعية ؛
- اختزال مفهوم الوطنية العراقية برؤى برنامجيه قومية مثالية شكل أساس الاضطهاد السياسي والقوانين الاستبدادية المناهضة للتيارات والأحزاب الوطنية الأخرى ؛
- افضى انهيار الكتلة الاشتراكية الى تعارض أنظمة الحكم الاستبدادية ومصالح الرأسمالية المعولمة وما نتج عن ذلك من تدخلات عسكرية بهدف احداث تغيرات جديدة منبثقة من الروح الكسموبولوتية للرأسمال المعولم... ".( التوكيد منا – الناصري)
"... إن معارضة حزب البعث للاتحاد الفيدرالي، وإصراره على الوحدة الفورية، لم تنبع كلها عن قناعة فكرية مبدئية، (على الاقل ضمن القيادة القطرية في العراق- الناصري) كما أنها لا تدل على رغبة حقيقية في التقدم، لأنها لا تقيم وزناً إلى الشروط الموضوعية من حيث الأنتباه إلى التبيانات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهي لاتقيم وزناً أيضاً إلى وعي الشعب وقناعته، ورغبته في التمتع بالحريات الديمقراطية بعد أن طال حرمنها منها. ومن حق المرء أن يبدي شكوكه إزاء الدوافع التي تدفع بمشيل عفلق إلى الحقد على الشيوعية، ويصطنع من مسألة الوحدة ذريعة لتأليب القوى عليها، وهو الذي يرطن بالاشتراكية وبمعادة الاستعمار ايضاً... وكان أخطر ما في الأمور، ان تفشل القوى المتصارعة في تحقيق أهدفها بوسائل الدعاية والاقناع والعمل الجماهيري فتلجأ إلى الأساليب اللا ديمقراطية وافتعال المشاكل وتدبير المؤامرات، دون أن توضع في الحسبان مصلحة البلاد، وحاجتها إلى الاحتفاظ بزخم الثورة، ومصلحة الأمة العربية، وحاجة الشعب إلى السير الرصين والواثق في ركاب التقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وحاجة البلاد إلى ممارسة الديمقراطية وتمكين الجماهير من الاعتياد على التعامل بها عن ثقة ولا سيما وأن البلاد لا تزال تعج بعملاء الاستعمار ولم تتم تصفيتهم بعد... ".( التوكيد منا-الناصري).
الهوامش:
1- كنت بعثياً، مذكرات محسن الشيخ راضي، ج.1، من ذروة النضال إلى دنو القطيعية، حررها وقدمها وعلق عليها، د. طارق مجيد تقي العقيلي، ص.39، بغداد، دار الكتب العلمية 2021.
2 - مستل من المصدر السابق، ص.80. والواقع أنه جرى في دمشق احتكاك وصدام بين القوى "... السياسية العراقية المتواجدة في سوريا. ففي ذلك اليوم، جرت مظاهرات احتفالية عفوية تأييدا للثورة شاركت فيها جماهير التيار القومي والحزب الشيوعي العراقي، جابت شوارع دمشق. لكن مع شديد الأسف جرى احتكاك واصطدام بيننا نحن القوميين والبعثيين ضد الشيوعيين العراقيين (يعترف محسن الشيخ الراضي هم بدأوا بالأعتداء- الناصري). هذه كانت البداية الخطيرة التي جرتنا جميعاً دون وعي وإدراك بمصلحة العراق،إلى هواية الانقسام والتناحر والتقاتل، وشدتنا إلى الاختلاء بأوكارنا نمعن بتخطيط المؤامرات والتآمر بعضنا ضد البعض اللآخر... ".
3- عامر عبد الله ، قضايا عربية، ص. 8، دار الفكر الجديد، بيروت 1959.
4 - عزيز سباهي، عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي، ج. 2، بثلاثة أجزاء، منشورات الثقافة الجديدة، دمشق 2003. ص. 338.
5 - د.قحطان أحمد الحمداني، السياسة الخارجية العراقية السياسة الخارجية العراقية من 14 تموز 1958 إلى 8 شباط 1963، مكتبة مدبولي، القاهرة 2008، هامش ص. 41، ويضيف المؤلف أنه "... وقد صاحب الصراع بين أطراف الحركة الوطنية في العراق ملابسات عربية ودولية بعثت بعوامل مساعدة لتأجيج الصراع بحيث لم يعد بالإمكان لا تحقيق الوحدة ولا الاتحاد...". ص. 176
6- المصدر السابق، ذات الهامش والصفحة.
7- العميد خليل إبراهيم حسين الزوبعي، موسوعة 14 تموز، الجزء الأول، ص.338، مكتبة بشار، بغداد1987. وفي الوقت نفسه وضع فيتو على قبول الحزب الديمقراطي الكردستاني في الجبهة من قبل حزبي الاستقلال والبعث. ويعلق عزيز الحاج على ذلك بأنه حزب البعث "... كان يعاني من فقر دم حقيقي في المشكل الكردي، ويعد القيادة الكردية عملية ومشبوه... ". القضية الكردية في العراق التاريخ والآفاق، ص.40، المؤسسة العربية للدراسات، بيروت 1994.
8- د. إبراهيم كبة. وتوجد نسخة من البيان في ص. 229، هذا طريق 14 تموز.
9- عزيز سباهي، عقود من تاريخ، الجزء 2، ص. 343، مصدر سابق.
10- والشيء بالشيء يذكر، يكتب عبد الستار الدوري يقول: ميشيل عفلق مخاطباً صديق شنشل: "... وهنا ما لم يخطر على بالنا قط، وجدنا رفيقنا الأستاذ ميشيل عفلق يخرج عن طوره بالقول: أنا يا اخي صديق، كنتُ آمل وأتوقع أن تعكف أنت وأصحابك على كتابة مسودة مشروع لدستور الجمهورية الجديدة التي ستقوم بعد إلتحاق الجمهورية العراقية الثورية بها، وأن لا تتسسرعوا بكتابة دستور مؤقت للجمهورية الآن، لأن عملكم أستاذ صديق مع احترامي لكم. لا يعودوا أن يكون إعترافا قانونيا ودستورياً للواقع القطري الانعزالي للعراق، وإعلاناً مبكراً وملغوما عن عدم الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة.. وهذه يا صاحبي هي المؤامرة أو بداية المؤامرة الكبرى... ".(التوكيد منا- الناصري)، اوراق عتيقة من، ج.3، ص. 58، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 2018.
11 - د. سليم الوردي، ضوء على ولادة - المجتمع العراقي المعاصر، سلسلة تصدر عن جريدة الصباح رقم 15، بغداد 2009، ص. 20.
12- عامر عبد الله، الشيوعيون وقضية الوحدة العربية، ص. 27، الثقافة الجديدة، العدد 293. بغداد.
13- عزيز سباهي،عقود من تاريخ ، ج.2، ص. 337،مصدر سابق.
14- د. عزيز الحاج، شهادة للتاريخ (أوراق في السيرة الذاتية السياسية) ص. 224، مؤسسة الرافد، ط.1، 2001، لندن.
15- يفغني بريماكوف، الشرق الأوسط المخفي والمعلوم، ترجمة علي العرب وعبد السلام شهباز، دار اسكندرون 2006 دمشق، ص.65. المستند إلى سعيد ابو ريش،: ناصر، أخر العرب.
16- المصدر السابق، ص.68.
17 - د. لطفي حاتم، الوطنية العراقية،وبناء الدولة الديمقراطية، الحوارالمتمدن، نشر بتاريخ 9//1/2020
18- عزيز سباهي، عقود من تاريخ، الجزء 2، ص.343- 345، مصدر سابق.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا تتسربل ثورة 14 تموز 1958 بالنسيان! (3- 3)
- حتى لا تتسربل ثورة 14 تموز 1958 بالنسيان! (2- 3)
- حتى لا تتسربل ثورة 14 تموز 1958 بالنسيان! (1-3) ***
- هياكلية الأمن العامة والاستخبارات العسكرية في الجمهورية الأو ...
- أحمد محمد يحيى/ وزير الداخلية الجمهورية الأولى:(2-2)
- أحمد محمد يحيى/ وزير الداخلية الجمهورية الأولى:(1-2)
- القاعدة الاجتماعية لسلطة 14 تموز مقارنة بالعهد الملكي : (6-6 ...
- القاعدة الاجتماعية لسلطة 14 تموز مقارنة بالعهد الملكي: (5-6)
- - القاعدة الاجتماعية لسلطة 14 تموز مقارنة بالعهد الملكي: (4- ...
- القاعدة الاجتماعية لسلطة 14 تموز مقارنة بالعهد الملكي: (3-6)
- - القاعدة الاجتماعية لسلطة 14 تموز مقارنة بالعهد الملكي: (2- ...
- لقاعدة الاجتماعية لسلطة 14 تموز مقارنة بالعهد الملكي: (2-6)
- القاعدة الاجتماعية لسلطة 14 تموز مقارنة بالعهد الملكي : (1-6 ...
- الصفات الاساسية في إدارة الزعيم قاسم للصراع الطبقي في العراق ...
- من تاريخية صراع الهوية في العراق المعاصر (5- 5):
- من تاريخية صراع الهوية في العراق المعاصر (4- 5):
- من تاريخية صراع الهوية في العراق المعاصر (3- 5):
- من تاريخية صراع الهوية في العراق المعاصر (2- 5):
- من تاريخية صراع الهوية في العراق المعاصر (1- 5):
- من تاريخية الانتلجنسيا العراقية :( 8-8)


المزيد.....




- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...
- إعلام سوري: سماع دوي انفجارات في سماء مدينة حلب
- البنتاغون: لم نقدم لإسرائيل جميع الأسلحة التي طلبتها


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - حزب البعث ودوره في تغيب سلطة 14 تموز من خلال رفعه شعار (الوحدة الفورية الاندماجية):(1-5)