أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - برهوم جرايسي - حين تبكي -حيفانا-














المزيد.....

حين تبكي -حيفانا-


برهوم جرايسي

الحوار المتمدن-العدد: 1641 - 2006 / 8 / 13 - 10:22
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


بكت حيفا قبل أيام وهي تئن تحت قصف لم يقصدها. إنها "حيفانا" نحن، وليست حيفاهم هم.
بكت حيفانا نحن، حين ضُربت عن غير قصد في قلبها، في حيها الفلسطيني الباقي، في بيوت فلسطين التي يحرص أهلها على ترميمها حجرا حجر، لتصون الذاكرة، وتصون الجذور، وتصون الهوية.
نعم، بكت حيفا، رغم أن جراح الشقيقة بيروت أكبر، ونزيفها أخطر؛ إلا أن لبيروت من يحميها ويصونها، ولحيفا أيضا، ولكن الخطر على حيفا هو أكبر وأكبر.
قبل أن تصل قذائف الكاتيوشا إلى حيفا"زارت" عدة مدن وقرى فلسطينية، ولأننا انسانيون حتى أمام خصمنا وعدونا نقول انه ليس فقط بلدات فلسطينية. وحيفا أيضا قصفت مرارا، لكن القصف الأخير كان له وقع خاص، وألم خاص؛ فقد قتل بشرا نبكيهم، لكنه أصاب أيضا جزءا من الذاكرة ومن شواهد فلسطين. يا الله ما أجملك يا وادي النسناس، يا عطر الماضي وعبقه.
كان طبيعيا أن يقلق أهالي حيفا وهم يسمعون سماحة السيد حسن نصرالله يدعو "عرب حيفا" إلى مغادرتها حفظا لسلامتهم؛ فهم الذين بقوا فيها يحرسون اسمها وتاريخها، وما تبقى من بيوتها وحاراتها! "كيف نترك البيت"، "إن كان علينا أن نموت فسنموت فيه"، كما قال أحد "أهل الدار" في إحدى القنوات العربية.
في تلك الحارة كان لي بيت فوق العادة، مقر صحيفة "الاتحاد" الفلسطينية الذي حضنني"ولدا"، وعلمني أن أكتب للناس، وأن أناهض سياسات إسرائيل وحروبها. وليس هناك أعز من بيت تأتوي إليه وكان قد آوى كبار كتاب وأدباء وصحافيي فلسطين، حتى جاءت قذيفة غير مقصودة، تضرب نفس البيت الذي قاوم كل حروب إسرائيل، فكانت الشماتة من أعداء ذلك البيت أكبر!
ما كان بالإمكان لوم السيد نصرالله، وهذا هو الشعور العام لدى الغالبية الساحقة من الجماهير الفلسطينية، هو يقاوم عدوا شرسا فاقدا لأدنى المشاعر الإنسانية. فحين يتم تدمير لبنان، لا يبقى أمامه إلا الرد، ومن زج بالمدنيين في الحرب كانت إسرائيل نفسها. بل ان نصر الله كان حريصا في خطابه الأخير على الإشارة إلى أنه لا يستهدف المدنيين بشكل خاص، كل المدنيين، وقال لإسرائيل تعالي للمواجهة العسكرية واتركي المدنيين.
أما الرد فهو مطالبة 91% من جنود إسرائيل قيادتهم بـ"مسح" كل قرى جنوب لبنان كليا، "لتسوية الأرض" أمامهم في حربهم وعدوانهم!
لم يكن منذ حرب العام 1948 دور للفلسطينيين في حروب إسرائيل العدوانية، كالدور الذي فرض عليهم في هذه الحرب الشرسة. فرغم أنهم وقفوا طوال الوقت وناضلوا ضد كل الحروب، وكان لهم دور فعّال في تحريك الرأي العام الإسرائيلي ضد الحرب على لبنان في العام 1982، إلا أنهم في هذه الحرب أصبحوا أيضا الضحية المباشرة للحرب التي يناهضونها.
بلغة الحرب وسفك الدماء ومنطقهما المرعب، فإن مقياس الدموع والألم مرتبط بالعدد، رغم ان لكل انسان عالما قائما بحد ذاته؛ ولا أقسى من ذلك الشعور حين نضطر إلى القول ان وجود 17 شهيدا فلسطينيا في إسرائيل، يتقزم أمام مئات الشهداء في لبنان والضفة الغربية وقطاع غزة.
لكن الرقم يتضخم جدا أمام المفارقة الأكبر الكامنة في أن الفلسطينييين ليسوا مستهدفين عينيا بقذائف المقاومة اللبنانية، بينما هم مستهدفون من الحكومة الإسرائيلية نفسها، والتي جنّدت الرأي العام الإسرائيلي ضدهم، نظرا لموقفهم المناهض للحرب والمتضامن مع الشعب اللبناني الشقيق. وقد برزت الحملة الإسرائيلية في التحريض الدموي الشرس على قادتهم السياسيين، وخاصة أعضاء الكنيست العرب.
ولم تكتف إسرائيل بهذا، فهي تهمل الفلسطينيين، ولا تضمن لهم وسائل الوقاية والحماية التي تضمنها لليهود. وحين تُضرب أي بلدة عربية، ولا سيما حيفا، فإنها تسعى إلى استثمار ذلك سياسيا في شتى الاتجاهات، نحو العالم، وأيضا نحونا نحن الفلسطينيين، لتحرض على المقاومة اللبنانية، وعلى حاملي الخطاب السياسي الوطني المناهض لسياسات إسرائيل. وباتت تجنّد هذه الحكومة مؤخرا اقلاما مأجورة من اتباعها ليكتبوا ضد الأجواء العامة بيننا، في محاولة لاختلاق صورة سياسية مزيفة تختلف كليا عن المشهد السياسي العام لدينا.
إن الصراع الداخلي في نفوسنا ليس سهلا، بين حماية النفس والأرض والبيت والذاكرة، وبين فهم جراح الشعب الشقيق، ففي النهاية كل هذا يلتقي مجتمعا في ذات النفس وذات البيت.
أعذروني إن تداخلت المشاعر الخاصة هنا، فلسان الحال يقول اليوم للشعب اللبناني الشقيق ما قاله شاعرنا الكبير توفيق زيّاد: "ومأساتي التي أحيا نصيبي من مآسيكم".



#برهوم_جرايسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإحباط الإسرائيلي يستدعي حربا أوسع
- أولمرت يحظى بدعم يمين هش ومؤقت
- ثلاث ملاحظات سريعة على الحرب
- أسرع حروب إسرائيل
- تخبط تقديرات الخسائر الاقتصادية الاسرائيلية من الحرب
- أولمرت وبيرتس ومعركة إثبات النفس
- الإعلام الإسرائيلي ينشد الحرب ويستوعب الورطة
- إسرائيل بين الغطرسة وسقوط الأوهام
- هدف التصعيد أبعد من حماس
- إسرائيل تثأر لإرهابي
- البلبلة ربح صاف للاحتلال الاسرائيلي
- خماسية ليست متجانسة أزمة القيادة في حزب -العمل- ترفع رأسها م ...
- حين يكون الدم يغلي من الصعب التحدث بهدوء التصعيد الاسرائيلي، ...
- اعتادت على البحث عن انشغال عالمي بعيد عن ساحتها- اسرائيل وشم ...
- التحرك احادي الجانب لن ينهي الصراع التاريخي في المنطقة احتلا ...
- مفاتيح -ملعب- المفاوضات بيد اسرائيل المواصفات الاسرائيلية -ل ...
- اختلاف الرؤى الأمنية بين اولمرت وبيرتس - مشهدان لتعثر الحكوم ...
- وليس فقط النازيين الجدد- اسرائيل: العنصرية والصهاينة الجدد
- اولمرت يفرض حلا احاديا كأمر واقع بعد عامين
- الأزمات الحزبية الداخلية ما لبثت ان تنهض بعيد الانتخابات - ت ...


المزيد.....




- التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف ...
- جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا ...
- قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل ...
- مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي ...
- مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار ...
- السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
- ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال ...
- واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي ...
- هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
- تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - برهوم جرايسي - حين تبكي -حيفانا-